مقالاتمقالات المنتدى

عظيم الأجر في الاحتساب والصّبر (٢)

عظيم الأجر في الاحتساب والصّبر (٢)

 

بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

لقد تحدّثنا في الحلقة الأولی معشر المؤمنين عن معنی الصّبر ومنزلة الصّابرين في السّنّة النّبويّة والقرآن الكريم وسنتحدّث الآن عن أنواع الصّبر فنقول وباللّه التّوفيق: إنّ الصّبر ثلاثة أنواع هي: صبر عن ارتكاب السّيّئات وصبر على فعل الخيرات وصبر على الشّدائد والملمّات قال تعالى آمرا عباده بالصّبر على عمل الصّالحات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ومعلوم أيّها المباركون أنّ فعل الطّاعات كأداء الصّلوات يحتاج لمزيد من الصّبر والمجاهدات قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا..﴾ إنّ الصّبر عن ارتكاب المعاصي أهون من عذاب اللّه تعالى يوم تشيب الرّؤوس ويؤخذ بالأقدام والنّواصي! فطوبى لمن اجتهد في القيام بما اللّه تعالى به أمر واجتنب ما نهى عنه وزجر وآثر الآخرة على الأولى ونهى النّفس عن الهوى وانتصر على شيطانه بترك الشّهوات والموبقات! لا جرم أنّ السّعيد اللّبيب أخي الحبيب هو من أدرك الحكمة من الابتلاء فصبر ورضي بما جرى به القدر قال اللّه تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ وقال رسول اللّه ﷺ: {عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ} ولذا كان جزاء من صبر على مرّ القدر الرّحمة والهداية وعظيم الأجر والفوز في الحشر يوم العرض الأكبر بجنّات ونهر وصلوات مولانا المليك المقتدر القائل في محكم الذّكر: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ واعلم أيّها الأخ المبتلی في أيّ مصر أنّ من انتصر على أحزانه فقد فاز وظفر ومن يئس من رحمة اللّه ﷻ فقد خسر وكفر وانكسر! فيا من بيده الخلق والأمر: هب لنا من لدنك الرّحمة والصّبر وانشراح الصّدر والرّضا بالقدر حتّی لا نحبّ ربّنا تقديم ما أخّرت ولا تأخير ما قدّمت وللّه درّ قائل هذا البيت الرّائع من الشّعر: (وَالصّبرُ مُرّ لا يُطاقُ مَذاقهُ: أمّا عَواقِبهُ أحلَى مِن العَسَلِ)!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى