مقالاتمقالات المنتدى

من سمات ومظاهر المدخلية المعاصرة

من سمات ومظاهر المدخلية المعاصرة

 

بقلم أ. د. بلخير طاهري الإدريسي الحسني المالكي الجزائري (خاص بالمنتدى)

 

المدخلية: فكرة وسلوك و منهج وليست شخصا
{ و ما شهدنا إلا بما علمنا …}
لقد ترددت في كتابة هذه العشارية عن هذه الطائفة الإنكشارية (هو مصطلح تركي، هم فرقة من الجيش تعمل بالأجرة ) التي تعمل تحت الطلب، ولا يعرف لأتباعها أدب _إلا من رحم ربي _ فهي كالنار تأكل بعضها بعضا، فهي تتزبب قبل أن تتحصرم، ترفع مشايخ من طائفتهم إلى مرتبة المعصوم، ثم تدور عليه وهو مهزوم بمجرد نزعة التزكية عنه، من مرجعياتهم المعصومة المحصنة بتزكية ولي الأمر ، رضا و لقبا و راتبا. ولم أشأ أن أكتب هذه الشهادة، وترددت في ذلك، و لكن لما رأيت القوم كشروا على ألسنتهم _ وليس أنيابهم، لأنه ليس لهم أنياب، و إنما سلاطة اللسان، و قلة الأدب، إلا من رحم ربي _ فقد إمتد جهلهم في فراغنا، وغرروا بأبنائنا، وزعموا أنهم قطعوا لهم صكوك الغفران ، و هم أبعد عن النار.
حتى أصبحت المواقع تعج و تهج بألقاب و أوصاف كأنها كانت جاهزة، و كأنها تُهمّ تزري بصاحبها، صوفي ، طرقي، أشعري ، قبوري ، مشرك …و كأنهم لا يعرفون طبيعة و ثقافة الشعوب الإسلامية .
قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله : إن غايتي حماية الثقافة الإسلامية، من أناس يطلبون العلم يوم السبت ، ويجلسون له يوم الأحد ، و يتذاكرونه يوم الأثنين، و يوم الثلاثاء، نحن رجال وهم رجال ) .
و من خلال مخالطة للقوم عن قرب ، منذ ما يقارب الثلاثين سنة ، ففي كل مرة تتأكد عندي هذه المعاني و القناعات، التي سقتها في هذه النقاط، و لو شئت لكتبت فيها مجلدات، ولكن يكفي اللبيب الإشارة فهي أبلغ من بسط العبارة.
أولا: اعتقاد عصمة مشايخهم وإن لم يصرحوا بذلك، و الواقع أبلغ من المواقع.
ثانيا: إنزال أقول مشايخهم منزلة النصوص، بل فهمهم مقدمة على منطوقات نصوصهم.
ثالثا: النزعة الحرفية في فهم النصوص، و الجنوح إلى المنهج الظاهري في مسائل الفقه، و إن كان المذهب الحنبلي و الاختيار التيمي هو المقدم.
رابعا: التضييق في التعليل، و الذي هو فرع عن النزعة الظاهرية، وبتالي إهمال مقصود الشارع في الأحكام، الذي هو فرع عن التعليل.
خامسا: الولاء والبراء في المسائل الفرعية الخلافية، تبعا لاختيارات مشايخهم، التي ينزلونها منزلة القول الراجح .
سادسا: التوسع في مفهوم البدعة، بمجرد الشبه، و عدم التفريق بين البدع والمصالح المبنية على الوسائل.
سابعا: دعاوى الاجماع في مسائل الخلاف، في العقائد و الأحكام.
ثامنا: إحتكار مفهوم جماعة المسلمين، و أنهم هم وحدهم الطائفة الناجية المنصورة، بحسب معاييرهم المفصلة.
تاسعا: عدم التفريق بين المذهب العقدي، و المذهب الفقهي لٱحاد العلماء، و الحكم على ضلال الأئمة من أعيان الأمة ، بسبب خلاف أو إختيار في مسألة خلافية عقدية.
عاشرا: وهي ثلاثة الٱثافي وقاصمة الظهر، أنهم مرجئة مع الحكام خوارج مع الشعوب.
الخلاصة:
هذه بعض مظاهر المدخلية المعاصرة، و ما ترتكز عليه، مما يجعلها محصورة و منبوذة، على رغم ما معها من الحق في بعض المفاصل، و لكن التعميم ٱفة الزمان، وعذرهم الخوف وخدمة السلطان، و إن أخذ مالك و جلد ظهر، و عطل القواطع من الشرع ، بل وشرع من دون الله بأحكام وضعية.
فوجب السمع و الطاعة وعدم منازعته في حكمه، و نصبروا و نحتسبوا ، و نكثروا الحديث عن التوحيد في الأوراق، مادام الحاكم لا يقطع عنا الأرزاق، و لا يؤذونا في بدن أو ساق ، ويسوق المبتدعة من الحزبيين إلى السجون و المعتقلات مساق.
فأكثروا لنا من الأقمصة و القلنسوة و الشماخ و السواك ، و الرسائل و المطويات ، و نحن نغنيكم في إشغال المبتدعة من المتصوفة و الطرقية، و الجماعات و الأحزاب.
فنحن نفرق بين المبتدعة والعصاة، لأن البدعة أحب الى إبليس من المعصية، فغاية ما أنتم عليه يا حكامنا عصاة، فلا خوف منكم على الشرع، فأنتم حماة الٱئكية و العلمانية على حد سواء.
صوموا ولا تتكلموا …
وناموا و لا تستيقظوا …
فما فاز إلا النوم .
اللهم أرنا الحق حقا، و ارزقنا اتبعه و اتباع أهله
و أرنا الباطل باطلا ، وارزقنا اجتنابه
عقيدتي و مذهبي: فقها و سلوكا:
اللهم إني أبرء إليك من كل طواف بقبر، أو حضرة برقص وذكر ، أو استحداث ذكر أو عبادة ، لم تثبت عن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم بالسند الصحيح.
و اني على عقيدة الإمام الأشعري رحمه الله كما قررها في كتابه الإبانة، و على فهم ما قرره إمامنا مالك رحمه في فهم الإستواء و ألحق به في الفهم جميع الأسماء و الصفات.
و في الفروع على مذهب السادة المالكية في الجملة ، إلا ما ترجح لدي بدليل لاعتبارات قوية وظروف مرعية و مقاصد سنية.
و في التصوف على مذهب السادة الكمل من أهل الصدق و الوفاء من نظائر الإمام الجنيد ، و عبد القادر الجيلاني، وابن عطاء الله السكندري.رحم الله الجميع .
على هذا أحيا وعلى هذا اموت ، و على هذا ألقى الله.
و أقول كما قال تعالى :{ و إن عدتم عدنا…}

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى