مقالاتمقالات مختارة

أحكام الجنائز لموتى وباء كورونا .. الغسل والتكفين وصلاة الجنازة والدفن

أحكام الجنائز لموتى كورونا

الغسل والتكفين وصلاة الجنازة والدفن

بقلم الشيخ عبد العزيز رجب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.

فقد عمت البلوى بانتشار وباء كورونا، وأصبح آلاف الناس بين مرضى وموتى، وهذا الجرثومة القاتل من الجراثيم التى تظل عالقة في جثة الميت لفترة طويلة وحتى بعد الدفن، وتشكل مصدرًا لانتقال العدوى للأشخاص الذين يتعاملون مع الجثة، مثل مرض الطاعون والكوليرا، والجدري والسل الرئوي والتيفوئيد، والجمرة الخبيثة، فما أكده علماء الأوبئة أن 20% من الإصابات بمرض الفيروس تحدث خلال مراسم الدفن من غسل وتكفين للضحية المتوفاة بالمرض وذلك لوجود الفيروس في كل سوائل المريض وجسمه بجرعات كبيرة تسبب المرض للمحيطين.

وهذا الفيروس لا يموت بالبرد وإنما بدرجة حرارة مرتفعة، وإذا كان الميت تسبب في موته هذه الجرثومة القاتلة، فان إمكانية العدوى موجودة حتى بعد موته، ولذلك حرص البعض في عمل اضافات عند تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.

ونحن نعلم أن المسلم إذا مات فإن غُسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فرض كفاية يجب أن يقوم به البعض وإلا أثمت الأمة، فكيف نتعامل مع من مات من المسلمين بسبب وباء كورونا؟

منزلة الميت في الطاعون:

عَنْ أبى هريرة – رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تَعُدُّونَ الشهيدَ فيكم؟ قالوا: يا رسول الله، مَنْ قُتِلَ في سبيل الله فهو شهيدٌ، قال: إنَّ شُهدَاءَ أُمَّتي إذاً لَقليلٌ، قالوا: فَمن هُمْ يا رسولَ الله؟ قال: من قُتِلَ في سبيل الله فهو شهيدٌ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البَطْنِ فهو شهيد، والغريق شهيدٌ». رواه مسلم.

تغسيله:

فى العادة من يقوم بتغسيل الميت بهذه الأمراض المعدية الأطباء، أو المتخصصون من الجهات الطبية، وهم أولى بذلك لأنهم أحكم فى التعامل مع الأجساد الناقلة للعدوى وأخذ الاحتياطات بالتعقيم ونحوه، ونعلمهم طريقة تغسيل الميت فى الإسلام.

فإن سمح لغير الطبيب أن يغسل الميت كأحد أقربائه مثلا:

1- فعلى المغسل أن يتحصن كما يتحصن الطبيب الذي يعالج المريض الحى كى لا تصيبه العدوى بإذن الله، فيلبس بدلة عازلة وكمامة وجونتى ونظارة ونحو ذلك، ويقوم بتغسيله على السُنَّة من: التجريد من الثياب، وعَصْرُ بَطْنِه، وإزالت النجاسة إذا وجدت، ومَسْحُ أسنانه ومِنْخَريه وتنظيفُهما، َوتوضِئتةُ، وغسله بالسدر، وغسل جميع البدن، والتيامن فيه، ووضع الكافور فى المرة الأخيرة، والوتر فى عدد الغسلات، وتنشيف جسده ونحو ذلك.

2- فإذا لم يجد ما يتقى به انتقال العدوى، قام برش الماء على الميت من مسافة بعيده حتى يعم الماء جميع الجسد، فالأصل فى تغسيل الميت هو تعميم الجسد بالماء، وغير ذلك فهو سنة.

3- فإذا تعذر ذلك فإنه لا يغسل وإنما يُيَمَّم، وإذا لم نستطع يُيَمَّم من الخارج دون فتح الكفن أو الكيس أو التابوت المحفوظة فيه

4- فإن وجد احتمال انتقال العدوى من التيمم تُرِك وسقطت المطالبة بالغسل والتيمم شرعًا.

لأن الحفاظ على الحي من العدوى مقدم حق الميت، والضرورات تبيح المحظورات، ودرء المفسدة مقدم على حلب المصلحة، وهذا ما استقر عليه جمهور الفقهاء.

التكفين:

إذا استطاع أن يُكفن الميت المصاب دون ضرر على المُكَفِنِ كَفَّنَهُ مثل الذى كان صحيحا تماما، فإذا لم نجد وتعذر الحصول على الأقمشة المعقمة أو لأي سبب آخر أو خيف من انتقال العدوى فإن الميت يُكَفَّن قدر الاستطاعة، فالأصل فى الكفن تغطية الجسد، فيلف فى قماش، أو يكفن فى الملابس التى مات فيها، ولا مانع من إضافة بعض المواد المعقمة أو الأدوية المناسبة إلى كفنه، ولا يمنع من تغليفه بعد تكفينه بغلاف أو كيس ملائم.

الصلاة عليه:

إذا أمكن أن يصلى عليه صلاة الجنازة جمع من المسلمين دون انتقال العدوى لهم فعلوا، ويجوز أن يصلى عليه بعد دفنه بالقبر، فإذا تعذر الحضور عند جسد الميت أو قبره صلوا عليه صلاة الغائب.

الدفن:

1- الأصل أن يكون الدفن في مقبرة عادية

2- فإذا تعذر فيجوز أن يخصص مكان عميق ومعقم، احترازا من انتقال العدوى.

3- أما حرق الجسد المصاب فيه خلاف بين العلماء

قال البعض: يجوز أن تُحرَق جثة مريض المرض المعدى بعد موته، إن كان الحرق هو الوسيلة المتعينة للحَدِّ من انتشار الوباء في الأحياء، على أن يتم دفنها بعد ذلك، والمرجع في ذلك كله هو قول أهل الاختصاص المعتبرين.

وأما مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي فقد أفتى بحرمة حرق جثة الميت المسلم لأي سبب ومنها ضحايا مرض الطاعون، ويدفن في مكان عميق، ويعقم هذا المكان، وهذا ما نراه ونرجحه، ولكل حالة وبلد وضعها الخاص.

وأخيرا:

ولا تنسوا هؤلاء الموتى بالدعاء، وتقديم العزاء لأهليهم، نسأل الله أن يغفر لهم ويرحمهم ، وينزلهم منازل الشهداء، ويرزق أهلهم الصبر والسلوان، وأن يجنا وإياكم كل مكروه وسوء، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(المصدر: رابطة علماء أهل السنة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى