مقالاتمقالات مختارة

حين منع العثمانيون الدولة البرتغالية من سرقة قبر الرسول!

حين منع العثمانيون الدولة البرتغالية من سرقة قبر الرسول!

بقلم صهيب المقداد

تاريخ الدولة العثمانية حافل بالإنجازات والمعارك التي خاضتها في سبيل الدفاع عن بلاد المسلمين في شمال البلاد وجنوبها وغربها وشرقها وكان للعثمانيين دور كبير في صد هجمات أوروبا على العالم الإسلامي والبلاد العربية؛ حيث قادت العالم الإسلامي لقرون من الزمن وحافظت على البلاد والعباد ومن المعارك التي خاضتها الدولة العثمانية دفاعا عن الإسلام والمسلمين، معاركها ضد الدولة البرتغالية والتي قامت بتحريك الحملات نحو المغرب الأقصى والمحيط الأطلسي، وكان لهذه الحملات أهداف عدة، منها:
1- الهدف الأساسي، محاربة العالم الإسلامي في كل مكان وبكل الطرق الممكنة(1).
2- سرقة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في يوميات البوكيرك: إن الهدف الأول من الالتفاف حول العالم الإسلامي، هو إقتحام المسجد النبوي وأخذ رفاة النبي محمد رهينة؛ لنساوم عليها العرب من أجل استعادة واسترداد القدس(2).

بدأت الحملات البرتغالية في عام 1514م بزعامة هنري الملاح وكان قائد الحملة على الخليج العربي يدعى “أفسونو دا بوكيرك” والتي يظهر من أهدافها أنها قامت للقضاء على العالم الإسلامي بشتى الطرق الممكنة، والتي إحداها سرقة قبر الرسول الكريم، لما يحمله من رمزية وقيمة لدى المسلمين، ومع بدأ الحملات كان العالم الإسلامي يتمثل بثلاث دول إسلامية (الدولة العثمانية، دولة المماليك، الدولة الصفوية) وكانت دولة المماليك في ضعف شديد وغير قادرة على الدفاع عن العالم الإسلامي، فقد هزمت من قبل أمام البرتغال في معركة «ديو» سنة 1509م (3) وضلت دولة المماليك في حالة اضطراب وضعف سياسي واقتصادي.

أما الدولة الصفوية فقد كانت على خلاف مذهبي -فالدولة الصوفية ذات مذهب شيعي- مع دولة المماليك والدولة العثمانية، لذلك فضلت الوقوف جانبا على مساندة المماليك الدولة التي يقع قبر الرسول ضمن أراضيها وتحت سيطرتها، وأما الدولة العثمانية كانت هي الدولة الإسلامية الأقوى وحاولت مساعدة المماليك، فقد أرسل السلطان بيازيد الثاني عدة سفن بمعداتها العسكرية إلى المماليك سنة 1511م، غير أنها لم تصل بسبب إعتراض القراصنة الصليبيين لها، فاستطاع البرتغاليين أن يسيطروا على البحرين ومسقط وقريات وعدن (4) وحاول البرتغاليين التوسع داخل أراضي الخليج العربي والوصول إلى قبر الرسول، إلا أن الدولة العثمانية أسقطت المماليك في معركة مرج دابق 1516م.

إن تدخل العثمانيين في هذا الوقت الحرج لا يدل إلا على وعيهم بخطورة الموقف وضرورة تنحية المماليك لتقوم الدولة العثمانية بقيادة العالم الإسلامي بدل أن تكون مجرد لاعب يكتفي بدعم المماليك، فأصبحت الدولة العثمانية على مواجهة مباشرة مع البرتغال، بعد أن ضمت إليها مصر والشام، لتبدأ الدولة العثمانية نضالها الأسطوري في الدفاع عن بلاد الإسلام ورسولنا الكريم، وإعادة ما خسرته الدولة المملوكية، فقد تمكنت من هزيمة البرتغاليين، وإرسال القوات بأمر من سليمان القانوني الذي أمر سليمان باشا والي مصر بالتوجه إلى جدة ثم عدن، سنة 1538م، ضمت الحملة 20 ألف رجل و74 سفينة، لتخضع اليمن للحكم العثماني، وتقوم بإنهاء خطر البرتغاليين على الدول الإسلامية والأماكن المقدسة، وإفشال جميع مخططاتهم ومساعيهم.

إن قتال الدولة العثمانية ودفاعها عن الأراضي المقدسة وخوضها للمعارك، يجعلنا نكن الاحترام والتقدير لما قامت به من أعمال، فماذا لو بقيت دولة المماليك المتهالكة وحدها في الصراع؟ هل كنا لنصل في يوم من الأيام وقبر رسولنا الكريم في أيدي غير المسلمين يساوموننا عليه؟ لقد حفظت الدولة العثمانية للأمة الإسلامية كرامتها وعزتها، وأظهرت للبرتغاليين صلابة وقوة المسلمين، في ضل ضعف دولة المماليك وإنحياز بل وخيانة الدولة الصفوية للعالم الإسلامي، وارتباطهم بمعاهدة مع البرتغاليين جاء فيها: توحيد القوتين في حالة المواجهة مع الدولة العثمانية عدوهم المشترك (5).
———————————————————————————————————————————
المصادر:
1- آسيا الوسطى الغربية، ص 24، 25
2- الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها (698/2)
3- بدائع الزهور في وقائع الدهور (142/4)
4- بدائع الزهور في وقائع الدهور (142/4)
5- التيارات السياسية في الخليج العربي، صلاح العقاد، صفحة 98.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى