مقالاتمقالات مختارة

سيد قطب الشهيد الثائر

سيد قطب الشهيد الثائر

بقلم ممدوح إسماعيل

في ٢٩ أغسطس تمر الذكرى 53على إعدام سيد قطب ومازال فكره وكتبه تحظى بالقبول كأنها صدرت من أيام، ولم تحظ شخصية إسلامية باهتمام وقبول وحب وشهرة وجدل بمثل ماحظي به الأستاذ سيد قطب ، الذي عرف قلمه الثورة على الفساد قبل أن يعرف معالم الطريق، فلقد كتب في مجلةمصر الفتاة مقالاً ضد الملك فاروق تحت عنوان (رعاياك يامولاي) سدد فيه نقدًا لاذعا للملك بسبب ترفه الفاجر أمام بؤس الشعب ، وقيل إن الملك فاروق أرسل من يطلق عليه النار، ولكن فشلت المحاولة.
وعقب رحلته لأمريكا كتب عن أمريكا فقال: ( شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء ،بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى)
كان ظهور سيد قطب بكتابه معالم فى الطريق فى مرحلة تهاوت فيه الأمة الإسلامية تمثلت في 1_ إلغاء الخلافة الاسلامية العثمانية 2_واستيلاء الصهاينة على فلسطين3_ وبداية سيطرة أمريكا على العالم العربي عبر انقلابات العسكر4_ انتشار الشيوعية والالحاد في العالم5_ حركة تغريب عاتية تساقطت فيها القيم والمبادئ الإسلامية6_إلغاء وتبديل أحكام الشريعة الإسلامية في بلاد المسلمين .
فكان واضحًا لكل صادق صافي القلب ثاقب الفكر أن العالم الإسلامي يشهد مرحلة تغيير وسلخ لدينه وقيمه .
كتب سيد قطب كتابه معالم فى الطريق ،ليكون منارة فكر فى ظلمات النظم الحديثة وحرب الفكر المعادية للإسلام وطوق نجاة للشعوب أمام الأمواج العاتية للشيوعية والليبرالية الأمريكية المتوحشة وكان لافتًا أن يخرج من صفوف الغارقين في ظلمات التيه الذين أرسل لهم سيد قطب طوق نجاة أن يخرج منهم من يلقى الشبهات الميتة فيقول :إن سيد كتب معالم فى الطريق ،وذكر الجاهلية والحاكمية تاثرًا وردًا على مذبحة ليمان طرة
التى قتل فيها ٢٠ من الإخوان عام 57 ! وهو تضليل رهيب مقصود لتحريف فهم ما كتبه سيد قطب عمدًا وتقليدًا للشيوعيين وأعداء الإسلام في تشويههم سيد قطب رحمه الله الذى كتب لهم معالم طريق الثورة على الواقع المظلم وهي شبهة مردودة لأنها أولا:_ نابعة من مدرسة التحليل النفس الغربية وليس من مدرسة الإسلام التى ترد بالدليل من الكتاب والسنة. ثانيا :لوكان الدافع القتل للإخوان فقد سبقها اغتيال حسن البنا ، وحرب 48 واستشهاد الكثير ومآس كثيرة للمسلمين فى وقته لاتحصى مثل ثورة الجزائر ومشكلة كشمير فى الهند وتركستان مع الصين وغيرهم فالقتل ليس بجديد فهو معروف منذ ولد آدم قابيل وهابيل، فالقتل لم يكن شيئًا جديدًا بدعة فأصبح ملهمًا لسيد قطب ثالثا :كتاب معالم فى الطريق صدر بعد مذبحة طرة بسبع سنوات فعلاقة السببية النفسية السريعة غير موجودة.
رابعا:_ تفسير سيد قطب للجاهلية والحاكمية عام يتفق مع القرآن والسنة وإسقاطه على الواقع بالتخصص مكان وأشخاص لم يقل به سيد قطب إنما أشار لصفات الجاهلية في المجتمعات والحاكمية لله وهو حق مفروض على الأمة وعلى كل مسلم والجاهلية لفظ له تفصيله الموجود في القرآن والسنة من 1440عام فلايعقل نسبته لسيد قطب ، قال تعالى ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) والآيات القرآنية كثيرة لاتخفى.
وقد حاول تلامذة سيد قطب منعه من طباعة معالم في الطريق حفاظًا على حياته فرفض بإباء قائلا:_ لابدّ أن يتم البلاغ. وقد صدق فهو القائل في المعالم ( وليس في إسلامنا ما نخجل منه وما نضطر للدفاع عنه وليس فيه مانتدسس به للناس تدسساً أو ما نتلعثم في الجهر به على حقيقته) وكان لابد أن ينال سيد والمعالم حرباً فهو القائل (الطغيان لا يخشى شيئاً كما يخشى يقظة الشعوب و صحوة القلوب و لا يكره أحدًا كما يكره الداعين إلى الوعي و اليقظة و لا ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون الضمائر الغاية) وكما كان معالم فى الطريق ثورة فكرية إسلامية لم يسبقه أحد فى صياغته الفكرية، فقد كان فى ظلال القرآن تفسيرًا جديدًا من نور القرآن و تأطيرًا وتنظيرًا لامثيل له فى الثورة وتغيير الظلم والاستبداد مستلهما الفهم من نور القرآن كتب الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسير قوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
(إن الإسلام ليس نظامًا لاهوتيًا يتحقق بمجرد استقراره عقيدةً في القلوب وتنظيماً للشعائر ثم تنتهي مهمته إن الإسلام منهجٌ عملي واقعي للحياة يواجه مناهج أخرى تقوم عليها سلطات وتقف وراءها قوى مادية فلا مفرّ للإسلام لإقرار منهجه الرباني من تحطيم تلك القوى الماديةهذه هي الحقيقة الكبيرة التي يجب أن يدركها المهزومون الذين يقفون بالدين موقف الدفاع وهم يتمتمون ويجمجمون للاعتذار عن المد الإسلامي)
وكان طبيعيًا أن لايتركه الظالمون فتم القبض عليه ومحاكمته التى واجهها بكل صراحة ووضوح ،وقد سأله تلميذه :لماذا كنت صريحًا كل الصراحة فى المحكمة التي تملك عنقك فقال:( التورية لا تجوز فى العقيدة وأنه ليس للقائد أن يأخذ بالرخص )

* ويبقى ان سيد قطب رحمه الله ليس معصومًا من الخطأ وأخطاء سيد مغمورة فى بحر فضائله لدفاعه عن لا إله إلا الله وجهاده بالكلمة ،فسيد رحمه الله قالوا عنه أديب ،مفكر ، كاتب اسلامي ، مفسر ، منظّر ، فيلسوف ،باحث.،عالم يبقى اهم وصف باق أنه “صاحب الظلال ومعالم فى الطريق” لم يسبقه احد فيهما ولم يلحقه احد رغم عدواة الأقران الحاسدين وهو القائل ( إن الطريقَ شاقة إن الطريقَ ليست مفروشةً بالزهور والورود إن الطريق مليئةً بالأشواك لا بل إنها مفروشة بالأشلاء) _صدق الله فصدقه فقال حين راودوه على حريته بتأييد الباطل وهو على منصة الاعدام (إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ليرفض أن يكتب حرفًا واحدا يقر به حكم طاغية) رحم الله سيد قطب الشهيد الثائروتقبله من الشهداء .

(المصدر: رسالة بوست)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى