أثر تعليم القرآن بالسنغال في مواجهة التبشير
إذا كان القرآن الكريم قد أثّر في الكثير من مشركي مكة وما حولها من القرى فدخل الكثير منهم في الإسلام من شدة انبهاره بكلام الله ويقينه بأنه لا يمكن أن يكون من كلام البشر – ومنهم الطفيل بن عمرو الدوسي وضماد الأزدي وغيرهما كثير – ناهيك عن تأثيره في أشد مشركي قريش عداوة للإسلام وكراهية له وإن لم يسلموا– الوليد بن المغيرة – وغيره ممن كانوا يتسللون ليلا لسماع تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم…..
فإن تأثيره الحالي في زيادة تمسك المسلمين بدينهم وتشبثهم بهويتهم، ومساهمته الواضحة في مواجهة الهجوم التبشيري الذي يهدد الكثير من بلاد المسلمين عموماً، ومسلمي القارة الإفريقية على وجه الخصوص…لا يجادل فيه أحد يعلم ما لهذا الكتاب العظيم من قدرة على التأثير في النفوس وتغيير في السلوك.
ومن هنا يمكن فهم أثر مدارس تعليم القرآن الكريم في السنغال، التي قام بتأسيسها متطوعون من جميع أنحاء البلاد، لمواجهة المصاعب الجمّة في نقل تعاليم الدين الإسلامي إلى أجيال المستقبل، بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها، في بلد يشكل المسلمون فيه أكثر من 95% من سكانها.
وتحظى الدورات باهتمام سكان السنغال الذين اعتنقوا الإسلام قبل مئات السنين، حيث ترسل الكثير من الأسر أطفالها إلى مراكز تدريس القرآن الكريم، التي توفر تعليماً علمياً ودينياً، وتفضلها على المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم بسبب غياب التركيز على تعليم القرآن الكريم فيها.
وتلعب دورات القرآن دوراً مهماً في نشر الدين الإسلامي في جميع أنحاء البلاد، ومواجهة مخاطر الحملات التبشيرية والضغوط التي تُدار من قبل بعض الأوساط الغربية التي طالما استغلَّت واستعبدت الشعوب الأفريقية.
وتنشط دورات تدريس القرآن الكريم في المدن والمناطق الريفية على حد سواء، وتعتمد على الدعم المتواضع الذي تتلقاه من متبرعين محليين في تأمين بعض متطلباتها الأساسية، الأمر الذي ينبغي أن يستثير أغنياء المسلمين في دعم هذه المدارس لضمان استمرارها.
وأوضح “سريجنة محسن ديوب” أحد مدرسي القرآن الكريم في مدينة “سانت لویس”، التي تبعد نحو 260 كيلومترًا عن العاصمة داكار: أن الدورة التي أسسها جده في المدينة، تضم نحو 800 طالب، مشيراً إلى أن مدينته تعتبر من أوائل المناطق التي تعرف على الدين الإسلامي قبل أن ينتشر في منطقة موريتانيا والسنغال، لذا فإن لـ “سانت لویس” مكانة خاصة على صعيد التعليم الديني في البلاد.
وقال في حديث لوكالة الأناضول: “نقبل الطلاب الذين بلغوا من العمر 7 سنوات في مدرستنا، نقوم بتدريسهم القرآن الكريم وتلاوته، ونساعد الطلاب على الحفظ”، مشيرًا إلى أن الطلاب يتلقون التعليم لمدة 5 أيام في الأسبوع وتوفر لهم الدورات تعلم وفهم وحفظ القرآن الكريم خلال 4 سنوات.
وأضاف أن الدورات لا تقتصر على حفظ القرآن وتعليمه، بل يُدرس فيها أصول الحديث الشريف والسيرة النبوية والفقه، هذا إلى جانب تدريس اللغة الفرنسية التي تعتبر لغة رسمية في السنغال، والمناهج الذي يتم تدريسه في المدارس العامة.
وعن أثر هذه المدارس القرآنية في تخريج شخصيات على قدر كبير من الأهمية في البلاد، لفت ديوب إلى أن مسؤولين سنغاليين تلقوا تعليمهم في دورات تدريس القرآن الكريم مثل وزير الداخلية السابق “عثمان نجوم”، ووزير العدل السابق الشيخ “تيديان سي”.
إن الأثر الكبير لمدارس القرآن الكريم لا يمكن إنكارها في شتى بلاد العالم الإسلامي، ومن هنا لا بد من زيادة الاهتمام بهذه المدارس كماً وكيفاً، من أجل ربط المسلمين بكتاب ربهم الخالد، الذي من شانه زيادة مناعتهم ضد المذاهب والتيارات الفكرية المنحرفة – وعلى رأسها حركة التبشير – التي تحاول إفساد المسلمين وإخراجهم من دينهم بكل السبل والوسائل المتاحة.
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث.