سبق له التشكيك بالظاهرة.. حزب المحافظين البريطاني يعين مستشارا للإسلاموفوبيا
قبل وصوله لرئاسة الوزراء منتصف عام 2019 تخوف قطاع كبير من البريطانيين المسلمين من تعليقات زعيم حزب المحافظين بوريس جونسون التي وصفت بالإسلاموفوبية، ولا سيما أن الحزب الذي يترأسه يضم بعض الوجوه المعروفة بمواقفها ضد الإسلام.
وفي تقرير موقع “ميدل إيست آي” (Middle east eye) اعتبر الكاتبان باسط محمود وبيتر أوبورنه أن حزب المحافظين البريطاني عيّن مستشارا للتحقيق في الإسلاموفوبيا (Islamophobia) -رهاب أو الخوف المرضي من الإسلام- وأشكال التحيّز الأخرى داخل الحزب دعا إلى “إهمال” فكرة الإسلاموفوبيا.
وقال الصحفيان إن المستشار الذي يُدعى واثق واثق شكك في إمكانية اعتبار المسلمين ضحايا للعنصرية بسبب دينهم.
واثق واثق طالب دكتوراه في كينغز كوليدج لندن، وهو عضو في لجنة من 3 أشخاص برئاسة سواران سينغ أستاذ الطب النفسي في جامعة وارويك الذي تم تعيينه لقيادة التحقيق في ديسمبر/كانون الأول 2019.
مواقف مسبقة
وكان واثق واثق قد كتب في عمود له نشره موقع “سبايكد” (Spiked) على الإنترنت تحت عنوان “نحن بحاجة إلى التخلص من فكرة الإسلاموفوبيا”، قائلا إن المصطلح كان “محاولة لإنشاء قانون حديث للتجديف”، وتساءل عن ما إذا كان يجب اعتبار المسلمين ضحايا للعنصرية بسبب دينهم.
وفي مقال آخر في “سبايكد” أيضا دافع واثق واثق عن حكومة بوريس جونسون المحافظة ضد الاتهامات بالإسلاموفوبيا.
وقال التقرير إن هذا الكشف سيزيد من المخاوف من أن تحقيق الحزب ليس مستقلا بما فيه الكفاية، أو محاولة جادة لمعالجة الإسلاموفوبيا، حيث سبق أن خضع سينغ للتدقيق بشأن آرائه، المنشورة أيضا في “سبايكد” حول الصراع في كشمير.
كما ثبت لـ”ميدل إيست آي” أن التحقيق قد اقترب من ماجد نواز، مؤسس مركز كويليام الفكري المناهض للتطرف المثير للجدل، للإدلاء بشهادته.
وأضاف التقرير أن لجنة التحقيق لم تستشر شخصيات محافظة بارزة تقول إنها عانت من الإسلاموفوبيا داخل الحزب مثل سجاد كريم، عضو حزب المحافظين في البرلمان الأوروبي لمدة عقد ونصف العقد حتى عام 2019، وكذلك المتحدث باسم الشؤون القانونية السابق للحزب.
وقال كريم في سبتمبر/أيلول 2019 إنه تعرض للإسلاموفوبيا من أعضاء بارزين بالحزب، وكذلك من وزير لم يكشف عن هويته، لكنه لم يتم الاتصال به من قبل الحزب بخصوص ما جرى.
“نقطة عمياء”
عضو آخر في الحزب لم يتم الاتصال به هو برويز أختر، المرشح البرلماني السابق في لوتون ساوث، الذي اتهم الحزب بأن لديه “نقطة عمياء” عن الإسلاموفوبيا.
سليمان قاني، عالم الدين المسلم الذي اتُهم زورا بدعم تنظيم الدولة الإسلامية من قبل رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون في مجلس العموم خلال حملة انتخابات بلدية لندن عام 2016، لم يتم الاتصال به، بحسب الموقع البريطاني.
وقد تلقى قاني في وقت لاحق اعتذارا من كاميرون وكذلك من مايكل فالون وزير الدفاع السابق، الذي كرر الادعاء الكاذب، ورفع قاني دعوى قضائية ضده.
كما أن فريق التحقيق التابع لسينغ لم يتعامل مع مجموعة “نأمل ألا تكره” التي تناضل ضد العنصرية، والتي خلصت العام الماضي إلى أنه كان هناك “شك واسع النطاق وتحيّز وعداء تجاه المسلمين بين أعضاء حزب المحافظين وإنكار شبه كامل من أن الحزب يعاني من مشكلة الإسلاموفوبيا”.
وقدمت المجموعة أدلة للتحقيق في سبتمبر/أيلول 2020. وقالت إنها لم تتلقَّ أي إقرار أو دعوة لمناقشة النتائج التي توصلت إليها، على الرغم من عروضها للمساعدة والاقتراحات بشأن العلاجات الممكنة.
والعضو الثالث في اللجنة المكونة من 3 أشخاص هي سارة أندرسون، وهي، مثل سينغ، مفوضة سابقة في لجنة المساواة وحقوق الإنسان وهي هيئة لمراقبة المساواة في المملكة المتحدة. ووصف كل من واثق وأندرسون نفسيهما بأنهما مستشاران للتحقيق.
وقال محمد أمين الرئيس السابق لمنتدى المحافظين المسلمين الذي ترك الحزب منذ ذلك الحين، إنه يعتبر نطاق التحقيق “ضيقا بلا داع” بسبب تركيزه على عملية تقديم الشكاوى في مقر الحزب.
وأخبر أمين “ميدل إيست آي” بوجود مشاكل واضحة في إجراءات الشكاوى، مضيفا أن القضية الحقيقية التي يجب على الحزب معالجتها هي السؤال الأوسع بكثير، وهو لماذا يشعر المتعصبون المناهضون للمسلمين بالانجذاب إلى حزب المحافظين؟
وأشار أمين إلى أن هذا السؤال تم تجاهله باستمرار من قبل قيادة الحزب منذ اليوم الأول “لأنه، بالطبع، سؤال صعب للغاية يجب مواجهته”.
المنظمات اليمينية
وكشف ماجد نواز، الذي اعترض في السابق على استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا، أن لجنة التحقيق اتصلت به خلال برنامجه الإذاعي الخاص على “إل بي سي” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقال نواز إنه قرر عدم الإدلاء بأدلة لكنه وجه التحقيق إلى الرئيس الحالي لفريق العمل “كويليام” حرس رفيق الذي شارك في كتابة تقرير عام 2017 والذي تم كشف زيفه الآن عن الانتشار المزعوم لرجال جنوب آسيا في عصابات الاستمالة الجنسية للأطفال في المملكة المتحدة.
وتم ربط فريق “كويليام” بالمنظمات اليمينية في الولايات المتحدة التي تروج للآراء المعادية للمسلمين، وفقا لمبادرة الجسر “بريدج”، وهي مشروع بجامعة جورجتاون يبحث في الإسلاموفوبيا. ولم يستجب فريق “كويليام” لطلب “ميدل إيست آي” للتعليق.
وتواصل موقع “ميدل إيست آي” مع نواب محافظين بارزين اتُّهموا بالإسلاموفوبيا لمعرفة ما إذا كان قد تم الاتصال بهم للإدلاء بشهادتهم.
ولم يرد بوب بلاكمان، الذي اتهم بالإسلاموفوبيا بعد إعادته تغريد مادة نشرها الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون، ودعوة القومي الهندوسي الهندي تابان غوش إلى البرلمان، على اتصال الموقع به.
كما اتصل موقع “ميدل إيست آي” بمايكل فابريكانت، الذي كتب في نوفمبر/تشرين الثاني في تغريدة محذوفة الآن أن انتقاد الحزب بسبب الإسلاموفوبيا يهدد بإلحاق الضرر بـ”العلاقات الأنجلو-إسلامية”.
وكان فابريكانت قد اتهم بالإسلاموفوبيا في عام 2018 بعد مشاركة رسم كاركاتيري على تويتر أظهر رأس عمدة لندن صادق خان على منطاد قابل للنفخ، وهو يمارس الجنس مع خنزير. وقام فابريكانت بعد ذلك بحذف التغريدة واعتذر، قائلا إنه “قام بتغريدها بغباء في اجتماع دون التحقق منها بشكل صحيح”.
وقد رفض هو الآخر أيضا الإجابة عن أسئلة “ميدل إيست آي” حول ما إذا كان قد طُلب منه المشاركة في التحقيق.
اختصاصات محدودة
لم ترد شخصيات حزبية بارزة أخرى على أسئلة “ميدل إيست آي” بينهم نادين دوريس وزيرة الصحة التي انتُقدت العام الماضي لإعادة تغريد مواد معادية للإسلام من حساب يميني متطرف، وزاك غولدسميث، عضو مجلس اللوردات الذي اتهم بإدارة حملة معادية للإسلام عندما كان مرشحا للمحافظين لمنصب رئيس بلدية لندن ضد خان في 2016.
وأكدت أندريا ليدزوم، الوزيرة السابقة، أنها أدلت بأفكارها للتحقيق، ومع ذلك، رفضت تأكيد ما إذا كان قد تم استجوابها بشأن ملاحظاتها السابقة بأن الإسلاموفوبيا مسألة “تخص وزارة الخارجية”.
ولم يرد حزب المحافظين على طلبات التعليق.
وشكك منتقدو نطاق التحقيق في اختصاصاته المحدودة وتأطير الإسلاموفوبيا بين علامات تنصيص، مما يشير إلى التشكيك في المفهوم.
وقال مقداد فيرسي المتحدث الإعلامي باسم المجلس الإسلامي في بريطانيا، وهو مجموعة جامعة للمنظمات الإسلامية التي قادت دعوات لتحقيق المحافظين في الإسلاموفوبيا، إن نطاق المراجعة كان محدودا للغاية بحيث لا يمكن أن يُعالج “ثقافة وباء الإسلاموفوبيا المستوطنة في داخل الحزب”.
وأضاف فيرسي أنه مع ذلك يأمل في أن تظل بعض التوصيات قيّمة وإيجابية، خاصة أنه قد اقترح توصيات لهذا التحقيق.
(المصدر: ميدل إيست آي – الجزيرة)