إعداد منذر الأسعد
لا يجتمع اليمين المتطرف واليسار المتطرف ولو على حقيقة أن الأرض كروية وأنها تتبع المجموعة الشمسية!! فكيف يلتقيان عند إغاثة نظام بشار الأسد؟
أوليس مذهلاً أن يهبط هؤلاء إلى درك التزوير المكشوف الذي كنا نحسبه من سمات تجار الشعارات العرب ؟
نيرون ” المنتصر”
في الثالث عشر من شهر آب / أغسطس 2017م كشفت السلطات الأمريكية، عن هوية المشتبه به في ارتكاب حادث الدعس، الذي وقع خلال مظاهرة في مدينة “تشارلوتسفيل” بولاية “فيرجينيا”، فجر اليوم نفسه.
وتناقل مدونون وناشطون صوراً لحسابات فيلدز على مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر حسابه في تويتر وضعه صورة لبشار الأسد كتب عليها “المنتصر (غير المهزوم)”.
لم يكن تصرف هذا المهووس فردياً، الأمر الذي دعا صحيفة واشنطن بوست في الشهر نفسه إلى نشر تقرير أكدت فيه أن سفاح الشام بات “أيقونة” لليمين العنصري المتطرف في أمريكا!
وقبل أسابيع قام نواب من حزب البديل العنصري الألماني بزيارة بشار وأبدوا إعجابهم به، وطبلوا لدعاواه عن ” الأمن والاستقرار ” في سوريا، ليتاح لهم تبرير دعواتهم لطرد اللاجئين السوريين من بلادهم.
الأمر ليس انتهازية مبتذلة مثلما يبدو على السطح .. فإذا كان غلاة اليمين الألماني مهووسين لأن ألمانيا استقبلت أعداداً غير قليلة ممن شرَّدهم هتلر سوريا؛ فكيف نفسر التعصب الشديد له عند اليمين العنصري الأمريكي، علماً بأن الولايات المتحدة لم تستقبل سوى عدد نزر جداً من الهاربين من جحيم نيرون الشام؟
بداية مبكرة
تعود علاقة النظام السوري باليمين الأوربي المتطرف إلى عشرات السنين الماضية، لكنها كانت هادئة بعيدة عن الإعلام، وبررها النظام بعداء اليمين الأوربي للحركة الصهيونية متجاهلاً عداء هذا اليمين للمهاجرين العرب والمسلمين وموقفه المتشدد ضد الاسلام.
وفي الوقت الذي تتحاشى فيه الدول أي ارتباط مع جماعات اليمين، قام النظام، اللاهث خلف أي زوار يطرقون بابه، بتنشيط هذه العلاقات وتحولت دمشق إلى محج لزعامات مختلف أحزاب اليمين والشخصيات العنصرية العالمية.
يقول الكاتب “هشام الأشقر” في مقال له بعنوان “قراءة في الموجة الجديدة لليمين المتطرف في أوربا وأسباب دعمه للنظام في سوريا” إن العلاقات بين النظام السوري واليمين الأوربي المتطرف برزت بشكل واضح منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، لا سيما اليمين الفرنسي المتطرف حيث تتالت الزيارات التي كان أبرزها زيارة “فريديريك شاتيلون”، وذلك في عام 1994.
مع توريث “بشار” زعامة النظام برزت علاقاته مع اليمين الأوربي، وازدادت وتيرة الزيارات إلى دمشق، ويقول الأشقر إن أكثر هذه الزيارات كانت تمرّ من لبنان، حيث جرت العادة أن يعقد الزائرون لقاءات مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، حليف النظام السوري، وأبرزهم “فريديريك شاتيلون وآلان سورال”.
كما أنشأ شاتيلون موقع ” INFOSYRIE” بعد انطلاق الثورة بعدة اشهر لدعم موقف النظام وترويج روايته حيث يقوم الموقع بترويج حديث النظام عن المؤامرة و”العصابات المسلحة”، إتهم شاتيلون كل من يشارك بالمظاهرات المعارضة للنظام في بأنهم شركاء اللوبي الصهيوني الذي يريد زعزعة استقرار سورية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قام شاتيلون في شهر تشرين الأول من العام نفسه بتنظيم تظاهرة في باريس من أجل دعم النظام.
خضع شاتيلون في 23 كانون الثاني/ يناير 2014 للتحقيق معه بخصوص تهم بالاحتيال وغسيل الأموال لتمويل حملة “ماري لوبان” زعيمة حزب “الجبهة الوطنية” للانتخابات الرئاسية، حيث يستخدم شركته “راول” كواجهة، بحسب موقع “mediapart” الفرنسي وجاء في التحقيق الموسع الذي نشره الموقع أن شاتييون تلقى أموالاً بشكل منتظم من النظام السوري عبر سفارته في باريس.
نصيب إسبانيا
في أواخر شهر نيسان/ إبريل من العام الماضي، تعرض رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا الإسباني بدرو أغرامونت لضغوط شديدة لدفعه إلى الاستقالة، بعد قيامه بزيارة إلى دمشق حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد.
وكانت الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا افتتحت جلسة موسعة الاثنين في ستراسبورغ، وإثر تعرضه لضغوط شديدة وافق أغرامونت على أن يشارك الثلاثاء الساعة 11،00 ت غ في “جلسة استماع” تخصص لزيارته هذه إلى دمشق بحضور كل أعضاء الجمعية.
إلا أن العديد من النواب طالبوه الاثنين بالاستقالة من رئاسة الجمعية، وهي مؤسسة تجتمع أربع مرات سنويا في ستراسبورغ، يناقش خلالها 324 نائبا من 47 دولة أوروبية حقوق الإنسان ودولة القانون.
وبعيد افتتاح جلسة الربيع الموسعة صباح الاثنين تطرق أغرامونت بنفسه إلى الجدل القائم حول زيارته. ويتراس أغرامونت هذه الجمعية منذ كانون الثاني/يناير 2016.
وقال أغرامونت إن زيارته إلى دمشق في العشرين من آذار/مارس الماضي، قام بها “بصفته سناتورا إسبانيا” وليس بصفته رئيسا للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
إلا أنه أقر بأن الزيارة “كانت خطأ وأتقدم منكم باعتذاراتي لهذا الخطأ” موضحا إنه قام بهذه الزيارة “بسبب دفاعه الشرس عن الحوار”.
تزوير علني
بتاريخ 14 /3 / 2018 نشر المرشح الرئاسي للانتخابات الفرنسية الأخيرة ورئيس حزب “فرنسا الأبية” اليساري المتطرف “جون لوك ميلونشون” ، تعليقاً في صفحته الرسمية بفيسبوك على تقرير نشرته صحيفة فرنسية، وتغنى خلاله بـ “شجاعة المقاتلين الأكراد” حسب تعبيره.
وقال “ميلونشون” في تعليقه الذي نشره باللغة الفرنسية: “شجاعة لا تصدق من قبل المقاتلين والمقاتلات الكرد تحت عيون جبن حلفائنا وترك الكرد بين أيدي إردوغان. والميديا تفضل دعم دواعش الغوطة”، في إشارة منه إلى تغطية وسائل الإعلام للمجازر التي يرتكبها نظام الأسد وحليفه الروسي في غوطة دمشق، معتبراً أن ذلك دعماً لتنظيم “داعش”.
تود” تأكد” أن تلفت عناية المتابعين إلى أنه ليس هناك أي تواجد لتنظيم “داعش” في غوطة دمشق، وأن معظم فصائل المعارضة السورية المسلحة التي تتواجد في الغوطة تتبع لفصيل “جيش الإسلام” وفصائل أخرى محسوبة على التيار المعتدل، في ظل وجود أعداد محدودة من فصيل “هيئة تحرير الشام”.
وترفق تأكد صورة تظهر خريطة توزع القوى في دمشق وريفها، وتظهر أن أقرب نقطة يتواجد فيها تنظيم “داعش” هي منطقة “الحجر الأسود” التي تقع في جنوب دمشق، وذلك حسب موقع liveuamap العالمي.
لإسبانيا نصيبها أيضاً
نشرت قنوات ناطقة باللغة الإسبانية قبل أيام، مَقاطع فيديو مسجلة بكاميرات مراقبة، تظهر تعرض مستشفى أطفال للقصف.
وقالت تلك القنوات، إن المقاطع تظهر قصف آخر مستشفى للأطفال في سوريا إثر “الضربة الأميركية”، في إشارة منها إلى الضربات الثلاثية لمواقع نظام الأسد التي شاركت بها الولايات المتحدة الأميركية فجر يوم الجمعة الماضي.
وتبين للناشطين بمنصة تأكد أن المقاطع المشار إليها توثق استهداف مشفى “عمر بن عبد العزيز” من قبل قوات بشار الأسد في حلب أواخر شهر تموز من العام 2016، خلال فترة سيطرة المعارضة السورية المسلحة على أحياء حلب الشرقية.
وأرفقت المنصة في صفحتها الرسمية التسجيل الذي يتضمن اللقطات كاملة والتي نشرها “مركز حلب الإعلامي” بتاريخ 31 يوليو 2016 على قناته بموقع “يوتيوب”.
(المصدر: موقع المسلم)