مقالاتمقالات المنتدى

محاكاة الكبراء

محاكاة الكبراء

 

بقلم د. عبد الله المشوخي (خاص بالمنتدى)

 

المتتبع للسياق القرآني يلحظ نهيه المتكرر عن التقليد الأعمى لما في ذلك من تعطيل للعقل والحواس.

كما أن التقليد يدل على الشعور بالنقص تجاه من نقلده فهو بمثابة
محاكاة المغلوب للغالب وكما يقول العلامة ابن خلدون -رحمه الله- في مقدمته:
إن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله.

والمتأمل في واقع أمتنا العربية اليوم وبسبب شعورنا بالنقص تجاه الغرب نجد كثيرا من تصرفاتنا أصبحت تحاكي الغربيين في عاداتهم وتقاليدهم بل وجدنا من بني جلدتنا من يطالب بمحاكاتهم في أمور وقضايا مخالفة لثوابت ديننا الحنيف .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصف هذه الحالة بقوله: (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).

ومن أنواع التقليد محاكاة كبراء القوم في لباسهم ومراكبهم ومساكنهم ورحلاتهم السياحية وتدريس أولادهم في مدارس خاصة باهظة
الثمن رغم ضيق الحال وقلة ذات اليد .

ومن أنواع التقليد تقليد الكبراء في تعاليهم وغطرستهم وتكبرهم على خلق الله ظنا منهم أن مثل هذه التصرفات تمنحهم الهيبة والوقار والاحترام.

وغفل هؤلاء أن رفعة الإنسان واحترامه وتوقيره أساسه التواضع وخفض الجناح .

وأختم بقصة لمحاكاة الكبراء حيث جمعتني صداقة عمل مع صديق لي وأثناء زيارتي لمنزله لأول مرة لاحظت استقبال ابنه الصغير لي وأخذني إلى مجلس الضيافة وانتظرت مجيء زميلي فترة من الزمن والتمست له الأعذار.

لكن الأمر تكرر مرة أخرى فسألت ابنه هل والدك مشغول ؟ قال: لا قلت أخبره أنني وصلت فعاد وأخبرني أن والده سوف يحضر بعد برهة من الزمن أدركت بعدها أن صاحبنا يقلد كبراء القوم الذين من عادتهم إبقاء الضيف ينتظر فترة من الزمن لبيان عظيم سلطانهم ومكانتهم الرفيعة وغفل هؤلاء أن رفعتهم الحقيقية واحترامهم إنما يكون بحسن استقبال الضيف والترحيب الحار به وإنزاله منزلته مع طلاقة الوجه وبشاشة اللقاء وليس بالانزواء والتأخير إلى غير ذلك من أمراض العظمة والشموخ والسمو .
نسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع لكل خير وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى