مقالاتمقالات مختارة

علم أصول الفقه وقضايا الاستناد والاستمداد

علم أصول الفقه وقضايا الاستناد والاستمداد

بقلم د. عبد المجيد محيب

إن الحديث عن أصول الفقه باعتباره علما يحيلنا على الحديث عن ماهيته، أي مادته ومسائله وموضوعاته المختلفة التي تشكل هيكله العام.
وفي هذا الإطار لا بد من الافتتاح بأسئلة محورية تكشف لنا طبيعة العلافة بين علم أصول الفقه وسائر العلوم.
فما هي طبيعة المواد التي تتشكل منها بنية علم أصول الفقه؟
وما هي المواد التي يستمد منها هذا العلم؟
وما هي حدود ودرجة استمداده من تلك الموارد؟
وهل علم أصول الفقه يعتبر علما مستقلا بذاته؟

المحور الأول

  رصد وتتبع لمسألة الاستناد والاستمداد في علم أصول الفقه.
الإجابة عن هذا الكم من الأسئلة يتطلب منا الرجوع إلى المصادر الأصولية الأصلية لرصد وتتبع قضية الاستناد والاستمداد.
إن المتتبع لفقرات «الرسالة» للإمام الشافعي يلاحظ أن هذا الأخير سار على هدي منطق اللغة العربية، فكانت اللغة العربية حاضرة في تأصيلاته وتفريعاته للمسائل الأصولية، كأنما هي المصدر الوحيد الذي ينهل منه علم أصول الفقه، فهو يعمد إلى إقامة الأدلة على تلك القواعد من الكتاب والسنة، وتأييدها بشواهد من اللغة العربية.
وبالإضافة إلى الاهتمام باللغة العربية نجد الجانب الفروعي «الفقهي» حاضرا في الرسالة؛ فقد صد ر باب البيان بقوله: «فالبيان اسم جامع لمعاني مجتمعة الأصول متفرعة الفروع».
والمطلع على الكشافات والفهارس للرسالة يتبين له مقدار المادة الفقهية التي ضمتها الرسالة، وفي هذا السياق يقول أبو سليمان: «إن الرسالة لم تكن متمحضة خالصة الموضوعات الأصولية، بل ضمت مناقشة كثير من الموضوعات الفقهية استشهادا للقواعد الأصولية».
نستنتج أن الإمام الشافعي قد اهتم باللغة العربية والفقه باعتبارهما مادة أساسية في الدراسات الأصولية، وإن كان اهتمامه بحجية بعض الأدلة كالسنة يشير إشارة ضمنية إلى مصدر ثالث من مصادر أصول الفقه وهو علم الكلام، وفي هذا المعنى يقول مصطفى عبد الرازق أثناء تحليله للرسالة: «ومنها الإيماء إلى مباحث من علم أصول الفقه تكاد تهجم على الإلهيات أو علم الكلام، كالبحث في العلم، وأن هناك حقا في الظاهر والباطن، وحقا في الظاهر دون الباطن، أو أن المجتهد مصيب ومخطئ معذور، والفرق بين الكتاب والسنة، وعلل الأحكام، وترتيب الأصول حسب قوتها. وقد استدل الشافعي على حجية السنة وما دونها من الأصول فلفت الأنظار إلى حجية القرآن نفسه، وهي مسألة وثيقة الصلة بأبحاث المتكلمين».
الملاحظ أن مصطفى عبد الرزاق استعمل مصطلح «إيماء» ولم يستعمل لفظ «تصريج»، أي أنه خلص بعد تحليله للرسالة إلى أن الإمام الشافعي لم يصرح بألفاظ واضحة تجعلنا نحكم بوجود القضايا الكلامية بشكل بين وصريح.
وللكشف عن علاقة أصول الفقه بالعلوم الأخرى نجد العلماء قد اختلفت إطلاقاتهم وتسمياتهم في التعبير عن المناهل التي ينهل منها علم أصول الفقه. يبدو أن علم أصول الفقه يتوقف على علوم أخرى، فما معنى التوقف هنا؟
فتوقف الشيء على الشيء هو أن يكون أحد الشيئين تابعا للآخر ومعلقا به، وهذا التوقف إن كان من جهة الشروع يسمى مقدمة، وإن كان من جهة الشعور يسمى معرفا، وإن كان من جهة الوجود: فإن كان داخلا في ذلك الشيء يسمى ركنا، وإن كان مؤثرا فيه يسمى علة، وإن لم يكن كذلك يسمى شرطا سواء كان وجوديا كالوضوء بالنسبة للصلاة، أو عدميا كإزالة النجاسة.
وثبت بالاستقراء والتتبع أن المصطلحات الأكثر ورودا في التعبير عن هذه المناهل التي ينهل منها أصول الفقه هي: مصطلح الاستمداد، والمواد، ومصطلح المبادئ، والاستناد، ثم مصطلح المصادر.
والاستمداد في اللغة يستعمل في طلب المدد، ويقال لكل شيء دخل فيه مثله فكثره، مَدَّه يَمدُّه.
فقد استعار علماء أصول الفقه هذا المعنى اللغوي واستعملوه، فهذا ابن أمير حاج يقول: استمداد علم أصول الفقه أي ما منه مدد هذا العلم”.
وفيما يخص المعنى الاصطلاحي لكلمة “مادة”، فمادة الشيء هي التي يحصل معها الشيء بقوة، وقيل المادة هي الزيادة المتصلة”.
وقد قسم الإمام الزركشي المادة إلى قسمين:
 مادة إسنادية: وهي ما استندت إلى الدليل.
 ومادة مقومة: وهي الداخلة في أجزاء الشيء وحقيقته.
وهذا التقسيم يعتبر تقسيما دقيقا يمكن الاعتماد عليه عند الحديث عن طبيعة المواد المشكلة لعلم أصول الفقه.
أما مصطلح “مبادئ”، فمبدأ الشيء في اللغة هو محل بدايته، وفي الاصطلاح تطلق على عدة معان منها “ما يتوقف عليها مسائل العلم، كتحرير المباحث وتقرير المذاهب”.
والمبدأ كذلك هو كل ما يحصل عنه وجود شيء آخر ويتقوم به، أو هو كل ما يعلم بذاته ويحصل عنه العلم بشيء آخر، فالمبادئ بهذا المعنى تتوقف عليها مسألة العلم وهي لا تحتاج إلى برهان، بخلاف المسائل فإنها تثبت بالبرهان.
وتطلق المبادئ على المقدمات التي بها تبرهن العلوم.
وخلاصة القول: إن مبادئ كل علم هي حدود موضوعه وأجزاؤه وأعراضه مع المقدمات التي تؤلف عنها قياساته، وسميت حدود موضوع العلم وأجزاؤه ومقدماته التي هي مادة قياساته مبادئ، لأنه عنها ومنها ينشأ ويبدو.
واستعمل كذلك مصطلح “الاستناد”؛ و”المستند” هو ما يستند إليه. واستند وتساند إليه: اعتمد عليه.
والاستناد بمفهومه العام هو “نسبة أحد الجزأين إلى الآخر”، وهناك من استعمل مصطلح المصادر بالنسبة للعلوم التي ينهل منها علم أصول الفقه، والمصدر هو ما اشتق منه الشيء وصدر عنه.
وفيما يخص المصطلح الأقل ورودا في التعبير عن مسألة الاستناد والاستمداد، نجد عدة إطلاقات مثل: مقدمات أصول الفقه، ومصطلح مآخذ علم الأصول، والموارد، والمعارف والعلوم التي يتوقف عليها علم أصول الفقه.
بعد هذا التحليل اللغوي والاصطلاحي لهذا الكم من المصطلحات، نضع السؤال التالي: ما هي طبيعة الخلاصات التي يمكن استخلاصها من ذلك؟
الخلاصة الأولى: مفادها أن المصطلحات المذكورة على اختلاف معانيها نجدها تصب في اتجاه واحد مضمنه أن علم أصول الفقه يرِد على مجموعة من العلوم وينهل منها، ويتوقف عليها إما توقفا قريبا أو بعيدا.
وما يمكن استنتاجه من الخلاصة الثانية هو أن المصطلح الذي يسعفنا تحديد ملامح مسألة «الاستناد والاستمداد» في أصول الفقه هو مصطلح “الاستناد” و”الاستمداد” نظرا لدقتهما في التعبير، ولعل هذا ما جعل الإمام الغزالي يفضل استعمالهما عند حديثه عن العلوم الشريعة إذ يقول: «واعلم أن الشرع ثلاثة: الكلام، والأصول، والفقه ولكل واحد منها مادة منها استمداده وإليها استناده».
المحور الثاني
مظاهر مسألة الاستناد والاستمداد في أصول الفقه.
أولا – وجه استمداد علم أصول الفقه من علم الكلام :
لقد اختلفت تعليلات العلماء في تفسير أوجه استمداد أصول الفقه من علم الكلام وتعقبه، ومجمل هذه التعليلات هي كالآتي:
التعليل الأول: أن استمداد علم أصول الفقه من علم الكلام هو لتوقف العلم بكون أدلة الأحكام مفيدة لها شرعا على معرفة الله تعالى، وصدق الرسول  فيما جاء به.
فأصول الفقه يستمد من الكلام لتوقف الأدلة الكلية الإجمالية ككون الكتاب والسنة والإجماع حجة على معرفة الباري تعالى وذلك ليمكن إسناد الخطاب إليه، ويتوقف على صدق المبلغ.
وقد بين الإمام الزركشي وجه هذا الاستمداد بشكل واضح إذ يقول: «أما علم الكلام فيستمد منه علم أصول الفقه لتوقف الأدلة على معرفة الباري تعالى بقدر الممكن من ذاته وصفاته وأفعاله، ومعرفة صدق الرسول ، ويتوقف ثبوته على أن المعجزة تدل على دعوى الرسالة، وذلك كله مبين في علم الكلام فيسلم هنا. وأضاف قائلا: نخص النظر في دليل الحكم هنا بعلم خمسة أشياء: كلام الله تعالى ليخاطب، وقدرة العبد كسبا ليكلف، وتعلق الكلام القديم بفعل المكلف ليوجد الحكم، ورفع التعلق فينسخ، وصدق المبلغ ليبين.
التعليل الثاني: ذكر الإمام الغزالي أن استمداد أصول الفقه من شيء واحد، وهو قول الرسول  الذي دل المتكلم على صدقه، فينظر في وجه دلالته على الأحكام.. ولا يجاوز نظر الأصولي ذلك قول النبي  وفعله.
وقد عقب الزركشي على ذلك قائلا: «وهذا ليس بمُرض، فإن من جملة ما يوجد فيه من علم الكلام معرفة العلم، والظن، والدليل، والنظر، وغيره.. والأصولي ينظر في الاستصحاب والأفعال قبل ورود الشرع، وقول الصحابي مما ليس بقول الرسول  ولا فعله».
التعليل الثالث: أن وجه استمداد أصول الفقه من الكلام يرتبط بكون علم أصول الفقه يفتقر إلى الـميز بين الحجة والبرهان والدليل، وهذا يقرر في علم الكلام.
وهذا الرأي للإمام الزركشي إذ يقول: «وأولى آن يقال في وجه استمداده من علم الكلام أن علم أصول الفقه فيه ألفاظ لا تعلم مسمياتها من غير أصول الدين، لكنها تؤخذ مسلمة فيه.. وهي العلم، والظن، والدليل، والإمارة، والنظر…».
التعليل الرابع : أن علم أصول الفقه يعتمد على بعض المقدمات من علم الكلام، وفي هذا المعنى يقول الدكتور طه جابر العلواني: «وبعض هذه المقدمات استقوها من علم الكلام، ككلامهم عن “الحاكم” أهو الشرع أم العقل، وما لحق ذلك من الكلام عن حكم الأشياء قبل ورود الشرع، وشكر المنعم أيجب بالشرع أو بالعقل؟…».
التعليل الخامس: وهو الأكثر تميزا بين هذه الآراء السالفة الذكر، فأصحاب هذا الاتجاه ضيقوا نطاق وحدود استمداد أصول الفقه من علم الكلام، بل لم يذكروا علم الكلام ضمن المواد التي يستمد منها علم أصول الفقه. فقد ذهب ابن همام إلى أنه ليس في أصول الفقه من الكلام إلا مسألة الحاكم وما يتعلق بها من الحسن والقبح ونحوه، وهذه من المقدمات التي يتوقف عليها زيادة بصيرة.
وقد سار شراح التحرير على هذا النهج، وفي هذا السياق يقول ابن أمير حاج: «وليس في الأصول من الكلام إلا مسألة الحاكم فإنها من العقائد الدينية، وما يتعلق بها من مباحث الحسن والقبح، ومسألة المجتهد يخطئ ويصيب، ومسألة خلو الزمان عن المجتهد..».
فالغرض من استعراض هذه الآراء والتعليلات التي قدمها العلماء لبيان أوجه استمداد أصول الفقه من الكلام هو الوقوف عند ملاحظات أهمها:
1. أن علماء أصول الفقه لم يقفوا عند حدود إبراز العلاقة بين أصول الفقه وأصول الدين، بل تجاوزوا ذلك إلى أن عرفوا بعلم الكلام في مصنفاتهم الأصولية.
2. على الرغم من الاختلاف حول الاعتداد بعلم الكلام هل هو من الموارد الأساسية لعلم الأصول؟ فالمادة الكلامية توجد بكم كبير ضمن المباحث الأصولية.
3. الذي عالج مسألة الاستمداد بشكل دقيق هو الإمام الزركشي، فأثناء حديثه عن المواد التي يستمد منها علم أصول الفقه، قسم المادة إلى قسمين: إسنادية ومقومة. فالمقومة داخلة في أجزاء الشيء وحقيقته، والإسنادية ما استندت إلى الدليل، كعلم الكلام، لأن الأصولي يعلم أصول الفقه وإن لم يعلم علم الكلام، وإنما على الكلام دليل المعجزة، وهو دليل الأصول.
4. أن علم الكلام يعتبر من مصادر هذا العلم، لا لدى المتكلمين وحدهم، بل ولدى الفقهاء حتى الظاهرية منهم.
ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا القليل كالكمال ابن همام وشراح كتاب التحرير، وبعض المحْدَثين من علماء الأصول كالشيخ المحلاوي، وصبحي المحمصاني الذي يعتبر أن علم الكلام قد أُقحم في صلب الدراسات الأصولية إذ يقول: «وأدخل الفلاسفة علم التوحيد أو علم الكلام».
ثانيا – وجه استمداد علم أصول الفقه من اللغة العربية :
إن الحديث عن وجه استمداد أصول الفقه من اللغة العربية في المقام الثاني بعد علم الكلام يأتي لأسباب أهمها:
 أن أغلب الدارسين في مجال علم أصول الفقه قد جعلوا من اللغة المصدر الثاني لاستمداد علم الأصول.
 والسبب الثاني ما للغة العربية من أهمية قصوى في الدراسات الشرعية، يقول الإمام الغزالي: « فإن علم اللغة سلَّم ومرقاة إلى جميع العلوم، ومن لم يعلم اللغة فلا سبيل له إلى تحصيل العلوم، فإن من أراد أن يصعد سطحا عليه تمهيد المرقاة أولا ثم يصعد، وعلم اللغة وسيلة عظيمة ومرقاة كبيرة، فلا يستغني طالب علم عن أحكام اللغة، فعلم اللغة اصل الأصول…».
وذهب إمام الحرمين إلى أن معظم الكلام في الأصول يتعلق بالألفاظ والمعاني، وركز على الألفاظ قائلا: «وأما الألفاظ فلا بد من الاعتناء بها، فإن الشريعة عربية، ولن يستكمل المرء خلال الاستقلال بالنظر في الشرع ما لم يكن ريانا من النحو واللغة».
ومجمل القول أن علم أصول الفقه يستمد من علم اللغة العربية لتوقف معرفة الدلالات اللفظية من الكتاب والسنة وأقوال أهل الحل والعقد من الأمة على معرفة موضوعاتها لغة من جهة الحقيقة والمجاز، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، والحذف والإضمار، والمنطوق والمفهوم، وغيره مما لا يعرف في غير علم اللغة العربية.
ففهم الكتاب والسنة والاستدلال بهما يتوقفان على العلم بالعربية، لأن الكتاب والسنة عربيان.
ولتوضيح ذلك نورد قول الزركشي: «فالأدلة جاءت بلسان العرب، وهي تشتمل على ثلاثة فنون:
أ – علم النحو: وهو علم مجاري أواخر الكلم رفعا ونصبا وجرا وجزما.
ب – علم اللغة: وهو تحقيق مدلولات الألفاظ العربية في ذواتها.
ج – علم الأدب: وهو علم نظم الكلام، ومعرفة مراتبه على مقتضى الحال، فعلم الأصول يتوقف على العربية بأنواعها: فإن كان التوقف من حيث المدلول فهو علم اللغة، وإن كان من حيث التركيب فعلم النحو، وإن كان من ناحية أفرادها فعلم التصريف، وإن كان من حيث المطابقة لمقتضى الحال والسلامة من التعقيد ووجوه الحسن فعلم البيان».
فالسلطة المرجعية الأولى في علم أصول الفقه هي للبحوث اللغوية، والمحور الأساسي الذي ينظم هذه البحوث هو العلاقة بين الألفاظ والمعنى أو مسألة الدلالة.
وعن طبيعة اللغة في الدرس اللغوي الأصولي يقول إمام الحرمين: ولما كان هذا النوع  (النحو،اللغة) فنا يٌنتحى ويقصد، لم يكثر منه الأصوليون مع  مسيس الحاجة إليه، وأحالوا مظان الحاجة على ذلك الفن، واعتنوا في فنهم بما أغفله أئمة العربية، واشتد اعتناؤهم بذكر ما اجتمع فيه إغفال اللسان، وظهور مقصد الشرع، وهذا كالكلام على الأوامر والنواهي والعموم والخصوص وقضايا الاستثناء.. ولا يذكرون ما ينصه أهل اللسان إلا على قدر الحاجة الماسة التي لا عدول عنها.. ونحن نذكر الآن مسائل على شرط هذه الترجمة إن شاء الله».
وفيما يخص الإبداع اللغوي عند الأصوليين، يمكن الإشارة إلى أن توقف إثبات بعض مطالب الأصول على اللغة لا ينافي الأصالة لجواز مسألة مبدأ لمسألة، فالإبداع الأصولي تجلى في الأحكام اللغوية التي استخرجها أهل الأصول من اللغة باستقرائهم إياها إفرادا وتركيبا.
وعن هذا الإبداع الأصولي يقول السيد عبد الغفار: «فالجانب اللغوي في الأبحاث الأصولية قوامه العناية بالألفاظ والتراكيب، بحثا عن الدلالة وضبط هذه الدلالة بما يتفق وقصد الشارع… فالإبداع الأصولي يتجلى في النظرة للدلالة اللفظية، فعلماء أصول الفقه يعتمدون في تحديد الدلالة على أسس ثلاثة:
أ – النظرة في الدلالة الأولى للفظة المفردة.
ب – تتبع التطور الدلالي لتلك اللفظة وما يظللها من المفاهيم التي تتوارد عليها بعرف الاستعمال.
 ج – مراعاة تحقيق أهداف الشريعة بالتعرف على قصد المشرع».
فليس من المبالغة أن نذهب إلى أن دراسة الأصوليين للمعنى كانت سابقة لعصرها بمئات السنين، وقد كانت متميزة في عصرها عن دراسة البلاغيين واللغويين، فعلماء الأصول كانوا يعتمدون في استنباط هذه القوانين على العرف اللغوي العام والعرف الشرعي الخاص في الاستعمال.
وأشار الدكتور طاهر سليمان حمودة إلى أن إبداعات الأصوليين في اللغة تتجلى في بيان الصلة بين اللفظ والمعنى، وظاهرة التغير الدلالي في دراستهم للعام والخاص، والحقيقة والمجاز، وإدراكهم لدلالة السياق، إضافة إلى دراستهم لمراتب الوضوح والخفاء، ولطرق الدلالة وبيان مراتبها تميزت بالدقة المتناهية، مع إدراكهم للسياق بشقيه اللغوي والاجتماعي».
ولكن هل وقف علماء أصول الفقه عند حدود دلالة الألفاظ والمعاني؟
فالمتتبع لما كتبه علماء الأصول يجدهم لم يقفوا عند حدود دلالة الألفاظ والمعاني، بل تعدوا ذلك وطرقوا أبواب أبحاث لغوية نظرية، كمسألة نشأة اللغة، والطريق الذي يعرف به الوضع. وهذه الاستطرادات اللغوية جرّت على الأصوليين الكثير من الانتقادات، يقول الإمام الغزالي: «فحب اللغة والنحو حمل بعض الأصوليين على مزج جملة من النحو بالأصول، فذكروا فيه من معاني الحروف، ومعاني الإعراب جملا هي من علم النحو خاصة» .
وقد سبق إلى ذلك إمام الحرمين، فأثناء حديثه عن حروف المعاني قال: «ثم تكلموا في أمور هي محض العربية، ولست أرى ذكرها…».
ونجد الإمام الشاطبي كذلك ينتقد إقحام بعض المباحث اللغوية في علم أصول الفقه.
ويبقى الشيخ الخضري أحسن من عرض هذه المسألة إذ قال: «ولما كان رجال الفقه أكثر جدلا وأميل إلى توسيع دائرة الخلاف، أكثروا من تشعيب المذاهب، وأولعوا بنقل الخلاف، حتى إنا رأيناهم في المعنى الذي وضعت له صيغة الأمر نقلوا ثمانية أقاويل، وفي الكلام عن مفهوم المخالفة هل يكون دليلا من العبارة أم لا؟ نقلوا قريبا من ذلك من الأقوال، ثم يحتج كل منهم على رايه بما لا يوصل إلى قطع».
ولعل هذه الانتقادات الموجهة لهذه الاستطرادات هي التي جعلت بعض الأصوليين يضيقون من نطاق احتياج الأصول للغة، وفي هذا المعنى يقول الزركشي: «فاللغة يمكن الحديث عنها كمادة لبعض أنواع الأصول كالخطاب دون مسائل الأخبار، والنسخ، والقياس، وهي معظم الأصول، ثم إن المادة فيه ليست على نظير المادة من الكلام فإن العلم بها مادة لفهم الأدلة».
ثالثا – وجه استمداد أصول الفقه من علم الفقه :
وفيما يخص هذا المصدر الثالث، فقد أطلقوا عليه اسم «الأحكام الشرعية» وهو الغالب، وسموه بـ«الفقه»”، وكذلك بـ«علم الفروع»، وجعلوه في الرتبة الثالثة بعد علم الكلام واللغة.
وقد علل علماء الأصول وجه هذا الاستمداد من الفقه بقولهم: «إن الفقه من مواد أصول الفقه، فإنه مدلول الأصول، ولا يتصور درك الدليل دون درك المدلول.
فعلم الفقه هو المدلول، وطلب الدليل مع الذهول عن المدلول مما تأباه مسالك العقول.
ولكن، ما هي حدود المادة الفقهية –من حيث الكم- التي يمكن أن يستعين بها الأصولي في بحثه؟
لا بد للأصولي أن يعرف قدرا من الفقه يتمكن به من إيضاح المسائل وضرب الأمثلة، ولا يشترط عليه بحكم نظره أيضا في هذا الفن أن يعرف دقائق الفقه وغرائبه.
وذهب إمام الحرمين إلى أن الأصولي يكتفي بأمثلة من الفقه يمثل بها في كل باب من أصول الفقه. وقد تكلم علماء الأصول عن مسألة «ما الأولى: دراسة الفروع قبل الأصول أو العكس؟.
رابعا –  وجه استمداد أصول الفقه من المقاصد الشرعية :
ومن مصادر أصول الفقه ما يرجع إلى سر التشريع، من حيث وضع المكلف تحت أعباء التكليف، وأن الغاية من ذلك المحافظة على «الدين» و«النفس» و«العرض» و«المال»، ثم ما يرجع إلى أنواع المصالح التي راعاها الشارع في التشريع واعتبرها موصلا إلى تلك المحافظة.
وقد اعتبر الأستاذ العربي اللوه المقاصد الشرعية المصدر الثاني من مصادر أصول الفقه بعد علم الكلام.
وعن طريق الاستقراء استطاع علماء الأصول تقسيم المقاصد إلى ضرورية، وحاجية، وتحسينية. واستطردوا في هذا الجانب المتعلق بالمقاصد حتى ربطوه بمسالة نظرية كلامية تتعلق بمسألة أفعال الله تعالى وأحكامه هل يصح أن تعلل بالأغراض والمقاصد؟.
خامسا – وجه استمداد أصول الفقه من المنطق والجدل والمناظرة والخلاف :
فيما يتعلق بعلم المنطق فالغالبية العظمى من الأصوليين قد أشاروا إلى أن المواد التي تشكل البينة الأساسية لعلم أصول الفقه هي: علم الكلام، واللغة العربية، والفقه، والمقاصد الشرعية، مع اختلاف بينهم في تحديد حجم وكمية الاستمداد من هذا العلم أو ذاك أو تقديم بعض المواد على الأخرى حسب الأهمية. وما يمكن ملاحظته أن علم المنطق قد اختلفت الأنظار في عده من مصادر الأصول، فالكتابات الأصولية التي أشارت للمنطق هي كتابات قليلة، ونجد عدة تعليلات لتبرير تواجد المادة المنطقية ضمن الدراسات الأصولية.
فهذا الإمام الغزالي يصرح في مقدمته المنطقية التي صدر بها كتابه المستصفى: بأن تلك المقدمة ليست من جملة علم أصول الفقه، ولا من مقدماته الخاصة به، بل هي مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط بها فلا ثقة له بعلومه أصلا.
وجعل مصطفى عبد الرازق من فروع علم أصول الفقه «علم النظر» وهو علم المنطق الباحث عن أحوال الأدلة السمعية، أو حدود الأحكام الشرعية.
واعتبر بعض الأصوليين أن الاشتغال بعلم أصول الفقه يتطلب معرفة بمواد المنطق التي يبنى عليها.
وقدم طه جابر العلواني تحليلا موسعا في بيان وجه الاستمداد من المنطق فقال: «فبعض هذه المقدمات استُفيد من علم المنطق الأرسطي الذي اعتاد الكاتبون المتكلمون أن يقدموا لكتاباتهم بها، كمباحث الدلالة اللفظية وأقسامها، وانقسام اللفظ إلى تصور وتصديق، والحاجة إلى بناء ذلك على مبادئ التصورات من الأقوال الشارحة والتعريفات وانقسامها إلى حدود ورسوم، ومبادئ التصديق والكلام على البرهان وكيفية استخدامه في إثبات دعوى المستدل ونقض كلام المعارض ونحو ذلك».
وذهب علال الفاسي إلى أن أصول الفقه يتوقف على معرفة الدلالة، ومعرفة أنواعها المبسوطة في المنطق.
وأشار البعض إلى أن استمداد أصول الفقه من المنطق هو للاستعانة به في الأقيسة وما شابهها.
وقد ارتبطت عدة علوم  بعلم المنطق، وفي هذا السياق يقول مصطفى عبد الرازق: «وقد جعلوا من فروع أصول الفقه أربعة علوم، علم النظر، وهو المنطق.. وعلم المناظرة، ثم الجدل، وعلم الأخلاق». وهذه الإشارة نجدها في كلام ابن خلدون إذ يقول: «أصول الفقه وما يتعلق به من الجدل والخلافيات».
وفي بعض الكتابات نجد التلميح إلى علم المنطق والجدل والخلافيات، وعلم المناظرة، بطريقة ضمنية، وسموها بالعلوم العقلية ـ
كما أن علم أصول الفقه استمد من علوم الكتاب والسنة كثيرا من المباحث المشتركة نحو الكلام عن التواتر والآحاد والقراءة الشاذة وحكمها والجرح والتعديل، والناسخ والمنسوخ والأحوال الراجعة إلى متن الحديث. وبذلك تتسع دائرة العلوم التي ينهل منها هذا العلم لتشمل:
 علم التفسير : فقد استعان علماء أصول الفقه بجهود المفسرين، وخاصة في مسائل التأويل وما يرجع إلى تفصيلات تفاسير الأحكام، إضافة إلى توظيف الآيات القرآنية في الاستشهاد على إثبات حجية بعض الأدلة.
 علم القراءات القرآنية: مثل حديث الأصولي عن القراءة الشاذة وحكمها.
 علم الحديث: نحو الكلام عن التواتر والآحاد والجرح والتعديل، والأحوال الراجعة إلى متن الحديث.
 علوم القرآن: وخاصة فيما يتعلق بالناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه.
 الفلسفة: التي لم تصبح مصدرا لإلهام الفكر الأصولي في نطاق واسع إلا نتيجة لرواج البحث الفلسفي عند الشيعة بدلا من علم الكلام.
فالظاهر من خلال استعراض هذا الكم من الموارد التي ينهل منها علم أصول الفقه أن هذا الأخير –علم أصول الفقه- قد أصبح عبارة عن «كشكول» علمي جامع للعديد من العلوم والمعارف، الشيء الذي جعل بعض الباحثين يشككون في استقلاليته كعلمٍ نظرا لتعدد مناهله، بل ذهبوا أكثر من ذلك حيث نعتوه بكونه عبارة عن أبعاض علوم.
المحور الثالث

  شبهة القول بأن علم الفقه أبعاض علوم ودحضها.

  لقد أشار ابن السبكي إلى هذه الشبهة بقوله: فإن قلتَ: عظُمت أصول الفقه وهل هو إلا نبذ جُمعت من علوم متفرقة: نبذة من النحو وهي الكلام في معاني الحروف التي يحتاج إليها الفقيه…، ونبذة من علم الكلام في الحسن والقبيح والكلام في الحكم الشرعي وأقسامه،، وبعض الكلام في النسخ وأفعاله، ونبذة من اللغة وهي الكلام في معنى الأمر والنهي، وصيغ العموم…، ونبذة من علم الحديث وهي الكلام في الأخبار. والعارف بهذه العلوم لا يحتاج إلى أصول الفقه في الإحاطة بها، فلم يبق من أصول الفقه إلا الكلام في الإجماع وهو من أصول الدين أيضا، وبعض الكلام في القياس مما يستقل به الفقيه، فصارت فائدة الأصول بالذات قليلة جدا، بحيث لو جرد الذي ينفرد به ما كان إلا شيئا يسيرا.. إلا أن ابن السبكي عقب على ذلك بقوله: فإن الأصوليين دققوا في فهم أشياء من كلام العرب لم يصل إليها النحاة  واللغويون، فإن كلام العرب متسع جدا والنظر فيه متشعب، فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصول واستقراء زائد على الاستقراء اللغوي، مثاله: دلالة صيغة «افعل» على الوجوب، و«لا تفعل» على التحريم، وكون «كل وأخواتها» للعموم. فلا تجد في كتب النحو معاني الاستثناء ونحو ذلك من الدقائق التي تعرض لها الأصوليون وأخذوها باستقراء خاص من كلام العرب. فهذا ونحوه تكفل به علم أصول الفقه، ولا ينكر أن له استمدادا من تلك العلوم، ولكن تلك الأشياء التي استمدها منها لم تذكر فيه بالذات بل بالغرض.

  وقد انبرى للدفاع عن استقلالية علم أصول الفقه مجموعة من الأصوليين والمهتمين بمجال الفكر الإسلامي بشكل عام.

  وفي هذا السياق يقول ابن أمير حاج: «وما قيل أنه أجزاء علوم باطل، أي أن علم أصول الفقه ليس علما برأسه بل هو أبعاض علوم جمعت من الكلام، والفقه، واللغة، والحديث، والجدل ليس بحق، فمثلا ما يُخال من علم الحديث ليس استمدادا بل تداخل موضوعي علمين، أي ما يظن من البحث عن أحوال راجعة إلى متن الحديث أو طريقه، كالقول بأن العبرة لعموم اللفظ لا بخصوص السبب أو بالعكس، أو لعمل الصحابي لا لروايته، والبحث عن عدالة الراوي وجرحه وهو مذكور في علم الأصول كما في علم الحديث حتى يكون الأصولي فيه عيالا على المحدث ليس كذلك.

  أما علم الكلام فقد عرفت أنه ليس في الأصول منه إلا مسألة الحاكم وما يتعلق بها، وأنها من المقدمات أو المبادئ بالاصطلاح الأصولي.

  وأما الفقه فليس في الأصول منه إلا ما هو إيضاح لقواعده في صور جزئية أو استطراد: أما الجدل المذكور فيه، أعني كيفية الإيراد على الأقيسة الفقهية ذوات العلل الجعلية، فإن أفرد هذا الجدل فكالفرائض بالنسبة إلى الفقه، أما الجدل القديم فجمل قليلة في بيان ما على المانع والمعلل من حفظ وضعيتهما.. فظهر أن هذا العلم مستقل برأسه”.

  وفي شرح آخر لكتاب “التحرير” وهو كتاب “تيسير التحرير”، تجد نفس الكلام ونفس الحجج المدافعة عن استقلالية هذا العلم، وفي معرض حديثه عن الاستمداد من الحديث قال الشارح: « فعلم أصول الفقه يستمد من الحديث ليس للبحث عن الاستمداد للأصول، بل هناك تداخل موضوعَي عِلمين غايتهما البحث عن أصول شيء واحد فيشتركان في الموضوع، أو يندرج موضوع أحدهما تحت موضوع الآخر، وهذا الاشتراك في بعض الأحكام والدليل السمعي الذي هو موضوع الأصول من حيث يوصل العلم بأحواله إلى القدرة على إثبات الأحكام لأفعال المكلفين، فيندرج فيه السمعي النبوي الذي هو موضوع علم الحديث اندراج الجزئي الإضافي تحت الكلي… فظهر أن مباحث السنة من مباحث الأصول أصالة، ومباحث الإجماع والقياس والنسخ من مباحث الأصول المختصة به».

  وعند حديث الكمال بن همام عن وجه استمداد أصول الفقه من اللغة قال: وتوقف إثبات بعض مطالبه على اللغة لا ينافي الأصالة لجواز مسألة مبدأ لمسألة.

  وتجدر الإشارة هنا إلى أن مسألة الدفاع عن أصالة علم أصول الفقه هي قديمة قدم التأليف الأصولي، ونكتفي بذكر بعد النماذج من برهان إمام الحرمين، فعند حديثه عن المادة اللغوية في أصول الفقه قال: «إن علماء الأصول اعتنوا في فنهم بما أغفله أئمة العربية، واشتد اعتناؤهم بذكر ما اجتمع فيه إغفال أئمة اللسان».

  وعند كلامه عن طرق التحمل قال: «لو عرض ما ذكرناه على جملة المحدثين لأبَوه فإن فيه سقوط منصب الرواية عن ظهور الثقة، وصحة الرواية، وهم عصبة لا مبالاة بهم في حقائق الأصول».

  وزاد قائلا: «وإذا نظر الناظر في تفاصيل هذه المسائل، صادفها خارجة في الرد والقبول على ظهور الثقة وانخرامها، وهذا هو المعتمد الأصولي، فإذا صادفناه لزمناه، وتركنا وراءه المحدثين ينقطعون في وضع ألقاب وترتيب أبواب».

  وفي معرض حديثه عن الجرح والتعديل قال: «وإطلاق الرجل العدل عن الرجل من غير تعرض له بجرح أو تعديل، فهذا مما اختلف فيه المحدثون والأصوليون».

  فمن خلال هذه الأقوال يتبين أن اهتمام علماء أصول الفقه بالحديث واللغة هو غير اهتمام المحدثين وعلماء اللغة.

  كما دافع بعض الدارسين المحدَثين عن استقلالية هذا العلم ردا على ما وجه إليه من الطعن والانتقاد.

  يقول الشيخ الخضري: وذهب بعض الأصوليين إلى أن علم أصول الفقه قواعد مستعارة من علوم أخرى، وليس في ذلك غض منه لأن الأصوليين جمعوا من العلوم المختلفة ما يرجع إلى غرضهم ويختص ببحثهم، فألفوه وصيروه علما موضوعه الدليل السمعي.

  وأكد الدكتور خليفة باكر الحسن نفس المعنى عند حديثه عن مهمة الأصولي إذ قال: «فمهمة الأصولي هي وضع القواعد التي تقود إلى استنباط الأحكام من تلك النصوص الشرعية، وهذا ما ألزم الأصوليين بالاهتمام بتلك القواعد في شتى جوانبها ليسلكوها في إطار فلسفة أصولية متكاملة جمعوا أطرافها من اللغة، والمنطق، وعلم الكلام، وشكلوا ذلك في بنيان أسيس كامل هو  أصول الفقه».

   واعتبر الدكتور طه عبد الرحمن علم أصول الفقه بمثابة نسق، فتحت عنوان “التداخل الداخلي في أصول الفقه” قال: «اعلم أن أصول الفقه يظهر بمظهر نسق من العلوم».

  إذا كانت الإشادة بجوانب الإبداع الأصولي هي السمة البارزة عند أغلب الباحثين والدارسين نضع الأسئلة الآتية:

   هل يمكن تطعيم علم أصول الفقه بمباحث ومناهج علمية جديد؟
 وهل يمكن توسيع دائرة العلوم التي يستمد منها علم أصول الفقه؟
 وهل بالإمكان التخلي عن بعض المباحث…؟
المهم أن الضرورة أصبحت ملحة للاستفادة من مناهج العلوم، والطرق الجديدة لتحليل الخطاب، وتقنين وضبط العلاقات الاجتماعية والتنظيمية للمجتمع، والإجابة عن العديد من الإشكالات التي ارتبطت بقضايا الفرد والأسرة والمجتمع..
«إن الترابط الوثيق بين علم أصول الفقه وعلم الفقه مثلا يفسر لنا العلاقة بين الذهنية الأصولية ومستوى البحث العلمي على صعيد النظريات من ناحية، والذهنية الفقهية ومستوى البحث العلمي على صعيد التطبيق من ناحية أخرى، لأن توسع بحوث التطبيق يدفع ببحوث النظرية إلى الأمام».
ونقدم في هذا السياق بعض المقترحات التي تقدم بها الدكتور طه جابر للندوة الدولية بستراسبورغ حول قضية التجديد في أصول الفقه، يمكن تلخيصها فيما يلي:
1 – إعادة النظر في شروط وكيفية الاجتهاد وكذلك الإجماع.
2 – استخدام الأصول لأدوات المنهج “العلمي” التجريبي المطبق.
3 – استخدام العلوم الاجتماعية والإنسانية لأدوات علم أصول الفقه.
وعقب على ذلك بقوله: ولو توصلنا إلى هذا وأوجدنا نوعا من التكامل بين المنهج الأصولي في مجال الوحي والمنهج العلمي التجريبي، فربما يؤدي هذا إلى إصلاح وتغطية المساحات الخالية بما لم تتعرض له العلوم الإنسانية والاجتماعية، وإلى إصلاح قضيتنا الفقهية.
 أبجد العلوم، للقنوجي. دار الكتب العلمية.
 إرشاد الفحول للشوكاني، تحقيق محمد سعيد، دار الكتب الثقافية، ط4: 1992.
 أصول التشريع الإسلامي، علي حسب الله، دار المعارف، مصر، ط5: 1976.
 أصول الفقه الإسلامي، لإبراهيم سلفينيي،مطبعة الإنشاء: 1982.
 أصول الفقه للخضري،  دار الفكر، ط7.
 أصول الفقه: تاريخه ورجاله، للدكتور محمد إسماعيل، دار المريخ، ط1: 1981.
 أصول الفقه: منهج بحث ومعرفة، لطه جابر العلواني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1: 1988م.
 أصول الفقه، العربي اللوه،. مطبعة ديسبريس، تطوان، ط2: 1984.
 الإحكام في أصول الأحكام للآمدي، تحقيق سيد الجميلي، دار الكتاب العربي، ط1: 1986.
 الإبهاج في شرح المنهاج لعبد الكافي ابن السبكي وتاج الدين، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1: 1984..
 الاعتصام للإمام الشاطبي، مكتبة الرياض الحديثية.
 البحر المحيط للزركشي،  تحقيق لجنة من علماء الأزهر، دار الكتبي: ط1: 1994.
 البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين، تحقيق عبد العظيم محمود الديب، مطبعة الوفاء، ط1: 1992.
 التحرير في أصول الفقه، للكمال ابن همام، مطبعة البابي الحلبي، 1351هـ.
 التصور اللغوي عند الأصوليين، للسيد عبد الغفار، دار المعرفة الجامعية، ط1: 1990،
 التعريفات، للجرجاني.
 التقرير والتحبير، شرح ابن أمير حاج على التحرير، المطبعة الأميرية ببولاق،مصر، ط1: 1316هـ.
 الرسالة الرمزية لعادل الفاخوري، دار الطليعة، بيروت، ط2: 1990.
 الرسالة، للشافعي، تحقيق أحمد شاكر، دار الفطر، ط: 1309هـ.
 العدة في أصول الفقه لأبي يعلى، تحقيق أحمد بن علي سمير المباركي، مؤسسة الرسالة، بيروت. ط1: 1988م.
 الغرة في أصول الفقه، علال الفاسي،  مطبعة الرسالة: 1992.
 الفكر الأصولي، دراسة تحليلية نقدية للدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان، دار الشروق، ط1: 1983،.
 الفوائد البهية في تراجم الحنفية، لأبي الحسنات عبد الحي اللكنوني،. دار المعرفة، بيروت.
 القصور العوالي من رسائل الغزالي، مكتبة الجندي، مصر.
 المبين في شرح ألفاظ الحكماء المتكلمين، للآمدي،  مكتبة وهبة، ط2: 1993م.
 المستصفى من علم أصول الفقه، للغزالي. تحقيق محمد مصطفى ابو العلا، مكتبة الجندي.
 المعالم الجديدة للأصول: دروس تمهيدية في علم الأصول محمد باقر الصدر، دار التعارف لبنان، 1989.
 المعجم الفلسفي، لجميل صليبا، دار الكتاب اللبناني، ط1 : 1974
 المعجم الفلسفي، لمراد وهبة.  ط: 1979م.
 المقدمة لابن خلدون، تحقيق عبد الواحد وافي، دار النهضة، مصر، ط3.
 المنخول عن تعليقات الأصول، للغزالي. تحقيق محمد حسن هيتو، دار الفكر.
 المنخول للغزالي
 الموافقات في أصول الشريعة: تعليق وشرح عبد الله دراز، دار المعرفة..
 الوصول إلى الأصول، لابن برهان:  تحقيق عبد الحميد أبو زنيد، مكتبة المعارف، الرياض، ط1: 1983م.
 بنية العقل العربي، للدكتور الجابري، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1: 1986م.
 تجديد المنهج في تقويم التراث، لطه عبد الرحمن، المركز الثقافي العربي، ط1: 1994.
 تخصيص النصوص بالأدلة الاقتصادية عند الأصوليين، خليفة باكر الحسن، .مكتبة وهبة، ط1: 1993،
 تسهيل الوصول إلى علم الأصول، للمحلاوي، ص: 20-21، مطبعة الحلبي بمصر: 1391هـ.
 تقنين أصول الفقه للدكتور محمد زكي عبد البر، مكتبة دار التراث، ط1: 1989.
 تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، مصطفى عبد الرزاق، ط3: 1966.
 تيسير التحرير لأمير باد شاه،  دار الكتب العلمية، لبنان.
 حصول المأمول من علم الأصول، لمحمد صديق خان بهادر،  مطبعة محمد، 1938م.
 دراسة المعنى عند الأصوليين، للدكتور طاهر سليمان حمودة، الدار الجامعية.
 شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب، مكتبة الكليات الأزهرية، 1989م.
 شرح الكوكب المنير لابن النجار. تحقيق محمد الزحيلي ونزيه حماد،دار الفكر، دمشق، ط1: 1980م.
 شرح المنار لابن ملك، المطبعة العثمانية: 1315هـ.
 طبقات الشافعية لابن السبكي: تحقيق عبد الفتاح لحلو، ومحمد الطناحي، مطبعة عيسى الحلبي، ط: 1966.
 غاية الوصول إلى دقائق الأصول، للدكتور جلال الدين.  مطبعة السعادة، ط1: 1979م.
 فلسفة التشريع في الإسلام، صبحي المحمصاني. دار العلم للملايين، بيروت، ط4: 1975.
 قضية تجديد أصول الفقه للدكتور علي جمعة، دار الهداية: 1993.
 كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، تحقيق لطفي عبد البديع، المؤسسة المصرية العامة، ط: 1963.
 كشف الأسرار على أصول البزدوي، لعبد العزيز البخاري. دار الكتاب العربي، لبنان.
 كشف الظنون في أسامي الكتب والفنون.  مكتبة المثنى بغداد.
 لسان العرب، لابن منظور. دار صادر، بيروت، ط3: 1994
 مختصر المنتهى لابن الحاجب، مطبعة كردستان، مصر، 1326هـ.
 مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زاده، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1: 1985.
 مقاصد الشريعة الإسلامية محمد الطاهر بن عاشور. الشركة التونسية للتوزيع: 1978.
 مناهج البحث عند مفكري الإسلام، لعلي سامي النشار، دار النهضة العربية، ط3.

(المصدر: مجلة ” الواضحة” العلمية المحكّمة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى