إعداد د. زياد الشامي
لا أتحدث هنا عن مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية فحسب والذين يتجاوز عددهم الــ30 مليون مسلم وإنما أتحدث عن مسلمي الصين الذين وصل عددهم إلى 130 مليون وفق تقرير أعدته قناة «BON news» الإنجليزية المتخصصة في شئون الصين .
وإذا كان مسلمو الإيغور قد أصابهم القسم الأكبر من بغي واضطهاد السلطات الصينية على مر العقود وما زال فإن ذلك لا ينفي شمول حملة الاضطهاد الشيوعي واستهداف الهوية والمعتقد جميع المسلمين في الصين دون استثناء .
البداية من الخطوة الصينية الأخيرة للنيل من هوية مسلمي الإيغور وعقيدتهم الإسلامية بعد فشل جميع إجراءتها التعسفية السابقة – من حظر إعفاء اللحية ومنع الحجاب ومصادرة المصاحف وحرمان المسلمين من أداء عباداتهم المفروضة من صلاة وصيام و…. – في طمس معالم الهوية الإسلامية لتركستان الشرقية .
تمثلت الخطوة الصينية الأخيرة ضد مسلمي الإيغور في إنشاء معسكرات اعتقال باسم “مراكز التأهيل” تتم فيها عملية إجبار مسلمي تركستان على ممارسات تخالف أوامر دينهم وأحكام شريعتهم الغراء وسط إجراءات تعسفية واضطهاد وتعذيب وتنكيل تؤكد أنهم في سجن كبير .
موقع بوشون باللغة الصينية نشر منذ أيام صورا مما يتعرض له مسلمو الإيغور في المعسكرات النازية التي تسميها الصين” مراكز التأهيل” استنادا لشهادات من تم إطلاق سراحهم من المعسكر .
يقول أحدهم : إن المعتقلين الذين يقدر عددهم بـ مليون يجبرون على شرب الخمر يوميا ولو جرعات قليلة , وعليهم الاستماع لأغاني صينية ماجنة لساعات, ولايسمح لهم بالنوم لأكثر من ثلاث ساعات في اليوم , ويمنعون في المعسكرات من الصلاة والصيام ، ولا يسمح لهم بزيارة أقاربهم ولايكشف مكان تواجدهم لأسرهم وتمارس بحقهم ممارسات لاإنسانية .
تجري هذه الممارسات – التي تم تشبيهها من قبل ناشطين بما كان يجري في المعسكرات النازية – تحت سمع وبصر المجتمع الدولي الذي لم يكن ليصمت هذا الصمت المشين لو كانت عشر معشار تلك الإجراءات التعسفية ضد أقلية أخرى غير المسلمين .
لم يكن مسلمو الصين من غير أقلية الإيغور بمنأى عن ظلم واضطهاد السلطات الصينية التي ما تزال تصدر القرارات وتخترع القوانين التي تحاول من خلالها النيل من هويتهم الإسلامية .
وضمن هذا الإطار يمكن قراءة قرار السلطات المحلية في منطقة “نينغشيا” ذاتية الحكم في شمال غرب الصين بحظر الكتابة باللغة العربية على المنتجات الغذائية “الحلال” , حيث نقلت صحيفة “غلوبال تايمز” عن سكان مدن أوتشونغ وينتشوان تأكيدها طلب السلطات المحلية استبدال تسميات المطاعم والأكشاك المكتوبة باللغة العربية , كما فرضت السلطات كتابة (منتج حلال) بالهيروغليفية وبالبينين (كتابة الألفاظ الصينية بالأحرف اللاتينية) فقط .
لم تكتف السلطات الصينية بذلك بل طالبت أصحاب المتاجر الصغيرة والكبيرة بإزالة المنتجات الحلال المكتوب عليها باللغة العربية من رفوفها مؤقتا لاستبدالها بكتابات جديدة بالصينية …..وهو ما يمس بوضوح الهوية الإسلامية التي ترتبط باللغة العربية ارتباطا وثيقا سواء من خلال القرآن الكريم أو السنة النبوية أو الاحكام الفقهية أوعموم الثقافة الإسلامية .
ليست هذه الممارسات التي تطال بوضوح هوية مسلمي الصين هي الوحيدة التي تحصل في المنطقة حسب متابعين , فقد شهدت مدينة “وينتشوان” في شهر مارس من العام الماضي إجراءات مشابهة , حيث تم مزج العمارة العربية بالهندسة المعمارية التقليدية بذريعة توحيد “الأجواء المعمارية” وجعلها تتناغم مع الطراز الصيني التقليدي !!!
محاولات النيل من هوية مسلمي الصين تبدو صارخة في كل إجراءات وممارسات الحكومة التي لا تخفي مآربها وأهدافها من ورائها , فهي تقوم بنفس الدور الذي تمارسه معظم دول العالم هذه الأيام ضد المسلمين على أراضيها , ما يعزز الحقيقة التي تقول بأن المسلمين يتعرضون لأشرس حملة ضد عرفها التاريخ هويتهم وعقيدتهم .
(المصدر: موقع المسلم)