مقتطفات من كتاب (الإسلام ثوابت ومحكمات) للدكتور محمد يسري إبراهيم | (14) العلاقات الدولية
بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)
أحكام الديار والعلاقات بينها
كل أرضٍ دخلها الإسلام فحكمها وغلب على أهلها فهي من ديار الإسلام، وإن سكنها غير مسلمين، وكل دارٍ لم تحكم بالإسلام، وأغلبُ أهلها من غير المسلمين فليست من ديار الإسلام، وإن سكنها مسلمون.
وديار غير المسلمين قد تعاهد الدولة الإسلامية فتكون دار عهد، أو تحاربها فتكون دار حرب.
ومن سكن ديار الإسلام من أهل الكتاب ومن في حكمهم فهو من أهل ذمة المسلمين، ومن سكن ديار العهد فهو من المعاهدين، ومن سكن ديار الحرب فهو من المحاربين.
والعلاقة بين دولة المسلمين ودول غير المسلمين المسالمة تقوم على: السِّلم والسلام، ولهذا السلم أسس، ومنها: التعارف، قال الله تعالى:
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًۭا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓا۟ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌۭ
(49 : 13) [الحجرات: 13].
ومنها: الحوار والجدال بالتي هي أحسن، قال الله تعالى:
وَلَا تُجَٰدِلُوٓا۟ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوٓا۟ ءَامَنَّا بِٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَٰحِدٌۭ وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ
(29 : 46) [العنكبوت: 46].
ومنها: الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، قال الله تعالى:
ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
(16 : 125) [النحل: 125].
ومنها: التعاون على البر، قال الله تعالى:
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحِلُّوا۟ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ وَلَا ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلَا ٱلْهَدْىَ وَلَا ٱلْقَلَٰٓئِدَ وَلَآ ءَآمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًۭا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَٰنًۭا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُوا۟ ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَـَٔانُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا۟ ۘ وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلْإِثْمِ وَٱلْعُدْوَٰنِ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
(5 : 2) [المائدة: 2].
ومنها: العدل والإحسان، قال تعالى:
لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ
(60 : 8) [الممتحنة: 8].
فإن قاتلت الدول غير المسلمة دولة المسلمين، فقد وجب رد العدوان، وكما أن للسلم وداره أحكامًا، فإن للحرب ودارها أحكامًا.
قال الله تعالى:
ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَٰتُ قِصَاصٌۭ ۚ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُوا۟ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
(2 : 194) [البقرة: 194].
والفتوحات الإسلامية إنما كانت لإزالة كل الحواجز والعقبات التي تحول دون بلوغ الإسلام والدخول فيه، وغايتها هداية الناس للإيمان، وتعبيدهم للواحد الديان.
وأحكام السياسة الشرعية لا تمنع من الاستفادة من مراحل تشريع الجهاد التي مر بها الصحابة M، والتي يتحدد بناءً عليها الموقف من غير المسلمين هدنة أو حربًا، فقد صالح النبي ﷺ قريشًا عشرًا وأخَّر قتالهم، وقاتَل غيرهم حيث لا هدنة، وترك قتال آخرين بغير هدنة، وفي كل ذلك حسن النظر لمصلحة المسلمين، ودقة التقدير لقدرتهم، وهذه قاعدة السياسة الشرعية.
قال الله تعالى:
إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْرًۭا فِى كِتَٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌۭ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا۟ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَٰتِلُوا۟ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةًۭ كَمَا يُقَٰتِلُونَكُمْ كَآفَّةًۭ ۚ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
(9 : 36) [التوبة: 36].
***