بعد 30 عامًا من انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الأراضي المحتلة، الحركة التي عاصرت الانتفاضتين الأولى والثانية وما بينهما، والتي وصلت بعد ذلك لسدة الحكم عبر انتخابات برلمانية اعترف العالم بنزاهتها بأغلبية ساحقة، لتدخل بعد ذلك في نفق الانقسام وحروب ثلاث مع الكيان الصهيوني، وحصار ما زال مستمرًا ويوشك أن يدخل عامه الـ12، ثم تخوض مصالحة جعلتها تتنازل عن كثير من الأمور، فأين هي “حماس” اليوم؟ وهل قبولها بالمصالحة سيُضعف من شعبيتها داخلياً أو خارجياً؟ وما هي الرسائل المستفادة من انتقال “حماس” من مربعٍ لآخر في علاقاتها العربية والإسلامية؟ وبعد كل المرونة التي أبدتها حماس لتحقيق المصالحة، هل يمكن أن تطال القضية الأخطر وهي سلاح المقاومة، والذي في اعتقاد الكثيرين أنه الثمن الواجب على “حماس” دفعه لإتمام المصالحة؟
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها فتحي حماد –عضو المكتب السياسي لحركة #حماس في قطاع غزة- في حوارٍ خاص لـــ”بصائر” فإلى نص الحوار:
بصائر: تأتي انطلاقة حركة حماس هذا العام في وقت لا تُحسد عليه، فالحصار ما زال مستمرًا ويوشك أن يدخل عامه الـ12، والمصالحة جعلتها تتنازل عن كثير من الأمور وجعلت القاصي والداني يتكلم عليها، ويطعن في مصداقية مشروعها، كما أنها باتت مستهدفة من العديد من الدول والأنظمة، فما هي قراءتكم للواقع؟ وأين هي “حماس” اليوم؟
فتحي حماد: صحيح، تأتي الانطلاقة هذا العام في ظل تحديات على أكثر من مستوى: تحديات أمنية وسياسية واقتصادية، وتحديات الحصار، وتهديدات العدو بشن حرب على غزة، وكذلك عدم نجاح المصالحة حتى الآن كما يرغب الشعب الفلسطيني، بحيث تُلبي احتياجاته برفع العقوبات الانتقامية التي فرضها أبو مازن على غزة، ومع ذلك نعتبر أن انطلاقة حماس هي تحدٍ لكل هذه الأزمات والخطوب والابتلاءات والعقبات ، ولذلك وضعنا نصب أعيننا أننا بفضل الله، أولاً – أن شعبنا متماسك وملتف حول مقاومته وقيادته وحول هذه الحركة، وبالتالي نتوقع أن يكون الحشد للانطلاقة غير مسبوق بفضل الله سبحانه وتعالى، كذلك هذه التحديات لم تفرض أي تفريط على الحركة، بل على العكس فرضت نوعاً من التحدي على مستوى القيادة والأفراد وعلى مستوى الإخوة والأخوات وحتى على مستوى المؤيدين والأنصار لهذه الحركة؛ لأنها متمسكة بخيار مهم جداً هو خيار المحافظة على الثوابت من حيث الأسرى والمسرى، وحق العودة ..الخ، لذلك هذه الانطلاقة تأخذ على عاتقها عدم إعطاء الدنية لا في الأسرى ولا في الأقصى ولا في أي شيء.
الأمر الثاني- في ثباتها جعل الله لها مخرجاً، فقرار “ترامب” جاء دافعاً وحافزاً للتحدي الذي أخذته الحركة على عاتقها ، وبفضل الله سبحانه وتعالى، أصبح عدد المؤيدين لها كبيراً؛ لأنها تحافظ على الجهاد والمقاومة كخيار على المستوى العربي والفلسطيني والإسلامي وحتى العالمي، وهناك الآن انتفاضة عالمية، هذه الانتفاضة ستجسد حجم الالتفاف حول الحركة وثوابتها وخيارها بإذن الله، لأنها عبر ثلاثين عاماً لم تتنازل قيد أُنملة عن هذه الثوابت ولا عن حبة رمل من تراب فلسطين ولا عن أي شيء، ولذلك نحن نتوقع أن الانطلاقة ستنجح بنجاح الحركة بالمحافظة على الثوابت بإذن الله.
بصائر: كيف تنظر الحركة لدلالات وتداعيات التوجهات الأمريكية الخطيرة بالاعتراف بالقدس كعاصمة للاحتلال أو نقل السفارة الأمريكية إليها، وما هي الخطوات العملية لمواجهتها؟
فتحي حماد: الحقيقة أن قرار ترامب هو قرار خطير من جانب، ومن جانبٍ آخر كان فيه خير كثير؛ لأنه استفز كل أبناء الأمة العربية والإسلامية وأبناء الشعب الفلسطيني.
كان المطلوب أمريكياً وصهيونياً أن تتراجع القضية الفلسطينية إلى أدنى الأولويات، لكن بقرار “ترامب” قفزت القضية الفلسطينية إلى أعلى مستوياتها، وأصبحت القضية الأولى والمركزية للأمة العربية والإسلامية
ومن جانبٍ آخر كان المطلوب أمريكياً وصهيونياً أن تتراجع القضية الفلسطينية إلى أدنى الأولويات، لكن بقرار “ترامب” قفزت القضية الفلسطينية إلى أعلى مستوياتها، وأصبحت القضية الأولى والمركزية للأمة العربية والإسلامية، وفي تصوري هذه المظاهرات الغير مسبوقة كشفت عن معدن أصيل من العقيدة الاسلامية لدى الشعوب العربية والإسلامية بقضية فلسطين، والتي عادت إلى مكانتها الطبيعية من حيث الاهتمام على المستوى العقائدي وعلى كثير من المستويات، فالقرار فيه خير وشر، ولكن الخير إن شاء الله سيغلب هذا الشر، وبالتالي نحن نأمل أن تستمر هذه الانتفاضة العالمية العربية الإسلامية ضد قرار “ترامب” حتى يتراجع هو والإدارة الأمريكية ؛ لأن حجم المظاهرات التي بدأت تخرج وعلى رأسها عدد من الوزارء، فمثلاً فعندما يخرج وزير الدفاع الماليزي، ووزير في أندونيسيا، وكذلك عندما يتحدث الرئيس أردوغان ويقول بشكل واضح وحتى بالعربية “سيدي ترامب القدس مقدسة لنا”، إذن حتى على المستوى الرسمي بدأ كثير من الزعامات والقيادات على مستوى العالم العربي والإسلامي يخرجوا بصوت واحد ويرفضوا هذا القرار، لكن هناك كثير من المطبعين والخونة أرادوا أن تكون القضية الفلسطينية في ذيل القافلة وفي ذيل الأولويات، لكن الله سبحانه وتعالى دفعها للأمام حيث أصبحت تمس عقيدة كل مسلم صافي الولاء لله سبحانه وتعالى.
هناك كثير من المطبعين والخونة أرادوا أن تكون القضية الفلسطينية في ذيل القافلة وفي ذيل الأولويات، لكن الله سبحانه وتعالى دفعها للأمام حيث أصبحت تمس عقيدة كل مسلم صافي الولاء لله
بصائر: ألا تعتقدون أن قبول “حماس” بالمصالحة وتنازلها عن كثير من القضايا من أجل إتمام المصالحة، سيُضعف من شعبيتها داخلياً، خاصة في ظل وجود تيارات داخلها، تختلف وجهة نظرها مع الأسلوب المتبع لإتمام المصالحة بشكلها القائم الآن، أو دولياً وخاصة من الشعوب العربية التي اعتادت على “حماس” أن تقف موقف القوي الصلب؟
فتحي حماد: حماس في كل تصرفاتها هي تدفع للأمام، أولاً هي لا تتنازل عن أي شيء، فمثلاً في المصالحة لم تتنازل عن ثوابتها، بل بالعكس تعتبر حماس في دعوتها للمصالحة لأبناء الشعب الفلسطيني وخاصة “فتح” رافعة لوحدة الشعب ، وعندما تكون حماس صافية ومخلصة لله سبحانه وتعالى ولدينها وللمقدسات بالتأكيد ستحرص على وحدة الشعب الفلسطيني، ولذلك هي ترفع السقف عالياً من الناحية الإسلامية، ومن حيث الحرص على الثوابت، وبالتالي هي تحاول بقدر استطاعتها أن يرتفع أبناء الشعب الفلسطيني، ولذلك لم تتخلَّ حماس عن الدعوة في هذا المقام، وكذلك عن الدعوة للوحدة؛ لأن الشعب الفلسطيني يجب أن يكون موحداً في مواجهة الغطرسة الصهيونية والأمريكية لأنه بالتأكيد سيكون أقوى، لكن إذا أبى أحد إلا أن يكون موالياً لليهود والأمريكان فهو حر، ولذلك حماس تعمل على أساس الإخلاص بالتوجيهات الإسلامية والوطنية التي ترفع من سقف الجميع وهذا هو ديدن حماس، وبالتأكيد لن تضعف شعبية حماس في دعوتها للمصالحة بل بالعكس ستقوى وستظهر أمام الجميع أنها الحريصة على المصالح والثوابت الإسلامية والوطنية في القدس والأقصى وفلسطين، وهي تدفع باتجاه قوة الشعب.
لن تضعف شعبية حماس في دعوتها للمصالحة بل بالعكس ستقوى وستظهر أمام الجميع أنها الحريصة على المصالح والثوابت الإسلامية والوطنية في القدس والأقصى وفلسطين
وحماس على مدى ثلاثين عاماً وهي تراكم القوة فوق القوة، وتراكم المطالبة بالوحدة فوق الوحدة، وأبناء شعبنا الفلسطيني ذاكرتهم حية، وبالتأكيد سيقدرون ويحترمون ويثمنون هذه الدعوة على قاعدة الإخلاص لحماس التي احتضنها أبناء شعبنا الفلسطيني على مدار ثلاثين عاماً من العطاء والشهداء والجرحى والتحرير.
كذلك حماس هي التي كان لها الدور الأكبر في تحرير غزة، وفي صفقة “وفاء الأحرار” حيث أخرجت 1050 محرر ومحررة من السجون “الإسرائيلية”.
إذن حماس في كل يوم تقول وتفعل وتثبت ولا تتراجع، والشعب يُقدر هذا الأمر ولا أدل على ذلك عندما التف أبناء الشعب الفلسطيني في الثلاثة حروب حول المقاومة، وقالوا بصوت واحد نحن مع المقاومة ومع الثبات ولم يعطوا الدنية برغم عمليات التدمير وهدم البيوت وعدد الجرحى والشهداء، إلا أن أبناء شعبنا الفلسطيني شجعوا حماس ووقفوا بجانبها ولم يخذلوها، ونتأمل أن ترتفع شعبية حماس.
وهذا بخلاف الذين يتنازلون، حيث مرّ على أهل أوسلو 25 سنة- أي ربع قرن- وهم يتنازلون فما الذي جنوه؟؟ كل العمليات التي يحاولون أن يسوقوها هو تصفية للقضية الفلسطينية، وشاركوا الأمريكان والعدو الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية، وكانوا غطاء لهذا الأمر، وحماس بالعكس هي التي كانت تكشف هذا الغطاء، وتكشف أنه لا حل مع العدو الصهيوني إلا الجهاد والمقاومة والاستمرار في هذا المجال.
بصائر: ألاَّ تشعرون بالإحباط الذي يشعر به المواطن الفلسطيني في ظل الدوران في حلقات مفرغة في ملف المصالحة، وعدم تحقيق أية نتائج على أرض الواقع؟
فتحي حماد: نحن لا نشعر بالإحباط، ونقدم كل ما لدينا، ونحن دفعنا ما نستطيع، وقدمنا الكثير من التنازلات من أجل أن تنجح المصالحة، وأنا أُبشر شعبنا الفلسطيني أن له مخرجاً إن شاء الله تعالى، وأول بوادر هذا المخرج من هذه الضائقة؛ هو الذي حدث بعد خطاب ترامب من التفاف وانتفاضة فلسطينية وعربية وإسلامية وعالمية نصرةً للقضية الفلسطينية، وهذا نجاح كبير جداً وسيكون مخرجاً وفيه الحلول.
ومن أراد أن يركب في مركب التحرير بمواجهة العدو الصهيوني فأهلاً وسهلاً، ومن أراد أن يتعامل مع العدو الصهيوني ضد شعبه بالتأكيد سيندثر وسيكون مآله الانتهاء.
أُبشّر شعبنا الفلسطيني أن له مخرجاً إن شاء الله تعالى، وأول بوادر هذا المخرج من هذه الضائقة؛ هو الذي حدث بعد خطاب ترامب من التفاف وانتفاضة فلسطينية وعربية وإسلامية وعالمية نصرةً للقضية الفلسطينية
بصائر: ما هي الرسائل التربوية والفكرية المُستفادة من انتقال “حماس” من مربعٍ لآخر في علاقاتها العربية والإسلامية؟ بمعنى أن “حماس” بعد انطلاق الثورة السورية انحازت لخيار الشعب السوري ما أحدث قطيعة مع محور إيران، والآن تسعى “حماس” لإعادة الدفء لهذه العلاقة؟ ما هي الدلالات والرسائل الفكرية التي توجهها للصف لفهم ذلك؟
فتحي حماد: حماس تحاول أن تنتقل من مربعٍ لآخر من أجل البحث عن أي مصدر يخدم الشعب الفلسطيني في أي وقت دون التنازل عن أي حق أو أي ثابت، واستطاعت حماس بفضل الله سبحانه وتعالى على مدار 11 عام أن تجمع ما بين المقاومة وخدمة شعبها من خلال الحكم ونجحت في ذلك، وحافظت على القضية الفلسطينية ولم تمس بها.
إذن حماس سيجعل الله لها مخرجاً، وستبقى تنتقل من مربعٍ لآخر دون التنازل عندما تتصل بأي طرف سواء كان فلسطينياً أو عربياً أو إسلامياً أو حتى عالمياً، ورفعت شعار المحافظة على الثوابت وفي مقدمتها شعار الجهاد والمقاومة؛ لأن فلسطين لا يمكن أن تُعاد إلا بالجهاد والمقاومة، وليس بالمفاوضات ولا المساومات، وقد جرّب غيرنا هذا الأمر وفشل فشلاً ذريعاً، بل بالعكس كان غطاء لكل هذا الدمار، وبالتالي هذا الانتقال والبحث بالتأكيد ثمَّنه أبناء شعبنا وزادت علاقتنا توطيداً بالفصائل التي وجدت في حماس ضالتها بأنها ثابتة ولا تُضيع الحقوق مطلقاً، وعلاقتنا مع الفصائل الفلسطينية على مستوى التنسيق والتأييد وعلى مستوى أن تكون المواقف متوافقة ومنسجمة فهي بنسبة أكثر من 90%، ولا زالت كذلك بعض الفصائل التي لم تؤيد حماس تُراجع مواقفها وهي ستنتقل من هذا المربع إلى المربع الآخر.
حماس تحاول أن تنتقل من مربعٍ لآخر من أجل البحث عن أي مصدر يخدم الشعب الفلسطيني في أي وقت دون التنازل عن أي حق أو أي ثابت
بصائر: بعد كل المرونة التي أبدتها حماس لتحقيق المصالحة، يتساءل كثيرون إن كانت تلك المرونة ستطال القضية الأخطر وهي سلاح المقاومة، والذي في اعتقاد الكثيرين أنه الثمن الواجب على “حماس” دفعه لإتمام المصالحة؟ وهل رهان “حماس” على سلاح المقاومة وحده كافٍ لاستمراريتها وديمومة عمرها الذي دخل عامه الثلاثين؟
فتحي حماد: حماس لا تتحدث عن هذا الأمر لأنه غير وارد لا في جدولها ولا في أولوياتها، ولا تسمح بالحديث عن هذا الأمر، حتى السؤال عن هذا الموضوع أجد فيه حرجاً حتى في تناوله؛ لأنه لا يمكن لحماس أن تضعف وتتحدث عن سلاح المقاومة مطلقاً.
لذلك لا يوجد عندنا ثمن إلا الجهاد والمقاومة في سبيل الله، نحن ندفع أرواحنا فداءً لفلسطين، جهادنا ونساؤنا ومؤسساتنا ومساجدنا، وكلنا فداء لفلسطين، وما انطلقت حماس وما شُكلت وما أُنشئت وما تدربت إلا من أجل هذه اللحظة والاستمرار في الجهاد والمقاومة، وليعلم الجميع أن سلاح حماس أغلى من أرواح رجالها ونسائها، ولذلك لا يمكن أن نُقدم أو ننتحر، ومعنى الحديث عن السلاح في هذا الإطار هو انتحار، والانتحار غير وارد عندنا مطلقاً، وبالتالي ستثبت حماس على عقيدتها وإيمانها وسلاحها وجهادها ومقاومتها، والنصر لنا إن شاء الله، ولذلك نحن مع النشيد الذي يقول ((الأرض لنا والقدس لنا والله بقوته معنا))، وسيتجسد هذا الأمر في الانطلاقة حشداً وجهاداً وعملاً في سبيل الله سبحانه وتعالى.
ليعلم الجميع أن سلاح حماس أغلى من أرواح رجالها ونسائها، ومعنى الحديث عن السلاح في هذا الإطار هو انتحار، والانتحار غير وارد عندنا مطلقاً
بصائر: ما هو مستقبل “حماس” اليوم؟
فتحي حماد: المستقبل لهذا الدين، المستقبل للإسلام وللجهاد والمجاهدين، المستقبل لدم الشهداء الذي سيثمر نصراً وعزاً.
القدس وفلسطين أغلى من حماس، وما أُنشئت حماس إلا لهذا الغالي النفيس ألا وهو المقدسات والعقائد ، نحن لا نبحث عن مستقبل سياسي، ولا عن مستقبل كراسي، إنما نبحث عن مستقبل فلسطين بحيث تبقى وحدة للأمة العربية للعرب والمسلمين.
بصائر: باعتقادك هل معادلة المزاوجة بين الحكم والمقاومة لازالت صالحة بعد كل ما جرى؟ وكيف؟
فتحي حماد: نحن لا نريد أن نتوسع في هذا الأمر، نحن بذلنا جهدنا وأُفسح لنا المجال في الانتخابات ونجحنا، ووقف العالم الذي ادّعى الديمقراطية ضدنا وصمدنا أكثر من 11 سنة، وزاوجنا ما بين الحكم والجهاد ونجحنا وثبتنا، المهم الثبات ونحن ندرك أن النجاح هو في الثبات، وليس في أمرٍ آخر.
لكن في هذه المرحلة قالوا لنا أن المصالحة ستكون كذا وكذا، إذن هم المختبرون وليسوا نحن، ولذلك نحن اختُبرنا وثبتنا، والآن الذين جاؤوا ليكونوا طرفاً في هذه المصالحة هم المختبرون على الثوابت وعلى الجهاد وعلى خدمة الشعب وليس عقاب الشعب، ولذلك المُختبر في هذا الأمر ليس حماس وإنما الطرف الآخر.
بصائر: برأيك، هل يمكن أن يشهد العام الجديد مفاوضات صفقة تبادل أسرى؟ وهل تملك “حماس” أوراقاً يمكنها أن تُجبر الاحتلال لعقد صفقة؟
فتحي حماد: هذا من شأن كتائب عزالدين القسام، وهناك لجنة خاصة هي التي تشرف على هذا الأمر، ونحن سياسياً غير مصرح لنا بالحديث عن هذا الجانب، وكتائب القسام هم الذين كانوا الأوفياء في الخطف، وسيكونون الأوفياء في المفاوضات ، وستتمخض في المستقبل عن صفقة مشرفة لكن هذا الأمر يعني كتائب القسام.
بصائر: ما هي الرسالة التي توجهونها في ذكرى انطلاقتكم أولاً للشعب الفلسطيني، وثانياً للأمة العربية والإسلامية؟
فتحي حماد: رسالتنا للشعب الفلسطيني- أنتم ترون أن حماس على مدى 30 عاماً لم تفرط، ولم تعطِ الدنية لا في الدين ولا في الوطن ولا في الأسرى ولا في المسرى، ولا في حق العودة ولا في أي شيء، وثبت أن الخيار الذي انتهجته حماس هو الخيار الناجح مقابل 25 سنة من أوسلو ومن الضياع والاستهتار، ولذلك يا شعبنا الفلسطيني عليكم بالاختيار ما بين الثبات والنجاح وما بين الفشل والبوار .
وهذه رسالة لكل المؤيدين والمحبين للإسلام والمسلمين والمرابطين والمرابطات وللقدس وللأسرى وللأقصى ولكل ذرة في فلسطين أن تنضموا معنا في هذا الخيار جهاداً وتأييداً ونصرةً وعطاءً وتضحيةً في سبيل الله سبحانه وتعالى، وسنكون على مستوى قيادة وأذرع حماس على مستوى المسؤولية التي نحفظ بها هذه العهدة العمرية عهدة فلسطين والأقصى والشهداء والجرحى وسنبقى الأوفياء حتى ننقل هذا الوضع في مواجهة العدو الصهيوني من نصر إلى نصر ومن ثبات إلى ثبات حتى يحرر الله سبحانه وتعالى الأرض على أيدينا جميعاً، ونقول لأبناء شعبنا انضموا إلى هذه الفئة المنصورة بإذن الله.
لا يجوز لأي نظام أو مواطن من الأمة الإسلامية أن يُطبّع مع العدو الصهيوني، أو أن يكون مطواعاً له، أو أن يكون جسراً للعدو الصهيوني في هدم القضية الفلسطينية، أو في تدمير الأقصى والقدس وفي جعلها عاصمة للعدو الصهيوني
ورسالتنا إلى أمتنا العربية والإسلامية- نقول نحن في حماس وفي الشعب الفلسطيني في أمس الحاجة لكم على كل المستويات فأنتم أمتنا ونحن الذراع الضارب كفلسطينيين ثابتين لكم في فلسطين، نريد منكم التأييد السياسي والإعلامي والمالي والجماهيري والشعبي كما حدث في هذه الانتفاضة، ولا بد أن تستمر وتتوسع الانتفاضة العربية والإسلامية احتضاناً للقضية الفلسطينية، وأن تبقى القضية كما كانت سابقاً القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، لأن ذلك يرهب أعداءنا عندما نلتف، ونقول لا يجوز لأي نظام أو جيش أو مؤسسة وحتى لأي نفر أو مواطن من الأمة الإسلامية أن يُطبّع مع العدو الصهيوني، أو أن يكون مطواعاً له، فلا يجوز أن تكون هذه المؤسسات أو بعض الأفراد أو بعض الدول والأنظمة جسراً للعدو الصهيوني في هدم القضية الفلسطينية، أو في تدمير الأقصى والقدس وفي جعلها عاصمة للعدو الصهيوني، ولذلك نحن في أمَس الحاجة لكم ونستنفركم فانفروا خفافاً وثقالاً بكل ما تعنيه الكلمة.
(المصدر: موقع بصائر)