بين الحين والآخر تحاول دول أوروبا التضييق على المسلمين تحت مزاعم محاربة الإرهاب، بعد أن طالت عمليات إرهابية وتفجيرات عدد منها خلال الأعوام الأخيرة، حيث يتم استخدام قوانين مكافحة الإرهاب كغطاء لمراقبة وملاحقة المسلمين والتضييق عليهم.
يأتي هذا في ظل تبني مبادرات مكافحة التطرف التي تستخدم لإخضاع المسلمين بالإكراه، والتدخل في حياة عائلاتهم، وتجريم القيم الإسلامية والهجوم بشكل عام. وتحت ذريعة حرية الرأي والدفاع عنها، فإن مقدسات المسلمين تُنتهك ويساء إليها باستمرار.
(1) استجواب المصلين
وجهت الشرطة النمساوية أسئلة للمسؤولين عن المساجد وللمصلين في 11 جامعاً تابعاً للاتحاد الإسلامي النمساوي التركي، عقب صلاة الجمعة الماضية، في ولاية فورارلبرغ غربي البلاد. من قبيل “لماذا المكان مكتظ هنا اليوم؟” و”هل تعقدون مؤتمراً؟”.
ويقول عبد الله خوروز، المنسق العام للاتحاد الإسلامي النمساوي التركي، إنها المرة الأولى التي تتحقق فيها الشرطة النمساوية فيما إذا كان المصلون يعقدون اجتماعات في المساجد والجمعيات التابعة للاتحاد.
ويضيف أن “توجه الشرطة للتحقيق مع المصلين الذي وصل لدرجة الاستجواب، أزعج المصلين وصدمهم”، مشيرا إلى أن “الشرطة تعرف جيداً سبب اجتماع المسلمين في يوم الجمعة وشعائر صلاتهم”.
من جانبه قال “أوته باخمان” مدير أمن فورارلبرغ، أن “تحقيقات الشرطة كانت بغرض جمع معلومات عن قضية محددة (لم يذكرها) ولم تستهدف أحداً”.
واعتبر أن “ذهاب الشرطة للمساجد كان مجرد صدفة، وغير منظم ولا يستهدف المسلمين بعينهم”.
(2) حظر النقاب
وفي يناير الماضي، قال رئيس الوزراء النمساوي، «كريستيان كيرن»، إنه سيتم منع ارتداء النقاب بالأماكن العامة في البلاد.
وأوضح «كيرن» تعليقاً على قانون الاندماج الذي تتم دراسته ويتعلق بالمسلمين والأجانب في البلاد، أنه «سيتم تطبيق دورات جديدة للاندماج واللغة، وسيُسمح للاجئين بالعمل في مجالات المسؤولية الاجتماعية»، وأضاف: «سيتم منع ارتداء الملابس التي تغطي كل الجسم في الأماكن العامة (النقاب)».
وتشكل العبارات الفضفاضة في نصوص القانون مصدر قلق لقرابة 600 ألف مسلم يعيشون في النمسا.
أما «هولندا» فقد انضمت هى الأخرى لقائمة الدول الرافضة للاندماج والمقيدة لحريات المسلمين الدينية، حيث قام البرلمان بالتصويت لصالح مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة، ورغم رفض مجلس الدولة الهولندى لمثل هذا القانون لتعارضه مع حرية الدين، إلا أن البرلمان الهولندى أقره بأغلبيه كبيرة.
وفى ظل جنوح الموجة الأوروبية لتوقيف المسلمين، وتحويلهم لمشتبه بهم دخلت «إسبانيا» سباق تقييد الحريات الدينية للمسلمين، وسنت قانونًا بعد الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها بلدان أوروبية، يمنع ارتداء أى شيء يحجب الوجه.
وفي «ألمانيا» سارت على خطى عدد من الدول الأوروبية التى بدأت فى فرض قيود على المسلمين، لمناهضة الحريات الدينية لهم.
قالت ولاية بافاريا بجنوب ألمانيا الشهر الماضي، إنها ستحظر ارتداء النقاب في المدارس والجامعات وأماكن العمل الحكومية ومراكز الانتخاب.
وفى «فرنسا» ينافس بالصعود للسلطة التيار اليمينى المتطرف والذى يدفع تقدمها بالخوف من التضييق على المسلمين خلال الفترة المقبلة.
وكانت المستشارة أنغيلا ميركل قد دعت في ديسمبر إلى فرض حظر على النقاب “أينما كان ذلك ممكنا من الناحية القانونية”.
وفرضت فرنسا وبلجيكا حظرا على ارتداء النقاب ومنعته منطقة لومباردي بشمال إيطاليا في المستشفيات والهيئات التابعة للإدارة المحلية.
والمراقب للوضع فى فرنسا بعد هجمات باريس. يلاحظ تنامى صعود الدعاية السياسية للتيار اليمينى المتطرف، حيث أقرت فرنسا فى السابق قانونًا عام ٢٠٠٤ يمنع ارتداء الحجاب عند المسلمين.
ورغم أن أعداد المسلمين في بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا تبلغ ما نسبته 10% من عدد السكان، فإن تأثير المسلمين في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أوروبا يبقى هامشيا مقارنة بأعدادهم.
(3) منع انشاء مقابر
ويشتكي مسلمو المجر من عدم سماح السلطات بإنشاء مقبرة خاصة بهم، حيث يدفنون حاليا موتاهم في مقبرة للمسيحيين في العاصمة بودابست.
وقال رئيس هيئة مسلمي المجر -الممثل الرسمي للمسلمين في البلاد- سلطان شلوك إنهم يواجهون صعوبات عدة حتى إنهم لا يستطيعون الاستفادة من بعض حقوقهم التي يكفلها الدستور.
وكشف شلوك أن المسلمين يُدفنون في جزء مخصص لهم ضمن مقبرة مسيحية في بودابست، وأنها على وشك الامتلاء، مضيفا أنهم لا يعرفون حاليا أين سيدفنون موتاهم بعد امتلاء الجزء الخاص بهم في المقبرة.
وأكد شلوك أن مصاريف الدفن في المجر تتجاوز ألف يورو، لذا يجري حرق الجثث، مثلما هو شائع في عموم أوروبا.
وبالمقابل لفت إلى أن اليهود لديهم حق إنشاء مقابر خاصة، معتبرا أنه من المفترض أن يمتلك المسلمون الحق نفسه، لكن الأمر مختلف على أرض الواقع.
وأوضح أن الإعلام المجري يقوم بتغطية سلبية للأحداث حيال المسلمين على خلفية تدفق اللاجئين، مما يؤثر على البلديات التي تتحفظ على السماح لإنشاء مقابر خشية فقدان أصوات ناخبيها.
(4) اعتداءات بزجاجات المولوتوف
ولم تسلم الجالية الإسلامية فى هولندا أيضا من الاعتداءات المناهضة للإسلام، حيث تعرض مسجد «قباء» الشهير الذى ترتاده الجالية المسلمة لاعتداءات بزجاجات المولوتوف.
كما لم يسلم مسلمو بريطانيا من تلك الاعتداءات ، فبعد الحادث الذى تعرض له الجندى «ليرغيى»،الذى لقى مصرعه دهسًا بسيارة من قبل رجلين مسلمين من ذوى أصل إفريقى، وتمثل ردة الفعل على هذا الحادث، بتعمد مجموعة من البريطانيين الدخول بالأحذية لمداخل المساجد فى مدينة «برادفورد»، بالإضافة لنشر بعض الجماعات اليمينية المتطرفة منذ شهور منشورات مسيئة للإسلام.
(5) تهجير المسلمين
ومع تصاعد الأحزاب اليمينية المتطرفة فى عدد من الدول الأوروبية، بدأت الدعوات لتهجير المسلمين تأخذ أبعادا قانونية، تدعمها تلك الأحزاب التى تخوض حرب الانتخابات للفوز بمقاعد السلطة، وهو ما شجع على إدخال تعديلات على بعض قوانين الهجرة، التى كانت تسمح بممارسة الحريات المدنية للمهاجرين، لتتحول تلك القوانين الداعمة للتعددية إلى قوانين خانقة للحريات الدينية والشخصية.
وتساهم تلك الدعوات فى خنق المسلمين يومًا عن يوم وإجبارهم على الرحيل من أوروبا، وتنوعت تلك القوانين بين عدد من المدن الأوروبية، ولكن الهدف كان يصب فى دائرة رفض الاندماج والعولمة التى تبناها كل من الحلم الأمريكى والأوروبى فى العقود الماضية.
(6) اتهام الإسلام بالعداء
وفى «النمسا» تظهر المؤشرات إلى تصاعد الحزب النمساوى اليمينى الشعبى، والذى يصف الإسلام أنه العدو الأول للأمة النمساوية، ولأوروبا وللعالم أجمع، على حد تعبير قياداته.
علاوة على ذلك فإن أغلب المسلمين في معظم الدول الأوروبية لا يسكنون إلا في الضواحي والأماكن المهمشة والفقيرة، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من الذين يقضون أحكاما في السجون الأوروبية هم من المسلمين.
وضع المسلمين بأوروبا
في هذا الصدد، يقول رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا عبد الله بن منصور، أن وضع المسلمين في أوروبا يشبه مستشفى، ففي باب الدخول لا يرى الواقف إلا المريض والجريح والمحتضر، أما في باب الخروج فيرى من شُفي وجُبر كسره، وهكذا هي الصورة، بحسب وصفه.
وكشف بن منصور، في حديث متلفز، أن أهم الحسنات التي تسفر عنها الحملات التي تهاجم الإسلام والمسلمين وتشوه صورتهم، هي اهتمام الناس بالإسلام ورجوع عدد كبير من المسلمين إلى دينهم، مؤكدا أن هذا الخوف من الإسلام لم يكن ليوجد لولا دور الإسلام في الحضارة الإنسانية.
وأوضح في هذا الإطار أن نحو 320 أوروبيا يدخلون الإسلام يوميا عبر المراكز الإسلامية التي يشرف عليها الاتحاد، وفي فرنسا وحدها يدخل الإسلام 80 شخصا يوميا، وهو ما يؤكد أن العدد يتضاعف عندما تكون هناك حملات ضد الإسلام إعلاميا أو أمنيا أو ثقافيا.
ودلل على ذلك بأنه بعد إقرار قانون منع الحجاب في فرنسا، قال تقرير للمخابرات العامة الفرنسية إن عدد المحجبات زاد بنسبة أكبر من 30% غداة إصدار القانون.
وبشأن الاتهامات التي توجه للمسلمين في أوروبا بالإرهاب والتطرف، قال إنه لم يثبت على المسلمين أنهم تورطوا في أي عمليات إرهابية، وهم على قدر المسؤولية، وكل التفجيرات التي حدثت في أوروبا منفذوها لم يخرجوا من المساجد.
وأكد أن وضع المسلمين في أوروبا ليس بالقتامة والسوء الذي يحاول البعض ترويجه، وفي الوقت نفسه هناك معوقات لعرقلة الوجود الإسلامي، لكن لا يجب أن نعالجها بالهلع والتخويف، و”سوف نستمر في خدمة هذه المجتمعات وتوزيع قيمنا الإسلامية”.
ومع كل محاولات التضيق على الإسلام ينشر الإسلام بصورة أكبر مما سبق فبعد بعد إقرار قانون منع الحجاب في فرنسا، قال تقرير للمخابرات العامة الفرنسية إن عدد المحجبات زاد بنسبة أكبر من 30% غداة إصدار القانون.. فهل تخبئ الأيام القادمة للإسلام في أوروبا اتساعا أكبر؟!
(موقع الاسلام اليوم)