مقالاتمقالات مختارة

علماء السلطان.. وسلاطين العلماء!!

علماء السلطان.. وسلاطين العلماء!!

بقلم أحمد الشريف

بعد عرض فيلم “أريد حلا” في منتصف السبعينيات الذي كتبت قصته الصحفية حُسن شاه ،وقامت ببطولته الفنانة فاتن حمامة ، وما أثاره من ضجة وتعاطف مع (فاتن حمامة) المرأة التي تريد الطلاق من زوجها وتظل سنوات في المحاكم دون جدوى!!

استغلت سيدة مصر الأولي “جيهان السادات” ظهور أنياب السادات الديمقراطية بحل مجلس الشعب في أبريل 1979 بسبب رفض 15 عضوا من أعضائه لاتفاقية كامب ديفيد المشئومة مع العدو الصهيوني، فأوحت إلى السادات بإصدار قرار جمهوري له قوة القانون لإنصاف المرأة ومراعاة حقوقها المهدرة!!

وهو ما عرف بعد ذلك بالقانون رقم 44 لسنة 1979 أو “قانون جيهان للأحوال الشخصية”!!

وقد نص القانون علي:

“يعتبر إضرارا بالزوجة اقتران زوجها بأخرى دون رضاها ،ولو لم تشترط عليه في عقد زواجها عدم الزواج عليها…”!!

وبناءا عليه يلزم القاضي بتطليق الزوجة الأولي للضرر متى طلبت الطلاق، حتى لو كان الزوج عادلا وفيا بسائر حقوقها، رافضا لذلك الطلاق!!

وطبقا لهذا القانون المخالف لشرع الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم، ممكن تتزوج المرأة بعد “طلاقها بقوة القانون” من رجل آخر، ولأن طلاق المكره لا يقع (فلا يجوز إكراه الرجل علي تطليق زوجته دون سند شرعي)، فقد أصبحت المرأة علي ذمة رجلين في وقت واحد!!

وبالطبع لم يعدم السادات من مشايخ السلطان من يدافع عن قراراته وهو الرئيس المؤمن الذي وصف بالخليفة السادس، وقال عنه للأسف أحد المشايخ الكبار “لو كان الأمر بيدي لجعلته في مقام من لا يُسْأَل”!!

وكان علي رأس المدافعين عن “قانون الأحوال الشخصية”:

شيخ الأزهر (الذي عينه السادات في يناير 1979) د “عبد الرحمن بيصار”، والمفتي (المعين في 1978) الشيخ “جاد الحق علي جاد الحق”!!

والمشايخ “السعدي فرهود”، و”الأحمدي أبو النور”،ود “أحمد عمر هاشم”!!

وللأسف كانوا جميعا أيضا من المؤيدين والمدافعين عن اتفاقية السلام مع الصهاينة وقتها!!

ولذلك تم ترقيتهم جميعا بعد ذلك حيث تولي الشيخ جاد الحق رئاسة مشيخة الأزهر بعد وفاة د “عبد الرحمن بيصار”!

وتولى “الأحمدي أبو النور” وزارة الأوقاف!!

وأصبح “السعدي فرهود” رئيسا لجامعة الأزهر!!

و “أحمد عمر هاشم” عميدا لكلية أصول الدين ثم رئيسا لجامعة الأزهر!!

ولكن ولسوء حظ السادات وزوجته كان بمصر علماء ورجال لا يخشون في الله لومة لائم ومنهم الشيخ المجاهد “صلاح أبو إسماعيل” الذي كان ثالث ثلاثة (مع المستشار الجليل “ممتاز نصار” والأستاذ “أحمد يونس”) فقط من المعارضة دخلوا المجلس الجديد رغم أنف السادات ووزير داخليته النبوي إسماعيل!!

وبمجرد انعقاد جلسات مجلس الشعب الجديد في أواخر 1979 انبري الشيخ العلامة صلاح أبو إسماعيل للتصدي للقانون وبيان مخالفته لشرع الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم!!

وبين أن الإسلام شرع للمرأة مفارقة زوجها وخلعه متى شاءت بعد رد صداق الزوج (المهر) دون أي حقوق لها بعد ذلك!!

علي عكس الطلاق الذي يعطيها نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر الصداق و ما إلي ذلك ،بالرغم أنها هي التي طلبت الطلاق من زوجها الذي لا تعيب عليه خلقا أو دينا إلا أنه تزوج بأخرى!!

وقد تصدى الشيخ أبو إسماعيل أيضا لكل ما هو مخالف لشرع الله باستجواباته المتتالية في المجلس ضد رئيس الجمهورية وحكومته!!

فلما لم يجد جدوى من هذه الاستجوابات قام في المجلس غاضبا (أبريل 1981) يخطب في أعضائه بقول الله تعالي:

فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى? يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

ولأنه دخل المجلس يحمل أمانة شعاره الانتخابي “أعطني صوتك لنصلح الدنيا بالدين”

فقد قال:

“لقد وجدت طريقي بينكم إلي هذه الغاية طريقا مسدودا ،لذلك أعلن استقالتي من مجلس الشعب غير آسف علي عضويته”!!

وقد انبري العديد من علماء الإسلام المعتبرين لتأييد موقف الشيخ “صلاح أبو إسماعيل” ضد (مشايخ السلطان)!!

وعلى رأس هذه القائمة من (سلاطين العلماء):

الشيخ الداعية المجاهد “محمد الغزالي”، والشيخ الجليل “عبد اللطيف مشتهري” رئيس الجمعية الشرعية، والشيخ القدير د “عبد الستار فتح الله سعيد” أستاذ التفسير بكلية أصول الدين، والعلامة د “موسى شاهين لاشين” صاحب موسوعة “فتح المنعم شرح صحيح مسلم في 10 مجلدات”، وغيرهم الكثير من علماء الأمة ورجالها الشرفاء..

حتى سقط القانون وتم الإطاحة به في المحكمة الدستورية في الرابع من مايو 1985، بدعوى عدم دستوريته!!.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى