مقالاتمقالات المنتدى

قراءة في الواقع : عاد أبو جهل

قراءة في الواقع

عاد أبو جهل

بقلم د. سلمان السعودي، أمين ملتقى دعاة فلسطين (خاص بالمنتدى)

في أزمة الخوار العربي، والشتات القبلي والعشائري، والتناحر الإسلامي .. طائفيا ومذهبيا، وفي صراع المصالح والكسب، ومع انشغال زعماء القبائل في حماية الجاه والمضارب وتحصين حدود القبيلة جغرافيا وفكريا، وعدم السماح لتغيير دين الأباء والأجداد، والحرص على صناعة كهنة للمعبد لاقناع أبناء القبائل أن الأصنام آلهة تغضب وترضى، فيا حظ من رضيت عنه، ويا ويل من غضبت عليه.
فكأننا في عصر الجاهلية، تحزبت الأحزاب من أجل الفساد والإفساد، عصر أبي جهل وأبي لهب، وأمية بن خلف، وقادة الفرسان يجتمعون في دار الندوة، زعماء أربعين قبيلة، تسخر كل ما تملك، وتدفع بخيرة شبابها وعتاولتهم للقضاء على نبي الله وأتابعه، من أجل استئصال شأفة الإسلام الذي يهدد اصنامهم ” وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ”
ولكن الله سبحانه وتعالى طمأن قلب النبي صلى الله عليه وسلم والذين معه بعدم الخزي في نصرهم وإظهار الدين الذي بعث به فقال تعالى: ” يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ” وقال تعالى في موضع آخر: “إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ “.
نعم في حال ضعف المسلمين في مكة المكرمة، وتخلي القبائل والقريب والبعيد عن نصرتهم، فتح الله تعالى لهم باب الهجرة، وأذن لهم بقيام الدولة والإعداد للحرب وكسر شوكت الكافرين، وبعد صراع وغزوات كان فتح مكة، وعلت راية الإسلام، وظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهقوا.
فقضية الإسلام قضية حق وعدل، وقضية فلسطين هي الجزء الأهم في قضية الإسلام في هذا العصر الذي تكالبت فيه الأمم والأحزاب على مسرى نبي الله ومركزية معراجه وقبلة الإسلام الأولى.
فكما ظهر أبو جهل في الجاهلية الأولى زعيما سياسيا وعسكريا على رؤوس القبائل في دار الندوة، يظهر اليوم أبو جهل العصر ” ترامب ” ليعلن على الملأ من دار ندوته بأن فلسطين ولاية أمريكية، يجب استئصال أهلها، قتلا أو تهجيرا، وتعيين إسرائيل شرطة أمن فيها، وإعلان النصر المؤزر للصليبية الصهيونية على الشرق الأوسط بتغيير معالمه الجغرافية والسياسية والدينية.
ولكنهم والتابعين لهم، والمطبعين معهم، والمنافقين من أحفاد ابن سلول، قد غفلوا عن قول الله تعالى، ووعده للمسلمين المجاهدين والذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله رب العالمين، حيث قال تعالى: “وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا “.
فقضية فلسطين قضية إلهية، وحتمية كونية في الصراع بين تمام الحق وتمام الباطل، واليقين كل اليقين بأن النصر حليف المؤمنين كما وعدهم ربهم، قال تعالى: ” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ” وقال تعالى: ” إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ “.
فعلى الأمة العربية والإسلامية أن تقف عند الواجب المنوط بها شرعا في نصرة الحق والمستضعفين كما أمر الله تعالى في قوله: ” وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ “.
وليعلم الجميع بأن القضاء على غزة، وتهجير أهلها، وتحويلها مستعمرة أمريكية يحكمها الشرطي الصهيوني، هو مدخل حقيقي في تحقيق حلم يهود في قيام دولتهم العبرية المزعومة من النيل إلى الفرات، وإعادة خيبر إلى الحاضنة اليهودية، وإعادت أملاكهم في الاسكندرية وخاصة سموحة والميناء والكورنيش، وافتتاح المعبد اليهودي في القاهرة.
فلا بد أن يقابل وحدة الأحزاب الصهيوصليبية، وحدة إسلامية، قال تعالى: ” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ” وقد حذر الله تعالى من الفرقة والشقاق فقال تعالى: ” وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ”

اقرأ أيضا: حل الدولتين وهم يسوقه الحكام العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى