في مقال له تحت عنوان: “أثر الفقه الإسلامي في تطوير القانون الفرنسي”، بصحيفة “مكة” حذر الكاتب عبدالله العنزي من الانجراف وراء الدعوات الخبيثة التي تتناقلها بعض وسائل الإعلام، بشأن إلصاق العديد من تهم التطرف والجمود والتخلف بالفقه الإسلامي، مشيرًا إلى أن الفقه كان دوما منارة اهتدى بها العالم أجمع ولا يزال.
وأضاف العنزي في مقاله أن الفقه الإسلامي كان له دور بارز في المجتمعات الإسلامية من خلال مراعاة ظروف وأحوال الناس وأعرافهم وتنظيم علاقاتهم الأسرية والمالية والتجارية، وتحديد الزواجر التي تصون المجتمع والأفراد من الاعتداء والجريمة إلى غيرها مما تستقيم به حياة المجتمع البشري، وهو ما ساهم في بزوغ فجر الحضارة الإسلامية في وقت لا يساوي في حساب الزمن لحظات.
الكاتب أشار أيضًا إلى أن دور الفقه الإسلامي التنموي المجتمعي لم يقتصر فقط على المجتمعات الإسلامية، فكثير من مجتمعات الغرب استفادت منه بصورة كبيرة، كما هو معروف في القانون الفرنسي أن مبادئه أخذت من مذهب الإمام مالك – رحمه الله- وليس من القانون الروماني كما يظن البعض! وهذا ما ذكره فقهاء الشريعة في كتبهم ودراساتهم مثل كتاب «المقارنات التشريعية بين القوانين الوضعية المدنية والتشريع الإسلامي مقارنة بين فقه القانون الفرنسي ومذهب الإمام مالك»، وأيضا كتاب «المقارنات التشريعية تطبيق القانون المدني والجنائي على مذهب الإمام مالك».
الشهادة بشأن تأثر الدول غير المسلمة بالفقه الإسلامي في إرساء منظوماتها القانونية الوضعية، لم يقتصر على علماء الأمة ومؤرخيها فحسب بل هنالك من المستشرقين الفرنسيين من شهدوا بذلك مثل سوديو، كما نقل في مذكراته يقول: «إن الحكومة الفرنسية أمرت بترجمة فقه الإمام مالك، للاستفادة منه في تطوير القانون المدني»، وأيضا يقول سانتيلانا معجبا بالفقه الإسلامي: «من الأمور الإيجابية التي اكتسبناها من التشريع الإسلامي هذه الأنظمة القانونية»، إضافة إلى أن محكمة العدل الدولية تشيد باستمرار بأحكام الشريعة الإسلامية، أنها أحد الأنظمة القانونية الراقية في العالم، وهنالك حقيقة تاريخية إبان الاحتلال الفرنسي لمصر، حيث ترجم الفرنسيون كتاب «مختصر خليل» للعلامة خليل بن إسحاق، حينما وضع نابليون قانونا لفرنسا قاصدين تطوير قواعد القانون.
وهكذا يُلاحظ أنَّ الفقه الإسلامي كان له دورٌ محوريٌّ في نهضة الأمم والشعوب، الإسلامية منها وغير الإسلامية، وأن ما يقال بشأن جموده ورجعيته لا يعدو كونه جزءًا من مخطط استهداف الإسلام وتشويه صورته، وهو ما يجب أن ينتبه إلىه المسلمون جيدًا.
(المصدر: الملتقى الفقهي)