مقالاتمقالات المنتدى

حكم قراءة الحائض والنفساء

حكم قراءة الحائض والنفساء

 

بقلم الشيخ عارف بن أحمد الصبري (خاص بالمنتدى)

 

القول الصحيح والله أعلم هو جواز قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم.
لعدم وجود دليل صحيح صريح يمنع الحائض من قراءة القرآن.
ولا يجوز قياسها على الجنب؛ لأنه قياس مع الفارق.

قول الجمهور:
مذهب جمهور الفقهاء أنه يَحرُم على الحائض والنفساء قراءة القرآن، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة.
واستدلوا على المنع بأمور منها:
١_ أن الحائض والنفساء في حكم الجنب كون حدثهما حدثاً أكبر.
وقد ثبت من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة).

٢_ ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن).
وهو حديث ضعيف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث.

القول الثاني:
القول بجواز قراءة الحائض والنفساء للقرآن.
وهو مذهب مالك، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها:

١_ أن الأصل الجواز حتى يقوم دليلٌ على المنع، وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض والنفساء للقرآن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ليس في منع الحائض من القراءة نصوصٌ صريحةٌ صحيحةٌ)، وقال: (ومعلومٌ أن النساء كنّ يحضنّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ينههنّ عن قراءة القرآن، كما لم يكن ينههنّ عن الذكر والدعاء).

٢_ أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب، وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم.
بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم الحُيَّض أن يخرجن في العيد إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين.

٣_ أن قياس الحائض والنفساء على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياسٌ مع الفارق لما يلي:
لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض والنفساء فرفع حدثهما ليس بيدهما.

_ومن جهة أخرى فإن مدة الجنابة لا تطول، فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة.
بخلاف الحيض الذي قد تطول مدته غالباً.
_ومن جهة أخرى فإن الحائض قد جاء ندبها إلى ذكر الله والعمل الصالح عموماً، وقراءة القرآن من أفضل العمل الصالح.

ومن ذلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما حاضت في الحج: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري) متفق عليه.
بخلاف الجنب الذي يمكنه رفع الحدث بالاغتسال.
_أن في منع الحائض والنفساء من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم.
فهذه الفروق تمنع قياس الحائض على الجنب.
ولذلك فإن الصواب والله أعلم جواز قراءة الحائض والنفساء للقرآن.

مسألة:
لا يجوز لأحدٍ أن ينكر على الحائض والنفساء إذا قرأت القرآن؛ لأن عملها مشروع.
ولأنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد ما دام الخلاف فيها معتبراً.

مسألة:
ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب، أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف للمُحدث لعموم قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه: (ألا يمس القرآن إلا طاهر) والحديث صحيح.
قال الحافظ ابن حجر: وقد صحح الحديث جماعة من الأئمة.

ولذلك فإذا أرادت الحائض أو النفساء أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيءٍ منفصلٍ عنه كخرقة طاهرة أو تلبس قفازاً، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك.
أو القراءة من الأجهزة الحديثة كالجوال، فليس له حكم المصحف، ولها أن تقلب الصفحات بأصبعها لوجود الشاشة التي تحول دون مباشرة مسّ المصحف.
والله تعالى أعلم .

ولذلك فالمندوب للحائض والنفساء إحياء ليالي العشر بالعمل الصالح ومن ذلك قراءة القرآن والذكر والدعاء ونحو ذلك.

والمرجو المساهمة بنشر هذه الرسالة لتعميم الفائدة والدال على الخير كفاعله.
وفقنا الله وإياكم لكل خير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى