علماء من عصرنا

سلسلة علماء من عصرنا | شيخ الأزهر الإمام الدكتور: عبد المجيد سليم

سلسلة علماء من عصرنا | شيخ الأزهر الإمام الدكتور: عبد المجيد سليم

 

هو عبد المجيد سليم البشرى المولود فى الأول من ذى الحجة عام ١٢٩٩هـ، ١٣ أكتوبر سنة ١٨٨٢م، فى قرية ميت شهالة، التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية، تولى المشيخة مرتين فهو الشيخ الثامن والثلاثون والأربعون للجامع الأزهر على المذهب الحنفى وعلى عقيدة أهل السنة والجماعة.
نشأ فى قريته، وحفظ القُرآن الكريم وجوّده فى سن مبكرة ودرس بعض العلوم الدينية كالتجويد والفقه قبل أن يسافر إلى القاهرة، للالتحاق بالأزهر الشريف الذى درس به علومه المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعانى والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، وأيضًا درس علوم المنطق، والوضع والميقات، على أيدى كبار علماء عصره مثل الشيخ الإمام محمد عبده، والشيخ حسن الطويل، والشيخ أحمد أبو خطوة وغيرهم من كبار الأئمة والمحدثين.
ونال شهادة العالمية من الدرجة الأولى عام ١٩٠٨م، ثم عين مدرسًا للفقه والأصول بالأزهر الشريف وكان يعتمد طريقة أستاذه الشيخ أحمد أبو خطوة فى عرض تفاصيل الجزئيات الصغيرة فى أحكام الفقه من الشروح والحواشى من شتى الأقوال ثم تم اختياره من قبل عاطف بركات باشا ناظر مدرسة القضاء الشرعى لتدريس الفقه والأصول بهذه المدرسة العالمية وتخرج على يديه العديد من رجال القضاء الشرعى فى مصر ثم رشح لمنصب الإفتاء من قبل مصطفى النحاس فى وزارته الأولى عام ١٩٢٨م ووافق الملك فؤاد على تولى الشيخ عبد المجيد سليم لمنصب الإفتاء وعندما تولى منصب المفتى لم يكن تجاوز الـ٥٠ من عمره وقام بتأليف لجان فقهية لتعديل قانون الأحوال الشخصية، وكان أبرز أعضاء لجنة الأحوال الشخصية بوزارة العدل وكانت تعرض عليه المذكرات المتضمنة للموضوعات والمسائل المطروحة على اللجنة بعد فحصها بواسطة الخبراء وكان يتولى شرح المسائل المعروضة عليه الواحدة تلو الأخرى مستعرضًا شتى الآراء فى كل مذهب من المذاهب ومقررًا الحكم الدقيق ذاكرًا رأى الائمة والمجتهدين من الفقهاء.
وكان يرى ضرورة التوسع الشامل للمذاهب المتعددة جميعها وامتداد هذا التوسع فى بعض قضايا الميراث والطلاق وضم آراء فقهاء من غير الأئمة الأربعة من أمثال ابن حزم والفقه الجعفرى وزيد بن على وطاوس وشريح وداود وهو ماتجلى فى صياغة قانون ١٩٢٩ للأحوال الشخصية، والقضاء، والإفتاء، ومشيخة الجامع الأزهر، ومكث فى الإفتاء قرابة عشرين عامًا، وله من الفتاوى ما يقرب من ١٥ ألف فتوى، وتولى مشيخة الأزهر مرتين، أُقِيل فى أولاهما؛ لأنَّه انتقدَ الملك، ثم استقال من المنصب فى المرة الثانية فى ١٧ سبتمبر ١٩٥٢م، وتوفى فى صباح يوم الخميس (١٠ من صفر ١٣٧٤- ٧ أكتوبر ١٩٥٤م).

شيوخه

درس على يد العديد من الشيوخ، وعلى رأسهم الإمام محمد عبده الذى درس له التفسير والبلاغة واعتبره مثله الأعلى وهو من لقبه بابن سينا لقدرته على التفلسف، والشيخ حسن الطويل، الذى درس له المنطق والفلسفة ومؤلفات ابن سينا والشيخ أحمد أبو خطوة الذى درس له الفقه الحنفى وغيرهم من كبار الأئمة والمحدثين.

فترة ولايته

عين فى المرة الأولى فى عهد وزارة الوفد وعقب توليه المشيخة عقد مؤتمرًا صحفيًا فى أول نوفمبر ١٩٥٠م شرح فيه الوسائل التى كان يراها ضرورية لإصلاح الأزهر، وتمثلت فى الخطوات التالية:
مراجعة الكتب الدراسية وإبقاء الصالح منها واختيار لون جديد يوجه الطلاب توجيهًا حسنًا إلى العلم النافع من أقرب طريق وأيسره.
تشجيع حركة التأليف والتجديد عن طريق الجوائز العلمية وغيرها حتى يتصل حبل العلم وتوجيه العلماء إلى وضع بحوث فى الفقه والتشريع تساير الروح العلمى الحاضر.
إعداد جيل قوى من أبناء الأزهر يستطيع أن يحمل الرسالة، مؤكدًا أن الأمة تريد من الأزهر أن يخرج لها علماء فى الدين والشريعة واللغة وسائر العلوم العقلية والاجتماعية المتصلة بها.
تشجيع حركة البعوث العلمية التى يرسلها الأزهر إلى جامعات أوروبا للتزود من شتى الثقافات.
تنظيم الجامعة الأزهرية تنظيمًا يتفق مع أهمية رسالتها ويساعدها على اداء رسالتها الإسلامية.
إنشاء مكتبة كبرى للأزهر ودار كبيرة للطباعة وإكمال مبانى جامعة الأزهر تمهيدًا للاحتفال بالعيد الألفى.
اضطلاع الأزهر بدوره فى العناية بإصلاح حال الأسرة وذلك بإصلاح شئوونها ودعم كيانها عن طريق بحث التشريعات اللازمة لها من زواج وطلاق ونفقة وحضانة وولاية.
العمل على نشر الثقافة الإسلامية فى جميع أرجاء العالم.
إرسال البعوث الأزهرية إلى شتى الشعوب الإسلامية لدراسة أحوالها.
تشجيع البعوث الإسلامية الوافدة على الأزهر وبناء دار كبرى لإقامتهم ورعاية أحوالهم العلمية والخلقية والدينية.
ربط الأزهر بالجامعات الشرقية وبخاصة الإسلامية منها.
إنشاء مراكز ثقافية للأزهر فى الحواضر الإسلامية.
توجيه علماء الأزهر إلى وضع مؤلفات باللغات الأجنبية لنشر الإسلام وللرد على مزاعم المبشرين والمستشرقين.
إنشاء إدارة للدعوة الإسلامية تتولى الدعوة إلى الإسلام ومبادئه الخالدة بين شتى الدول والشعوب.
ترجمة تفسير القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية.
تأسيس الدراسات العليا فى جامعة الأزهر القديمة التى ظهرت إلى الوجود مع ظهور الكليات فى عام ١٩٣٠م وخاصة فى كليات الشريعة الإسلامية واللغة العربية وأصول الدين.
كان للشيخ عبد المجيد البشرى العديد من تلاميذه الذين تلقوا العلم على يديه وأصبحوا من كبار العلماء ومشايخ الأزهر، ومنهم الشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد المدنى والشيخ على الخفيف والشيخ عبدالعزيز عيسى.

مواقفه

كان للشيخ عبد المجيد البشرى العديد من المواقف على المستوى الوطنى والديني، ومنها:
كان للشيخ موقف واضح وصريح من رفض الترف الحكومى والإسراف الملكى وهو صاحب العبارة البليغة: “تقصير وتقتير هنا وتبذير وإسراف هناك”، وذكر محمد كامل البنا فى مذكرات مصطفى النحاس أن الشيخ لم يقصد بالقول “إسراف هنا وتقتير هناك” الملك، لكنه لم يشأ الاعتذار، وربما هذا هو سبب إعفائه من مشيخة الأزهر فى عهد وزارة الوفد الأخيرة فى سبتمبر١٩٥١م.
كانت مواقفه واضحة وتتميز بالجرأة والقوة وتكاد تقترب إلى الاندفاع، وكانت آراؤه ذات تأثير بالغ فى الحياة السياسية، وكأنها آراء حزب سياسي، على الرغم من أنه كان يميل إلى البعد عن الحياة الحزبية، وكان دعوته محددةً لطلاب العلم أن ينصرفوا إلى رسالتهم الإسلامية الخاصة بالتعليم والإرشاد والبعد عن السياسة، ومنها قوله: “إن مدير الخاصة الملكية حاول بإيعاز من الملك أن يستبدل ببعض ممتلكاته العقارية أرضًا خصيبة من أملاك الأوقاف وتلمس الفتوى الميسرة من المفتى الشيخ أن الاستبدال باطل، إذ لا يجوز شرعًا لغير مصلحة الواقف وهى هنا مفقودة بل إن الخسارة محققة فعلًا”.
وتلقى الشيخ عبد المجيد البشرى وهو فى منصب الإفتاء سؤالًا عن حكم الشرع فى رجل يراقص النساء ويشرب الخمر! وذلك بعد حفلة صاخبة أقامتها إحدى الأميرات وحضرها الملك فاروق ونشرت بعض الجرائد صورًا لبعض ما كان، وقد أدرك عبدالمجيد سليم من هو المقصود بالفتوى فلم يؤثر السلامة، وإنما جابه المخطئ بانحرافه واضطرب القصر لجرأة هذا الإنكار الصارخ، وأشارت مجلة “المصور” إلى ضيق القصر بما تضمنته الفتوى من إيحاءات، واتصل القصر بالشيخ محمد مصطفى المراغى شيخ الأزهر حينئذ، منبهًا على خطورة الفتوى بالنسبة لأثرها الجرىء، وكان الشيخ المراغى من الغيرة على الحق بحيث لم يخذل رأى المفتى، بل دعا إلى تصحيح الخطأ عند المخطئ لا إلى تخطئة المصيب!.
ويتضح لنا أن الشيخ لم يكن على علاقة طيبة بالقصر الملكى بسبب معارضته له فقام القصر بإرسال بعض رجاله إلى الشيخ يهدده صراحة، ويعلن أن المعارضة ستكون مصدر خطر عليه، فقال الشيخ: سيحول هذا الخطر بينى وبين المسجد؟ فخجل رسول القصر ولم يجب! ثم رأى الشيخ أن يصدر بيانًا للناس فى الصحف اليومية يعلن فيه أمر هذا التهديد الملكى؛ مما سبب حرجًا كبيرًا للقصر.
الشيخ وثورة ٢٣ يوليو
كان للشيخ موقف حاسم من ثورة ٢٣ يوليو وقد استقال من المشيخة للمرة الثانية فى ١٧ سبتمبر ١٩٥٢ قبل أن ينقضى شهران على قيام الثورة؛ وذلك بسبب ما اعتبره تدخلًا فى شئون الأزهر من رجال الثورة من خلال فرض أشخاص بعينهم على الشيخ كان لا يراهم أهلًا للقيادة، ورشحتهم حكومة الثورة للمناصب المرموقة ليكونوا حسب تصورها أداةً لتنفيذ ما تشاء بعيدًا عن منطق القانون، ولكن الشيخ عبدالمجيد سليم رفض كل تدخل فى الأزهر وتقدم باستقالته.

التقريب بين المذاهب

كان من أكثر من تبنوا فكرة التقريب بين المذاهب، وقد عبر عن ذلك فى مقال نشر فى العدد الأول من مجلة “رسالة الإسلام” التى كانت تصدر عن “دارالتقريب بين المذاهب الإسلامية” بالقاهرة، فقال: “إن هذه الأمة لا تصلح إلا إذا تخلصت من الفرقة واتحدت حول أصول الدين وحقائق الإيمان، ووسعت صدرها عما وراء ذلك للخلافات ما دام الحكم فيها للحجة والبرهان، وقد أدركنا فى الأزهر على أيام طلبنا العلم عهد الانقسام والتعصب للمذاهب، ولكن الله أراد أن نحيا حتى نشاهد زوال هذا العهد، وتطهرالأزهر من أوبائه، فأصبحنا نرى الحنفى والشافعى والحنبلى إخوانًا متصافين وجهتهم الحق وشرعتهم الدليل، بل أصبحنا نرى بين العلماء من يخالف مذهبه الذى درج عليه فى أحكامه لقيام الدليل عنده على خلافه”.

المجتمع المدنى

وبعيدًا عن المناصب الرسمية وعن مؤسسات الدولة الرسمية، فقد كان الشيخ عبدالمجيد سليم واحدًا من المؤسسين الأوائل؛ لما نعرفه الآن على أنه مؤسسات المجتمع المدني، وقد تولى تأسيس جماعة التقريب بين المذاهب لإيمانه بالفكرة ونتيجة وعى فقهى وعلمى وسياسى فى المقام الأول، بالرغم من أنه كان لفترة طويلة شيخ الأحناف فى الأزهر، وكان بحكم القانون ملزمًا بالمذهب الحنفى الذى تلتزم به الدولة منذ عهد الخلافة العثمانية.
وقال عن ذلك: “وقد جريت طوال مدة قيامى بالإفتاء فى الحكومة والأزهر وهى أكثر من عشرين عامًا على تلقى المذاهب الإسلامية ولو من غير الأربعة المشهورة بالقبول ما دام دليلها واضحًا عندى وبرهانها لدى راجحًا مع أنى حنفى المذهب، كما جريت وجرى غيرى من العلماء على مثل ذلك فيما اشتركنا فى وضعه أو الإفتاء فيه من قوانين الأحوال الشخصية فى مصر، مع أن المذهب الرسمى فيها هو المذهب الحنفى وعلى هذه الطريقة نفسها تسير لجنة الفتوى بالأزهر التى أتشرف برئاستها، وهى تضم طائفة من علماء المذاهب الأربعة، فإذا كان الله قد برأ المسلمين من هذه النعرة المذهبية التى كانت تسيطر عليهم فى عهد قريب فى أمر الفقه الإسلامى فإنا لنرجو أن يزيل ما بقى بين طوائف المسلمين من فرقة ونزاع فى الأمور التى لم يقم عليها برهان قاطع يفيد العلم، حتى يعودوا كما كانوا أمةً واحدةً، ويسلكوا سبيل سلفهم الصالح فى التفرغ لما فيه عزتهم وبذل الوسع فيما يعلى شأنهم”.
كما تولى الشيخ رعاية جماعة من الأزهريين الذين تبنوا ضرورة الإصلاح الأزهرى للتعليم منهجًا وكتابًا وأستاذًًا، ورغم تأسيسها فى عهد الإمام المراغى إلا أنها نشطت فى عهد الشيخ البشرى، وكان من أعضائها الشيخ محمود شلتوت والدكتور محمد البهى ومحمد محمد المدنى وعبد العزيز عيسى، وكان الشيخ يترأس الندوات الخاصة بها بنفسه ويتبنى ما يطرحونه من أفكار إصلاحية.

ضد الاحتكار

حين اشتدت أزمة التموين فى أثناء الحرب العالمية الثانية واحتكر التجار بعض السلع واضطرت الحكومة إلى تسعير البضائع كان هناك بعض من يرى أن التسعير لا يجوز شرعًا، لكن الشيخ عبدالمجيد سليم أصدر فتواه بضرورة التسعير فى مثل هذه الأزمات، وذكر من كتب السلف نصوصًا كثيرة تحبذ رأيه فأسكت بعض من يتصدرون للفتوى بغير حق وصارت فتواه عملًا ملزمًا للجميع.
الشيخ والمذهب الحنفى
على الرغم من حرصه على التقريب بين المذاهب إلا أنه التزم بمذهبه الحنفى فى فتاواه، ويقول عن ذلك فى مجلة “الرسالة” العدد ٤٤٩: “إن الفتاوى التى أصدرها على نوعين: نوع يتصل بالقضاء الشرعى والجهات الرسمية وهذا أفتى فيه بما هو الراجح من مذهب أبى حنيفة؛ لأن المستفتى يطلب ذلك فى استفتائه ولأن هذا هو المذهب الرسمى فى مصر ولو لم أتبع هذه الطريقة لاصطدم القضاء بالفتوى، أما النوع الثانى فهو الفتاوى التى أصدرها فى استفتاءات غير رسمية أو واردة من البلاد الأخرى، وأنا فيها لا أتقيد برسم يرسم ولا بقول من الأقوال فى المذهب الحنفي، وإنما أختار القول الذى أراه راجحًا، وأبين سبب رجحانه عندى، وأذكر إلى جانبه الأقوال الأخرى إذا طلب المستفتى ذلك أو كان الأمر يستدعى ذكرها”.

الشيخ والتعصب

كانت للشيخ رؤية واضحة وحازمة لمعنى التعصب والموقف الذى يجب أن يتخذه رجال الدعوة منه، ولم يكن من أنصار ذم التعصب على طول الخط ونسبه كل الخطايا إليه، بل إنه كان يجاهر بأنه يرى بعض التعصب محمودًا وهو التعصب للحق، بل إنه كان يجاهر بأنه يرى التعصب واجبًا: ويقول فى ذلك: “أما إن كان المراد بالتعصب الغيرة على ما يراه المرء حقًّا وبذلًا لجهد فى الدفاع عنه وعدم التسامح فيه فذلك محمود بل هو واجب بالشرع والعقل، فإنه لا بد للحق من مستمسك به مدافع عنه؛ ولهذا لا يصلح مجتمع يخلو من المستمسكين بالحق المدافعين عنه الذين لا يترخصون فيه ولا يتسامحون، فإن جميع الدعوات الصالحة الخيرة ما رسخت أصولها ولا سمقت فروعها إلا باستمساك أهلها بها وصدقهم فى النضال عنها، ولولا هذا الإيمان الصادق القوى المتماسك لماتت- والعياذ بالله- دعوة الإسلام فى مهدها ولفسد المجتمع الإسلامى من أول الأمر بما يسميه المتحللون مساهلة أو مياسرة، ونسميه نحن انحلالًا أو اضمحلالًا، وقد أمر الله المؤمنين أن يكونوا أقوياء فى الحق {يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} ومدح سبحانه “الذين يتمسكون بالكتاب”.
وكان للشيخ عبد المجيد البشرى العديد من الفتاوى التى تصدت للعديد من القضايا المجتمعية الشائكة منها عندما كان رئيسًا للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ومنها أثناء توليه المشيخة وقد تم جمعها ونشر بعضها فى مجلدات مجلة الأزهر، بلغ عدد الفتاوى التى تصدى لها الشيخ ١٥٧٩٢ فتوى مدونة بالسجلات الخاصة على مدار ١٧ عامًا، وكان يرسل بعض الفتاوى الخاصة لمن يطلبها من أصدقائه ومريديه بعيدًا عن عمله الرسمي، ومن هذه الفتاوى فتوى قال فيها “يجوز نقل الدم للمسلم المريض من شخص غير مسلم وفى الانتفاع بجزء من عين شخص ميت لرد بصر شخص حى، مع جواز معالجة غير المسلم من الأطباء حتى مع وجود الطبيب المسلم تيسيرًا وتسهيلًا ما دام أهلًا للثقة”.
لم يكن الشيخ عبدالمجيد سليم من أنصار التأليف، وقد ألح الكثيرون عليه أن يأذن بطبع رسالته الفقهية التى تقدم بها لعضوية هيئة كبار العلماء فلم يسترح إلى هذا الاقتراح، ويذكر أنه لم يضع مذكرات لطلابه كما فعل زملاؤه بل آثر أن يدرس لهم الأصول العريقة من كتب التراث الفقهى، ولكن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية جمع ما صدر عنه من فتاوى مع زملائه السابقين واللاحقين فى عدة مجلدات.

توفى الشيخ عبد المجيد سليم صباح يوم الخميس ١٠ صفر عام ١٣٧٤هـ ٧ أكتوبر عام ١٩٥٤م، تاركًا تراثًا خالدًا على مر الزمان.

المصدر: جريدة البوابة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى