
لا منة لنا عليهم
بقلم الأستاذ أنور الخضري( خاص بالمنتدى)
يقف اليوم يهود ونصارى وملحدون، عبر العالم كله، مع شعب فلسطين ومقاومته الباسلة، فالإجرام الذي مورس على غزززة، تدميرا وتخريبا وتهجيرا وحصارا وقصفا وقتلا للرضع والكهول والنساء والعجزة والمرضى بأبشع الصور لا يتقبلها عقل سوي ونفس سوية، فالناس التي لم تنتكس فطرتها القيمية تميز الظلم والإجرام ولا تنحاز له، مهما كان دينها.
كما أن الاحتلال للأرض مكروه ومذموم عند كل الشعوب، ومحرم ومجرم في كل الشرائع والملل.
وكونك تقف مع الفلسطينيين ضد السهاينة كونهم محتلين ومجرمين ليس فيه من المنة والتميز شيء، بل ربما الذين تظاهروا واحتجوا وقاموا بالمسيرات والحملات والدعاية والإغاثة، من غير المسلمين، خلال ١٥ شهرا، وفي جميع الأجواء، متحدين الضرب بالهراوات والصعق الكهربائي والقنابل المسيلة للدموع والطرد من العمل، أظهروا من صدق المواقف تجاه غزة والفلسطينيين ما هو أبلغ من مواقفنا نحن المحوقلون الصامتون عن تآمر حكامنا وأنظمتنا ضد غزززة وفلسطين، وحركات المقاومة هناك.
لا تظن أنك بقولك أنك مع فلسطين وغزززة أنك أخليت مسئوليتك الدينية والأخلاقية والإنسانية ما لم تصدق الأعمال والمواقف والحركة قولك هذا. وإياك أن تمن على الأحرار والشرفاء والأبطال والرجال بهذا القول البارد منك، فقولك هذا لا قيمة له، ولن يغير موازين المعركة التي راح ضحيتها آلاف الشهداء، وآلاف المصابين، وآلاف المعتقلين، وآلاف المفقودين. فالمعركة اليوم قامت على شدة وصلابة وصبر ويقين أهل الحق وثباتهم على أرضهم، دون فرار واستنجاد!
إياك ثم إياك أن تمن بهذا القول على من قاموا بواجب التصدي للكيان المتسهين وأوقفوا أطماعه وكسروا شوكته ودمروا حلمه، ودافعوا عن المقدسات وعن المسلمين، وأنت منعم آمن معافى في بيتك وأهلك، لا تتصدى لمحتل ولا لغاصب ولا لظالم مستبد ولا لخائن متآمر، غاد ورائح في شأنك وحاجتك وطلب معاشك وعيشك.
إياك إياك.. أن تمن حتى بدعائك لأنك إنما تدعو لأناس أخذوا أرواحهم في أكفهم وباعوا أنفسهم لله يطلبون الجنة وقلوب الأمة جميعا تدعو لهم، فإنك إن دعوت لهم قمت بأقل ما كان يجب عليك، وإلا فإن الله تعالى معهم ودعاء المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها من ورائهم، بل ودعاء العادلين من أهل الملل فإن دعاءهم في الحق مجاب.
إياك إياك.. أن تظن أن صيامك وقيامك وصدقتك يكافئ يوما في سبيل الله رباطا وجهادا، فوالله إن فضل المرابط المجاهد على الأمة كلها، وليس للصائم القائم المتصدق من فضل إلا على نفسه.
إياك إياك.. أن تطير أرواح المجاهدددين إلى الله سراعا وأنت تغتابها عاضا بنواجذك على دنيا قبيحة نتنة، فإن الله تعالى أغير ما يكون على أوليائه، فأي ولاية أشرف وأسمى من الشهادة في سبيله وهي ثالث منزلة بعد النبوة والصديقية في القرآن والسنة.
إياك إياك.. أن تقعد عن منازل الرجولة وميادين البطولة ومضمار الشهادة ثم تتهدد المجاهدددين فما يدريك أن عملك مقبول وأن سعيك مشكور والله يقول: ((وَلَوۡ أَرَادُوا۟ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّوا۟ لَهُۥ عُدَّةࣰ وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُم وَقِیلَ ٱقعُدُوا۟ مَعَ ٱلۡقَـٰعِدِینَ))! وقد جاء في حديث إنكار المحسن على المذنب وشهادته أن الله لا يغفر له أن الله تعالى قال للمحسن: (قد غفرت له وأحبطت عملك).
إياك إياك.. يا متكئا على الآرائك المريحة ولابسا الثياب الناعمة وآكلا الأطعمة الشهية ومعطرا بالمسك ومبخرا بالعود أن يفوتك قول إمام التابعين عبدالله بن المبارك:
يا عابدَ الحَرَمينِ لوْ أبصرْتَنا
لَعلمْتَ أنّك في العبادةِ تَلْعبُ
مَنْ كان يَخْضِبُ خدَّهُ بدموعِهِ
فَنُحُورُنا بِدِمَائِنا تَتَخَضَّبُ
أو كان يُتْعِبُ خيلَهُ في باطلٍ
فخيولُنا يومَ الصَّبِيْحَةِ تَتْعبُ
رِيْحُ العَبِيْرِ لكمْ ونحنُ عبيرُنا
رَهْجُ السَّنابكِ والغبارُ الأطْيبُ
ولقد أتانا مِنْ مَقالِ نبيِّنا
قَوْلٌ صحيحٌ صادقٌ لا يُكْذَبُ
لا يَسْتَوِي وغُبارُ خَيْلِ اللهِ في
أَنْفِ امرئٍ ودُخَانُ نارٍ تَلْهَبُ
هذا كتابُ اللهِ ينطِقُ بَيْنَنا
ليس الشَّهيدُ بميِّتٍ لا يُكْذَبُ
إقرأ أيضا: القمة العربية بين الإيجابية والسلبية