مفاسد الانتهاج لردود الأفعال على المشككين بحقائق الإسلام
بقلم د.فؤاد البنا
انتهج كثير من الإسلاميين سياسة ردود الأفعال على خصوم الإسلام والمشككين ببعض ثوابته والمروجين لبعض الشبهات أو المنكرات، وبقدر ما يسهم هذا الأمر في تحذير عامة الناس من هؤلاء، فإنه ينتج عددا من المفاسد، كما يبدو لي، وأهمها:
١- ابتعاد المصلحين عن العمل المنهجي البناء الذي يعالج أدواء المجتمع وفق محكمات الشرع؛ إذ بدلاً من الاشتغال في تجفيف منابع الانحرافات فإنهم ينشغلون بإطفاء الحرائق التي يشعلها أعداء الإسلام والباحثون عن الشهرة والارتزاق من أبناء المسلمين.
٢- تشويه صورة الدعوة إلى الله، من خلال إبراز الخصوم للردود الانفعالية والخالية من الحكمة، وخاصة عند من يعانون من الأمية الفكرية ويجهلون خارطة الثوابت والمتغيرات، حتى أن بعضهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها من أجل مسألة فرعية أو جزئية!
٣- نقل أنشطة الدعوة والإصلاح الاجتماعي من المجال الاستراتيجي القائم على خطط واعية بفقهي الواجب والواقع، إلى مجال ردود الأفعال، مع تنقلها بين المجالات بحسب ما يريد الخبثاء الذين يعملون وفق خطط ويهاجمون بعلم!
٤- فقدان العمل الإسلامي للفاعلية التي تنتج عن الفقه الواسع بالشرع والوعي العميق بالواقع، وخاصة أن ردود الأفعال لا تخضع للخطط ولا تنطلق من فقه الأولويات!
٥- اندفاع أعداد من الكارهين للدعاة لهذا السبب أو ذاك إلى الانخراط في مشاريع يديرها الخصوم أو الأعداء، وقد يبدأ الأمر عنادا للدعاة ونكاية بهم وينتهي بكثيرين إلى التأثر الفكري بالثقافات المنحرفة والتخندق التام في المعسكر المعادي!
٦- إظهار الدعوة الإسلامية المعاصرة وكأنها حالة من الاعتراض الشامل على الواقع والنقمة من المجتمع، وكأن الإسلام لا يمتلك القدرة على إيجاد البدائل وتربية الكوادر التي تتسم بالعقلانية والحكمة والإيجابية، خاصة مع امتلاك الخصوم لآلة إعلامية متفوقة كماً ونوعا، وتمتلك كوادر تجيد تحريف الوقائع وتزيين الباطل، فضلا عن تضخيم الأخطاء الصغيرة!