مقالاتمقالات المنتدى

قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ

قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ

 

بقلم د. عمر عبدالله (خاص بالمنتدى)

 

رغم أن هذا النص قصير من حيث المبنى اللغوى، ومن حيث عدد الكلمات، لكنه يحمل طمأنينة عالية، وسكينة قوية رغم تاريخ البعد الزمني لحدوث الموقف الذي جاء فيه هذا النص.. فأصحاب الرسالات دوما، يختلفون عن عوام الناس، وعليهم دور أكثر أهمية وصعوبة من الدور الملقىٰ على عاتق عوام الناس، أو حتى الذين اتبعوهم في رسالتهم.. في تلك الحادثة، كل الدلائل المنطقية والبشرية المحدودة، توحي أن موسى عليه السلام والذين آمنوا معه، هم في قبضة فرعون وحاشيته، ونهايتهم هي القتل، أو السجن على أحسن تعديل.. وحينما تراءا الجمعان، أي موسى عليه السلام وأصحابه من ناحية، وفرعون وجنوده المدججين بالموت من ناحية أخرى، حينها دخل الخوف إلى قلوب الذين آمنوا بموسى، فكان لسانهم يصرخ في وجه موسى عليه السلام، بنوع من الغِلظة والحَنَق، إنا لمدركون، وهذا بالمنطق البشري المحدود..
لكن الذي اختار أن يحمل تبعات الدعوة إلى الله، كان على يقين بأن الله سبحانه، الذي قال له في أول الأمر، إني معكما أسمع وأرى، لن يتركه وخاصة في اللحظات المفصلية في تاريخ الدعوة إلى الله سبحانه..
فكان رده عليه السلام، مبدداً حالة الخوف والقلق التي انتابتهم، حينما أصبح فرعون وقتلته، أمام أعينهم.. ” كلا”.. ليس الأمر كما تتصورون، وأن الله الذي أمرني بحمل هذه الرسالة في وجه الطغاة، لن يتركني في هذه اللحظات، وهو سبحانه بمعيّته التي وعدني بها، سيهديني إلى أفضل الطرق التي تكفل لنا النجاة من ناحية، والفوز والنصر من ناحية أخرى..
لنا أن نتخيل ذلك المشهد، البحر بطبيعته أمامهم، والقتلة يتزعمهم فرعون خلفهم، وليس لديهم أي مقوّم من مقومات النجاة..
ولكن يقين حسن الظن بالله، كسر حالة الخوف والرعب هذه، ونثر في الأجواء حالة من الطمأنينة.. لا تقلقوا إن ” معي ربي سيهدين “..
ومن باب التشابه في المشهد، كل فراعنة الأرض، يطاردون غزة وأهلها.. وأهل غزة الصابرين الثابتين، أمامهم البحر، والموت في كل اتجاه.. فيخرج المجاهد يملأ أركان الوطن بالطمأنينة، إن معنا ربنا، سيهدينا خير السبل، وخير الأعمال والأدوات، لمواصلة مسيرة الجهاد ونصرة دين الله..
إن معنا ربنا سيهدينا.. مهما كان حجم الخذلان كبيراً..
إن معنا ربنا سيهدينا.. مهما كانت قوة الفراعنة الجدد..
إن معنا ربنا سيهدينا.. مهما كان حجم الألم قاسياً والتضحية كبيرة..
إن معنا ربنا سيهدينا.. ويملأ قلوبنا ثباتاً وطمأنينة، تعيننا على مواصلة الجهاد والمقاومة..
وهذا وعد الله للأنبياء، ولكل الذين ساروا على ذات الطريق.. ذات الشوكة.. أن الله تعالى، لن يتخلى عنهم، ولن يتركهم وحدهم، يصارعون الموت، ويواجهون القتلة المدججين بكل أدوات الرعب والقتل والإبادة.. بل سيكون سبحانه حاضراً بمعيته معهم..
اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح معيّة الله تظلل المجاهدين.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله ✌️✌️

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى