حل شهر رمضان، هذا العام، على الكثير من المسلمين شمالي كينيا بشكل يجعل صيامهم شبه مستمر يواصلون فيه الليل بالنهار؛ حيث يعانون من نقص حاد في إمدادات المياه والغذاء في ظل فيضانات عارمة ضربت المنطقة وجرفت في طريقها الأخضر واليابس.
ويزداد الوضع سوءا، لاسيما بالنسبة لسكان بلدة “غاريسا” (شمالي شرق)، ومعظمهم من أصل صومالي، وذلك بسبب الفيضانات العارمة التي ضربت المناطق الشمالية، وأتلفت جميع المنتجات الزراعية التي كان يستعد بها السكان لاستقبال شهر رمضان.
وأوقعت هذه الأوضاع الآلاف من المسلمين في محنة حيث يبحثون عن مأوى في مخيمات أقيمت شمالي البلاد.
وقال أحد المزارعين المتضررين: إن “المياه غمرت بعض الطرق بشكل جعل من الصعب عبورها إلا باستخدام القوارب”.
وفي هذه المنطقة، غمرت المياه ثمانية آلاف و450 فدانا من الأراضي الزراعية، وبالتالي تسببت بمضاعفة سعر الطعام ثلاث مرات.
ونوهت هيئة الصليب الأحمر إلى “ندرة” الغذاء والمياه النظيفة، فضلاً عن عدم توافر أعداد كافية من المراحيض، ما يجعل الوضع بمثابة “قنبلة موقوتة”، حيث يمكن أن يتعرض آلاف الأشخاص لخطر الأمراض المعدية التي تنقلها المياه.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الفيضانات وشح الغذاء تسببا أيضا في نفوق أكثر من ستة آلاف رأس من الماشية في منطقة معظم سكانها من الرعاة الرحل.
ويصف تقرير نشرته وكالة الأناضول كيف تجلس “أكسلام بارواكاو”، وهي مزارعة في منطقة غاريسا، بجوار زوجها المريض بالملاريا، وهو يحتسي ما يفترض أنه ماء من زجاجة مجعدة تحتوي على سائل داكن اللون.
وبينما تكتسي ملامحها بمزيج من الأسى والصبر، قالت أكسلام : “في رمضان، لا خيار أمامنا سوى الصيام المتواصل، فليس لدينا شيئا لنأكله”.
وأضافت بينما تجفف عرق زوجها المريض أن “الكثير من الأشخاص في مثل هذه المناطق النائية يموتون جوعا”.
وتابعت: “نحن في رمضان هذا العام نواصل الصيام ليلا ونهارا .. لقد تركتنا الفيضانات بلا شيء، وأُجبرنا على مغادرة أراضي أجدادنا”.
وحول المأساة التي يعيشها المسلمون في المناطق الشمالية من كينيا، قالت إن “الوضع فظيع بالفعل، حيث فتحت شركة الكهرباء الكينية بوابات السدود لتصريف المياه، ما رفع مستوى المياه في الأنهار ومن ثم طافت الشوارع بمستويات تصل أحيانا إلى مستوى صدر الإنسان، وفي مناطق أخرى، غمرت المياه بعض المنازل بشكل كامل”.
وأوضحت أكسلام أن “السكان المحليين وكذلك السياسيين، أشاروا بأصابع الاتهام في تفاقم الوضع إلى شركة توليد الطاقة الكهربائية الرائدة في كينيا”.
أما جميلة لادان، وهي ضحية أخرى للفيضانات، فقالت إنه حتى المساعدات الغذائية الخيرية التي عادة ما تكون شائعة في المنطقة من جانب إخوانهم المسلمين، غابت هذا العام “لأنهم (من يقدمون المساعدات) أنفسهم لا يجدون ما يأكلون”.
وأضافت : “خلال شهر رمضان الماضي، اعتدت على الحصول على أفضل الوجبات من خلال تلك المساعدات”.
وتابعت “أنا لست غنية، وأقضي يومي في تنظيف منازل الناس وغسل ملابسهم، كنت دائماً أتطلع إلى رمضان لأنه كان يعني غذاءً أفضل لي”.
وقالت لادان إن سعر كيلو الطماطم (البندورة) التي اعتادت بيعه مقابل 50 شلناً كينياً (0.50 دولارا) قد زاد لأكثر من ثلاثة أضعاف إلى 160 شلنا (1.60 دولارا)”.
من جهته، ناشد الشيخ حسن محمد، وهو عالم دين مسلم من “مسجد توفيق” في “غاريسا”، الحكومة بسرعة التدخل والمساعدة على رفع هذه المعاناة. وقال: “ما نحتاجه في الغالب الآن هو المساعدات الغذائية ، خاصة خلال شهر رمضان”.
وأضاف: “لقد فقد العديد من الأشخاص كل شيء لديهم، ونناشد من يفعلون الخير تقديم المساعدة من غذاء وكساء، سنقدر ذلك حقًا”.
(المصدر: منظمة المشكاة الخيرية)