علماء السلطان
بقلم الدكتور عبدالله المشوخي (خاص بالمنتدى)
العلماء نوعان، عالم رباني يتقِ الله ويخافه.
يخشى من يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار.
يعمل بشرع الله.
يقول كلمة الحق، لا يخشى في الله لومة لائم.
وعالم سلطان، سخر علمه لخدمة الحاكم طمعًا في منفعة دنيوية زائلة.
مهمتهم ليّ أعناق النصوص للتوافق مع مصلحة أهواء الحكام ورغباتهم ونزواتهم، فهم كما وصفهم حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله: “علماء السوء الذين يجعلون من علوم الدين والشرع مطية لأكل الدنيا وأداة للوصول إلى المطامع ووسيلة لقضاء الأوطار من الشهوات وسبيلًا للحصول على الملذات والمنفعة… فهم البلاء كل البلاء وهم بيت الداء وموطئ الهلاك”.
مثل هؤلاء مع السلاطين كمثل خادم الأمير بشير الشهابي حيث قال يومًا لخادمه: نفسي تشتهي أكلة باذنجان، فقال الخادم: “الباذنجان بارك الله به فهو سيد المأكلولات، لحم بلا شحم، سمك بلا حسك… الخ”.
ثم قال الأمير: “ولكني أكلت منه قبل أيام فنالني منه ألم في معدتي”، فقال الخادم: “الباذنجان، لعنة الله على الباذنجان فهو ثقيل، غليظ، نفاخ، أسود الوجه”.
فقال له الأمير: “ويحك، تمدح الشيء وتذمه في وقت واحد!”.
فقال الخادم: “يا مولاي، أنا خادم للأمير ولست خادمًا للباذنجان، إذا قال الأمير نعم، قلت له نعم، وإذا قال: لا قلت لا”.
وما أكثر العلماء الباذنجانيون هذه الأيام، الدين باعوا آخرتهم بدنيا فانية، حيث أعانوا الظالم على ظلمه، بل برروا له الظلم وذلك بانتقاء الآيات والأحاديث التي تناسب مصلحة مولاه، غاضين الطرف عن الأدلة الصحيحة التي تتعارض مع مصلحة السلطان وهواه، لذلك ذم القرآن الكريم هؤلاء ولعنهم بقوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}.
وفيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان” -رواه احمد وصححه الألباني.
فهؤلاء علماء السوء من رضي منهم لنفسه أن يكون بوقًا لظالم مستبد وشاهد زور، وزين الباطل وأحل ما حرم الله ورضي أن يكون أداة حادة بيد طاغية كي يشهرها في وجه المصلحين فلا شك أنه من أشر الناس وأخبثهم طوية.
بل إن نفاقهم يؤدي إلى فقدان الشباب ثقتهم بالدين فبعضهم يربط الدين بعلماء السلاطين، لذلك تجدهم ينفرون من الدين بسبب هؤلاء الأفاكين.
نسأل الله العلي القدير أن يثبتنا على الحق ونعوذ بالله من الحور بعد الكور، اللهم أمين يارب العالمين.