بقلم محمد أمين خُلال
كاتِبُ القرآن، بحكم أنه من بيئة صحراوية بدوية، لا بناء فيها ولا عُمران، لا مدارس ولا كلِّيات، لا مؤسسات علمية ولا جامعات، مجرد عيسٍ ونوقٍ ورمال، بيداء قاحلة وانعزال عن الحضارات والثقافات، لم يتعلم حتى الكتابة والقراءة، ولم يفارِق دياره إلاَّ في سَفْرَتينِ للتِّجارة، وبما أن الانسان ابن بيئته، فكذلك مؤلِّف القرآن عندما شرع في تأليفِ كتابه، انطلق في ذلك مما يَعِنُّ له أمام ناظريه، فهو لم يدرس خصائص الخلايا ولا تركيب الذَّرات، ولا تَتابُعَ نيوكليوتيدات الجينوم ولا سمِع عن الكواركات، كما أنه لم يتخرج من أكسفورد ولا هارفرد، وبناءً عليه فقد زَعم رسول الإسلام أنَّ الإنسان خُلق من طين، وهذه أضحوكة علمية بكلِّ المقاييس، وكيف يُصدِّق هراءً كهذا زهاء ملياري مسلم !؟ وما الفرقُ بين هؤلاء وبين من يعبدون الأحجار والأشجار الأبقار !؟ وهل هذا الذي خُلق من طين إنسان أم طاجين !؟
إننا في زمن العلم وفيزياء الكوانتم، والبيولوجيا الجزيئية والكيمياء النووية، ومن العيب والعار أن نؤمن بخرافات تمَّ تأليفها قبل ألف وأربع مئة سنةٍ لرعاة الإبل، فنحن عقلانيون حداثيون، لا نؤمن إلا بالعلم ولا نصدق إلا المجاهر والمخابر .
طبعاً هكذا يتحدث العقلانيون الذين فجَّروا طبول آذاننا بالعلموية والحداثة، وهم أنفسهم يكيلون بصاعين ومكيالين، إذ في نفس الوقت الذي يرفضون فيه خرافات “الصَّحراء“ البدوية ، يؤمنون إيمانا قطعياًّ لا رياء فيه ولا مِراء، أن الخلية الأولى التي تكونت عن طريق الصِّدفة قد خُلقت من طين، ثُمَّ تطورت عبر السنين لأسماك وزواحف وقردة ثم هوموسابيان (إنسان عاقل)، وكُلُّ هذا طبعاً بمحض الصدفة والعشوائية، ورغم أنه لا دليل علمي على زعمهم، فهم يؤمنون بالعلم والملاحظة والتجربة .
وعلى ذِكر العِلم، فالأخير يُخبرنا أن جسم الإنسان يحتوي على كثير من العناصر التي تحتويها الأرض، كالكربون والأكسجين، والهيدروجين، والصوديوم، والكلور، والفوسفور، والكبريت، والمغنزيوم، والآزوت، والكوبالت، والزنك، واليود والنحاس وغير ذلك، فهذه العناصر نفسها نَجدها في التُّراب بِنِسبٍ مختلفة كما تعلمون ولا يعلمون، والعجيب أن العناصر الشَّائعة في كلِّ الأرض كالكوارتز والتيتانيوم، غير موجودة في جِسم الإنسان، وهي عناصِر ضارَّة، فقال تعالى“وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ “ [المؤمنون:12]، ولم يقل من “الطين“، أي ليس من كُلِّ الطِّين، كما يقول تعالى “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا“ [ الفرقان:54]، والماء كما نعلم يشكل نسبة 70-90% من جسم الشخص البالغ، و 65-70% من جسم الشيوخ والعجائز، بينما تبلغ نسبته 85-90% عند الرُّضَّع والأجنَّة((1)).
وقَد نشرت الديلي ميل البريطانية “الصحراوية“، موضوعاً جاء فيه : “
كل الحياة على الأرض، ربما جاءت من الطين حسب البحث العلمي الأخير، تماما كما أخبر الكتاب المقدس، القرآن، والميثولوجيا اليونانية، قبل آلاف السنين
All life on Earth may have come from clay according to new scientific research – just as the Bible, Koran and even Greek mythology have been suggesting for thousands of years.((2))
ولسنا هنا بصدد مناقشة آراء الكتاب المقدس واليونان ومدى صحتهما، لكننا سنقتصر على ما جاء في القرآن وننزله على ما تخبر به البحوث والكشوفات العلمية، فالبحث الذي نشرته جامعة كورنيل الأمريكية، بعنوان “ الكيمياء الحيوية ربما تكون مجتمعة في الطين، قبل الخلايا“، نستشِف منه قول أستاذ الهندسة البيولوجية، أحد أعضاء معهد كافلي بكورنيل لعلوم النانو : “ نقدم اقتراحنا على أنه في زمن جيولوجي مبكر، هيدروجيل الطين قدم وظيفة حبس التفاعلات الكيميائية الحيوية والجزيئات الحيوية “((3)).
أما مجلة نيتشر (Nature)، الداعمة لنظرية التطور، فقد نشرت ما عنوانه “ تقوية الترجمة والنسخ في هيدروجيل الطين والآثار التي ترتبت على تطور الحياة في وقت مبكر “، وذكر البحث توصله إلى نتائج موجبة عديدة بخصوص وظائف الطين على مستوى الآليات البيولوجية((4)) .
أمَّا الساينس دايلي “الوهابية“، فقد نشرت أنه لإنجاح عملية إنتاج البروتينات، كعملية تصنيع الدواء، فنحن بحاجة إلى كميات كبيرة من الهيدروجيل، وقد لاحظَ “دايهونغ يانغ“ أن الهيدروجيل يتكون من الطين، بل واتضح أن الطين يعزز من إنتاج البروتين .
إذا فكما رأينا، أن هذا الإنسان، أشبه بمنجَمٍ صغير، قال عزَّ من قائل “الَّذِي أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلۡقَ الۡإِنسَانِ مِن طِينٍ [السجدة: 7]
وهنا نعود ونطرح هذا السؤال على لسان العقلاني الحداثي الساينسي :
“كاتِبُ القرآن ، بحكم أنه من بيئة صحراوية بدوية، لا بناء فيها ولا عُمران، لا مدارس ولا كلِّيات، لا مؤسسات علمية ولا جامعات، مجرد عيسٍ ونوقٍ ورمال، بيداء قاحلة وانعزال عن الحضارات والثقافات، لم يتعلم حتى الكتابة والقراءة، ولم يفارِق دياره إلاَّ في سَفْرَتينِ للتِّجارة “
فكيف يستطيع هذا تأليف مثل هذا !؟
وكيف لرجلٍ لا يعرف القراءة ولا الكتابة أن يصادِق على آخر الكشوفات العلمية !؟ بل كيف يكتب كتابه هذا وأنتم تقولون أن لا يعرف القراءة والكتابة !؟
فهذا إنسان من طين، وهذا كلامُ رب العالمين، وما أنت بمُسمعِ الموتى ولا الطَّاجين
المصادر :
===
– ((1)) “Water and Our Health” http://www.unesco.org/new/fileadmin/MULTIMEDIA/FIELD/Venice/pdf/special_events/bozza_scheda_DOW03_1.0.pdf
, UNESCO, Retrieved 2016-12-26. Edited.
==
– ((2)) http://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-2488467/Scientists-believe-beginnings-aACLAY.html
==
– ((3)) http://news.cornell.edu/stories/2013/11/chemicals-life-may-have-combined-clay
==
– ((4)) http://www.nature.com/articles/srep03165
==
– ((5)) https://www.sciencedaily.com/releases/2013/11/131105132027.htm
(المصدر: مركز يقين)