بقلم أحمد منصور
بعد إعلان الحرب على حركة طالبان ثم تنظيم القاعدة ثم داعش والنصرة وغيرها من التنظيمات التي ظهرت في دول إسلامية مختلفة خلال العقود الأخيرة لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبح الإسلام كدين، يوصف بأنه الأكثر انتشارا في العالم وفي الغرب بشكل خاص، هو المستهدف، وحتى لا تكون الحرب مباشرة ضد الإسلام نفسه تم اختراع مسميات مثل «الإسلام المتطرف» و«الإسلام الراديكالي» و«الإسلام الأصولي» وغيرها من المصطلحات الأخرى التي تظهر أنها لا تستهدف الدين كشعائر، ولكن الدين كواقع يغير حياة الناس ويسير شؤونهم، ورغم أن الحرب المباشرة ضد الإسلام خلال العقود الثلاثة الأخيرة بدأت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي مباشرة عام 1991 وبحث الغرب عن عدو بديل ظهر في تقارير مراكز الدراسات وكتابات بعض المفكرين مثل فوكوياما وغيره أطلقوا عليه «الخطر الأخضر» إلا أن هذه الحرب أخذت تتلون وتتشكل حتى لا تستفز عموم المسلمين معلنة أنها لا تستهدف المسلمين وإنما المتطرفون منهم فقط وأطلقت العنان للغرب حتى يصنف التطرف كما يراه هو وليس كما هو في عرف الدين الإسلامي أو علم الأصول أو حتى في العلوم الجنائية والقانونية، فوصل الأمر لحد أن كل من يلتزم به في عرف الغرب أصبح متطرفا وكل من يرتكب جريمة في الغرب فيكون مسيحيا أبيض أوروبيا أو أميركيا يصبح مجنونا أو معتوها أو لديه مشكلة أما إذا ارتكب نفس الجريمة أو أقل منها شخص مسلم أو ملون يصبح متطرفا دينيا، وقد سمعنا وزير الخارجية الأميركي تليرسون في جلسات استماع في الكونغرس وهو يتحدث عن اتفاقات مع دول عربية وإسلامية ليس على تغيير المناهج في المدارس والجامعات وحذف ما يراه الغرب منها من نصوص قرآنية وأحاديث نبوية وتحويل الدين الإسلام إلى كهنوت يشبه الكهنوت الكنسي فحسب، وإنما أن تقوم هذه الدول بجمع الكتب الإسلامية التي يرى الغرب أنها خطر عليه من مكتبات الجامعات والمدارس والمراكز الإسلامية والمساجد وتسليمها للحكومة الأميركية وليس الاكتفاء بحرقها مثلما حدث في مدارس مصر حينما قام نظام السيسي بعد الانقلاب بإقامة حفلات لحرق الكتب الإسلامية في فناء كل مدرسة بعدما يتم جمعها من المكتبات، وقد وصل الأمر إلى ما هو أبعد ذلك حيث لم تعد ملاحقة الفكر الإسلامي وتعاليم الدين مقتصرة على ما تقوم به الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة باتفاق مع حلفائها من الحكام الذين تجاوبوا معها وإنما أعلن في نيودلهي أمس الأربعاء عن ولادة حلف جديد لمواجهة «الإسلام الراديكالي» كما وصف بين إسرائيل والهند، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن «الإسلام الرادايكالي» حسب وصفه خطر داهم على إسرائيل والهند من ثم يجب أن يقوم حلف بين الدولتين لمواجهة هذا الإسلام.
المشكلة ليست في الغرب أو إسرائيل أو الهند أو أي دولة ترى في الإسلام والمسلمين خطرا عليها لكن المشكلة في المسلمين أنفسهم حيث تحالف جزء منهم مع أعدائهم أو تخاذل آخرين عن نصرة دينهم أو تقديمه على حقيقته للناس دين يقيم العدل وينشر الرحمة والسلام والأمان والمساواة بين الناس.
(المصدر: صحيفة الوطن الالكترونية)