قضايا المرأة المسلمة المعاصرة وقراءة لسيرة فاطمة (2من2)
الكتاب: “كوني فاطمة الزهراء”
الكاتبة: أميرة إبراهيم
صادر عن دار نشر بيان- ٢٠٢٠
عدد صفحات الكتاب: ١٠٨صفحات
يواصل الإعلامي المصري مهند العربي في الجزء الثاني والأخير من عرضه لكتاب “كوني فاطمة الزهراء”، الخاص بـ “عربي21”، للكاتبة أميرة إبراهيم، العرض لمكانة المرأة في المجتمع من وجهة نظر إسلامية، من خلال قراءة في سيرة فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، باعتبارها النموذج الأقرب لشرح تعامل النبي مع المرأة بشكل عام.
فاطمة الزهراء أمُّ أبيها
تتناول الكاتبة أميرة إبراهيم في النصف الثاني من كتابها “كوني فاطمة الزهراء”، حياة السيدة فاطمة الزهراء بتفاصيلها باعتبارها النموذج الذي يجب أن تقتدي به الفتاة المسلمة المعاصرة وباعتبارها نبراسا يضيء لها طريقها ويمكنها من مواجهة الهجمة الشرسة على دينها وحجابها بل وهويتها الإسلامية.
وفي النصف الثاني تتناول الكاتبة النموذج الذي تريد أن تسقط من خلاله على حياة المرأة المسلمة المعاصرة باعتباره النموذج والقدوة، وهي حياة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها من خلال عدة فصول في هذا السياق بعناوين مختلفة، بداية من الميلاد مرورا بحياتها الزوجية وعلاقتها بأبيها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وانتهاء بوفاتها.
وفي هذا السياق تقول الكاتبة مخاطبة الفتاة المسلمة: “بعد أن قمنا باستعراض ما يحاك من أجل تدمير الأسرة المسلمة من خلال استخدام وزعزعة استقرارهم النفسي تعالوا بنا نثقف أنفسنا الثقافة الإسلامية الحقة، نتعلم من قدوتنا، ومن خير منها، إنها فاطمة الزهراء ابنة خير البشر”.
الكتاب في مجمله، هو عبارة عن مناقشة هادئة لمكانة المرأة في المجتمع من وجهة نظر إسلامية. وقد استندت الكاتبة في توضيح هذه الرؤية ليس فقط إلى التحديات التي تواجهها المرأة المسلمة المعاصرة، وهو ما كان مدار حديثها في القسم الأول من الكتاب، أو من خلال نموذج عملي يشرح وجهة النظر الإسلامية تجاه المرأة من خلال سيرة نبي الإسلام
واستعرض الكتاب حياة السيدة فاطمة الزهراء بداية بميلادها وكيف كان بشارة سلام وأمن لقريش، وهو اليوم الذي ارتضت فيه قريش أن يكون أبوها حكما بينها في أمر الحجر الأسود وحسم الشقاق بين قريش، لمشورته المعروفة في هذا الأمر متناولا ثناء أبيها عليها وبشارة جبريل له بها، وأن نسله سيكون منها، ثم تنتقل الكاتبة إلى حياة الزهراء، حيث نشأتها بين أبوين من أشرف ما عرف التاريخ، حيث نشأت في بيت النبوة والوحي.
ثم تنتقل الكاتبة إلى صفات وألقاب السيدة فاطمة الزهراء، فقد عرفت بهذا اللقب وهو الزهراء لأنها كانت بيضاء مشربة بالحمرة، كما أنها مشرقة الوجه، كما أنها لقبت بالبتول لأنها كانت تنقطع للعبادة وكذلك أم أبيها لشدة اهتمامها ورعايتها لأبيها الحوراء الأنسية وأسماء أخرى مثل الصديقة والمباركة والظاهرة والمنصورة وأم الأئمة.
أما عن صفاتها فقد وصفت بصدق اللهجة وسيدة نساء العالمين وأهل الكساء ورفيقة أبيها، وكذلك من صفاتها الوقار والتواضع والحياء الشديد، كما أنها كانت تتميز بالقناعة والرضا وفصاحة اللسان والبلاغة والقدرة على رواية الأحاديث.
وكانت تتمتع بعلاقة طيبة مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وتبادلهن حبا بحب وكن يستعين بها في بعض أمورهن.
ويتطرق الكتاب إلى المواقف الصعبة التي تعرضت لها رضي الله عنها منها دفاعها عن أبيها يوم أحد وتضميد جراحه، وإماطة الأذى عنه في مكة، ومنها واقعة الجزور الذي ألقي عليه ووقوفها بجانبه عقب وفاة والدتها، وكذلك في حصار شعب أبي طالب، كما تبعت أبيها في الهجرة إلى المدينة وعمرها ٨ سنوات وغيرها من المواقف الأخرى التي واجهتها بكل شجاعة ورباطة جأش.
أفضل نساء الأرض
وقد أكدت الكاتبة على مكانتها الرفيعة من خلال فصل خاص بهذا المعنى، حيث أشارت هنا إلى تلك المكانة التي كانت تتميز بها عند أبيها، فقد عدها أفضل نساء الارض وشهدت معه الكثير من مشاهد النبوة والوحي على مدار ربع قرن، وكان لها من البلاء والتضحية ما لها وتعد من النساء الفصيحات اللاتي عرفت بالألاف والفصاحة.
كما روت الكثير من الأحاديث وكانت ملمة بعلوم القرآن وأحاطت بأمور الشرائع السابقة، وسجلت عناوين مهمة وآفاقا جديدة لدور المرأة المسلمة في مجمل النشاطات الاجتماعية والسياسية والحربية وغيرها .
وأفردت الكاتبة فصلا عن زواجها تحت عنوان “قصة الخطبة والزواج” تناولت فيه قصة زواجها من على ابن أبي طالب، وذلك في السنة الثانية من الهجرة النبوية وكان بعد غزوة بدر بقليل، حيث استشارها النبي الكريم في زواجها، كما فعل مع كل بناته وكانت في سن الـ ١٨عاما ويكبرها علي ببضعة سنوات.
وتناولت الكاتبة قصة تقدم الإمام على لخطبة فاطمة ومدى تردده نظرا لحالته المالية المتواضعة، حيث كان فقيرا ولكن شجعه الصحابة على التقدم لخطبتها وهو ما فعله وقد قبلته زوجا لها، وكان مهرها ثمن درع له باعه ووضع ثمنه في حجر أبيها، وشهد الصحابة على زواجهما وكان زواجا سهلا وميسرا، وكانت نعم الزوجة لزوجها ما عصت له أمرا ولا خالفته في شيء ولا خرجت دون إذنه وكانت تعينه على طاعة الله وتؤثر على نفسها وتدخل عليه البهجة والسرور ورزقها الله بأقدس الثمار وهم الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وقد أحسنت تربيتهم أحسن ما يكون.
غضب النبي لها
ويتعرض الكتاب هنا لواقعة غضب النبي لها عندما أراد زوجها على أن يتزوجها عليها بابنة هشام بن المغيرة وذهبت إلى أبيها، باكية تشتكي إليه وعلى إثر ذلك رفض أبيها هذا الزواج وقال إن فاطمة بضعة مني يربيني ما رابها.
وتعرض الكاتبة لموقفها من وفاة أبيها صلى الله عليه وسلم وملازمتها له في مرضه، وكيف أنه خصها هي تحديدا ببعض الأسرار دون زوجاته، وبوفاة والدها كابدت ألم الفراق مع أمها وأخواتها الذين تولوا جميعا قبلها.
وحول مطالبتها بميراث أبيها ساق الكتاب هذه الواقعة وكيف أنها تمسكت بذلك ومطالبتها أبي بكر به ورد أبي بكر عليها بأن الأنبياء لا يورثون وما دار بينهما من سجالات ومناقشات علمية وحوار راقٍ، انتهى بحل يرضيها ويحفظ تعاليم الشرع، حيث وهب لها نصيبا من قرية فدك كما كان يفعل النبي وباقي مالها يذهب لبيت مال المسلمين..
وينتهي الكتاب بفصل عن وفاتها ومرضها ولحاقها بوالدها صلى الله عليه وسلم بعد ستة أشهر، حيث كان بشرها بذلك قبيل وفاته وأنها ستكون أول من يلحق به، وهو ما حدث بالفعل وانتقلت إلى الرفيق الأعلى وهي في التاسعة والعشرين من عمرها..
وهكذا يمكن القول بأن الكتاب في مجمله، هو عبارة عن مناقشة هادئة لمكانة المرأة في المجتمع من وجهة نظر إسلامية. وقد استندت الكاتبة في توضيح هذه الرؤية ليس فقط إلى التحديات التي تواجهها المرأة المسلمة المعاصرة، وهو ما كان مدار حديثها في القسم الأول من الكتاب، أو من خلال نموذج عملي يشرح وجهة النظر الإسلامية تجاه المرأة من خلال سيرة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، وتعامله مع المرأة بشكل عام ومع ابنته، ثم من خلال تعامل الصحابة رضوان الله عليهم معها.
(المصدر: عربي21)