مقالاتمقالات مختارة

كيف نواجه موجات الإلحاد والردة؟

كيف نواجه موجات الإلحاد والردة؟

بقلم شريف محمد جابر

إذا أردنا مواجهة موجات الإلحاد والردّة عن الدين في عصرنا هذا فعلينا أن نعترف أولا وقبل كل شيء بقصور مناهجنا في تعليم هذا الدين للأجيال، وأن نبدأ الآن دون تأجيل بالتطرق للمساحات التي بقيت الأجيال مغيّبة عنها في الغالب الأعم.

لقد علمنا الأجيال “أحكام الصلاة”، أي الشكل الظاهري الذي ينبغي أن تبدو عليه الصلاة، وقليلا ما تطرقنا إلى مقاصد الصلاة ومعنى كل حركة وتسبيحة وذكر فيها، وارتباطها بطبيعة الإنسان ودورها في علاقته بالله وبالدنيا. كذلك الأمر مع الصيام والحج والزكاة وغيرها من أسس الدين.

كل موضوع رئيسي من موضوعات الدين نحتاج فيه أن نُفرد مساحة للفهم والتفكير في المقاصد وارتباط هذا الموضوع بسائر أجزاء الدين.

نحتاج أن نُفرد مساحات لفهم آيات القرآن وتدبّرها لا الاقتصار على التجويد والحفظ فحسب.

نحتاج أن نفرد مساحات لفقه التوحيد وأسماء الله وصفاته وأفعاله وعلاقته بقلوبنا وسلوكنا والأثر الواقعي المرجوّ من دراسة مسائل التوحيد والإيمان، إلى جانب الإجابات التي يقدّمها القرآن للأسئلة الكبرى حول الإنسان والوجود والحياة، وذلك على حساب مساحات هائلة بذلناها في مسائل كلامية جدلية غير مرتبطة بالواقع ولا تقدم ولا تؤخر.

نحتاج أن نفرد مساحات لفهم محكمات الشريعة كمنظومة متكاملة مرتبطة ببعضها البعض وتتسق مع فطرة الإنسان وتسعى إلى تهذيبه مع النظر إلى حكمة الله الكامنة فيها، أكثر من تفرّعنا في دقائق الفقه والخلافات الفقهية في المسائل الظاهرة.

نحتاج إلى خطاب يعلّم الأجيال طبيعة السنّة النبوية ومكانتها من الدين وارتباطها الوثيق بكتاب الله والمجال الذي ترسمه من معالم هذا الدين، لا الاكتفاء بالدراسة الذرية لكتب الحديث ومصطلحه وكتب الرجال، بل الرؤية الكلية أولا وقبل كل شيء.

إنّ هذه الجهود كفيلة ببناء شخصيات مسلمة سوية، تفهم الإسلام ككل وكمنظومة متكاملة، ترى في كل جانب فيها لبنة مستقرّة لها وظيفتها الحيوية الفعّالة ودورها في تحصيل سعادة الدنيا والآخرة. هذا الفهم سيكون أكثر استعصاء على الشبهات والغواية، في مقابل الفهم الذرّي المتناثر لموضوعات الدين، والذي يسهل اقتحام أصحابه بأتفه الشبهات وأكثرها سطحية!

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى