إعداد د. زياد الشامي
لا يمكن وصف ما حدث منذ أيام في مسجد للمسلمين في قرية دمبي جنوب شرق إفريقيا الوسطى إلا بأنه قتل على الهوية بامتياز , إذ إن اقتحام مليشيا “انتي بالاكا” المسيحية المكان الذي يقيم فيه المسلمون أهم أركان دينهم , وقيامها بقتل أكثر من 20 مصليا لا يمكن أن يصنف في غير خانة “القتل على الهوية”.
لم يصدر أي رد فعل رسمي من قبل الحكومة في جمهورية إفريقيا الوسطى على المذبحة , كما لم يخرج صوت غربي واحد يندد بالحادثة أو يصفها بوصفها الحقيقي “قتل على الهوية” بدوافع التعصب الديني المسيحي فضلا عن أن يحرك ساكنا تجاهها بالتدخل الرادع أو حتى التلويح به .
الأمم المتحدة تجاهلت المذبحة التي تعرض لها المسلمون داخل أحد المساجد في إفريقيا الوسطى , بينما مارست بعثتها هناك تلبيسها المعهود للحقائق وتزييفها للوقائع من خلال إشراك الضحية بالجريمة ومساواة القاتل المجرم بالمقتول المعتدى عليه وذلك من خلال اعتبارها ما حدث اشتباكات بين ميليشيات انتي بالاكا (المسيحية) ومجموعة أخرى “مسلمة” أسفرت عن وقوع قتلى في صفوف المسلمين.
جاء ذلك في بيان نشرته البعثة الأممية المتكاملة والمتعددة الأبعاد لتحقيق “الاستقرار” في إفريقيا الوسطى (مينوسكا) على موقعها , دون أن توجّه البعثة الاممية في بيانها إدانة صريحة للمذبحة التي جرت في مسجد بإحدى قرى جمهورية إفريقيا الوسطى، والتي أكد وقوعها قادة من الأقلية المسلمة في بانغي على يد ميليشيات “مسيحية”.
بيان البعثة الأممية قال ما نصه : “ندين بشدة الاشتباكات بين ميليشيات انتي بالاكا (المسيحية) وعناصر من الحركة من أجل الوحدة والسلام فى أفريقيا الوسطى (فصيل منبثق عن تحالف سيليكا ذي الأغلبية المسلمة ) في بلدة كمبي بمحافظة باسي كوتو” (جنوبي شرق)….مضيفا أن “أعمال العنف أدّت إلى مقتل عدد من أفراد المجتمع المسلم”، و أن “مينوسكا وحكومة إفريقيا الوسطى ستوفدان بعثة مشتركة إلى كمبي في الساعات القليلة القادمة للتحقيق في الوضع على الفور”.
إدانة المذبحة جاءت من شخصيات ومنظمات ومجموعات إسلامية , فقد شهد حي الكيلومتر 5 ذو الأغلبية المسلمة في عاصمة إفريقيا الوسطى “بانغي” يوم حداد احتجاجا على مذبحة المسلمين المصلين في المسجد .
المتحدث باسم لجنة الحكماء بحي الكيلومتر ٥ “عبد الرحمن بومو” قال : إن “الضحايا كانوا في المسجد عندما قامت ميليشات الانتي بالاكا (ذات الأغلبية المسيحية) باقتحامه وقتلت ما لا يقل عن عشرين من المصلين. مضيفا : “قررنا أن يكون يوم الجمعة يوم حداد والصلاة على أرواح الضحايا”، وندد بشدة”بتواصل المذابح في هذا البلد الذي لا يزال يجاهد كي ينهض من جديد”.
من جهته أعرب عثمان محمد المتحدث باسم المسلمين في حي “الكيلومتر ٥” عن استيائه البالغ من ممارسات قسم من الأهالي في إفريقيا الوسطى و وصفها بأنها “تؤجج الكراهية الطائفية بين الشعب”.
الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي أدانت أمس السبت بشدة الهجوم الذي نفذته ميليشيا (انتي بالاكا) داخل مسجد في بلدة (كيمبي) جنوب وسط جمهورية أفريقيا الوسطى والذي أسفر عن مقتل أكثر من 20 مسلما معربة عن أسفها لهذا الحادث الإجرامي و أعمال العنف المستمرة من قبل (الانتي بالاكا) في أفريقيا الوسطى .
لا يمكن فصل حادثة مذبحة المسجد عن مسلسل المذابح والانتهاكات الجسيمة التي ما زالت تمارسها مليشيا انتي بالاكا المسيحية بحق مسلمي إفريقيا الوسطى منذ اضطرار رئيسها المسلم “ميشال جوتوديا” على التنحي عن الحكم بعد ضغط دولي وإفريقي شديد في مطلع عام 2014م وحتى الآن , إذ شهدت هذه الأعوام موجات عنف غير مسبوقة مارستها مليشيا انتي بالاكا المسيحية التي أزهقت أرواح الكثير من المسلمين بأبشع الأساليب “السواطير والفؤوس” وهجرت الآلاف منهم من ديارهم ومنازلهم .
لم يعد طرح التساؤل المشروع حول ردود فعل الدول الغربية وعلى رأسها “فرنسا هنا” الشديد والسريع حين يكون المعتدى عليهم من غير المسلمين – نصارى أو يهود أو بوذيون أو ….- والمعتدون أو الفاعلون ممن ينسبون إلى الإسلام ….ذا معنى أو مغزى بعد الوقائع التي أثبتت انحياز الغرب السافر لغير المسلمين وعداء دولهم المزمن لدين الله الإسلام وأتباعه في كل مكان , ومجاهرة عدد كبير من ساستهم وزعماء الأحزاب في دولهم بأن عدوهم الأوحد هو الدين الخاتم وأتباعه الذين يزداد عددهم في القارة العجوز وغيرها من القارات .
ولكن يبقى للمسلم الذي يتابع أحوال المسلمين المتردية في معظم بقاع الأرض أن يتساءل : إلى متى ستبقى الدول الإسلامية على هذا الحال من الصمت والسكوت على فداحة الانتهاكات بحق إخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها ؟! وإلى أي مستوى أو مدى يمكن أن تصل إليه تلك الانتهاكات والاعتداءات في ظل ذلك الصمت والسكوت ؟!
(المصدر: موقع المسلم)