مقالاتمقالات مختارة

ويسقط فقيه الإباحيين “أبو حفص رفيقي” في مستنقع الكذب على الله وعلى الناس

ويسقط فقيه الإباحيين “أبو حفص رفيقي” في مستنقع الكذب على الله وعلى الناس

بقلم د. رشيد بن كيران

لك أيها المسلم أن تعجب كل العجب حينما يجهل من يزعم أنه باحث؟! في الحركات الإسلامية معلوما من الدين بالضرورة؟؟
والمعلوم من الدين بالضرورة هو تصور ينسب إلى الشرع أو تصديق لا يستطيع مسلم أن يدفعه عن نفسه لقوة ثبوته، أو هو حكم شرعي أو خبر منه يفرض نفسه على كل مسلم، لا يمكنه أن يتجاوزه أو يتخطاه، فهو ثابت إلى درجة القطع واليقين، لا يوجد احتمال الشك في نسبته إلى الدين، وأمر ثبوته في الدين معلوم لدى الجميع، يعرفه العالم والجاهل، والخاص والعام، كوجوب الصلوات الخمس، وكحرمة نكاح الأخت، وكوجوب معاقبة السارق.
فحينما تصادف شخصا يدعي أنه باحث في الحركات الإسلامية ويقدم كذلك في وسائل الإعلام على أنه باحث، وكان من قبلُ خطيبا يعلّم المسلمين، ومنظرا للفتاوى العابرة للقرات في الجهاد… فحينما تصادف شخصا ينتحل هذه الأوصاف ويجهل معلوما ما من الدين بالضرورة، لك أن تتصور مدى الفساد الذي نشره من قبلُ وضاع بسببه شباب كانوا يلتفون حوله، فكان مصيرهم السجن…
وكذلك لك أن تتصور مدى الفساد الذي يمكن أن ينشر باسم البحث والتحقيق العلمي في الدين، وإن لبس هذه المرة جبة فقيه الإباحيين أو فقيه العلمانيين ووظف معلوماته السابقة عن الدين لمحاربة الإسلام، ولكن بئس هذا الفقيه المفتي الذي يجهل معلوما من الدين بالضرورة.
استدعي رفيقي أبو حفص لندوة من طرف شرذمة “خارجات عن القانون وخارجون” بصفته باحثا في الحركات الإسلامية ليتحدث عن ما يسمى العلاقات الجنسية الرضائية أي الزنا واللواط والسحاق، وليبين رؤية الشرع في ذلك، فقال:
“الأمر غير واضح في الشريعة (أي عقوبة الزاني…)، وكمثال على ذلك، القرآن لما يتحدث عن الزنا أنه حرام؛ هذا الحلال والحرام يخص الفرد بينه وبين الله، شغلو هذاك، يديرو.. ما يديروش، يلتزم به أو لا يلتزم به، هذا ليس موضوعنا أصلا”.
ويضيف قائلا: “موضوعنا هو تدخل الدولة في أنك تقوم بالحلال أو الحرام.. الدولة ليس شغلها أن تقوم بالحلال أو بالحرام، الدولة ليس شغلها… ائتني في الشريعة بأن الدولة خصها تدخل؟ ( أي تعاقب الزاني).
جب لي أن الدولة تدخلت حينما يخون الإنسان الأمانة …أو ادخلت فيمن أذى جاره… لا يوجد. لماذا الدولة ستتدخل في مسألة الزنا؟
أين هذا الوضوح الذي يدعيه من يعارض ويقول أن تَدَخل الدولة واضح..” انتهى.
قلت: خلاصة ما في هذه الفقرة التي تحدث فيها فقيه الإباحيين واستعمل فيها الدارجة، أنه ليس في الدين أن الدولة يحق لها أن تعاقب من يقع في الحرام أو في كبيرة الزنا، وليس هناك دليل واضح يفيد ذلك كما يدعيه البعض حسب قوله.
فهو لا يتحدث عن حرمة الزنا في الدين، إنما يتحدث عن حق الدولة في عقوبة الزناة، أي عقوبة من ضبط متلبسا بجريمة الزنا. وحق الدولة -ويسمى كذلك بالحق العام بلغة القانون- هو المعبر عنه في الفقه الإسلامي بـ”حق الشرع” أو “حق الله” فزعم رفيقي أنه ليس في الأدلة الشرعية أن الدولة لها الحق في معاقبة الزاني والزانية.
وهذا الأمر الذي أنكره رفيقي يعد من المعلوم من الدين بالضرورة، جاء به النص القرآني قطعي الدلالة، وثبت في السنة القولية والعملية، وأجمعت عليه الأمة وجرى به العمل قرون عددا.
ذلك أن الله عز وجل أوجب على الدولة أو من ولي أمر المؤمنين معاقبة الزاني والزانية، ولا يحق للدولة أو للولاة أن يتخلفوا عن معاقبة الزناة؛ لأن الحق فيه لله قبل أن يكون الحق فيه للمجتمع أو لمن انتُهك عرضه.
يقول الله عز وجل في سورة النور {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}.
فأمر الله عز وجل المسلمين في الآية الكريمة بمعاقبة من وقع في كبيرة الزنا وتطبيق حد الزنا على من يستحقه، ولا يختلف في أن المؤهل شرعا لتطبيق العقوبات هي مؤسسة القضاء.
يقول الطاهر بن عاشور في تفسير الآية: “والخِطابُ بِالأمْرِ بِالجَلْدِ مُوَجَّهٌ إلى المُسْلِمِينَ فَيَقُومُ بِهِ مَن يَتَوَلّى أُمُورَ المُسْلِمِينَ مِنَ الأُمَراءِ والقُضاةِ”، وما قاله الطاهر بن عاشور هو أمر مقرر عند علماء الشريعة، ولهذا قال القرطبي في التفسير: “لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَذَا الْأَمْرِ الْإِمَامُ وَمَنْ نَابَ مَنَابَهُ”.
وهذا يدل على أن الآية الكريمة واضحة الدلالة فيما دلت عليه، أي أن مؤسسة القضاء أو الدولة لها الحق، بل يجب عليها أن تتدخل وتعاقب من وقع في جريمة الزنا، وهذا الدليل القرآني الذي أفاد وجوب معاقبة مرتكبي جريمة الزنا هو بلغة علماء أصول الفقه نص في المسألة، لكن فقيه الإباحيين المدعو رفيقي زعم أنه لا يوجد دليل يفيد ذلك.
ومع وضوح هذا الدليل ويسر معرفته لعموم المسلمين فضلا عن طلبة العلم وعلمائهم، لك أن تتساءل أيها القارئ الكريم ما هي الأسباب الموضوعية التي جعلت باحثا في الحركات الإسلامية يجهل أمرا لا خلاف فيه ومعلوما من الدين بالضرورة؟!

(المصدر: هوية بريس)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى