مفتي أوكرانيا: هذا موقفنا من مسلمي روسيا
ينحدر الشيخ سعيد إسماعيلوف من مدينة دونيتسك الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا بإقليم دونباس شرق أوكرانيا، ويسكن في بلدة بوتشا شمال غرب العاصمة كييف، التي تتعرض لأعنف عمليات القصف والاشتباك منذ بداية الحرب الروسية على البلاد. ومع ذلك، يرفض النزوح، ويتمسك بواجب الدفاع عن كييف والوطن، كما يقول.
موقف الشيخ، وهو مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا “أمّة” وعضو مؤسس بدائرة “الإرشاد الروحي” بوزارة الدفاع، كان محل اهتمام وتقدير رسمي وإعلامي وشعبي كبير، منذ أن التحق بقوات “الدفاع الإقليمي” للتدريب على حمل السلاح قبل الحرب، وحتى يومنا هذا.
بالإضافة إلى أن مفتي مسلمي أوكرانيا أطلق مبادرة “أجنحة النصر” لجمع المعونات وتوزيعها على مقاتلي الجيش وغيره من الهياكل الأمنية المنخرطة في الحرب، بما يشمل تأمين الطعام والدواء والزي العسكري والخوذ والدروع.
وفي هذا الإطار، يقسم أيامه بين إمامة وخدمة من تبقى من المسلمين في كييف، وأعدادهم كانت تقدر بنحو 100 ألف قبل الحرب والنزوح، وبين جبهات القتال التي يلتزم بعضها بالحراسة والدفاع، ويزور غيرها لتقديم الدعم وتوزيع المعونات.
لن نمد أيدينا لهم
ولعل من أبرز مواقف إسماعيلوف ذلك الذي انتقد بموجبه أبرز الرموز الإسلامية في روسيا، لتأييدها قرار بوتين شن “حرب ظالمة” على أوكرانيا، كما يقول.
في حديث مع الجزيرة نت، قال المفتي “من المستحيل أن نمد أيدينا لقادة المسلمين في روسيا، ديني وكرامتي الأوكرانية وضميري لا يسمحون بذلك”.
ومن وجهة نظر إسماعيلوف “أولئك باركوا حرب الكرملين الظالمة على شعب أوكرانيا، وعلى مسلميها، فغاصوا في مستنقع النفاق لبوتين، ومسلمو روسيا منهم براء، لأنهم واعون لما يحدث، ويرفضون سفك دماء الأبرياء، من مسلمين وغيرهم”.
وذكر الشيخ بهذا الإطار كلا من المفتي الأعلى لروسيا طلعت تاج الدين الذي أيد “قتال النازيين الجدد في أوكرانيا” والمفتي الشيشاني صلاح مجيدوف الذي اعتبر أن “الحرب في أوكرانيا جهاد في سبيل الله” ومفتي إنغوشيا أحمد ساغوف الذي رأى أن “على مواطني روسيا جميعا الالتفاف حول قيادة بلادهم” وآخرين.
مساجد أوكرانيا مستهدفة
وفي سياق متصل، أكد إسماعيلوف أن الحرب لا تستثني استهداف المساجد في أوكرانيا، كما لا تستثني باقي المؤسسات الدينية المسيحية والمباني السكنية والمرافق العامة.
وقال بهذا الصدد “مع أول أيام الحرب، تعرض مسجد مدينة كونستانتينوفكا (في الجزء الخاضع للسيطرة الأوكرانية بمنطقة دونيتسك في إقليم دونباس) لإطلاق نار كثيف. وبحمد الله، لم يصب أحد بأذى، لأن من لجؤوا إليه احتموا في القبو”.
وأضاف إسماعيلوف “أمس السبت أيضا، تعرض مسجد السلطان سليمان القانوني بمدينة ماريوبول لإطلاق نار، وفيه لاذ 83 شخصا مع أسرهم. المحتلون لا يحترمون حرمة المساجد ودور العبادة، ولا يهتمون بمن فيها”.
لا تكونوا مرتزقة
وفي جانب آخر، يدعو إسماعيلوف قادة وشعوب العالمين العربي والإسلامي إلى التخلي عن سياسة “التفرج بصمت” ولعب أدوار تسهم بوقف الحرب، من خلال الضغط على روسيا، على غرار ما تفعله دول الغرب.
يقول للجزيرة نت “نثمن مواقف كبار العلماء، وعلى رأسهم الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين فضيلة الشيخ علي القره داغي، والشيخ محمد الحسن الددو، اللذان دعيا إلى عدم الحياد إزاء هذه الحرب، لأن الجهة المعتدية فيها معروفة (روسيا) ولأن الإسلام ضد أي عدوان واحتلال”.
وفي نداء وجهه لأنصار النظام بسوريا، بعد حديث وزارة الدفاع الروسية عن استعداد آلاف منهم للتطوع والقتال ضد أوكرانيا بدونباس، قال إسماعيلوف “لا تكونوا مرتزقة، ولا تتورطوا بقتل مزيد من الأبرياء. أوكرانيا ليست سوريا، وقتالكم فيها لن يعود عليكم بأي نفع مادي أو معنوي، بل بالخزي والعار والموت”.
المصدر: الجزيرة