آليات الاجتهاد في الشريعة الإسلامية بالغرب الإسلامي خلال العصر الحديث
النوازل الفقهية نموذجًا
إعداد عبد الرزاق العساوي
يتميز التشريع الإسلامي بالحيوية والدينامية، فهو قادر على استيعاب قضايا مستجدة في أزمنة وأمكنة مختلفة؛ إذ يستند في صياغة أحكامه التشريعية إلى نصوص الوحي التي تشكل منطلقًا لبناء التصورات وتحديد قواعد الفعل والسلوك، مع الأخذ بعين الاعتبار الظرف التاريخي الذي واكب نزول النص؛ مما يُمكِّن من تحقيق مناط الحكم الشرعي، بعيدًا عن المفارقات التاريخية والمنزلقات المعرفية، ومن ثم تجنب الأحكام الخاطئة.
وجدير بالذكر أن الشاطبي قد أولى منذ القدم اهتمامًا كبيرًا بالعلاقة التبادلية بين النص والواقع، وفي هذا الصدد يذكر أن “كل دليل شرعي مبني على مقدمتين: إحداهما راجعة إلى تحقيق مناط الحكم، والأخرى: ترجع إلى نفس الحكم الشرعي. فالأولى نظرية، أعني بالنظرية هنا ما سوى النقلية، سواء علينا أثبتت بالضرورة أم بالفكر والتدبر؛ ولا أعني بالنظرية مقابل الضرورية. والثانية: نقلية. وبيان ذلك ظاهر في كل مطلب شرعي، بل هذا جار في كل مطلب عقلي ونقلي. فيصح أن نقول: الأولى: راجعة إلى تحقيق المناط. والثانية: راجعة إلى الحكم؛ لكن المقصود هنا بيان المطالب الشرعية. فإذا قلت إن كل مسكر حرام، فلا يتم القضاء عليه حتى يكون بحيث يشار إلى المقصود منه ليستعمل أو لا يستعمل (…) فلا بد من النظر في كونه خمرا أو غير خمر، وهو معنى تحقيق المناط”.
المصدر: مركز نماء للبحوث والدراسات