مقالاتمقالات مختارة

درعا وآخر المستجدات !

درعا وآخر المستجدات !

بقلم د. صلاح قيراطة

كمتابع أزعم – أني وطني- لكن مها ادعيت الحيادية، أجد نفسي في قضايا بعينها لا أستطيع أن أسيطر على جماح ذاتي، وأن لا أتحدث عن ( هوى ) فالموت بالمجان بشرعتي وثقافتي مدان، ولا يقوم به إلا رعديد جبان …

هناك ملايين ربما من المتفاجئين، بما حدث ولا يزال في درعا، لكن بصراحة انا لست منهم، لعلمي علم اليقين بما كانت ستؤول إليه الأحوال في درعا، وبعدها السويداء، والعين معلقة دومًا على منطقة خفض التصعيد الرابعة شمال غرب سورية …

لقد كان هذا خطابي منذ نهاية عام ٢٠١٦ حيث تمت السيطرة على الشطر الشرقي من حلب، ولطالما قلت محللاً لكن بذات كنت مُطَعِّماً ما أقوله بصيغة التنبيه، والتحذير، وربما مافَهِمَ منه بعض المرتبكين أنه تهديد ووعيد، بل ذهب آخرون أني أمثل وجهة النظام المجرم ! لاسيما أن صيف سورية الصاخب والمجنون كان قد ضيع لبنها، وبات الكثيرون ينظرون لمن يقول، دون النظر إلى القول، ليختلط كمحصلة عند الكثيرين، الفرق الكبير بين الوطن والنظام، وأننا يفترض و إن كان ولابد ان نختلف فمن أجل الوطن لاعليه…
باختصار :
ما فتئت أقول منذ أن أنجزت معارك حلب، وبدأت في الغوطة الشرقية، وكل ذلك كان بمشاركة روسيا الاتحادية، أن المنطقة الجنوبية وهي إحدى مناطق خفض التصعيد لن تكون أفضل حالا من سابقاتها…
لكن كنت ومازلت على قناعة أن لكل منطقة خصوصية، تقتضي اتباع تكتيكات، لكن مع ثبات الأهداف الاستراتيجية…
في هذا السياق كان ما كان في درعا حتى الآن، حيث عشنا ولازلنا نعيش حالات كان تدور بين توقف الأعمال القتالية ثم عن استئنافها…
لتكون الأوضاع تنازعًا في منطقة درعا البلد، بين إطلاق نار ثم وقف مؤقت…
وكنا كذا مع سيل من التقارير المتعلقة بإنجاز اتفاق التسوية، ليتبعها بعد بعض وقت بيانات تعلن فشل الاتفاقات !

إذا توقفنا عند مسألة درعا البلد ،فسنجد أن هذه المنطقة ليست ذات أهمية استراتيجية عسكرية أو أمنية، لكن لا أنفي ان لها دلالات رمزية، إلا أن لا يمنعني من أن أقول إنها صغيرة جدًا كمساحة جغرافية، وكذا فهي لا تصل إلى حدود الأردن والكيان، وذلك خلافاً لمنطقتين أخريين في محافظة درعا، حيث توجد المعارضة السورية المسلحة، بما في ذلك اللواء الثامن الموالي لروسيا !؟…

خديعة موسكو كانت في محاولة ايهامنا كسوريين، وكذا ايهام العالم انها في مكان العجز عن منع ( دمشق )، من استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية…
وكذا فالبادي أن موسكو قد خادعتنا بأن لديها اتفاقات مع إسرائيل، لمنع القوات الموالية لإيران من دخول المنطقة الحدودية، ما يعني إبقاء المعارضة، التي حُسم وضعُها في العام ٢٠١٨ في الأراضي التي تسيطر عليها في محافظة درعا…

وإن لم نكن مع خديعة، فقد كان، على موسكو “الغازية” كضامن للمصالحة، أن تظل كذلك محافظة على الاتفاقات التي تم التوصل اليها في ٢٠١٨، إلا أن ماحدث، وهو مستمر حتى التنفيذ وكد الانجاز ليتأكد أن قرار سيطرة النظام الطائفي المجرم على درعا البلد، ومنها كل درعا مسألة مبتوت بها ومنتهية، وهناك اتفاقات دولية تمرر تباعًا وربما هذا نتاج للخصوصية ، وليس مهمًا ما يتعرض له المدنيون ” السنة” من جرائم تدخل في باب الجرائم ضد الإنسانية …
لأؤكد ختاماً :
على بعض مما كنت أراه، وأضيف بعضًا آخر لم أكن أراه، ولاقول إنه كان واهمًا ‏كل من كان يظن أن تأثيرات معركة حلب الحاسمة في نهايات عام ٢٠١٦، كانت محصورة بين حي الراموسة – طريق الكاستيلو السريع هو مرتبك التفكير ومعه الرؤية والتدبير …
هذه المعركة كما كنت قد قلت مرارًا كانت مقدمة لما هو قادم في سورية، وماتبع معارك حلب من عمليات عسكرية يؤكد ما كنت على قناعة به، واعلنته في وقتها منذرًا، ومحذرًا في آن معًا، وهو أن مابعد معارك حلب لن يكون كما هو قبلها، وهذا ما ثبت ويثبت تباعًا…
إلا ان مالم يكن واضحًا، ولم نكن قد وضعناه في الحسبان، وهنا اعترف أني لم اكن أتوقع ما وصلنا إليه في سورية في أسوأ السيناريوهات التي كنت اعتبرها كما الكوابيس، وهو ما بدى جليًا مع تطورات ملف درعا، ليتأكد أن مابعد حلب كان تأسيسًا لما سيكون عليه مصير الشرق الأوسط لمائة عام قادمة لجهة التأثيرات المتمادية على العرب في مواجهة التمدد الإيراني، المدعوم أمريكيًا وإسرائيلياً، كما كان تأثير معركة اليرموك على روم المشرق في يوم مضى…

ختامًا
وحتى يثبت العكس، أن ما يحدث في سورية يؤكد وجود تفاهم ( روسي – أميركي – إيراني – إسرائيلي ) على مواصلة تهجير ‎المكون السوري الأكبر من ملاكها التاريخيين وهم أهل ( السنّة ) من السوريين، وذلك تسهيلاً لتقاسمها، أقول ( تقسامها ) ، لا ( تقسيمها )، فبقاؤها، كما هي حالها الآن، دولة فاشلة يقودها معاق عقلي ومضطرب نفسي، هو المطلوب، وكما يقول العامة في هكذا ظروف فبشار هو ( حفر وتنزيل )، فهم لا يريدون أكثر من مطية يحملون عليها ارتكاباتهم بحق سورية والسوريين كل السوريين…
بالله عليكم لو لم يكن الأسد موجودًا هل كان لأي من الغزاة بما فيهم الكيان يجرؤ على تهجير الغالبية من السكان ؟!

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى