قراءة في كتاب “نحو إعادة بناء الدراسات الإسلامية”
قراءة توفيق المديني
الإسلام العربي لم يكن مجرد دين بالنسبة للعرب، لأن النبي محمد بذل جهداً مستمراً في اضطلاعه ببلورة نظرية لتفسير نصوص الوحي، دامجاً بذلك بين عملية الوحي بإطلاقيتها وعملية التفسير بتاريخيتها داخل عملية واحدة، تجمع بين الإلهي والإنساني في ثنائية تطابقية بين المطلق والنسبي، الكلي والجزئي، اللامتناهي والمتناهي، المفهوم والتعين.
ما يميز تجربة العرب مع الإسلام ارتباطه بالضرورة بالتاريخ والسياسة.. من هنا يتبدى الإسلام على أنه دلالة الزمان والحياة، أي دين ودنيا، من خلال هذا الاتحاد بين الوحي (المعنى) والواقع التاريخي.
وتجربة العرب مع الإسلام ليست أبداً تجربة أوروبا مع المسيحية ولا الهند مع البوذية، ولا نريد بأن نوحي بذلك، كما سيتبادر إلى ذهن البعض الحريص على المقارنة والمماثلة، أن المجتمع العربي لم يقم بثورة فكرية وعلمية (وهذا أمر واقع وإن كان لا يستدعي في الواقع البكاء) ولكن الأكثر من ذلك، وبشكل رئيسي، إن تاريخ هذا الدين بالنسبة للمجتمع العربي لم يكن تاريخ الدين المسيحي بالنسبة للغرب.
يُعّدُّ هذا الكتاب حصيلة نقاشات المؤتمر الأكاديمي الذي عقد في الجامعة الأمريكية ببيروت في أيار (مايو) 2018، وحضره أساتذة وباحثون من الشرق والغرب في العلوم الإسلامية، ودارت خلاله نقاشات غنية تناولت بشكل رئيس أربعة موضوعات: إجراء مراجعات شاملة للتخصص خلال العقود الأربعة الماضية، ومناقشة الأوضاع الحالية للتخصص في شتى مجالاته، ودراسة إمكانيات التطوير والتغيير من خلال علائق جديدة بالدراسات التاريخية والسوسيولوجية والفلسفة، وتقييم التوجهات الجديدة في مسائل نقد النص، والقراءة الجديدة للحضارة الإسلامية، والتيارات الإسلامية المعاصرة.
وكان المقصود أن تجتمع هذه النخبة الفكرية الأكاديمية، والتي تتوزع في أقسام الدراسات الإسلامية وكلّياتها بالجامعات الغربية والعربية والإسلامية، ليكون التأمل إيذانًا بالخروج من التأزم، وجُهْدًا مُقَدَّرًا في تجديد دراسات الإسلام.
وينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة عشر فصلاً موزّعة على ثلاثة أبواب.
منذ السبعبنيات من القرن العشرين، وبسبب الثورات في العلوم التاريخية والاجتماعية، وعلوم نقد النص، عانت الدراسات الإسلامية من ضياع الهوية، ومن انقسام بين الدارسين تفرّع على نقد الاستشراق باعتباره خطابًا استعماريًا من جهة، واعتيار هذا التخصص من قبل مثيرا من المشارقة علمًا دينيًا هَمُّهُ معالجة تطبيق قضايا الشريعة وعلاقة الدين بالدولة من جهة أخرى. ولذلك فإِنَّ بعض المحاضرين في المؤتمر قاموا بمراجعات لتأثير تلك التوجهات الأيديولوجية على التخصص، بما في ذلك النظر في مسالك الخروج من الإيديولوجيا، واستعادة الأكاديميا.
أما في الجانب الثاني ـ جانب الأوضاع الحالية للتخصص ـ فقد قدّم الدارسون عروضًا للوجوه الجديدة للقراءة في شتى الفروع من التفسير وعلوم القرآن، وإلى الحديث وعلومه، والفقه وأصوله، وعلوم الكلام والفلسفة، والظواهر المعاصرة.
التجديد في العلوم الشرعية
في الباب الأول، يتضمن الكتاب “مراجعات نقدية” للدكتور رضوان السيد لحقل الدراسات الإسلامية غربيًا وعربيًا، فيقول: “أول فهمٍ للإسلام اعتبر فهمًا علميًا هو الذي قدمه أبراهام غايغر (Abraham Geiger ) في أطروحة عام 1834، وقد أسس غايغر فهمه هذا على ثلاثة أمور كلّها فيلولوجية إذا صحَّ التعبير: القصص القرآني أو قصص الأنبياء والشخصيات الأخرى، والذي اعتبره توراتيًا كلّه، والموضوعات المتعلقة بالأفكار والعقائد مثل الوحدانية واليوم الآخر وعلاقة الله بالإنسان، والوصف المشهدي لكل المسائل.. وهذا الأمر ـ أي العلاقة التبعية للقرآن بالعهد القديم والدثائر اليهودية ـ هو الذي ساد في الدراسات كلّها حول القرآن في القرن التاسع عشر ومطلع القرن القرن العشرين” (ص13 من الكتاب).
في هذا الباب يقدم الدكتور رضوان السيد العديد من الفيلولوجيين العظماء في العالم المهتمين بالدراسات الإسلامية، فالقراءات الفيلولوجية كانت هي الطريقة او المنهج في دراسات العهدين أيضًا. والقراءات الفيلولوجية الدقيقة والنقدية لنصوص العهدين من جانب الدارسين الليبراليين من اليهود والمسيحيين هي التي قادت إلى تفكيك النصّين أو النصوص. والقراءات هذه هي التي أدت أيضًا إلى إدخال التاريخ على الفيلولوجيا، بحيث ما عاد التاريخ تاريخًا لمفردات النصّين أو النصوص، بل صار تاريخًا لبني إسرائيل وحركتهم في بلاد ما بين النهرين وفلسطين ومصر، وللجماعات المسيحية الأولى التي ظهرت في أوساطها الأناجيل، كما ظهرت مختلف أسفار العهد القديم خلال قرون عدّة من حياة تلك الجماعة من الأسباط المتنقلة بالمشرق.
يقول الدكتور رضوان السيد: “لقد تأخّر دخول التاريخ على الدراسات القرآنية. وكان من بين أسباب ذلك تلك التبعية المطلقة لعلائق النصّ القرآني وللنبيَ لليهودية والمسيحية من خلال ئلك التأمّل المستديم لعلائق النصّ القرآني بالنصوص الدينية السابقة عليه. نحن نعرف اليوم، رغم تخّرصات المراجعين الجدد أنّهُ لا علاقة لشخصية موسى القرآنية، بشخصية النبيّ محمد التي تعرضها السيرة.لكنَّ هذا الإبستمي كان مسيطرًا وما استطاع أحدٌ الخروج عليه.
لكنْ كانت للفيلولوجيا – علم اللغة – في دراسات القرآن والإسلام والعربية فائدةٌ أخرى غير التدقيق في الأصول اللغوية والعقدية للنصّ القرآني. فقد أقبل المستشرقون الكبار والصغار على نشر مئات المخطوطات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وبخاصة في كتب اللغة والمعاجم، وكتب التاريخ. ومرّةً أُخرى كان ذلك غريبًا على المنهج التاريخاني في دراسة تاريخ حضارتي أوروبا السابقتين: اليونانية والرومانية. وصحيح أنَّ الحضارتين الكلاسيكيتين البارزتين اعتبرهما الأوروبيون سلفهم الحضاري الضروري في عمليات تشكيل الهوِيَّةِ، وما كان القرآن ولا كان الإسلام يحتلان هذه المقولة. لكن في أواخر القرن التاسع عشر، كانت أُلوف المخطوطات العربية قد جُلِبَتْ إلى المكتبات الأوروبية. ولذلك، مثلما فعلوا مع النصوص الكلاسيكية للحضارتين، أقبلوا على التعرّف على الحضارات الشرقية، ومنها الحضارة العربية الإسلامية من خلال نصوصها الكثيرة جدًّا مقارنة بعدد النصوص القديمة الباقية من تينك الحضارتين”(ص 16 من الكتاب).
شكَّلَ مؤتمر المستشرقين عام 1895 فرصة أولى ومهمة للتواصل بين المستشرقين الأوروبيين وذوي الثقافة والتوجهات النهضوية من العرب والمسلمين الآخرين. فقد ألقى أحمد شوقي الشاعر المصري الشهير قصيدةً عن مسار الحضارة الإسلامية، و التجربة الأندلسية، وتحدث آخرون عن إنجازات الحضارة، وعن فوائد التواصل بين الغرب والشرق. ومن الملاحظ أنّ معظم المشاركين في ذلك المؤتمر من المستشرقين الأوروبيين ما لبثوا خلال العقود الثلاثة اللاحقة أن قدموا على الهند ومصر والعراق وسوريا، ودخلوا في مشروعاتٍ مشتركةٍ في تلك البلدان. وتميّزت مصر في قدومهم واستقدامهم، لأنها كانت تمتلك مؤسسات ملائمة قائمة.
وفي أجواء هذا التفاعل بين الغرب والشرق، أقبل المصريون والعرب الآخروت، والهنود، على اجتراح مشروعات نشرية وحضارية وثقافية من وحي الفيلولوجيات والنهضويات وإنسانيات الأوروبية. فمنذ أواخر القرن التاسع عشر ظهرت معاجم ودوائر معارف، وكتب قاسم أمين في تحرير المرأة، وكتب آخرين في النهضة الدستورية، وكتب عبد الرحمن الكواكبي الحلبي ضد الاستبداد بعد مجيئه إلى القاهرة. وكتب جورجي زيدان عام 1913 في تاريخ المدينة الإسلامية، وفي تاريخ الآداب العربية. وكتب مصطفى صادق الرافعي في أدب العرب، وإعجاز القرآن، وعلي عبد الرازق عن الإسلام وأصول الحكم، ومحمد كُرْد علي الشامي عن الإسلام والحضارة العربية.
واتّفق طه حسين وعبد الحميد العبادي وأحمد أمين على الكتابة في تاريخ الحضارة الإسلامية، فكتب أحمد أمين عن الحياة العقلية والفكرية، وطه حسين عن الحياة الأدبية، والعبادي في التاريخ السياسي. وقد نفَّذ أحمد أمين ما جرى الاتفاق عليه في كتبه الثلاثة: فجر الإسلام، وضحى الإسلام، وظُهْر الإسلام.
لكن في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، حصلت انكسارات في المشروع النهضوي العربي المتأثر بالحداثة الأوروبية بكل منطوياتها الفكرية والفلسفية والثقافية، أحدثتها شكوك المثقفين العرب والمسلمين وانتقاداتهم، وكانوا قد رفعوا رايات النهوض الثقافي الوطني والقومي على النهج الغربي الذي عرفوه من المستشرقين والنهضويين الآخرين. فقد شاعت أطروحات الخصوصيات والذاتيات وأمثولات البطولات الإسلامية والشرقية، في مثل العبقريات لعبّاس محمود العقّاد، وإسلاميات طه حسين، ومسرحية (محمَّد) لتوفيق الحكيم. ثم مضت تلك التوجّهات باتّجاه أطروحة الأصالة والإبداع لمواجهة مقولة الانحطاط الإسلامي بعدما فارق المثقفون المسلمون القدامى كلاسيكيات الحضارة الإغريقية.
في ختام هذا الباب الأول، يقول الدكتور رضوان السيد: “نحن بحاجةٍ في الإسلام و الدراسات الإسلامية إلى سردية جديدة تقرأ التقليد في حيوياته وانسداداته وتصدّعاته بالمناهج الجديدة. ولدينا من زمن الفيلولوجيا التاريخانية، وزمن التاريخ الثقافي عُدَّةٌ لا بأس بها من البحوث الجزئية التي يمكن الإِفَادَة منها كثيرًا في السياق الجديد، والمنهج الجديد.
لدينا إذن ثلاث ظواهر تبعث على الأمل القويّ في إعادة البناء في مجال الدراسات الإسلامية. أولى تلك الظواهر التطورات التي حصلت في العلوم الإنسانية والاجتماعية والتاريخ وقراءة النصّ الديني. لقد تصدعت سيطرة البنيويات والتفكيكيات في قراءات النصّ الديني، والنصّ التاريخي. أما الظاهرة الثانية فتتصل بالمادة التي نمتلكها من التراث الكلاسيكي في المجالات كلها. وأمَّا الظاهرة الثالثة فانتشار المئات من الكهول والشبّان العرب والمسلمين في معاهد وأقسام الدراسات الإسلامية في الغرب، وتسرُّب كثيرين إلى الجامعات العربية والإسلامية، بعد إعدادٍ جيّدٍ لجهة معرفة التراث في هذه الناحية أو تلك، و لجهة المناهج العلمية الجديدة التي صاروا يتقنونها و يبحثون و يكتبون بحسبها”(ص29 ـ 30 من الكتاب).
وأسهم في هذا الباب العديد من الباحثين نخص بالذكر منهم، أحميدة النيفر من تونس، الذي عالج تجديد تفسير القرآن منطلقًا من سؤال إشكالي طرحهُ المفسِّرُ الحديث مقارنةً بما كان يطرحه غيره من قبل في الموضوع نفسه: وهو: كيف العمل في هذا الإرث الكبير الذي لم يعُدْ يتَّفقُ مع المنظومة الفكرية و الاجتماعية التي تصوغ واقعه الذي يتحرك فيه؟
يحاول النيفر الإجابة عن ذلك من خلال مراجعة أعمال فضل الرحمن وأبي القاسم حاج حمد ومحمّد إقبال، باعتبارها مقاربات تمهيدية لمشروع تجديديَ معاصر في التعامل مع القرآن الكريم، قوامه أن العلاقة بين المشيئة الإلهية و الفعل الإنساني ليست علاقة صراعية بل هي علاقة وحدة ناشئة عن وعي الإنسان بأنَّ حرِّيته موضعية ضمن حركة الكون وظواهره.
يقول الباحث أحميدة النيفر: “بهذه القراءة الجدلية، يضحى القرآن وحيًا ممتدًا يستجيب لمرحلة الأمّيين و يستمر باتجاه المستقبل عبر مختلف العصور… هو مشروع جريء يهدف إلى تشكيل وعي المسلم بالتعدّد في الكون والطبيعة والمجتمع من خلال قراءة النص القرآني في وحدته وفي استجابته للظرفية والاستمرارية. أهمّ ما في هذه القراءة هي سعيها المنهجي في أن ترى في القرآن أكثر من نصّ داعٍ إلى عقيدة التوحيد وإلى مستلزماتها السلوكية. إنّها تتابع فيه، بالخصوص، تلك الدينامية التي تمكّن المؤمن في كل فترة، من خلال قراءة توحيدية للنصّ، أن يتجاوز بوعي مواقع التعطل في بنيته الثقافية، وأن يتدخل في التاريخ ليساهم في اكتمال حكمة الإنسان ودعم أسباب علمه وتسديد فعله”(ص 80 من الكتاب).
ربط العلوم الشرعية مع العلوم الاجتماعية والإنسانية
يتعلق الباب الثاني بالربط بين العلوم الشرعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية، إِذْ يفتتح هذا الباب، الباحث سري حنفي بفصل عن “علاقة العلوم الاجتماعية بالعلوم الشرعية”، متسائلاً إن كانت علاقة منافسة أم تجاهل. وينطلق الباحث ساري حنفي من الحالة اللبنانية ليبيّن إشكاليات كثيرة في البراديغم التقليدي الذي يُتبعُ في لبنان ويدعو إلى تفاعل العلوم الا جتماعية مع العلوم الشرعية في كليات الشريعة (الفصل السادس من الكتاب)
أما في الفصل السابع، فيتناول الباحث مسفر بن علي القحطاني موضوع الدراسات الإسلامية في عصرنا الحاضر التي تعاني من الإشكاليات المنهجية والغياب الواضح في التفاعل مع قضايا العصر، كما أنَّ هذا الحق قد وضع حوله سياجًا من التراث المحترم في قيمته وجودته، ولكنه لم يستطع الخروج منه إلاّ بصعوبة، وقد يصف حرّاس التراث هذا الخروج بالتمرُّدِ على الشريعة، ومع طول الزمن والتراكم المعرفي جيلاً بعد جيلٍ، لم يقدم هذا الحقل في عقوده الأخيرة جديدًايذكرُ، أو تجديديًّا يشكر، الأمر الذي فاقم حالة الشكوى من جمود هذا الحقل المعرفي رغم أهَّميته العظيمة في عالمنا الإسلامي المعاصر.
من وجهة نظر الباحث مسفر بن علي القحطاني، هناك خلل منهجي في حقل الدراسات الإسلامية، له تداعيات خطيرة في حاضرنا اليوم، وفي حالة المجتمعات العربية و الإسلامية المتشابكة مع ثقافات العالم ومنتجاته، والمتعلق بحالة الفصل بين علوم الشريعة و العلوم الإنسانية الأخرى التي لا تنفكُّ أهّمية النظر فيها عن بقية العلوم الشرعية.ويلخص أهمَّ أفكاره بما يلي:
1 ـ حقل الدراسات الإسلامية المعاصرة حقل مهمٌّ وحيويٌ، وله نفوذه المعنوي في عالمنا الإسلامي، ولكنّه يفتقر إلى التجديد، ومجالاته البحثية للتطوير، وجهاته المسؤولة للمرونة والانفتاح على العلوم الأخرى والكليات اللاهوتية المقاربة.
2 ـ من الإشكالات التي وقعت في حقل الدراسات الإسلامية المعاصرة الغفلة عن تاثير المجال الاجتماعي و تداخله مع الديني. والاجتهاد المعاصر يحتاج إلى فهم مناهج العلوم الاجتماعية والتواصل معها مما يطور عملية النظر الفقهي والاستدلال في مسائل النوازل المعاصرة.
3 ـ وقع الفصل بين أدوات الاجتهاد وبين أدوات فهم الواقع والدراسات التي تُعنى بتأثير البيئة على الفرد والمجتمع، كما وقع الوصل بين الاجتهادات الماضية وحاجاتنا المعاصرة، ودائما يتم الربط بينهما دون اعتبار البيئة التي أنتجت تلك الفتاوى وضرورة عدم سحبها لواقعنا دون معرفة المتغيرات بين الأزمنة والأمكنة.
4 ـ يظهر في حقل الدراسات الإسلامية المعاصرة تهميش للدراسات المنطقية و الجدلية، وعدم اعتبار للعلوم العقلية في البحث المعاصر، وهذا الفصل بين المنطق و الاجتهاد المعاصر ساعد في ظهور عدد من التناقضات التي برزت مع فتاوى ودراسات يجب أن تنزّه الشريعة عنها(صص 219 ـ 220 من الكتاب).
إصلاح دراسات الدين
يتناول الباب الثالث نماذج متعددة في العالم فيما يتعلق بإصلاح دراسات الدين. ويفتتح ألكسندر كنيش هذا الباب في فصل غني من وحي تجربته التدريسية الطويلة في الولايات المتحدة وروسيا حول وفرة المنهجيات التي تُستخدم لتدريس الإسلام ومقاربته في الدراسات المعاصرة .
يقول الباحث ألكسندر كنيش في الفصل العاشر: “يستخدم الباحثون نتائج الدراسات المتخصصة في الإسلام والمسلمين لإنتاج كتب حول هذا الدين تكون في متناول جمهور المتلقّين الذين يُسْتَهْدَفُونَ. وبالاعتماد على تجربتي الشخصية وعلى المواقف التي عبّر عنها الكتّاب الذين ذكرنا أعلاه في مقدمات كتبهم، من الواضح أن جمهور المتلقّين الأوّل للعديد منهم هم طلاّب الجامعات، وعلى نطاق أقلّ امتدادًا، الجمهور في معناه الواسع. وتتطلب المهمة التربوية التي لا يسعى الباحثون إلى إنجازها أن تكون المعرفة حول الإسلام والمسلمين مصنفة حسب الأغراض وأن تكون على صيغة قابلة للاستهلاك لدى جمهور المتلقّين الذين يُسْتَهْدَفُونَ. ومن ثَّم تكون الحاجة إلى إطار نظري عام يستخدمه الباحثون في الإسلام لإيصال أفكارهم إلى قرائهم أو الي المستمعين إليهم بطريقة قابلة للفهم ويسيرة الإدرلك(ص305 من الكتاب).
ويستتبع هذا الباحث ألكسندر كنيش، الباحث إبراهيم محمَّد زين في دراسته لجامعة عريقة في ماليزيا (الجامعة الإسلامية العالمية) وتنبع أهّميتها بأنَّها كانت مختبر تجربة أسلمة المعارف أو إدماج علوم الوحي بالعلوم الاجتماعية. وتسمح له تجربته عميدًا هناك بنأملات ثاقبة، بعضها نقدي، وتوصيات عملية في إصلاح مناهج العلوم الإسلامية والإنسانية (الفصل الحادي عشر من الكتاب)
الكتاب: نحو إعادة بناء الدراسات الإسلامية
الكاتب: مجموعة من الباحثين
تحرير: رضوان السيد، ساري حنفي، بلال الأرفه لي
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، لبنان،الطبعة الأولى نوفمبر 2019.
(المصدر: إسلام أونلاين)