مقالاتمقالات مختارة

كيف انتصرت غزة في معركة الإعلام؟

كيف انتصرت غزة في معركة الإعلام؟

بقلم همام حامد حمدان

يعتبر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والممتد لأكثر من سبعة عقود من الزمن هو صراع استراتيجي، تستخدم فيه الأطراف كل القدرات القتالية والتكتيكية المختلفة والمتنوعة، ويحرص كل منها على تحقيق الإنجاز على حساب الآخر متمثلاً في الانتصار عليه ونزع الهيبة والثقة منه، بكافة الوسائل المتاحة له والتي يخضعها كل مرة للتطوير والتجديد، لا تقف مجريات هذا الصراع على القدرات العسكرية والأمنية والاستخباراتية المختلفة فقط، فهي تتجاوز هذا كله وصولاً للحرب الإعلامية ومعركة الصورة، التي تفضح بكل قوة كافة الإجراءات التي تجسد المعركة بكافة تفاصيلها.

مرة أخرى تقفز عزة قفزة نوعية تسجل في تاريخ ناصع بالتضحيات والإنجازات المشرفة لهذه القضية، تنتصر غزة على نفسها وعلى سجانها وتفرض واقعاً جديداً لها وتلزم الكل بالتعامل معها من خلال هذا الواقع الذي تفرضه وبقوة، وتحرص على تمرير ما تريده في إطار منظومة محكمة وشاملة لكل مجريات الصراع فهي التي لا تزيد مساحتها عن 360 كم مربع، تلك البقعة التي أزعجت محتل تهابه أنظمة وجيوش كبيرة، غزة التي تحرص دائماً لأن تكون المنتصر والقوي رغم ضعفها هي السجان رغم سجنها، غزة التي تفرض الحياة على نفسها رغم ما يريد لها عدوها من الموت والفناء فهي في كل جولة تدخل إلى منظومة الصراع المشتعل مع هذا العدو المتغطرس أدوات جديدة تكشف زيف حقائق يسوقها للعالم ولشعبه المضلل.

معركة الصورة:

حرصت المقاومة الفلسطينية، وفي هذه الجولة من جولات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على إفراد مساحة كبيرة للصورة وحاولت تقديمها في بعض الأوقات على الصاروخ لما لهذه الصورة من مدى تأثير كبير يتجاوز طبيعة الصراع حيث كان هذا الأمر واضحاً من خلال:

– الدقة والجودة العالية في عملية تصوير العمليات العسكرية والتي أظهرت العملية بكل تفاصيلها، وفي نفس الوقت الراحة والاطمئنان التي يتمتع بها هذا المصور.

– كانت المقاومة موقفة في اختيار الزاوية التي تم التقاط المشهد من خلالها حيث أظهرت تفاصيل العمليات بشكل واضح الامر الذي يترتب عليه توضيح حجم الخسائر وطبيعتها.

– التوقيت الذي قامت المقاومة بنشر هذه المواد المصورة فيه ولما له من دلالة على إدارة المعركة إعلاميا واستخباراتيا وأمنيا والمعرفة المطلقة لدي المقاومة لمدى التأثير لهذه المشاهد.

– نوعية المواد التي تم نشرها مقارنة بطبيعة المجريات على الساحة الميدانية كونها تفرض واقع جديد مرتبط بالحدود بالدرجة الأولى والحديث هنا عن عملية العلم واستهداف الباص.

– مكونات المشهد حيث أوضحت المشاهد التي نشرت أن المقاومة تستهدف الجنود المدججين بالسلاح والذين يشكلون خطراً واضحاً وليس المدنيين.

مع كل ما سبق وبعد الملاحظة يتضح مدى الأهمية التي توليها المقاومة للإعلام ومدى التطور الإعلامي لديها.

الإعلام الفلسطيني دائما هو المستهدف:

يعتبر الإعلامي أو المؤسسة الصحفية أحد أهم الأهداف العسكرية التي يحرص الاحتلال الإسرائيلي على استهدافها، كيف لا وهو يقوم بقنص الصحفيين في مسيرات شعبية سلمية خرجت تطالب بحق العودة ويرتقى منهم الشهداء والجرحى، ياسر وأحمد نموذجاً.

يعمل الاحتلال في كل مرة يشن فيها عدواناً جديدا على قطاع غزة على طمس الحقيقة من خلال استهدفها، والمتمثلة في الاعلام، فضائية الأقصى صاحبة الحظ الاوفر من هذا الاستهداف حيث يستهدفها للمرة الرابعة وهذا دليلاً واضحاً على خشيته من استمرار عمل هذا المؤسسة الإعلامية، إضافة لغيرها من المؤسسات والتي تساهم في كشف فضائحه وتجاوزاته الأخلاقية والإنسانية تجاه المواطنين.

تحرص المقاومة في كل جولة من جولات الصراع مع المحتل الإسرائيلي، على تقديم نماذج جديدة تظهر التطور المتلاحق في قدراتها، ولعل الجولة الأخيرة شهدت بعض التطورات من أهمها الإعلان عن الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية والتي جمعت بين ثناياها أكثر من 13 فصيلاً فلسطينياً كان قرارهم موحد، وهو ما ساهم وبقوة في فرض واقع إعلامي جديد ورسالة إعلامية قوية يرسلها الملثم ومن خلفه مجموعة من المجاهدين تمثل المقاومة الفلسطينية بكافة أطيافها وانتماءاتها.

تنتصر غزة كما كل مرة ويرحل سجانوها ومحاصروها يرحل ليبرمان كغيره من قادة الاحتلال وتبقى نواضح غزة تحميها الرجال، وعيون الأطفال التي تشخص للحرية يوماً ما ودموع أم ثكلى فقدت مهجة قلبها طباً للحرية والتحرير، إنها غزة التي ناطح الكف المخرز وانتصر عليه إنها الصمود والإرادة والعزيمة، إنها الرجل التي بترت أقدامه ومازال يقاوم والمسعف الذي انتظر من يسعفه، والصحفي الذي لطالما حلم بمن ينشر صورته شهيداً، إنها غزة تبقى ويرحل الغادرون.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى