عنوان الكتاب: ميليشيا الإلحاد – مَدخَل لفَهم الإلحاد الجديد
النـاشـر: تكوين للدِّراسات والأبحاث
الطبعة: الأولى
ســنة الطبـع: 1435 هـ
عدد الصفحات: 240
التعريف بموضوع الكتاب:
الإلحاد هو ذلِكم المذهب الفَلسفي الذي يقوم على فكرةٍ عدميَّةٍ، أساسها إنكارُ وجود الله الخالق سبحانه وتعالى، فيدَّعي الملحِدون بأنَّ الكون وُجِد بلا خالق، وليس الإلحاد ظاهرةً وليدةَ اللحظة، وليس هو فِكرًا جديدًا انتشَر للتوِّ، بل لقدِ اعتنق هذا الفكرَ – الذي هو إنكار الخالق – بعضُ الأفراد والأُمم الماضية، لكنَّه أخَذ منحنًى أكثرَ خطورةً في الآونة الأخيرةِ، حتى اجتاحات المجتمعاتِ الغربيةَ موجةٌ إلحاديةٌ جديدةٌ اشتهرت في الدوائر الفكريَّة والثقافيَّة والعقديَّة بـ(الإلحاد الجديد، ولكن يُميِّزه عن غيره من أنماط الإلحاد جملةٌ من الخصائص والسِّمات، والرُّموز، والمؤلَّفات.
وكتابُ هذا الأسبوع يتحدَّث عن تلك الظَّاهرة الجديدة من الإلحاد، وأصلُ هذا الكتاب هو موادُّ سمعيَّة ومرئية للباحث.
ويُعدُّ هذا الكتاب مدخلًا موجزًا للتعريف بالظاهرة الإلحاديَّة الجديدة، ويُطلع المتلقِّي على أهمِّ السِّمات والخصائص لها، ولم يَقصد مؤلِّفه – كما بيَّن في مقدَّمته – معالجةَ جوانب هذه الظاهرة الإلحاديَّة كافةً، ولا مناقشة الشُّبهات والإشكالات التي تطرحها؛ فإنَّ الحديث عنها بهذا الشكل بحاجة إلى جهود أكبرَ، وأبحاث كثيرة، من شخصيات متعدِّدة، ومن خلفيَّات علميَّة متنوِّعة، تُوجِد نوعًا من التكامُل المهم في إدارة هذا الموضوع.
في مقدِّمة الكتاب: ذكَر الباحثُ نقطةً مهمةً توضِّح مدى الحاجة للحديث عن هذه الظاهرة الفكريَّة، هذه النقطة هي ما توصَّل إليه من خلال استقرائه للخطابات الشرعيَّة العقديَّة، التي تناولت الظاهرة الإلحاديَّة مؤخرًا، فقد وجَد قدرًا من الغَيبة عن إدراك كثيرٍ من مستجدَّات هذا الموضوع، بل إنَّ كثيرًا من الشرعيِّين لا يكاد يخرج تصوُّره عن الإلحاد عن أحد تصوُّرين، وكلاهما يحتاجُ إلى تصحيح:
التصوُّر الأول: أنَّ الإلحاد يُعدُّ استثناءً في المشهد العقدي، وشذوذًا بشريًّا، وأنَّ الملاحدة لا يوجد منهم إلَّا الفردُ بعد الفرد، وأنَّ نِسبتهم إلى المجموع البشري لا يُشكِّل رقمًا ذا بالٍ، وقد بيَّن المؤلِّف أنَّ هذا التصور غير صحيح، ولا يعكس الحقيقةَ على أرض الواقِع في الوقت الحاضر، فللملاحدة وجودُهم الحقيقي في الخارطة العقديَّة البشريَّة، وهم يُمثِّلون رقعةً واسعةً من تلك الخارطة؛ مؤكِّدًا ذلك ببعض الإحصائيات المخيفة والمقلِقة عن نِسبتهم.
التصور الثاني: أنَّ الإلحاد حالةٌ اقترنت في العهد القريب بالشيوعيَّة؛ فمتى تمدَّدت الشيوعيَّة، تمدَّدت ظاهرة الإلحاد، ومتى تقلَّصت تلك، تقلَّصت هذه. مشيرًا إلى أنَّ هذا التصور أيضًا يحتاج إلى تصويب، فحقًّا أن الدول التي تحلحلت عنها قبضةُ الشيوعيَّة تشهد فعلًا ظاهرةَ العودة للتديُّن، أو إعلان التديُّن، لكن في المقابل ثَمَّة موجةٌ إلحاديَّة جديدة تكتسب أنصارًا، وتشهد تمدُّدًا في دول كثيرة؛ فكان تصحيح التصوُّر حيالَ ملفِّ الإلحاد، وبيان واقعِه اليومَ هو الباعثَ الأساسيَّ لكتابةِ هذا البحث.
وجاء الحديث عن ذلك في المحور الأوَّل من الكتاب، وأمَّا المحور الثاني فكان عن مراجعة أداء الخطاب العقدي الإسلامي، ومدى كفاءة الأدوات الحالية للإسلاميِّين لمجابهة إشكالية الإلحاد، وإيجاد الحصانة العقديَّة المطلوبة لأبناء المسلمين اليوم.
ثم تَلَا المقدِّمةَ بعنوان رئيسي أسماه: (الإلحاد الجديد “التطوُّرات والسِّمات والخصائص”) عدَّد فيه السمات التي تميز الإلحاد الجديد عن غيره، وكانت السِّمة الأولى التي ذكرها هي (الحماس والحِرص الشَّديد على الدعوة للإلحاد)، وبيَّن تحت هذه العلامة أهمَّ الأشكال الدعوية التي اتَّخذها الملاحدة في سبيل نشْر أفكارهم، ومن هذه الأشكال:
التأليف والكتابة؛ فقد انهمرتْ مجموعةٌ من التآليف المتعدِّدة، والتي شكَّلت القوة الدافعة للإلحاد الجديد، ونواته الصُّلبة، واستطاعت أن تخترقَ الفضاء العامَّ؛ بسبب جودة الأسلوب، وسِحْر العبارة، ووضوح الأفكار، ومباشرة الطَّرْح. كما عدَّد المؤلِّف أهمَّ تلك الكتب والمؤلَّفات، والتي منها كتاب: “نهاية الإيمان” لسام هارس، وكتاب: “وهم الإله” للبيلوجي الدارويني الشَّهير رِيتشاد دوكنز، وغيرها. وممَّا أشار إليه الباحثُ أنَّ بعض الكتُب ازدادت سهولةً ويسرًا؛ لتتمكَّن من اختراق فئات مجتمعيَّة أوسع، مختلفة الوعي ومتنوِّعة الثقافة، حتى وصل بِهم الأمرُ إلى تأليف كتُب للأطفال؛ للترويج للفِكر الإلحادي في أوساطهم، ومن ذلك كتاب: “إني أتساءل” لمؤلفته أناكا هارس.
ومن الوسائل التي اتَّخذها الملاحدةُ للدعوة لأفكارهم البرامج الفضائية والإذاعية؛ فقد أنتج الملاحدةُ كثيرًا من البرامج الإعلاميَّة المتنوِّعة، ما بين برامج حواريَّة، وأفلام وثائقيَّة، بل إنَّ عددًا كبيرًا من الأفلام والمسلسلات الترفيهيَّة تُشكِّل فيها الفكرة الإلحادية أحيانًا فكرةَ شديدة المركزيَّة، أو على الأقل تتضمَّن لقطاتٍ ومشاهدَ ذات خلفيَّة إلحاديَّة، وساق المؤلفُ أمثلةً لذلك. ثمَّ ذكر أنَّ عددًا كبيرًا من مشاهير الممثِّلين والممثِّلات ملاحدة، بل إنَّ بعضهم لديهم حماسةٌ حقيقيَّة للتعبير عن هُويتهم الملحِدة، وذكر الباحث أسماء بعضٍ منهم، كما عرَّج على نمطٍ من الأنماط الفنيَّة التي مَرَّرَ من خلالها الملاحدةُ الكثيرَ من رسائلهم الإلحاديَّة، ألَا وهو الغناء، و(الفيديو كليبات).
ومِن الوسائل الدعويَّة لأفكارهم التي اتَّخذها الملاحِدة “المؤسَّسات الإلحاديَّة“؛ فالعمل الإلحادي الجديد ليس عملًا عشوائيًّا؛ يعتمد على الجهود الذاتيَّة والفرديَّة، بل هناك مؤسَّسات إلحاديَّة تُعنى بالدَّعوة إلى الإلحاد، ورِعاية الملحِدين. ومن أمثلة تلك المؤسَّسات الإلحاديَّة الشهيرة: “التحالف الدولي للملاحدة”، و”رابطة الملاحدة”، و”مؤسَّسة ريتشارد دوكنز لدعم العقل والعِلم”، وغيرها.
كذلك من وسائلهم لضخِّ خِطابهم وفِكرهم الإلحادي، “مواقع على شبكة الإنترنت“، وقد عدَّد الباحث عددًا من تلك المواقع، كما بيَّن أنَّ لهم حضورًا قويًّا من خلال صفحاتهم على “الفيس بوك” ومواقِع التواصُل الاجتماعي الأخرى.
هذه أهمُّ الوسائل المتَّخذَة، وهناك أيضًا عدد من الإستراتيجيات والتقنيات التي يستخدمها الملاحدةُ؛ من أجْل نشْر أفكارهم، وقد تطرَّق الباحث إلى أهمها.
السِّمة الثانية لظاهرة الإلحاد الجديدة: (عدائيَّة الخِطاب الإلحادي الجديد)، فمما يُميِّز الملاحدةَ الجدد تلك اللُّغةُ الشديدة العدائية للدِّين ولمبدأ التديُّن، ولقضية الإيمان بالله؛ حتى تم توصيفُ الظاهرة الإلحاديَّة الجديدة في بعض الدوائر الفكريَّة الغربية بـ(مليشيات الإلحاد)؛ وذلك بسبب النَّمط العدائي الشديد الذي يتميَّز به هذا الخطاب الإلحادي، فالملاحِدة الجُدد يَنطلقون في تعامُلهم مع الدِّين من رؤية ترَى فيه منبعًا للشرور والكوارث، والقوارع البشريَّة، وأنَّه من الواجب السعيُ الحثيث وبجديَّة لمحاربته وَفقَ الأدوات المتاحة والممكنة.
وأما السِّمة الثالثة التي ذكرها الباحث هي (استعمال أداة الإرهاب في حرب الأديان)، وبيَّن المؤلِّف أنَّ مسألة: (الشرور التي مُورِست باسم الدِّين) هي أشهر الأدوات المستعملة في خطابهم الإلحادي الجديد التي من خلالها يحاربون الدين بضراوة لا متناهية، بل تشكل هذه المسألة السمة المركزية للكثير من كتابات وأطروحات الخِطاب الإلحادي الجديد.
ومن السِّمات البارزة للإلحاد الجديد: (الهجوم اللاذع على دِين الإسلام)، وقد أوضَح المؤلِّف أنَّ ظواهر الإلحاد عند الغرب كان السِّجال فيها إجمالًا، بين الإلحاد من جِهة، وبين النصرانية من جهة أخرى، وذلك أمر طبيعي بحُكم الحاضنة المجتمعيَّة الغربيَّة، لكن بعد حادثة الحادي عشر من سبتمر، وربْط ذلك الحدث بالإرهاب والإرهاب بالإسلام، انتقل الدِّينُ الإسلاميُّ من كونه قضيةً على هامش اهتمام ملاحدة الغرب، إلى أنْ يكون هو من أهمِّ قضاياهم، ولِيَحظى بموقع شديد التقدُّم في حرب الملاحدة الجُدد على الأديان. ثم ساق المؤلِّف عدة نماذج تبين مدى العَداء والحرب الضَّروس التي يشنُّها هؤلاء على الدِّين الإسلاميِّ وتعاليمه.
والسِّمة الخامسة للإلحاد الجديد هي: (الجاذبية) التي يتمتَّع بها أهل هذه الدعوة؛ فقد أضحت هذه الظاهرةُ لها جاذبيةً خاصَّة، وذلك من خلال ما يتحلَّى به رموزه من كاريزما خاصَّة، وأسلوبٍ لافتٍ، وطريقةٍ في الحديث مؤثِّرة، وهذا كله كان له أثرٌ واضح في الأتْباع، وأدَّى إلى تحوُّل الإلحاد من كونه حالة فلسفيَّةً مرتبطة بمشهد أكاديمي مملٍّ؛ إلى أن يكونَ نمطًا له سحره الخاص في دوائر شعبيَّة واسعة. كما بيَّن الباحث كيف أصبح رموز الإلحاد الجُدد شخصياتٍ لامعةً تتمتع بالمعجبين والمعجبات، وأضْحى لهم حضورٌ لافت في الفضاء الإعلامي الغربيِّ، على مستوياته كافَّةً، ووضح أنَّ التعامل معهم لم يعد على أساس أنهم مثقَّفين أو مفكِّرين أو علماء، بل كنجومٍ وأيقوناتٍ إعلاميةٍ تحظى بأعداد غفيرة من المعجبين.
ومن السِّمات التي ميَّزت الظاهرة الإلحادَّيةَ الجديدة: (المغالاة الشَّديدة في العلوم الطبيعية التجريبيَّة، والاتكاء عليها في التنظير للفكرة الإلحاديَّة)، فرؤية الملاحِدة للكون والحياة قائمة على فلسفة ماديَّة مجرَّدة لا تؤمِن إلَّا بها، وينتج عن ذلك أنَّه ليس للإنسان إلَّا أحد خِيارين فقط: إما أن يؤمِن بالعلوم الطبيعيَّة التجريبيَّة، وما تُفضي إليه من حقائق، وإمَّا الوقوع في الخُرافة والجهل.
ووضَّح الباحث من خلال دِراسته لهذه السِّمة أنَّها ليستْ مختصَّة بالظاهرة الإلحاديَّة الجديدة دون ما سبَقَها من ظواهر الإلحاد، ولكن مركزيَّة العلم الطبيعي في تشكيل الرؤية الإلحاديَّة الجديدة باتت أوضحَ، وكذلك المغالاة الشديدة في إمكانيات العلم التجريبي في تحصيل العلم والمعرفة، إضافةً إلى الرُّوح العدائيَّة لكلِّ ما كان خارجًا عن هذه الطبيعة العلميَّة الضيِّقة، كل ذلك جعَل من هذه السِّمةِ علامةً حقيقيةً للإلحاد الجديد.
وبعد أن انتهى الباحثُ من دِراسته للسِّمات التي تميِّز الظاهرة الإلحاديَّة الجديدة عن غيرها عقَد عنوانًا رئيسيًّا أسماه:(الاقتراب بالعدسة محليًّا – “الإلحاد وشبابنا”)، بيَّن فيه أنَّ مَن يتأمل الحالة الدينيَّة والعقديَّة محليًّا، سيَلفِت نظرَه أنَّ ثَمَّةَ حالةً من حالات التمرُّد ضدَّ القِيم والمبادئ الدِّينيَّة في بعض الدوائر والشَّرائح، وأنَّ هذه الحالة آخِذة في التوسُّع، خصوصًا في شريحة الشَّباب – بحسَب رؤية الباحث. وكذلك أوضَح بعضًا من المسببات لتلك الظاهرة، والتي منها الانفتاح المعرفي الهائل، الذي أصبح له دَورٌ تثقيفي حقيقي، فبات الكثيرُ من الشَّباب يتلقَّى معرفةً أفقية سطحيَّة، ويحصُل عن طريق مواقع التواصُل الاجتماعي على جُرعات معلوماتيَّة مُخفَّفة ومبعثرة، تُوجِد مع الوقت حالةً من الانتفاخ المعرفي الخاوي. وبيَّن أنَّ هذه الحالة التي تَحقَّق بسببها قدرٌ من الوعي الثقافي الحقيقي، أو الوهمي لدَى هذه الطَّبقة أوجد شعورًا مع الوقت بأنَّ هامشَ الفرق بينهم وبين طبقة الدُّعاة وطلبة العِلم والمشايخ، والمفكِّرين والمثقَّفين، ما عادتْ كما كانت، ونتَج عن ذلك أنْ أصبح الخطابُ الشرعيُّ المحليُّ لا يُرضي مجموعاتٍ متزايدةً من الشباب محليًّا، وأضحت الصورة النمطيَّة للخِطاب المشيخي في وعي الكثيرين صورةً سلبيَّة قاتمةً أثمرت – للأسف – مع الوقت حالةً من عدم الرِّضا عنه، أو السخط عليه.
كما ساق المؤلِّف أسبابًا أخرى أدَّت إلى نشوء مِثل هذه الحالات، موضِّحًا أنَّه بسبب تعقيدات الحالة المحليَّة، وبسبب تعقيدات الحالة الإلحاديَّة – فإنَّ الوقوف بدِقَّة على حجم هذه الحالة ومدَى انتشارها مجتمعيًّا مسألةٌ في غاية التعقيد، وساق بعد ذلك أربعةَ تنبيهات في غاية الأهميَّة، في سِياق قضية الإلحاد في الحالة المحليَّة، تُعطي القارئَ تصورًا عامًّا، ورؤيةً مجملةً عن هذه الظاهرة في المجتمع المحلي.
ثثم انتقَل الباحث إلى المحور الثاني من الكتاب، وهو (توصيات ومراجعات لتطوير الخِطاب العقدي)، فعدَّدَ – بدايةً – مجموعةً من الأسباب التي تجعل الاهتمامَ بهذا الملف، والإسهام الفاعل فيه واجبًا على الأمَّة الإسلاميَّة في المعركة ضدَّ الإلحاد. وبعدَ ذلك تحدَّث عن واقع المكتبة الإسلاميَّة حِيال قضية الإلحاد، موضِّحًا القصورَ الكبير والملحوظ في التعاطي مع هذا الملف، بالرغم من أهميَّته! كما أشاد بمَن لهم جهود وإسهامات في الوقوف ضدَّ الإلحاد وأفكاره من المؤسَّسات والأفراد، وعدَّدَ بعضًا منها؛ فمِن الشخصيات التي ذكرها: “الشيخ جعفر شيخ إدريس”، و”الشيخ محمد العوضي”، ومن المنتديات على الانترنت التي اهتمَّت بهذا الأمر “منتدى التوحيد”، كما ذكَر أيضًا أنَّ هناك بعض المراكز الناشئة والمختصَّة في هذا المجال كـ (مركز براهين).
ثم انتقل المؤلِّف بعد ذلك إلى ذِكر بعض القضايا المهمَّة المتعلِّقة بتطوير أداء الخِطاب الشرعيِّ في تناوُل هذه الظاهرة، إضافةً إلى تذكيره بشيءٍ من المجالات البحثيَّة التي يجب التنبُّهُ لها، والعناية بها؛ للارتقاء بالخِطاب العَقدي المعاصِر؛ ليكون قادرًا على مجابهة إشكاليَّة الإلحاد، وتحقيق الحصانة لأبناء المسلمين من كثيرٍ من شُبَهه:
فذكر أولًا: “ضرورة تحرِّي الصِّدق والعدل، والدِّقَّة والموضوعيَّة في تناول الظاهرة الإلحاديَّة”، وتنبع أهميَّة الالتزام بهذا الأمر من كونه يُمثِّل قيمةً شرعيَّةً أخلاقيَّةً واجبة في حدِّ ذاتها، كما أنَّ الصدق والعدل في وصْف الظواهر أُولى خُطوات الفَهم السَّليم لها، والأهم من ذلك أنَّ عدم الالتزام بالصدق والعدل في توصيف الظواهر العقديَّة والعلميَّة له آثارُه الخطيرة على المستوى القريب والبعيد؛ إذ يَفتح المجالَ لتسلُّط المخالِف على أهل الحقِّ، واستطالته عليهم، كما أنَّه قد يتسبَّب في رُدود أفعال سلبيَّة عند بعض المتديِّنين عند انكشاف جوانب الخلَل في الرؤية المقدَّمة من قِبَل الخطاب الشرعي.
والقضية الثانية من القضايا المهمَّة في تناول ظواهر الإلحاد عند تناولها، هي: عدَم تسطيحها، فهي ظاهرة معقَّدة مركَّبة، ومن ثَمَّ تَستدعي نظرًا مركَّبًا.
وأيضًا ممَّا ذكره الباحثُ من القضايا المهمَّة المتعلِّقة بتطوير الخِطاب الشرعي في تناوُل ظاهرة الإلحاد “تجديد الخطاب العقدي للاستجابة لمِثل هذه الظاهرة”.
كذلك أكد على أن ممَّا ينبغي الاهتمام به “درء تعارُض العِلم التجريبي والنَّقل”، كما ذكَر الباحث أنَّ من المجالات التي تحتاج إلى قدر من التأصيل العقدي والمنهجي تحريرَ الصِّلة والعلاقة بين المعارف الشرعيَّة والمعارف العلميَّة الطبيعيَّة.
وذكر أيضًا “أنَّ من الضرورة تقديم رُؤًى نقديَّة هجوميَّة للإلحاد وأفكاره، وعدم الاكتفاء بالمدافعة”، وأنَّ ممَّا ينبغي مراعاته في سِجال الإلحاد ألَّا يكون المنتصر للموقف الدِّيني انهزاميًّا، يكتفي بالمدافعة فقط.
كما ذكَر أنَّه لا بدَّ من “تأصيل المنهج الشرعي في التعامُل مع الشُّبهات والإشكالات”؛ إذ إنَّ جزأً لا بأسَ به من الإشكالات المتَّصلة بملف الإلحاد يعود في الحقيقة إلى افتقاد المنهجيَّة الصحيحة في التعاطي مع الشُّبهات والإشكالات.
وأيضًا ممَّا تطرَّق إليه الباحث: أنَّه لا بد من “ترسيخ الحُضور القرآني في قضايانا الفِكريَّة والعقديَّة”.
ثم ختَم المؤلِّفُ بحثَه بثلاثة ملاحق:
الملحق الأول: مقال “عقولنا تحت القصف” للشيخ عائض الدُّوسري.
الملحق الثاني: مقال “المادة النقديَّة للفِكرة الإلحاديَّة” للشيخ سلطان العميري.
الملحق الثالث: عدَّد فيه كتُب ومراجِع أجنبيَّة متعلِّقة بالإلحاد الجديد، وما يتَّصل به.
والكتاب فريد في بابه وننصح كلَّ مشتغلٍ بالخطاب العقدي أن يقرأه.
(المصدر: موقع الدرر السنية)