مقالاتمقالات المنتدى

حين يُحرق الصحفي، تدفن حرية التعبير بلا كفن

حين يُحرق الصحفي، تدفن حرية التعبير بلا كفن

 بقلم  الصحفي برهان احمد الصديقي( خاص بالمنتدى)

حرية الصحافة في غزة تواجه خطر الإبادة ….. سامحني يا قارئ! أتحدث عن حرية الصحافة، في
وقتٍ حُرم فيه أطفال غزة من لعبهم، بل من لقمة الخبز وجرعة الماء، وهُدِمت المنازل فوق ساكنيها
وكل ما سمعناه منذ الطفولة عن الحقوق والقيم قد دُفنت تحت ركام المدارس والمستشفيات المنهدمة في
غزة فما بقت من ضحكات الأطفال إلا بكاءهم من شدة الجوع والعطش أو من جروح أصابت هم عندما
انفجرت منازلهم وانهارت على رؤوسهم وتركتهم بين القتيل تحت الركام وجريح يصرخ بلا مغيث.. كنا
في غفلة عن حجم المعاناة في غزة حتى جاء الصحفيون لينقلوا إلينا الحقيقة. فكيف لا نتحدث عنهم
اليوم؟
نعم حرية الصحافة في غزة تواجه خطر الإبادة, ما يحدث ليس مجرد أضرار للحرب, لا ! بل هي من
سياسة ممنهجة لإسكات الصوت الفلسطيني والمؤسسات الدولية حتي الآن لم تُظهر الجدية الكافية في
حماية الصحفيين فإنهم لا يُقتلون فقط أثناء تغطية الأحداث بل يُستهدفون في منازلهم أو بسيارتهم رغم
وضوح هويتهم الصحفية "سترات وخوذات تحمل كلمة PRESS" .
لا تزال صور هم تدور أمام أعيننا.. إسماعيل الغول, شيرين ابوعاقلة , حمزة وائل الدحدوح وعديد من
زملائهم_ جميعهم قُتلوا برصاص الاحتلال رغم أنهم كانوا يرتدون سترات الصحافة التي كُتبت عليها
بوضوح كلمة "PRESS" لكن تلك الكلمة التي يُفترض أن تحميهم لم تكن درعًا أمام آلة القتل الإسرائيلية.
قُتلوا لأنهم شهود!
شهود على جرائم يُراد دفنها تحت الركام…
قُتلوا لأنهم نقلوا صوت غزة إلى العالم…
وكيف ننسى صحفي حسام شبات حين قال بكل وجع "أنا وزملائي ننتظر الموت" كأن الصحفيين في
غزة لا يرافقون الكاميرا, بل يصاحبون الموت نفسه, ويعرفون أن كل تقرير قد يكون الأخير لهم ومع
ذلك… لا يتراجعون.
ولن ننسي صمود الصحفيين فجربناه مرارا وتكرارا في الغزة العزة.. هل تتذكرون ! وائل الدحدوح
قُتلت زوجته وأطفاله في غارة شنيعة لكنه عاد إلى العمل خلال ساعات ليكمل رسالته الإعلامية..
لوكُتبت عن صمودهم لجفت الأقلام ولكن حكايتهم لن تنتهي فكل دمعة تروي حكاية شعب لا يُكسر..
ومنهم الصحفي أحمد منصور كان مشغولا في عمله الصحافة في خيمة حتي أحرقه القصف الإسرائيلي
حيا ولم يتمكنوا من إنقاذ أحد المصابين من ألسنة النيران…تداولت شبكات التواصل الاجتماعي مشاهد
مروعة تظهر الصحفي أحمد منصور وهو يحترق حيا إثر القصف الإسرائيلي على خيمة الصحفيين

بجوار مجمع ناصر الطبي في خان يونس… فكتب الكلمة الأخيرة بدمه ليذكر العالم أن الكلمة الحرة
تُقتل في غزة كل يوم. كأن العدوان يعلن "من يفضحنا سنسقط عليه السماء نارًا ".
نعم! أصابوا بالجروح….
نعم! استشهدوا ….
لكن رسالتهم انتصرت ولقد أيقظت ضمائر كانت نائمة, فخرجت الملايين في شوارع نيويورك, لندن,
برلين وباريس لا لتناصر فقط غزة بل لتعلن رفضها لتآمر السياسي والإعلامي الذي استمر طويلًا في
حق الاسرائيل المحتلة وربما للمرة الأولي وجد العالم نفسه في مواجهة الحقيقة… لا كما يُراد له أن
يراها, بل كما هي, تنزف وتصرخ من قلب غزة. فارتفعت الأصوات "كفي تزييفًا .. كفي صمتًا"..
كما شهد العالم موقف إبتهال أبو سعد و فانيا أغروال وهما فتاتان شجاعتان وقفتا موقفا شجاعًا بلا
خوف في 4 أبريل 2025 خلال احتفال مايكروسوفت بالذكري الخمسين لتأسيسها, قامت المهندسة
إبتهال أبو سعد وقاطعت عرضًا تقديميًا للرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي مصطفي سليمان وصرخت
" عار عليك, مصطفي! أنت مستفيد من الحرب توقف عن استخدام الذكاء الاصطناعي للإبادة الجماعية,
أيديكم ملطخة بالدماء! مايكروسوفت ملطخة بالدماء! كيف تجرءون على الاحتفال بينما تُستخدم تقنياتكم
لقتل الأطفال؟ عار عليكم!"
ابتهال وفانيا أغروال ليسا وحدهما فوراءهما جموع من الطلاب والنشطاء رفعوا أصواتهم بشجاعة
دفاعًا عن فلسطين وضد الإبادة الجماعية التي تُرتكب أمام أعين العالم.
هم صوتُ الضمير الحي!
وصرخة الحق في وجه التواطؤ والصمت!
المسألة ليست إن كنت قادرًا على إيقاف الإبادة والحرب بل ماذا فعلت حين كانت تحدث؟
هل أخترت أن تصمت؟
أم قررت أن ترفع صوتك وتقف مع الحق؟

إقرأ أيضا:التأصيل لخذلان غ زة !!!(٩)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى