وول ستريت جورنال: الصين تبدأ مرحلة جديدة للسيطرة على مسلمي الإيغور
إعداد إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا قالت فيه إن الصين بدأت انتقلت إلى مرحلة جديدة للسيطرة على مسلمي الإيغور. وفي تقرير أعدته كل من إيفا دو وفيليب وين قالا فيه إن الصين أغلقت بعض معسكرات الإعتقال لكنها تواصل مراقبة المسلمين في إقليم تشنجيانغ.
وزار الكاتبان في مدينة كاشغر، معسكرا تم تفكيكه وبقي منه الألواح الحديدية وبعض الملصقات التي يقرأ على بعضها “اكتشف أخطاء واعترف بها وتب”.
وتقول السلطات الصينية أن كل من اعتقل في معسكرات إعادة التعليم أكمل دراساته في هذه المواقع التي تصفها السلطات الصينية بمراكز التدريب المهني حيث تقول منظمات حقوق الإنسان والناشطين أن حوالي مليون من أبناء إثنية الإيغور تم اعتقالهم في عشرات من هذه المعتقلات خلال السنوات الماضية.
وفيما تقول الحكومة الصينية إنها تقاتل التطرف الإسلامي يقول الناشطون إن الهدف من كل هذا هو محو الثقافة والدين للأقلية المسلمة. ولتعزيز رسالتها قام الإعلامي الرسمي ببث صور عن المركز في مدينة كاشغر الذي أطلق عليه رسميا اسم مدرسة التدريب المهني لمدينة كاشغر. إلا أن رحلة إلى الجنوب في بداية كانون الثاني (يناير) تظهر أن معسكراً كبيراً لإعادة التعليم لا يزال قائما بعد عامين من إشارة السكان المحليين إليه بالمدرسة. ويقف على بواباته حرس بالزي العسكري.
وقال أحدهم “إنه سجن” و “لم يكن أبدا مدرسة”. ويقول الصحافيان إن صورة المعتقلان تكشفان عن التحول في النهج الذي تتخذه حكومة شي جين بينغ ضد سكان صحراء ممتدة وواحات يعيشون على أبواب وسط آسيا ومعظمهم من الإثنية التركية وغالبتيهم من المسلمين.
وفي زيارة لعدد من المدن في جنوب تشنجيانغ بدا أن الكثير من الإجراءات الأمنية العلنية التي اتخذتها الحكومة ضد المسلمين قد توقفت مع الانتقادات من الحكومة الأمريكية والدول الغربية الأخرى إلا أن هناك نوع خفيف من الرقابة غير واضح مستمر. وعاد مظهر من الحياة العادية للمناطق التي كانت تحت حراسة ميليشيات الشرطة والعربات المصفحة ولم يكن ير فيها أي مسلم إيغوري حيث تم اعتقالهم ونقلهم إلى معسكرات إعادة التعليم. وأصبحت نقاط التفتيش في زاويا الشارع مهجورة وبدا فيها الشباب وهم يضحكون ويمرحون. ومع ذلك لا تزال عمليات التعرف على الوجه والكشف الإلكتروني اليدوي وطلب إبراز الهوية عند مداخل المجمعات السكانية والبنايات العامة وليس في الشوارع. وهناك بعض البيوت لا تزال تحمل علامة “كيو أر” وهي شيفرة عن إمكانية دخول الشرطة للبيت والكشف عن السكان فيه. ولا يزال تفريق الحقيقة من الدعاية تحد، خاصة أن المسؤولين المحليين يقومون بمنع الصحافيين الأجانب من معسكرات إعادة الإعتقال. كما أن السكان الإيغور يتجنبون الحديث مع الصحافيين خوفا من انتقام المسؤولين منهم مما يجعل من الصعوبة بمكان الحديث معهم إلا بطريقة عابرة أو موجزة.
ولكن الصحيفة اكتشفت أن القيادة الصينية أضافت طبقة جديدة متقنة في محاولات السيطرة على المنطقة التي شهدت على مدى العقود حركات انفصالية. فقد شجعت الحكومة الصينية الصينيين الهان من مناطق البلاد الأخرى للإنتقال إلى تشنجيانغ، لتطوير مصادرها الطبيعية ودمج المنطقة ثقافيا مع الصين.
وهو ما قاد في الماضي إلى أعمال شغب كما حدث في أورمقي عام 2009. وفي عام 2017 جمعت السلطات الصينية مع مراكز الإعتقال حملات الرقابة التي استهدفت الإيغور والقزق وكجزء مما أسمتها “حرب الشعب على الإرهاب”. وقال معتقلون سابقون إنهم أجبروا على تعلم لغة الماندرين والتخلي عن ممارساتهم الإسلامية. وقام مجلس النواب الأمريكي العام الماضي بالموافقة على قانون يعاقب المسؤولين الصينيين ممن لهم علاقة بحملة اضطهاد المسلمين في تشنجيانغ بالإضافة إلى شركات نسيج صينية تدير أعمال لها من تشنجيانغ. وفي كانون الأول (ديسمبر) قال حاكم تشنجيانع شهرت ذاكر إن كل الذين أرسلوا لمعسكرات إعادة التعليم أنهوا دراساتهم فيها، مما اقترح أن هذه المراكز سيتم إغلاقها. ويرى بعض الباحثين أن هناك عددا من العوامل أدت بالحكومة لإغلاق المراكز منها ثقة الحكومة الصينية بأنها حققت هدفها بتخفيف دور الإسلام في حياة الإيغور. ويقول جيمس ليبولد، المحاضر في شؤون الأقليات العرقية في الصين بجامعة لاتروب في ملبورن إن “الضغط الدولي لعب أيضا دورا” بالإضافة “لكلفة بناء دولة بوليسية وتوفير المصادر الكافية لها”. وبحسب أبحاث جيمس تاون فاونديشن في واشنطن فإن كلفة الأمن المحلي في تشينجيانغ تضاعفت عدة أضعاف في عام 2107 إلى 27 مليار يوان (3.9 مليار دولار). وتم استخدام جزء كبير من الاموال لبناء 7.500 مركز شرطة جديد، بشكل منح السلطات القدرة على مراقبة السكان والتحرك بسرعة لمواجهة التهديدات. وفي منطقة شولي خارج كاشغر راقبت الشرطة بكسل السكان وهم يبيعون الخضروات والمواشي في سوق عام، لكن دوريات الشرطة التي كانت بارزة قد اختفت. وفي أثناء القمع كان شباب الإيغور يتجنبون الخروج في الليل حتى لا يتم وقفهم عند نقاط التفتيش أو مراقبة هواتفهم التي يتم الكشف عن محتوياتها بربطها لدى الشرطة، وبدأت الحياة الليلية تعود شيئا فشيئا مع تراجع الرقابة الأمنية. وفي مدينة هوتان الواقعة على طريق الحرير والمشهورة بأحجارها الكريمة خاصة اليشم، لم يمنع البرد القارس رجال الإيغور من التجمع في قاعة بليارد جديدة. وضحكوا ودخنوا بعد فحص هوياتهم على يد صاحب المحل من الهان. ومع ذلك فالحرب الشعواء التي شنتها الصين على كل مظاهر الإسلام واضحة، فلا يرى أي رجل بلحية وهو تغير عما كان عليه الوضع قبل سنوات. ولم ير إلا قلة من النساء بالحجاب، مع أن بعضهن ارتدين قبعة واسعة غطت شعرهن. ولكن الخوف واضح، فقد اسود وجه شابة إيغورية تعمل في محل ملابس عندما سئلت عن مراكز إعادة التعليم حيث قالت “لا أعرف عما تتحدثون” وحولت وجهها. ويقول الكثير من الإيغور الذين يعيشون في الخارج إنهم يجدون صعوبة في الحصول على معلومات عن أقاربهم، رغم التقارير عن تفكيك معسكرات الإعتقال. ويقول عبد الحق تيرسنتوهتي الذي كان يدير مصنع تطريز في بلدة كاراكاس خارج هوتان قبل انتقاله إلى تركيا إنه تلقى عبر وسيط معلومات عن الإفراج عن والده وأمه وأخت زوجته الخريف الماضي، مع أن معظم عائلته لا تزال في المعتقلات أو مراكز العمل. وقال “لم أكن قادرا على التواصل مع عائلتي خلال السنوات الأربعة الماضية” و “من الصعب الحصول على معلومات من كاراكاس”.
وشاهد مراسل الصحيفة في هذه البلدة متنزها لم يكتمل حيث تم تسييج جزء منه ومنعه الحراس من الإقتراب. وكشفت صور فضائية عام 2018 إن المكان فيه مجموعة من البنايات القريبة من مجمع محاط بأبراج المراقبة. وقالت الحكومة الإقليمية إن المكان سيكون مجمع تدريبي. وفي الوقت الذي يشعر فيه الحزب الشيوعي الصيني بالثقة من أنه حقق ما يريد في إقليم تشنجيانغ إلا أن التداعيات البعيدة ستظهر لاحقا كما يقول ليبولد من جامعة لاتروب الأسترالية خاصة أن السياسة لن “تفرخ إلا الحنق”.
(المصدر: تركستان تايمز)