مقالاتمقالات مختارة

د. وسام الكبيسي في ذكرى استشهاد د.يوسف الحسان: موقفه الرافض للظلم والطغيان تسبب في تصفيته

بقلم د. وسام الكبيسي

 

في ذكرى استشهاد د.يوسف الحسان .. موقفه الرافض للظلم والطغيان تسبب في تصفيته

 

ولد الشيخ يوسف بن يعقوب بن محمود بن أحمد الحسان رحمه الله في البصرة عام 1966م، أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في البصرة، ثم التحق بالمعهد الإسلامي في البصرة، ومن ثم كلية الشريعة في بغداد عام 1986.ثم انتقل هو وعائلته إلى مدينة سامراء عام 1987 بعد تعرض البصرة إلى القصف إبان الحرب العراقية الإيرانية، ثم عادوا عقب انتهاء الحرب.

تخرج في كلية الشريعة عام 1990. وكان قد عُين إماماً وخطيباً في جامع العرب بالبصرة عام 1989 ثم انتقل إلى الجامع الكبير عام 1994. وكان أول شابٍ يعتلي المنبر بهذا العمر في البصرة، وكان خطيبا مفوها، يمتلئ المسجد بالمصلين لسماع خطبته، وكان الناس غير معتادين على هذا الأسلوب الذي يجمع بين الحماسة والحكمة والمعلومة المبسطة مع توظيف جميل للقصص القرآني، مما أعطى دفعة قوية لدى الشباب في طلب العلم واعتلاء المنابر، وقد حصل ذلك بالفعل، فالفضل يعود لله ثم للشيخ رحمه الله.
مسيرته العلمية
بدأ حبه للعلم والصالحين منذ أن كان طالباً في المتوسطة. حيث كان يسافر في العطل الصيفية عندما كان في الإعدادية إلى أربيل وبغداد لطلب العلم. كان شيخهُ الروحي الأول الشيخ مصطفى النقشبندي رحمه الله، وأخذ العلم عن الشيخ العلامة عبدالمجيد شقلاوة في أربيل مع ملازمته طوال هذه الفترة لدروس علامة العراق الشيخ عبدالكريم بيارة رحمه الله. ثم أخذ علوم الفقه من الشيخ أيوب الخطيب رحمه الله في سامراء، ودرس على يد الشيخ عبد الكريم الدبان، والشيخ عبد العزيز الأربيلي في البصرة، والشيخ مخلص الراوي في بغداد، إلى أن نال الإجازة العلمية من الشيخ عبدالكريم بيارة عام 1997م.

حاول الشيخ جاهدا إعادة العلم الشرعي بكل صنوفه إلى البصرة فافتتح إعدادية الحسن البصري ثم فرع كلية الإمام الأعظم، وكان طوال هذه الفترة يحاضر ويدرس طلاب العلم من الصباح وحتى المساء، ويصلح بين المتخاصمين متى ما وصل إلى سمعه خبرهم، ويتفقد المريض ويزور المساجد ويشجع ويبتسم ويساعد ويعلم ويفيد، فقد كان رحمه الله محرك البصرة، وكان له طاقة وصبر ومجالدة قلما تجدها عند أحد.
صفاته
كان رحمه الله محباً للعلم وطلاب العلم ومحباً للصالحين والعلماء وكان يتفقدهم ويزورهم في أي مكان من العراق وحتى بعض الدول المجاورة. كان رحيماً عطوفاً كريماً عزيز النفس عنده روح التحدي والثبات وكان ذلك سبباً في إثارة الأحقاد عليه من النفوس الحاسدة والمرتزقة وعبدة المناصب، وكان ثباته على نصرة المسلمين وموقفه الرافض للظلم والطغيان سبباً في قرار تصفيته (قتله)، وكانوا يقولون: يجب أن تصفى، فذهب شهيد الموقف والكلمة، واستشهد قبل الجمعة بساعة مكملاً أربعين عاماً بالتمام والكمال، فسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد وعمل وخدم الإسلام ويوم استشهد ويوم يبعث حياً مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
استشهاده
كان رحمه الله قد تكلم في الجمعة التي سبقت استشهاده عن تورط الأجهزة الامنية والمخابرات الإيرانية في قتل مكون معروف في المحافظة، بل تحدث بصراحته المعهودة وعدم خوفه إلا من الله، فاغتالوه في الجمعة التي بعدها عندما كان ذاهبا لإلقاء خطبة الجمعة على جموع المصلين المتعطشين لسماع كلماته القوية الصادقة.
ففي الجمعة 21جمادى الأولى 1427هـ/ 16-6-2006 وقبيل الصلاة اغتيل الشيخ الكبير والمربي الفاضل والدكتور العلم حبيب البصريين والعراقيين ومحب العلم وأهله الشيخ يوسف الحسان رحمه الله رحمة واسعة وألحقنا به غير خزايا ولا مترددين.
كان يردد كثيراً رحمه الله مقولة سيد قطب: “إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح وكتبت لها الحياة”.
ومن أقواله رحمه الله: “مهما ازداد القتل فينا، ومهما اشتدت الضربات لكننا لن نخرج ولن نتزحزح عن البصرة”.
وقوله: “لن أخرج من البصرة إلا شهيداً بإذن الله”، وكان له ما تمنى والله حسبه وحسيبه.
وكانت أشهر كلمة قالها الشيخ رحمه الله مخاطبا أهل البصرة هي: “جهادكم يا أهل البصرة ثباتكم فيها لا تتركوها أنتم في رباط في سبيل الله ما دمتم فيها”، فكان لكلماته أبلغ الأثر في تثبيت الكثير من أهل السنة في المحافظة ولله الحمد والمنة.

 

 

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى