بقلم الشيخ د. سلطان العميري
كثير من المذاهب الباطلة – سواء المتعلقة بوجود الله أو بتوحيد الألوهية أو بتوحيد الربوبية أو الأسماء والصفات أو غيرها من أبواب الدين – لديها شبه وأدلة تحتاج إلى معرفة واسعة في نقدها وعدة ضخمة في تفنيدها .
ومن أهم الإشكاليات المعرفية التي أصيب بها المذهب السلفي الاستخفاف بتلك الشبه وعدم تقديرها حق قدرها , والتقليل من شأنها .
وأما ما ذكره الشيخ محمد بن عبدالوهاب حين قال :”والعامي من الموحدين يغلب ألفا من علماء هؤلاء المشركين” , فهو غير صحيح .
فالمنحرفون في باب توحيد الألوهية لديهم شبه وأدلة تتطلب قدرا كبيرا من التعمق في العلم ومعرفة مآخذ الاستدلال وطرق الإثبات والنفي .
وهي مع بطلانها وعدم صحتها لا يستطيع نقضها بطريقة صحيحة سليمة إلا من لديه عدة كبيرة من العلم .
وقد حاول بعض الشراح من المعاصرين أن يحمل كلمة الشيخ على نوع خاص من العوام , فذكر أن المراد بذلك العامي النبيه الذكي وليس العامي الساذج , ولكن حتى مع هذا التقييد , يبقى أن نقض مذهبهم بطريقة صحيحة يتطلب قدرا كبيرا من العلم والمعرفة بالشريعة .
وأما الاستدلال بقوله تعالى :” وإن جندنا لهم الغالبون ” بحجة أن الغلبة تشمل الغلبة بالحجة واللسان وبالسيف والسنان .
فهو استدلال غير صحيح , فنحن لا ننكر أن الله تعالى وعد عبادة المؤمنين بالغلبة على الكفار , وأن الغلبة شاملة للنوعين .
ولكن التغلب والانتصار لا بد فيه من توفر القوة وأسباب النصر , ومن مكونات القوة في المجال العلمي والمعرفي : سعة العلم والتعمق في مناهج الاستدلال ومآخذ الاستنباط وطرق النفي والإثبات , وهي في العادة غير متوفرة في العامي حتى ولو كان نبيها .