مقالاتمقالات مختارة

علاقات العرب والعثمانيين بين الإسلام والقومية

بقلم معاذ السراج

إن استشفاف طبيعة الحكم العثماني في الولايات العربية من خلال الدراسة والحوار العلمي والمعرفي، يقودنا إلى العديد من الحقائق المهمة التي بات من الضروري معرفتها وتصحيحها في الأذهان بعد أن أحاطت بها أجواء من السلبية والتحريف لعقود طويلة. وإذا كان العرب كما يقول الدكتور معن زيادة “في بحثهم عن هويتهم قفزوا فوق التاريخ وأرجعوا تاريخهم إلى بني أمية وبني العباس، وأهملوا فترة طويلة من تاريخهم على امتداد العهود السلجوقية والمملوكية والعثمانية”، فإن سياقاً تاريخياً امتد لأكثر من أربعة قرون من العلاقات بين العرب والعثمانيين لا يمكن إلا أن يترك آثار في الوعي والسلوك والتقاليد والعلاقات الاجتماعية أعمق بكثير من أن تمحوها عقود من المناكفة والسلوكيات السياسية غير المتوازنة والتي تعود بالأساس إلى مرحلة مضطربة اختفى أصحابها واندثروا.

وفي حين اشتهر في الكثير من الكتابات التاريخية عن البلاد العربية في العصر العثماني، أن الدولة أساءت إلى حد كبير إدراة الولايات العربية، بل وأنها أهملتها بالكامل تقريبا، فإن هذا التصور حسب الدكتور وجيه كوثراني “ليس بعيداً عن قوالب وشعارات التأطير الأيديولوجي”، وحسب روبير مانتيران يرجع إلى قلة “درايتنا” بالعلاقات بين قيادة الولايات والمركز، ولذلك فإن أغلب ما يطرح حول الموضوع لا يعدو مجرد افتراضات.

نبذة موجزة من التاريخ

يرى العديد من المؤرخين أن البلاد العربية احتفظت بثقل كبير في الدولة العثمانية، وخضعت لنظام إدارة جيد مع وسائل محدودة من السيطرة المركزية. وفي مستهل القرن السابع عشر كانت الولايات العربية تمثل خمسي مساحة الإمبراطورية العثمانية وما يقرب من نصف عدد سكانها (نحو 12 مليون نسمة)، ومن أصل 32  إيالة (ولاية) ضمّتها الدولة حسب القائمة التي أعدها الصدر الأعظم مراد باشا كويوجو للسلطان أحمد الأول عام  1609م، كان من بينها  13 إيالة عربية هي: الإحساء والبصرة وبغداد والموصل والرقة وحلب و”الشام” أي سوريا الكبرى، و”طرابلس الشام”، واليمن ومصر وطرابلس الغرب ووتونس والجزائر، وتضاف إليها الحجاز وهي ولاية “مميزة”، تعترف للسلطان العثماني وتخضع لشريف مكة. ورغم هذا الامتداد الشاسع فإنه ظل وحدة جغرافية متماسكة ومتكاملة، وباستثناء الجزائر والعراق اللتين بقيتا تتعرضان للضغوط من قبل أوروبا وإيران فإن المنطقة العربية لم تتعرض لتهديد خارجي حتى حملة نابليون عام 1798، وحسب أحمد الشقيري فإن القسطنطينية حينها لم تكن عاصمة الوحدة العربية فحسب بل كانت آخر عواصمها، ومن بعدها بدأت مرحلة التجزئة والانفصال التي ما نزال نعيشها ”إلى اليوم“.

وتؤكد المصادر التاريخية أن العرب تعاطفوا مع الدولة العثمانية، وكانوا يتلقون بفرح ولهفة أخبار انتصاراتها في أوروبا، ولم يستغرق دخول البلاد العربية تحت راية الإمبراطورية سوى سنوات قليلة جدا، بخلاف حروب العثمانيين في أوروبا، كما أنهم تقبلوا برحابة صدر انتقال الخلافة إليها، متناسين الشرط المعروف “أن يكون الخليفة عربيا وقرشيا وهاشميا”، ذلك أن “الانتصارات التي حققها العثمانيون تحت راية الجهاد لم تترك مجالا للنقاش حول شروط الخلافة ومؤهلات الخليفة” كما يقول الأستاذ أحمد الشقيري في كتاب “علم واحد وعشرون نجمة”. ومن المهم الإشارة هنا إلى تأثير الطابع التديني لدى المسؤولين العثمانيين، وأخذهم بمنهج الإسلام السني في سلوكهم ومعاملاتهم وممارساتهم للسلطة العليا للدولة، ومن هذه الزاوية احتلت ثقافة وحضارة ودين العرب ولغتهم مكانة كبيرة في نفوس السلاطين والعلماء ورجال الدين العثمانيين عموما.

وفي هذا الإطار ينبغي أن نتذكر جيدا بأن العثمانيين لم يأخذوا السلطة من أيدي العرب ولكنهم أخذوها من المماليك والذي حارب السلطان سليم عام  1516 هو قانصوه الغوري وليس أي أمير عربي. والسلطان سليم ومن أتى بعده لم يعتبروا في نظر العرب محتلين، والشيء الثابت تاريخيا هو أن السلطان سليم وغيره أرادوا تعريب الإمبراطورية لغة وثقافة وإدارة، ولكن الأمر لم يتم بسبب ضعف الجهاز الإداري، ومع هذا فإن اللغة العربية حظيت بمكانة مرموقة كأهم القنوات التعبيرية عن الثقافة والأدب، وكانت إحدى الشروط الأساسية لتولي المناصب الدينية العليا للدولة، وعلى الخصوص الإفتاء والقضاء والتدريس، واستخدمت كوسيلة في الإنتاج الفقهي والتاريخي، ولهذا يرى مؤرخون كثر أن العثمانيين ساهموا في حماية اللغة العربية ونشرها، ولا غرابة بعدها أن تكون الكثير من مصطلحات العلوم عند العثمانيين باللغة العربية. بل يذهب بعض الباحثين إلى أن “اللغة التركية – العثمانية” وقعت تحت تأثير اللغة العربية”، وتضم مكتبات تركيا اليوم أكثر من ثلاثمئة ألف مخطوطة باللغة العربية، وهو ما يشكل أهم رصيد حضاري للعرب حسبما ذكر الدكتور عبد الجليل التميمي.

ولا شك في أن عامل اللغة ترك آثارا عميقة في مختلف جوانب الثقافة والتقاليد الاجتماعية، وعلى سبيل المثال فقد برع العثمانيون في مجال الخط العربي وأثروه جماليا وفنيا وبرز منهم الكثير من كبار الخطاطين، وتبنى العثمانيون الكثير من جماليات الفن المعماري المحلي في الولايات العربية، وفي مجال الموسيقى والفولكلور يمكن للمتابعين أن يلحظوا بسهولة التداخل الكبير بين الطابعين العربي والتركي، ويشمل ذلك الأزياء والحلي العربية والأشغال اليدوية، وحتى المطبخ التركي العثماني الذي يشترك مع المشرق العربي في الكثير من أنواع الأكلات ومسمياتها. وهذا بحث تاريخي مستفيض يحتاج لملجدات عديدة، ونحن هنا نكتفي بالإشارة فقط.

يذكر أن “قوانين نامه” لكل من مصر وبلاد الشام والعراق والتي عملت بها الدولة العثمانية لتسيير شؤون الولايات أخذت بالاعتبار احترام تقاليدها وأعرافها وخصوصياتها الاجتماعية والإدارية، ويذكر دونالد كواترت أن حسن تطبيق النظام الضريبي (على أساس الاستقصاءات الميدانية) دل على حسن تدبير ومستوى عال من الكفاءة وحسن الإدارة. وفي القرن الثامن عشر كان يوجد في إسطنبول مكاتب متخصصة يرأسها أمين المكتب الإمبراطوري، وتضم أكثر من مئة وخمسين موظفا، تنظم الرسائل التي كانت توجه من العاصمة إلى مسؤولين إداريين ودينيين، وتستقبل الرسائل الموجهة إلى العاصمة، وتعد بمساعدة الأرشيفات التي تحتفظ بها القرارات التي تتخذها بعد ذلك السلطات المعنية. ويكفي أن نذكر أن السياسة العليا للعثمانيين أنهم حيثما وجدوا تقاليد إدارة حكومية قديمة وجماعات سياسية – اجتماعية متماسكة فإنهم في الغالب يحاولون التوافق مع هذه التقاليد وهذه الجماعات، بدلا من فرض نظام إداري جديد أو مغاير.

عهد السلطان عبد الحميد وتعتيم الصورة

كانت الإمبراطورية عند منعطف القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين تبدو وكأنها شبه مستعمرة، وما يجنبها أن تعرف مصيرا أسوأ هو في المقام الأول واقع أن أطماع الدول تتصادم بعضها مع البعض الآخر، وهي إحدى أهم الأفكار والمناورات السياسية التي عمل عليها السلطان عبد الحميد منذ صعد إلى الحكم، يضاف إلى ذلك أن هناك في الدولة سلطة مركزية قوية ومعترف بها كسلطة شرعية، وبيروقراطية مشبعة بشكل عام بروح المقاومة للأطماع الأوروبية. وكما اعترف بذلك اللورد دوفرين السفير البريطاني لدى الباب العالي فإن: “الحقيقة هي أن أي سفير لن ينجح في وضع السلطان في جيبه”، هكذا بدا السلطان عبد الحميد في نظر أعتى خصومه.

وُصف السلطان عبد الحميد بأنه كان “محابياً للعرب” ومقربا لهم أكثر من غيره من السلاطين، وقد انتهج سياسة خاصة يمكن وصفها بسياسة “عربية” تسعى إلى ربط الولايات العربية بالدولة العثمانية بشكل أكثر رسوخا. وبالإضافة إلى الدين فقد كانت هناك وسائل أخرى للوصول إلى هذه الغاية، جعلت الولايات العربية تتمتع بالأولوية على المستويين السياسي والاقتصادي، وتوضع في مقدمة الولايات التي يجري إرسال الرجال الأقدر إليها كولاة، وتحصل على جزء بالغ الأهمية من الاستثمارات والأرصدة العامة كما ذكر المؤرخ مانتيران.  وهكذا فبين بين عامي 1882- 1908م سوف يجري مدّ 2350 كيلومترا من السكك الحديدية في سوريا وفي الحجاز، في مقابل 1850 كيلومترا في الأناضول بين التاريخين نفسيهما، أي بنسبة 47% في مقابل 37% من مجموع السكك الحديدية التي يجري مدها في ظل عبد الحميد.

“والحال أن مدينة كدمشق تُجهّز بالإضاءة وبالترام الكهربائي في عام 1906م قبل إسطنبول“. وتضطلع الدولة بجهد ضخم في مجال التعليم، ففي بيروت أو دمشق يتقدم التسجيل في المدارس العامة بأسرع مما في أي مكان آخر.

ومما تضمنته سياسة عبد الحميد منح العرب مكانة أوسع في حياة الدولة. فعلاوة على مجموعة الوجهاء الدينيين المحيطين بالسلطان في يلدز، نجد عددا من العرب في مناصب وزارية مثل (الماروني اللبناني سليم ملحم باشا) أو على رأس مكاتب من مكاتب القصر (كعرب عزت باشا الكاتب الثاني في القصر) وفي الجيش أيضا يتم تكثيف تجنيد ضباط عرب: في عام 1886م لا يقل عددهم عن 3200 ضابطا، وفي الساحة، في الولايات يعتمد عبد الحميد على بعض كبرى عائلات الأعيان الدمشقيين والحلبيين، أو على زعماء العشائر كما جرى إنشاء مدرسة للعشائر في إسطنبول عام 1892م، لتعليم أبناء الزعماء وتربيتهم على روح الولاء للدولة العثمانية.

ومن المؤكد أن أحد أكثر الجوانب إثارة لهذه السياسة العربية هو إنشاء سكة حديد الحجاز لربط المدينتين المقدستين في شبه الجزيرة العربية بدمشق ومن ثم بإسطنبول مرورا بأهم مدن بلاد الشلام. وعلى الرغم من الهدف المعلن للمشروع هو تسهيل الحج وربط الولايات بالعاصمة فلا يقلل من شأنه أن يقال إن له أهدافا سياسية وعسكرية كتوفير السرعة لنقل القوات العسكرية إلى شبه الجزيرة العربية تحسبا لحركات تمرد أو عصيان طالما حدثت خلال العقود السالفة. وعلى أية حال فقد ذهب من قاموا على إنشاء هذا المشروع الكبير وبقيت سكة حديد الحجاز قائمة بقيمتها المادية والمعنوية.

وبالعودة إلى مشروع سكة حديد الحجاز الذي بني بإسهامات مسلمي العالم كله ونفذ على أيدي مهندسين وفنيين أتراك أساسًا، فإنه اعتبر مشروعا ناجحا من الناحية الفنية، وأظهر قيمة رمزية فيما يمكن للمسلمين عمله في مجال تقني دون اعتماد على الأوروبيين، وكان الطريق الذي نفذ في زمن قياسي، يوصل إلى المدينة المنورة عند نشوب ثورة تركيا الفتاة، وذلك بالرغم من مقاومة البدو الذين اعتبروا السكة منافساً غادراً لأنشطة قوافلهم. ولا بد من التنويه بأن بناء سكة حديد الحجاز استثار تضامنا واسعا في العالم الإسلامي وتميز بأثر تعبوي لا جدال فيه على الجماهير الإسلامية في الإمبراطورية.

وعلى هامش سياسات عبد الحميد تجاه الولايات العربية فإنه والرغم من الطابع الإسلامي لهذه السياسات وما أحيطت به شخصية السلطان عبد الحميد من شخصيات دينية ومشايخ، لكنها – وعلى أرض الواقع – قللت كثيرا من تدخل الدين في إدارات الدولة الذي كان حاصلا قبل التنظيمات، وبدا واضحا أن الاتجاهات إلى العلمنة في عصر الإصلاحات تجد باستمرار تعزيزا لها، وذلك على سبيل المثال في المجال القضائي 1879م، ولن يستعيد العلماء – الفقهاء – سلطتهم التقليدية، وسيتم الإشراف عليهم عن كثب من جانب السلطة المدنية. وحتى شيوخ الإسلام الذين يعينهم عبد الحميد تراجع تأثيرهم كثيرا عما كان عليه، وأصبحوا أشخاصا من الدرجة الثانية يمكن للسلطان تهميشهم بسهولة.

ومن الناحية الثقافية والعلمية فعلى الرغم من نشر الكثير من الكتب الإسلامية في عهد عبد الحميد إلا أنها تعتبر أقل بالنسبة للمؤلفات التي تتناول الأمور غير الدينية، وإذا كانت تمثل 36% من الكتب الصادرة في عهد عبد المجيد، و22%  من الكتب الصادرة في عهد عبد العزيز، فإنها في عهد السلطان عبد الحميد تراجعت إلى 14% من الكتب الصادرة، وكل هذه العناصر تقلل من شأن التهويل حول “العودة إلى الدين”، أو العودة إلى حكم ثيوقراطي كما زعم خصوم السلطان.

وإذا ما استعرضنا أحوال القاهرة وبيروت وحلب والقدس فلن نجدها أقل شأنا مما كانت عليه حال دمشق وما حظيت به من اهتمام، وهذا يقودنا إلى الاستنتاج بعدم دقة المقولة التي سادت طويلا بأن العالم العربي كان يغط في نوم عميق قبل أن يأخذ بالنهوض بتأثير أوروبا خلال القرن التاسع عشر وأن هذا القول على الأقل هو قول مبالغ فيه، إن لم يكن مجانبا للحقيقة والواقع, ومرده إلى عدم إدراك حجم التحولات العالمية وخاصة في الدولة العثمانية وأوروبا الغربية ومدى تأثيرها وتحكمها بمصائر الدول والشعوب، من مختلف النواحي الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية. ومرة أخرى نجد أن الدراسة والحوار العلمي والمعرفي, يقودنا إلى ضرورة تصحيح الصورة الذهنية للدولة العثمانية والتي أحاطت بها أجواء من السلبية والتحريف لعقود طويلة.

علاقات العرب والأتراك بين الواقع والصورة

في الواقع عندما يتحدث العرب اليوم عن الدولة العثمانية – والكلام للدكتور معن زيادة – “فإنهم لم يعرفوها  إلا في نهاياتها” أي في زمن عبد الحميد وجمال باشا، وحتى هذه الفترة الممتدة من 1876م حتى نهاية الدولة العثمانية 1922م فهي معروفة بشكل متقطع ومشوه إذا جاز التعبير. وبصرف النظر عن الدفاع عن السلطان عبد الحميد كشخص لكنه أمر له مغزاه أن ينهي شخص مثل “خير الدين التونسي” حياته كوزير لعبد الحميد، وكذلك أن ينهي “جمال الدين الأفغاني” حياته في قصر السلطان العثماني. (جاء هذا في ندوة عقدت عام 1980م ونشرتها مجلة تاريخ العرب والعالم في العدد 17 لعام  1980) ويؤكد الدكتور زيادة أن الدولة العثمانية كان لها أنصار قبل 1908م وبعد 1908م، مثل: مصطفى كامل زعيم الحزب الوطني المصري، ومن مؤيدي السلطان عبد الحميد في حرب البلقان، وله كراس في ذلك نشره في الفيغارو الفرنسية عام 1903 تحت عنوان “أوروبا والإسلام”، وسليمان البستاني في كتابه “عبرة وذكرى” وموقفه معبر لأنه يعني أن المارونية بجزء منها على الأقل كانت إلى جانب بقاء الدولة العثمانية. والشيء نفسه يقال عن أديب إسحق وغيرهما.

وفي الندوة ذاتها يقول الدكتور وجيه كوثراني: “إن البحث التاريخي الجاد يرينا صورة مشوهة من التاريخ، فإن مفاهيم عصر النهضة لم تكن مرتبطة بمعاداة الأتراك أو النضال ضدهم. وإذا كانت نماذج حادة من عصر النهضة مثل البستاني وأديب اسحاق لم تعارض الدولة العثمانية مع أنها تنتمي إلى الأقليات، فإن هناك أمثلة بين المسلمين لم ترتبط بالنضال ضد الأتراك مثل الأفغاني ورشيد رضا ومحمد عبده وشكيب أرسلان. صحيح أن كثيرا من المفكرين العرب تخلوا عن الدولة العثمانية في مرحلة التتريك لكن يجب ألا تسحب هذه المرحلة على كل تاريخ الدولة العثمانية فهي تمتد فقط من  1909 إلى 1916 وبالتالي فإن رموز النهضة الفعلية والمفاهيم التي أنتجت قبل ذلك ارتبطت بمعاداة الغرب وليس بمعاداة الدولة العثمانية. وكانت أسئلة النهضة تدور حول: كيف نقاوم الغرب؟ كيف نحافظ على الأصالة؟ كيف نحدث أنفسنا وواقعنا؟ لكن هذا الخط طمس وضرب. لماذا؟ لأن الدولة العثمانية كان قد اخترقها الغرب اختراقا كاملا، فتفككت وتمزقت بفعل العوامل التي أتت بها الرأسمالية الغربية، وكما يشير الكوثراني فإنه “بفعل الإرساليات والامتيازات والوكالات والخانات الأجنبية فإن فئات اجتماعية غير إسلامية أصبحت تقوم بدور وكلاء للغرب، وأصبحت الملة تعني أمة، بلغة الاستشراق والدبلوماسية الغربية، وتفككت الدولة العثمانية بفعل التوسع الغربي إلى أيديولوجيات قوموية وطوائفية تتمثل الأيديولوجية الغربية وتلبس القومية الغربية على واقعها”.

(المصدر: ترك برس)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى