مقالاتمقالات مختارة

ردٌّ على كلمة شيخ الأزهر في ‘‘رفْض’’ الإبراهيميَّة

ردٌّ على كلمة شيخ الأزهر في ‘‘رفْض’’ الإبراهيميَّة

بقلم د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

في مقرّ قاعة مؤتمرات الأزهر الشَّريف، عُقدت الدَّورة العاشرة لمؤتمر ‘‘بيت العائلة المصريَّة’’، برئاسة الشَّيخ أحمد الطَّيب، شيخ الأزهر الشَّريف (2010م-إلى الآن)، وحضور بطريرك الطَّائفة الأرثوذكسيَّة ورئيس الطَّائفة الإنجيليَّة (البروتستانتيَّة) بمصر وبطريرك الكاثوليك ورئيس الكنيسة الأنغليكانيَّة، وهي من طوائف البروتستانتيَّة تضمُّ الكنائس البريطانيَّة، بمصر. وتعريفًا بـ ‘‘بيت العائلة المصريَّة’’، فهو مؤتمر كان الطَّيب أوَّل من دعا إليه عام 2011م؛ بهدف الحفاظ على وحدة النَّسيج الوطني، ومناقشة القضايا المشترَكة بين أبناء الأمَّة المصريَّة، من المسلمين وغيرهم، من أبناء شتَّى الطَّوائف المسيحيَّة. وقد أوضح الدُّكتور محمَّد الأمير، المنسّق العام لبيت العائلة المصريَّة، أنَّ هدف هذا المؤتمر، نقلًا عمَّا نشره موقع صوت الأزهر في 8 ديسمبر 2018م، هو:

التَّأكيد على القيم العليا والقواسم المشترَكة بين الأديان والثَّقافات والحضارات الإنسانيَّة المتعدّدة، بلورة خطاب جديد ينبثق منه أسلوب من التَّربية الخلقيَّة والفكريَّة، بما يناسب حاجات الشَّباب والنَّشء، ويشجع على الانخراط العقلي في ثقافة السلام، ونبذ الكراهية والعنف، التَّعرُّف على الآخر، وإرساء أسس التَّعاون والتَّعايش بين مواطني البلد الواحد، رصد واقتراح الوسائل الوقائيَّة للحفاظ على السَّلام المجتمعي.

تضمَّنت كلمة الشَّيخ أحمد الطَّيب الَّتي ألقاها ضمن فعاليَّات المؤتمر في دورته العاشرة تصريحًا يدين، في ظاهره، الدّيانة الهجينة المزمع إعدادها تحت اسم “الدّيانة الإبراهيميَّة”، أو “الدّين الإبراهيمي”، في تأكيد منه على أنَّ أهدافًا “خبيثة” وراء مخطَّط دمْج ما اصطُلح على تسميتها بـ ‘‘الدّيانات الإبراهيميَّة’’ (Abrahamic Religions)، ويُشار في ذلك إلى الإسلام والمسيحيَّة واليهوديَّة. ويعود أصل تلك التَّسمية إلى لويس ماسينيون، وهو مستشرق فرنسي عمل مستشارًا لوزارة المستعمرات الفرنسيَّة في شؤون شمال أفريقيا، وتعهَّد الجمعيَّات التبشيريَّة الفرنسيَّة في مصر بالرّعاية، الَّذي ادَّعى وجود أصل مشترَك نبعت منه الدّيانات الثَّلاث. أثارت كلمة الطَّيب عن الإبراهيميَّة إعجاب الكثيرين ممَّن أخذوا محتواها على ظاهره، واعتبروا أنَّها هجومٌ على تلك الدّيانة ومقاومةٌ لقبولها. غير أنَّ تأمُّل ما انطوت عليه تلك الكلمة يكشف عن غير ذلك. جاء في نصّ الكلمة:

غيرَ أنَّ الوفاء بواجب أمانة الكلمة يقتضيني، وقبلَ أن أُفارق مقامي هذا، أن أُوجز القولَ في أمرٍ أعتقد أنه بحاجةٍ إلى شيءٍ من التوضيح أو لنقل: من التنبيه، قطعًا للشكوك والظنون التي يُثيرها البعضُ، في محاولةٍ لصرف الأنظار عن هذا البيت، وتركه يموت موتًا رحيمًا.. أو يبقى جثةً هامدة بين الحياة والموت.

هذا الأمر هو: محاولة الخلط بين تآخي الإسلام والمسيحيَّة في الدفاع عن حق المواطن المصري في أن يعيشَ في أمنٍ وسلامٍ واستقرارٍ، الخلطُ بين هذا التَّآخي وبين امتزاج هذين الدِّينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكلٍّ منهما.. وبخاصة في ظل التوجُّهات التي تُنادى -بـ«الإبراهيميَّة»- أو الدّين الإبراهيمي، نسبةً إلى إبراهيم -عليه السَّلام- أبي الأنبياء ومجمع رسالاتهم، وملتقى شرائعهم، وما تطمحُ إليه هذه التَّوجهات –فيما يبدو– من مزْج اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام في رسالةٍ واحدة أو دِين واحد يجتمعُ عليه النَّاس، ويُخلصهم من بوائق النّزاعات، والصّراعات الَّتي تُؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدّماء والحروب المسلَّحة بين الناس، بل بين أبناء الدِّين الواحد، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة..

وهذه الدَّعوة، مِثلُها مثل دعوة العولمة، ونهاية التاريخ، والأخلاق العالميَّة وغيرها – وإن كانت تبدو في ظاهر أمرها كأنَّها دعوة إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته.. إلَّا أنها، هي نفسَها، دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه بنو الإنسانِ وهو: حرية الاعتقاد وحرية الإيمان، وحرية الاختيار، وكلُّ ذلك مِمَّا ضمنته الأديان، وأكَّدت عليه في نصوص صريحة واضحة، ثم هي دعوةٌ فيها من أضغاث الأحلام أضعافَ أضعافِ ما فيها من الإدراك الصَّحيح لحقائق الأمور وطبائعها..

ونحن وإن كنَّا لم نَرَ -حتى هذه اللحظة- هذا الوليدَ الإبراهيمي الجديد، ولا نعرفُ شيئًا عن ملامحه وقسماته، إلَّا أننا –ومن منطلق إيماننا برسالاتنا السَّماويَّة– نُؤمن بأنَّ اجتماع الخلق على دِينٍ واحدٍ أو رسالةٍ سماوية واحدة أمرٌ مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها، وكيف لا، واختلافُ الناس، اختلافًا جذريًّا، في ألوانهم وعقائدهم، وعقولهم ولغاتهم، بل في بصمات أصابعِهم وحديثًا بصمات أعينِهم.. كلُّ ذلك حقيقةٌ تاريخيَّة وعلميَّة، وقبل ذلك هي حقيقة قُرآنيَّة أكَّدها القرآن الكريم ونصَّ على أنَّ الله خلق الناس ليكونوا مختلفين، وأنَّه لو شاء أن يخلقهم على مِلَّةٍ واحدة أو لونٍ واحد أو لغةٍ واحدة أو إدراك واحد لفعَل، لكنه -تعالى- لم يشأ ذلك، وشاء اختلافَهم وتوزُّعَهم على أديان ولغات وألوان وأجناس شتَّى لا تُعد ولا تُحصى.. ثم بيَّن أن هذا الاختلاف باقٍ ومستمر في النَّاس إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود: 118]، كما بيَّن الله تعالى أنَّه كما خلَقَ المؤمنين من عبادِه، خلَقَ منهم الكافرين أيضًا، يقول الله تعالى في أوائل سورة التغابن: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [التَّغابن: 2].

وردًّا على ما أشيع عن رفْض شيخ الأزهر لمشروع الدّيانة الهجينة، نستعرض في نقاط أهمَّ ما يتعارض مع ذلك الافتراض:

1-يشير شيخ الأزهر إلى المسيحيَّة باعتبارها دينًا، مقرنًا بينها وبين الإسلام بقوله “محاولة الخلط بين تآخي الإسلام والمسيحيَّة …الخلطُ بين هذا التَّآخي وبين امتزاج هذين الدِّينين” في مخالفة لقول الله تعالى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [سورة آل عمران: 19]؛ ناهيك عن الاعتراف بالمسيحيَّة من الأصل، وهي عقيدة قائمة على تأليه المسيح بن مريم واعتباره ابنًا للإله وتجسيدًا له.

2-يدين الطَّيّب مبدأ جمْع النَّاس على عقيدة واحدة بوصفها “رسالةٍ واحدة أو دِين واحد”، ولكنَّه، مع ذلك يعدّد مزايا ذلك التَّوجُّه الَّذي من شأنه أن “يجتمعُ عليه الناس، ويُخلصهم من بوائق النّزاعات، والصّراعات الَّتي تُؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدّماء والحروب المسلَّحة بين النَّاس، بل بين أبناء الدِّين الواحد، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة”؛ وكأنَّما يؤكّد على فضائل الدّيانة الموحَّدة من خلال انتقادها.

3-يعيد شيخ الأزهر التَّأكيد على مزايا الدّيانة الموحَّدة بوصفه إيَّاها “دعوة إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته”، متبعًا ذلك بتبرير لرفضه تلك الدّيانة الَّتي يراها “دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه بنو الإنسانِ وهو: حرية الاعتقاد وحرية الإيمان، وحرية الاختيار، وكلُّ ذلك مِمَّا ضمنته الأديان”. كما يتَّضح، لا يقف ذلك التَّبرير عند تعارُض أركان الإيمان الَّتي تنطوي عليها رسالة الإسلام، وهي الإيمان بالله وملائكته وكُتُبه ورُسُله واليوم الآخر والقضاء والقدر، مع ما عقائد أهل الكتاب الموازية. ويعني ذلك أنَّ كلّ ما يبرّر معارَضة مبدأ الدّيانة الموحَّدة هو تنافيه مع حريَّة الاعتقاد.

4-لم ينطق شيخ الأزهر كلمة بواحدة تؤكّد رفْضه تلك الدّيانة الهجينة، إنَّما ما جاء على لسانه كان مجرَّد تعبير عن شكّه في إمكانيَّة حدوث ذلك. وفي قول الطَّيّب “لم نَرَ -حتى هذه اللحظة- هذا الوليد الإبراهيمي الجديد، ولا نعرفُ شيئًا عن ملامحه وقسماته” ما يدحض رأيه المسبق عن استحالة اجتماع النَّاس على “دين واحد”؛ فكيف له أن يكوّن ذلك الرَّأي قبل معرفة ماهيَّة الدّيانة الجديدة؟ وفي ذلك ما يفتح المجال لانتظار ظهور تلك الدّيانة ومعرفة طبيعة دعوتها. من جديد، يقف شيخ الأزهر عند استحالة اجتماع النَّاس على عقيدة واحدة، دون الوقوف عند استحالة إقران عقائد اليهود والنَّصارى بالإسلام؛ بسبب الاختلاف الجذري في مفهوم الألوهيَّة، والطَّبيعة المختلفة للنُّبوَّة عند أهل الكتاب عنها في الإسلام. يُضاف إلى ذلك عدم اتّفاق فرق المسيحيَّة حول طبيعة المسيح ودرجته في الألوهيَّة مقارنةً بالإله الأزلي، أو الآب. فإذا كانت هناك كنائس تعترف بطبيعتين ومشيئتين للمسيح، إحداهما بشريَّة والأخرى إلهيَّة، وأخرى تعترف بطبيعة ومشيئة واحدة، بشريَّة وإلهيَّة مدمجة، فكيف يستوي ذلك مع اعتقاد المسلمين بأنَّ المسيح عبدُ الله ورسوله إلى بني إسرائيل مصداقًا لقوله تعالى ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبُّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [سورة المائدة: 72].

5-يكرّر الطَّيّب اعترافه بوجود رسالة سماويَّة غير رسالة الإسلام بقوله “نُؤمن بأنَّ اجتماع الخلق على دِينٍ واحدٍ أو رسالةٍ سماوية واحدة أمرٌ مستحيل”، مع اجتزاء بقول الله تعالى ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [سورة هود: 118]، بعدم ذْكر الآية التَّالية الَّتي تقول ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [سورة هود: 119]. لا يصحُّ تفسير هذا النّصّ القرآني بما أشار إليه شيخ الأزهر عن تفرُّق البشر في اعتناقهم عقائد إيمانيَّة مختلفة، الَّذي يعني أنَّ هناك عقائد إيمانيَّة صحيحة توازي الإسلام. غير أنَّ التَّفسير المتعارَف عليه لقول الله تعالى في هاتين الآيتين يؤكّد على أنَّ المقصودين بقوله “إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ” هم أهل الإسلام؛ أمَّا مَن قيل فيهم “وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ”، فهم اليهود والنَّصارى والمجوس، كما جاء في تفسير ابن جرير الطَّبري. أي أنَّ الاختلاف هو في وجود فريق من المؤمنين بالعقيدة الصَّحيحة وفريق آخر على عقيدة الكُفر، وليس في إيمان البشر بعقائد تعُدُّ كلُّها صحيحة؛ وهذا ما يوضحه قول الله ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [سورة يونس: 99]؛ وهو ذاته ما يؤكّد عليه قوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [سورة التَّغابن: 2]، الَّذي يستشهد به الطَّيب، لكنَّه يقصد به تمييز المؤمنين والكافرين عن المؤمنين بعقائد صحيحة ولكن مختلفة.

6-لم يستشهد شيخ الأزهر بقول الله تعالى الَّذي يبرّئ إبراهيم-أب الأنبياء-من اليهود والنَّصارى ويقرنهم بأهل الشّرك: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ۝ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ۝ هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ۝ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ۝﴾ [سورة آل عمران: 64-68].

أخيرًا نتساءل: يتشدَّق البعض بأنَّ جوهر الدّيانات واحد، وأنَّ كافَّة تلك الدّيانات تشترك في عبادة إله واحد، يختلف النَّاس حول اسمه وطبيعته وقدراته. ويستند البعض إلى آراء غلاة الصُّوفيَّة، أمثال محيي الدّين بن عربي والحلَّاج، من المؤمنين بعقيدة وَحدة الوجود، في ادّعاء انفتاح الإسلام على كافَّة العقائد وإمكانيَّة إقرانه. وقد أوصى تشارلز ل. كوهين، المفكّر والأكاديمي والمؤرّخ الدّيني الأمريكي، في كتابه The Abrahamic Religions: A very short introduction (2020م)، أو الدّيانات الإبراهيميَّة: مقدّمة قصيرة جدًّا، باتّخاذ التَّصوُّف الموحَّد (Unitive Mysticism) قاسمًا مشتركًا بين الإسلام واليهوديَّة والمسيحيَّة. فهل يعارض شيخ الأزهر، الَّذي نشأ في أسرة تعتنق الصُّوفيَّة وأخوه الأكبر هو شيخ للطَّريقة الخلوتيَّة في الأقصر في صعيد مصر، مبدأ الجمع بين ‘‘الدّيانات الإبراهيميَّة’’ استنادًا إلى المشترَك الصُّوفي؟ جدير بالتَّذكير أنَّ الطَّيّب شارك في مؤتمر الشّيشان الَّذي انعقد في أغسطس 2016م تحت عنوان “مَن هم أهل السُّنَّة والجماعة؟ بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة اعتقادًا وفقهًا وسلوكًا، وأثر الانحراف عنه على الواقع”، الَّذي عرَّف أهل السُّنَّة والجماعة بأنَّهم الأشاعرة والماتريديَّة وأصحاب المذاهب الفقهيَّة الأربعة والصُّوفيَّة، واستبعد منهم السَّلفيَّة والوهَّابيَّة.

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى