بقلم الشيخ سلطان بن عبدالله العمري
في مسيرتك العلمية وأثناء ممارستك للقراءة فإنه لا بد أن تمر بك بعض الفوائد والفرائد العلمية التي هي كنوز ودرر لمن يقدر الأمور قدرها، ولكن الملاحظ أن هناك زهد منقطع النظير عن تدوين الفوائد، ويرجع هذا إلى :
– عدم المعرفة بالطرق الجيدة في التدوين.
– عدم التدريب على فن انتقاء واقتناص الفوائد.
– عدم طرح الموضوع والحديث عنه حتى على مستوى كبار أهل العلم والمتخصصين.
– عدم تربية طلاب العلم على هذا الفن، وهذا ناتج من خلل عند المشرفين والمربين عندهم.
– ضعف الهمة.
– عدم القناعة بضرورة كتابة الفوائد.
وهنا سأضع لك بعض التجارب في كيفية الكتابة والانتقاء والتدوين:
– قبل قراءتك لكتابك المقصود لا بد من تحديد مشاريع تريدها من خلال تدوينك الفوائد ، مثال: تريد القراءة في كتاب ” الجواب الكافي ” فهنا لا بد من استعراض الكتاب كاملاً بنظرة سريعة ليكون بعدها تحديد المشاريع ويمكن أن تكون المشاريع من ” الجواب الكافي ” ما يلي :
– ذكر آداب الدعاء باختصار .
– ذكر القصص المعبرة.
– ذكر عواقب الذنوب إجمالاً.
– تدوين الكلمات ذات الدلالة القوية من الكتاب بشرط أن تكون نحو سطر أو أقل.
– خطر العشق من خلال القصص الواردة.
* لا بد أن أنبه أن كتابة الفوائد يمكن أن تكون مباشرة عند قراءة الفائدة ويمكن أن تؤخرها حتى تنتهي من الكتاب كاملاً ثم تعود إلى عناوين الفوائد التي تريد كتابتها.
– هناك فرق بين تدوين الفوائد وبين اختصار الكتاب والكلام هنا عن تدوين الفوائد.
– بعض طلاب العلم يكتب الفوائد على غلاف الكتاب ويكتفي بذلك، وفي نظري أن هذا لا يكفي، بل لا بد بعد ذلك من نقلها لدفتر خاص.
– وبعد نقلها لدفتر خاص تبدأ في فرزها ” العقدية – الفقهية – الحديثية – اللغوية – الأدبية – القصص.. ” ويكون هذا الدفتر كبيراً وتكون الصفحات مناسبة للتقسيم حتى تضم الفوائد على مدار سنة كاملة في هذا الدفتر وحسب العنوان المناسب لها.
وكلما انتهيت من كتاب تبدأ بجمع الفوائد الموجودة فيه في الدفتر المخصص لها، وإذا كان هناك تشابه في الفوائد فإنك تضم النضير إلى النضير، مثال: من فوائد قراءتك في فتح المجيد ” بيان شروط الرقية الشرعية ” ص: 177 .
ولما قرأت كتاب ” فتاوى ابن باز ” وجدت الفوائد نفسها، فهنا تكتب بجانب (ص 177) وانظر فتاوى ابن باز ( 1/ 145) وهكذا تجمع كل فائدة بجانب الأخرى حتى يأتي الوقت الذي تجد في بعض الفوائد ( 10 ) مراجع أخرى، وهذا يفيدك في البحوث القادمة.
مثال آخر: لو عندك بحث عن الرقية فحينها تجد في عناصر البحث ” شروط الرقية ” وإذا بدأت في الكتابة فسوف تراجع دفتر الفوائد حول هذا نحو ( 8 ) مراجع أو أكثر، وفائدة ذلك: تقوية مادة البحث، ثقة القارئ بجودة البحث، معرفة كاتب البحث بأنه صاحب اطلاع واسع حيث أجاد البحث وأفاد في زيادة مراجع كل مسألة.
* مشروع آخر: قراءة كتاب ” زاد المعاد ” فإن الفوائد منه تكون كالتالي:
– الإجماع الذي نقله ابن القيم.
– الفوائد الفقهية باختصار .
– الأبيات النافعة.
– الأحاديث التي ضعفها ابن القيم.
– الفوائد اللغوية.
– الفوائد العقدية.
– الفوائد التربوية الإيمانية.
وقد تستغرق القراءة والتدوين نحو ثلاثة أشهر ولكنك ستخرج لنا كنوزاً عظيمة.
* قد تطرأ عليك فوائد أخرى أثناء قراءة الكتاب فهنا يجب أن لا تهملها بل سارع في تنفيذها وترتيبها واختيار العنوان العام التي تندرج تحته.
أقترح بأن تسارع في طباعة الفوائد التي في دفترك الخاص وذلك لتكون عندك في جهاز الكمبيوتر ولكي يسهل عليك التعديل والإضافة كلما جدّ لك أمر أو وردت إليك فائدة.
والطباعة إما أن تتولاها بنفسك أو تستخدم أحد العمال في المكتبات المتخصصة في ذلك، وقد يكون الثمن باهظاً نوعاً ما، ولكن هكذا العلم لا بد فيه من البذل والتضحية.
– قد تجد من يقلل في العناية بتدوين الفوائد أو لا يهتم بترتيبها نظراً لتزاحم الأعمال لديه، فهنا يجب أن لا تلتفت إليه وتميّز أنت بدقة التنظيم والترتيب وستجد أن ذلك الرجل يتمنى لو كان لديه من الوقت ما يكفي ليسير على حذو مسيرتك في الكتابة وجودة الترتيب.
– لا بد من تنويع المواد المقروءة لتتنوع الفوائد المستنبطة وليكون لديك اطلاع واسع في سائر العلوم، وهذا له أثره الواضح في الملكة العلمية وقوة التأصيل والإبداع العلمي.
– مراجعة الفوائد بين حين وآخر مطلب مهم لتثبت المعلومات ولتعرف مراجع الفوائد لتقوى على العزو الصحيح للقائل أو للكتاب أو للمسألة , ونحن في زمن ندر فيه من يعزو بثقة لضعف التدوين أو ضعف الذاكرة.
* أوصي كل من لديه دروس في المساجد أو عنده طلاب يتتلمذون على يديه أن يعتني بتدريبهم على كتابة الفوائد ويختبرهم في الإبداع في التدوين وسيكون لذلك أثر كبير في النضج العلمي، ومن جرب عرف.