شيخ الأزهر يتحدث عن عاقبة الظلم بحضور السيسي.. فما مصيره؟
إعداد محمد مغاور
في الخطاب السنوي له أمام رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بمناسبة المولد النبوي الشريف، أثار شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الجدل خلال كلمته، التي حذر فيها من الظلم وأثره التدميري على المجتمع.
وعلى الرغم من غياب الطيب عن لقاءات ومؤتمرات السيسي لعدة شهور؛ بسبب إجرائه جراحة في فرنسا أيلول/ سبتمبر الماضي، إلا أنه عاد في أول حديث علني له، وفي ثاني لقاء يحضره مع السيسي، ليستخدم السيرة النبوية في إسقاط معبّر عن حالة القهر والظلم اللذين يعاني منهما المصريون.
ومع أن لدى النظام العسكري الحاكم في مصر حساسية خاصة من الحديث عن الظلم أو الظلمة أو الدعاء عليهم، إلا أن الطيب قال بحضور السيسي، إن رسول الإسلام حذر في خطبة “حجة الوداع” من الظلم، وكرر التحذير منه في خطبته ثلاث مرات، وذلك لأثره التدميري على الأفراد والأسر والمجتمعات والدول.
واستحضر البعض موقف النظام من الشيخ محمد جبريل، حينما دعا في صلاة القيام بليلة القدر في مسجد عمرو بن العاص على الظالمين منتصف العام 2015، وتم منعه حينها من الصلاة في المسجد، وغادر البلاد، ثم عاد بعد دفع مبالغ مالية لصندوق تحيا مصر نهاية العام 2018.
ورغم وجود شيخ الأزهر بالاحتفالية، إلا أن السيسي كلف وزير الأوقاف بتنظيم مؤتمر عن تجديد الخطاب الديني.
ومنذ الانقلاب العسكري، بدت العلاقة بين نظام السيسي وشيخ الأزهر متباينة، حيث اعتزل الشيخ ببلدته في صعيد مصر؛ إثر فض اعتصام رابعة العدوية وقتل وإصابة الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي.
وتأزمت العلاقة بين الطيب والسيسي؛ إثر اتهامات الأخير المتواصلة للأزهر والمؤسسة الدينية بالتقصير في تجديد الخطاب الديني بجميع المناسبات منذ 2015، وحتى اليوم.
وكان إصرار السيسي على إلغاء “الطلاق الشفهي”، والاعتراف بالطلاق الموثق فقط، في كانون الثاني/ يناير 2017، سببا في جفوة جديدة، خاصة أن الأزهر رفض الأمر رفضا قاطعا.
ولم تكد تمر مناسبة دينية مثل “ليلة القدر” أو “المولد النبوي الشريف” يلتقي فيها السيسي والطيب وجها لوجه، إلا وتحدث مواجهة كلامية بينهما.
“شعر بأزمة الشعب”
“عربي21” توجهت بالتساؤل حول دلالات حديث شيخ الأزهر عن الظلم بحضور السيسي، للبرلماني والقيادي السابق بجماعة الإخوان، محيي عيسى، الذي أكد أن “الشيخ الطيب يشعر بما يعانيه الناس من مظالم من جميع الفئات”.
وقال عيسى إن “شيخ الأزهر يتحسس مواضع قدمه؛ وهو يتحدث لأنه يعلم أنه غير مرغوب فيه، ويصل إليه كم الهجوم على الأزهر، متمثلا في شخصه”.
وحول موقف النظام المحتمل من الشيخ، أكد السياسي المصري: “لا أتوقع أنه من صالح النظام تصعيد الصراع؛ بسبب شعبية شيخ الأزهر، ومكانته العالمية، ولاستحالة عزله بنص الدستور”.
ويعتقد أن “النظام في مصر الآن في موقف صعب؛ فهو يشعر أن التضييق والاستبداد وشدة المظالم تهدد بانفجار شعبي، خاصة في وجود مصاعب اقتصادية كبيرة”.
وتابع: “وفي الوقت ذاته، يخشى النظام من حدوث أي انفراجة سياسية يمكنها أن تؤدي إلى تكرار تجربة ثورة 25 يناير”.
“أيقن أنه انقلاب على الهوية”
وفي رؤيته، أرجع الداعية الإسلامي الشيخ سامح الجبه، حديث الشيخ أحمد الطيب عن الظلم أمام السيسي لثلاثة أسباب.
وأكد بحديثه لـ”عربي21″ أن “السبب الأول هو وصول حالات الظلم لدرجات غير مسبوقة، وخطورة الاستمرار بهذا الحال، الذي يمكن أن يؤدي إلى حالة انفجار للوضع في أي لحظة”.
وأوضح أن “السبب الثاني لحديث الطيب هو انكشاف حقيقة الانقلاب، وأنه ليس مجرد انقلاب سياسي، لكنه انقلاب على هوية الأمة وتاريخها ومستقبلها”.
ويعتقد الداعية الأزهري أن “السبب الثالث هو حرص الإمام الأكبر في الحفاظ على سمعة الأزهر وتاريخه”، مشيرا إلى أن “الجامع طوال تاريخه ضد الظلم والحكام الظلمة ومع حقوق الشعب”.
وأكد أن “هذا الموقف يحسب لشيخ الأزهر”، مبينا أنه “يحاول الحفاظ على الحد الأدنى من سمعة الأزهر وتاريخه، ولدي حسن ظن بالرجل، وينبغي أن ندعمه في هذا التوجه”.
وحول احتمالات تنكيل النظام بشيخ الأزهر، قال الجبه: “له الشرف لو حصل ذلك”، مضيفا أنه “وفي كل الأحوال، الحرص على المؤسسة الأزهرية وتاريخها ودورها في الأخذ بيد الأمة للالتزام بالإسلام أهم من الأشخاص”.
ويرى السياسي المصري عادل الشريف أن “خلاف الطيب والسيسي وضح جليا مع أزمة الطلاق الشفوي”، مشيرا إلى أن “الشيخ بعدها شن حربا على منكري السنة الذين يدعمهم السيسي وحاشيته”.
القيادي بحزب “العمل الجديد” قال لـ”عربي21″: “أظن أن حديث شيخ الأزهر لأول مرة عن الظلم بهذا الوضوح يعني تكريس الخلاف مع السيسي، وليس أمام الأخير للتخلص من شيخ الأزهر في ظل منصبه المحصن دستوريا، ومكانته التي تفوق وزير الدفاع؛ إلا بقتله”.
وأضاف الشريف أنه “برغم صوفية شيخ الأزهر، إلا أن السيسي يهدد الإسلام ومؤسسة الأزهر ذاتها، ودهس كل الخطوط الحمراء”.
(المصدر: عربي21)