مقالاتمقالات المنتدى

ماذا تبقى من كلمة بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد عام؟ (2)

ماذا تبقى من كلمة بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد عام؟ (2)

بقلم أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)

نواصل في هذا المقال تحليل خطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة في مثل هذه الأيام من العام الماضي بعد أن تناول الجزء الأول نجاحه في فرض رؤيته للسلام التي يدعو لها منذ أكثر من أربعة عقود، والقائمة على أن السلام مع الفلسطينيين يبدأ من السلام مع الدول العربية وليس العكس.

في هذا الجزء نتناول بقية رؤية نتنياهو للسلام الناجح الذي حققه مع الدول العربية متمثلا في اتفاقات إبراهام، حيث يقول كانت الاتفاقيات الإبراهيمية عبارة عن لحظة مفصلية عبر التاريخ وهي بالفعل كذلك فلأول مرة في التاريخ تبرم مجموعة من الدول اتفاقات مع عدو تاريخي لهم بغرض نصرته على دولة وشعب شقيق لهم، ولإجبار هذا الشعب على الاستسلام لهذا العدو التاريخي السارق للأرض والقاتل للنفس دون قيد أو شرط.

ثم يعدد نتنياهو فوائد هذه الاتفاقات أو بركاتها، حيث يقول: “واليوم، نرى جميعًا بركات تلك الاتفاقات“:

إذ تزدهر التجارة والاستثمار مع شركائنا الجدد في السلام.

دولنا تتعاون في التجارة والطاقة والمياه والزراعة والطب والمناخ والعديد من المجالات الأخرى.

وزار ما يقرب من مليون إسرائيلي الإمارات العربية المتحدة في السنوات الثلاث الماضية.

كل يوم، يوفر الإسرائيليون الوقت والمال من خلال القيام بشيء لم يتمكنوا من القيام به على مدار 70 عامًا.

هم يطيرون فوق شبه الجزيرة العربية إلى وجهات في الخليج والهند والشرق الأقصى وأستراليا.

وهي حقيقة يندى لها جبين أي إنسان له بقية من إحساس، فبينما ينعم الكيان بكل هذه الميزات المجانية التي تقوي أركانه في المنطقة وتثبتها تفرض على الشعب الفلسطيني عملية حصار شديدة القسوة ويتم قتله ببطء بكل الطرق والأدوات، بل إننا لو لاحظنا ما يجري اليوم لعجزت الكلمات عن وصف ما يحدث حيث قامت دول هذه الاتفاقات والدول المطبعة من قبل بتمرير المواد الغذائية للعدو الصهيوني بطرقها الخاصة وارتفعت نسب التبادل التجاري مع العدو الصهيوني لمعدلات غير مسبوقة، وهو نجاح أي نجاح لنتنياهو في مشروعه للسلام القائم على الذل والتبعية.

ولنكمل مع نتنياهو لنرى ما تعد به اتفاقات إبراهام من وجهة نظره، حيث يقول: بشرت اتفاقات إبراهيم في تغيير جذري آخر حيث جعلت العرب واليهود أقرب من بعضهم البعض نراها في:

حفلات الزفاف اليهودية المتكررة التي تقام في دبي

في تكريس لفافة التوراة في كنيس يهودي في البحرين

في الزوار الذين يتدفقون على المتحف اليهودي المغربي في الدار البيضاء.

ونحن نرى ذلك في الحصص التي تقدم للطلاب العرب حول المحرقة النازية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ليس هناك شك في أن الاتفاقات الابراهيمية بشرت ببزوغ فجر عصر جديد من السلام.

والتغيرات التي حدثت والتي عدد نتنياهو بعضها أعلاه وما خفي كان أعظم وأسوأ تبين حصاد السلام الذليل وتوضح  معنى السلام المطلوب من دولنا ومجتمعاتنا العربية إن أرادت سلاما وأمنا مع الكيان الغاصب، إنه في كلمة واحدة: الاستسلام التام ونسيان العقيدة والتاريخ والثأر لقتلانا والتنازل عن أرضنا، هذا هو السلام الذي يعدنا به نتنياهو.

ثم يبدأ نتنياهو في المقطع التالي في إعلان بعض أمنياته التي في سبيلها للتحقق وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيقها والتي تجلب له ولكيانه الغاصبالنعمة الكبرىإنها كما يقولالاختراق الأكثر دراماتيكية والمتمثل في :” إحلال سلام تاريخي مع المملكة العربية السعودية. مثل هذا السلام سيساهم كثيرًا في:

إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

وسوف يشجع الدول العربية الأخرى على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وسيعزز آفاق السلام مع الفلسطينيين.

إنهسيشجععلىتحقيقمصالحةأوسعبيناليهوديةوالإسلام،

بين أورشليم ومكة، بين أحفاد إسحاق وأحفاد إسماعيل.

كل هذه هي عبارة عن بركات هائلة.

وليس كل ما سبق؛ مع كفايته، هو كل مكاسب الكيان من التطبيع المتوقع مع السعودية، لكن نتنياهو يعدد ما هو أكثر، فالتطبيع هو مجرب باب للدخول إلى نعم ونعيم جدد سيفيض على دولة الكيان بكل مقومات القوة والمنعة الاقتصادية والسياسية والجيواستراتيجية، لذلك استطرد نتنياهو في حديثه تاركا العنان لأحلامه التي بدأت في التحقق، منوها بحدث واكب خطابه يصب في صالح رؤيته للسلام التي جلبت كل تلك النعم للكيان. حيث يقول: “قبل أسبوعين، رأينا نعمة أخرى باتت بالفعل في مرمى البصر. حيث أعلن في مؤتمر مجموعة الـ G20 الرئيس بايدن ورئيس الوزراء مودي والقادة الأوروبيون والعرب عن خطط لإنشاء ممر ملهم يمتد عبر شبه الجزيرة العربية وإسرائيل،إنه :

سيربط الهند بأوروبا بالوصلات البحرية وخطوط السكك الحديدية وخطوط أنابيب الطاقة وكابلات الألياف الضوئية.

وسيتجاوز هذا الممر نقاط الاختناق البحرية ويقلل بشكل كبير من تكاليف السلع والاتصالات والطاقة بما سيقيد أكثر من ملياريْ شخص.

يا له من تغيير تاريخي لبلدي

كما ترون، وهو هنا يشير إلى خريطة إسرائيل الكبرى التي تختفي منها فلسطين إلا قليلا على استحياء، أرض إسرائيل تقع على مفترق طرق بين أفريقيا وآسيا وأوروبا. وعلى مدى قرون، تعرضت بلادي لغزو متكرر من قبل الإمبراطوريات التي مرت بها في حملاتها للنهب والغزو في أماكن أخرى.

ولكن اليوم، ونحن نهدم جدران العداوة، يمكن لإسرائيل أن تصبح جسرًا للسلام والازدهار بين هذه القارات.

إن السلام بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية سيخلق حقًا شرقًا أوسطيًا جديدًا. لذا ينبغي فهم حجم التحول الذي نسعى إلى الترويج له.

ثم يعود للخريطة مرة أخرى فيقول: “اسمحوا لي أن أريكم خريطة للشرق الأوسط في عام 1948، وهو العام الذي تأسست فيه إسرائيل:

هنا إسرائيل في عام 1948. إنهبلدصغير،معزول،محاطبعالمعربيمعادٍ

في الأعوام الـ 70 الأولى بعد إقامة دولتنا عقدنا السلام مع مصر والأردن

ثم في عام 2020، عقدنا الاتفاقيات الابراهيمية بمعنى السلام مع أربع دول عربية أخرى

انظروا الآن إلى ما سيحدث عندما سنصنع السلام بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

الشرق الأوسط كله يتغير.

نحن نهدم جدران العداوة. إننا نجلب إمكانية السلام إلى هذه المنطقة بأسرها.

لكننا نفعل شيئًا آخر، كما تعلمون، قبل بضع سنوات وقفت هنا مع ماركر. لكن اليوم، أحمل هذا الماركر لإظهار نعمة عظيمة. نعمة شرق أوسط جديد، بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وجيراننا الآخرين.    لن نقوم فقط بإسقاط الحواجز بين إسرائيل وجيراننا. بل سنبني ممرًا جديدا للسلام والازدهار يربط آسيا عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل بأوروبا.

هذا تغيير استثنائي، وتغيير هائل، ولحظة مفصلية أخرى في التاريخ.

وحديث نتنياهو المتفاءل هذا عن التطبيع مع السعودية وما سيجلبه من نعم عددها أعلاه، ونعم لم يشأ إعلانها حتى لا يطرح كل أوراقه، هو حديث الواثق من اتمام الاتفاق، وأن الأمر لا يتجاوز عملية التجهيز لتوقيع الاتفاق، لكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، فقد جاءت عملية طوفان الأقصى فأفسدت على المطبعين أحلامهم، لكنها لم توقف عزمهم على الاستمرار في طريق الضلال الذي اتخذوه خيارا نهائيا لهم في معاكسة تامة لمعتقداتهم وتاريخهم ومصالحهم وحقوق شعوبهم.

وليس هناك تعقيب أفضل على ما سبق من نجاحات تمت أو كانت في سبيلها للتحقق من التطبيع بين الكيان الغاصب والدول المطبعة من هذا السؤال الذي سؤله نتنياهو منذ عقد مضى وإجابته عليه:

فعندما سُئل في عام 2011 عن الطريقة التي يريد أن يتذكره بها الناس، أجاب نتنياهو: لقد ساعدت في تأمين حياة الدولة اليهودية ومستقبلها. لقد تعلم نتياهو؛ كما يقول، أن المسافة بين النصر والمأساة كانت غالبًا بضعة سنتيمترات فقط“. وهو رهان كسبه نتنياهو على صعيد من يرأسون ويملكون الدول ومن يتبعونهم من المنتفعين والمغيبين ولكن لغالبية الشعوب رأي آخر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى