لا بد أن نوقن بقوة بأن التغريب في بلادنا عبارة عن مشروع منظم , وأنه ليس مجرد أفعال مبعثرة لا رابط بينها .
ومما تميز به المشروع التغريبي أنه يعدد في وسائله التي يسلكها في تأسيس مشروعه وتعميقه في المجتمع .
ومن أهم وسائله في مرحلتنا الأخيرة وسيلتان :
الأولى : الإرهاق الإنكاري , ومعنى ذلك : أن دعاته يحرصون على طرح أكبر قدر من مظاهر التغريب وأشكاله , بصورة متتابعة ومتتالية , بحيث أن الناس يملون من تكرار الإنكار عليهم أو يكسلون .
وهي طريقة متبعة في الخطاب الحداثي العلماني بكثرة , فإن من منهجهم : أن يكثروا من طرح الأفكار ولا يقفون عند البرهنة عليها , ويوجهون إلى عقل القارئ لمنتجهم سيلا من المفاهيم والتساؤلات , بحيث يعجز عن التدقيق فيها ومحاكمتها , فإما أن يسلم بما فيها أو ينصرف عن نقدهم .
وفي بيان هذه السياسية يقول حسن حنفي :”أفضل وسيلة للمواجهة هي استخدام أسلوب حرب العصابات , اضرب واجر , ازرع قنابل موقوتة في أمكان متعددة تنفجر وقتما تنفجر , المهم أن تغير الواقع والفكر ”
الثانية : توسيع القابلية للفساد , ومعنى ذلك : أن يكثروا من الأعمال والتصرفات التي تؤدي بقطاع كبير من المجتمع إلى تقبل ما يدعون إليه من فساد واستسهاله , بحيث إنهم إذا طرحوا شيئا من مشاريعهم في مستقبل الأيام لا يجدون ممانعة له .
ومن أهم ما ينبغي على المصلحين في التصدي للمشروع التغريبي أن يتفطنوا لأساليبهم المركزية , وأن يسعوا إلى تأسيس ما يمكنهم من الوسائل التي تبطل عليهم تخطيطهم وتقف ضد مشروعهم المنظم .
560 دقيقة واحدة