مقالاتمقالات مختارة

حقائق مجهولة عن فرق الشيعة الإثنى عشرية

حقائق مجهولة عن فرق الشيعة الإثنى عشرية

بقلم أ. د. ناصر بن عبدالله القفاري

الإثني عشرية هي الطائفة الكبرى من الطوائف التي تنتسب إلى التشيع في عصرنا، وإن لم تكن كذلك في غابر الأزمان، فقد كانت الكيسانية أتباع محمد ابن الحنفية هي الطائفة الكبرى في بعض العصور، حيث ذكر ابن خلدون أن شيعة محمد ابن الحنفية كانت أكثر شيعة أهل البيت – أي: في عصرها -، ثم لم تلبث أن تقلص أتباعها حتى اختفت[1]، وكذلك يقول البلخي – كما يحكي عنه صاحب الحور العين – أن الفطحية كانت في زمنه أعظم فرق الجعفرية وأكثرهم جمعاً[2].

وقد صارت الإثنى عشرية هي الوجه المعبر عن كل فرق التطرف والغلو المنتسبة إلى التشيع، فقد كانوا هم الباب الذي ولج منه الزنادقة والغلاة إلى الإسلام تحت ستار التشيع الكاذب، فمبدأ ضلال الإسماعيلية والنصيرية وغيرهم من الزنادقة الملاحدة المنافقين تصديق الرافضة في أكاذيبهم التي يذكرونها في تفسير القرآن والحديث[3]، «ولهذا دخلت الزنادقة على الإسلام من باب المتشيعة قديماً وحديثاً… فهم يظهرون التشيع لمن يدعونه، وإذا استجاب لهم نقلوه إلى الرفض والقدح في الصحابة، فإن رأوه قابلاً نقلوه إلى الطعن في علي رضي الله عنه وغيره، ثم نقلوه إلى القدح في نبينا وسائر الأنبياء»[4]، «فالرافضة هم الباب لهؤلاء الملحدين منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله، وآيات كتابه المبين، كما قرر ذلك رؤوس الملاحدة من القرامطة والباطنية وغيرهم من المنافقين»[5]، بل إن روايات الإثنى عشرية وأحاديثها التي يزعمون تلقيها عن آل البيت هي المناخ الملائم، والتربة الصالحة لظهور الأفكار الغالية وخروج الفرق الملحدة والمتطرفة؛ لأنها جمعت حثالة آراء وأقوال الفرق الشيعية الشاذة بمختلف اتجاهاتها، والتي فرقت الأمة وأفسدت عليها أمرها، والتي وصلتنا أقوالها بواسطة كتب الفرق والمقالات، ثم وجدنا روايات الإثنى عشرية تشهد لهذه الاتجاهات وتؤيدها، ولذا قال الغزالي: «إن مذهب الباطنية ظاهره الرفض، وباطنه الكفر المحض»[6]، فهم كفرة يتظاهرون بالتشيع، ويبدو أن هؤلاء يشكلون السواد الأعظم منهم حتى ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن «كثيراً من أئمة الرافضة وعامتهم زنادقة وملاحدة، ليس لهم غرض في العلم، ولا في الدين»[7]، فبيئة التشيع مناخ خصب لمختلف النحل والأهواء، وقد سجل محب الدين الخطيب أن التشيع كان عاملاً من عوامل انتشار الشيوعية والبهائية في إيران[8].

ومن هنا انبثق من الإثنى عشرية فرق كثيرة اشتهر غلوها وكفرها، كالنصيرية والشيخية والكشفية والبابية والبهائية وغيرها، وقد قال صاحب المنتقى إن «الرفض مأوى شر الطوائف»[9]، ثم ذكر جملة من فرق الزندقة والإلحاد الذين يعيشون تحت مظلة الرفض، وسيقتصر الحديث هنا عن أهم الفرق التي خرجت من رحم الإثنى عشرية، وإن استقلت بمذهب خاص بها بعد ذلك.

أولاً: النصيرية:

تعد النصيرية الملقبة بالعلوية من أبرز الفرق التي انبثقت من الإثنى عشرية، وهي في الحقيقة ديانة مستقلة لها عقائدها وشرائعها الخاصة.

والنصيرية هم أتباع محمد بن نصير النميري، وهو فارسي الأصل، وسميت بهذا الاسم نسبة إليه، وقيل: نسبة إلى نصير غلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه[10]، وكان ابن نصير أحد أدعياء البابية لمهدي الرافضة المزعوم[11].

وأساس دين النصيرية يقوم على تأليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد جاء في كتابهم المسمى بـ«المجموع» وصف علي بن أبي طالب بأنه «أحدٌ صمد لم يلد ولم يولد، وأنه قديم لم يزل، وجوهره نور، ومن نوره تسطع الكواكب، وهو نور الأنوار، تجرد عن الصفات، يشق الصخور، ويسجِّر البحور، ويدبر الأمور، ويخرب الدول، خفي الجوهر»[12].

وقد جاء ذكر عقائدهم في كتابهم المسمى «تعليم ديانة النصيرية»[13] وهو على طريقة السؤال والجواب، ومن ذلك:

س: من الذي خلقنا؟

ج: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين.

س: من أين نعلم أن علياً إله؟

ج: مما قاله هو عن نفسه في خطبة البيان وهو واقف على المنبر؛ إذ قال: «أنا الأول والآخر، أنا الباطن والظاهر… أنا مفتاح الغيوب، أنا مصباح القلوب، أنا نور الأرواح، أنا كنز أسرار النبوة»[14].

وهذه العقيدة ليست ببعيدة عما عليه الإثنى عشرية، بل هي عين اعتقادهم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فمن أصول دينهم تأليه علي رضي الله عنه ووصفه بأوصاف لا يوصف بها إلا رب العالمين، تقول روايتهم: «عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله – عليه السلام – فأرعدت السماء وأبرقت، فقال أبو عبد الله – عليه السلام -: أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم، قلت: من صاحبنا؟ قال: أمير المؤمنين – عليه السلام -»[15]. يعني كل ما وقع من رعد وبرق فهو من أمر علي رضي الله عنه، لا من أمر الواحد القهار.

والله جل شأنه يقول: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد: 12]، ولكنها السبئية الأولى قد أطلت برأسها المشوه من خلال كتب الإثنى عشرية، لأن هذا ادعاء لربوبية علي رضي الله عنه، وأن له شركاً في الربوبية، وهو عين اعتقاد السبئية.

كما جاء في بعض روايات كتاب «سليم بن قيس» نداء ودعاء علي رضي الله عنه بهذه الألقاب: «يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، يا من هو بكل شيء عليم»، ويقول: «إن هذا الوصف صدر من الشمس لعلي وأنه سمعه أبو بكر وعمر والمهاجرون والأنصار فصعقوا ثم أفاقوا بعد ساعات»[16]، وهذه الأوصاف هي قطعاً من آثار السبئية التي تؤله عليّاً، والتي ورثتها الإثنى عشرية، وأبقت عقائدها في مصادرها، ونسبتها لآل البيت، فأزرت على الآل بهذا وأمثاله، وهي تدعي التشيع لهم، وهذه أوصاف لرب العالمين، قال تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3].

ولا يزال بعض شيوخ هذه الطائفة إلى اليوم يصرح ويجاهر بهذه المقالة، فهذا أحد شيوخهم ويدعى عبد الحسين العاملي (أحد آياتهم التي ينسبونها زوراً إلى الله سبحانه)، يقول هذا العاملي في مدح أمير المؤمنين علي – برأه الله مما يفترون -:

أبا حسن أنت عين الإله

وعنوان قدرته السامية

وأنت المحيط يعلم الغيوب

فهل عندك تعزب من خافية

وأنت مدير رحى الكائنات

وعلة إيجادها الباقية

لك الأمر إن شئت تنجي غداً

وإن شئت تسفع بالناصية[17]

انظر كيف جعل مخلوقاً من مخلوقات الله هو الإله بعينه، والمتصف بما للرب من تدبير وإحياء وإماتة، فهو مدبر أمر الكائنات وعلة إيجادها ومظهر القدرة الإلهية، وهو المحيط بعلم الغيب، بل هو مالك يوم الدين، إذ له الأمر في ذلك اليوم، ونجاة العباد، وهلاكهم بمشيئته؟![18].

ومع أنه قد جاء في مصادر الإثنى عشرية القديمة تكفير النصيرية واعتبارها فرقة خارجة عن الإسلام[19]، إلا أنه بعد قيام الدولة الخمينية (إيران) حرصت على ضم جميع الفرق التي تنتسب إلى التشيع تحت رايتها، جاء في كتاب «العلويون شيعة أهل البيت» لأحد علماء الإثنى عشرية المعاصرين وهو المدعو حسن الشيرازي أنه التقى بالنصيريين في سوريا ولبنان، وذلك بأمر من مرجعهم الديني محمد الشيرازي، وذكر أنه وجدهم كما يظن من شيعة أهل البيت الذين يتمتعون بصفاء الإخلاص وبراءة الالتزام بالحق، وينتمون إلى علي بن أبي طالب بالولاية، وبعضهم ينتمي إليه بالولاية والنسب، وقال إن العلويين والشيعة كلمتان مترادفتان مثل كلمتي الإمامية والجعفرية[20].

وها نحن نرى أثر هذا التقارب اليوم في اجتماعهم وتعاونهم مع الحكم النصيري على إبادة وتهجير أهل السنة في الشام.

ثانياً: الشيخية:

وقد يقال لها: الأحمدية، هم أتباع المدعو الشيخ أحمد الأحسائي المولود سنة 1166ه، والمتوفى سنة 1241ه، وهو من شيوخ الإثنى عشرية.

وقد قال الألوسي – رحمه الله – عن الأحسائي وأتباعه: «ترشح كلماتهم بأنهم يعتقدون في أمير المؤمنين علي على نحو ما يعتقده الفلاسفة في العقل الأول[21]»[22]، كما نسب إليه القول بالحلول، وتأليه الأئمة، وإنكار المعاد الجسماني، وأن من أصول الدين الاعتقاد بالرجل الكامل وهو المتمثل في شخصه، وقد اختلف الشيعة الإثنى عشرية في شأنه بين مادح[23]، وقادح[24]، ومتوقف[25]، ومنهم من زعم التوسط في شأنه فقال: «اختلف الناس فيه بين من يقول بركنيته وبين من يقول بكفره، والتوسط خير الأمور، والحق أنه من أكابر علماء الإمامية» – ثم امتدحه بجملة كلمات – إلى أن قال: «نعم له كلمات في مؤلفاته بجملة [كذا] متشابهة لا يجوز من أجلها التهجم والجرأة على تفكيره»[26]، وهذا الاختلاف قد يدل على أن الكثير من الإثنى عشرية تهون عندهم موبقات هذا الرجل وضلالاته[27].

ثالثاً: الكشفية:

هم أصحاب كاظم بن قاسم الرشتي المتوفى سنة 1259ه تلميذ الأحسائي (مؤسس الشيخية) والقائم مقامه من بعده، والآخذ بنهجه مع زيادة في الغلو والتطرف، وسيمت بالكشفية لما ينسب إلى زعيمها من دعوى الكشف والإلهام. يقول الشيخ الألوسي: «الكشفية لقب لقبهم به بعض وزراء الزوراء (علي رضا باشا) – أعلى الله درجته -، وهم أصحاب السيد كاظم الحسيني الرشتي وهو تلميذ الأحسائي وخريجه، لكن خالفه في بعض المسائل، وكلماته ترشح بما هو أدهى وأمر مما ترشح به كلمات شيخه، حتى إن الإثنى عشرية يعدونه من الغلاة وهو يبرأ مما تشعر به ظواهر كلماته، وقد عاشرته كثيراً فلم أدرك منه ما يقول فيه مكفروه من علماء الإثنى عشرية، نعم عنده على التحقيق غير ما عندهم في الأئمة وغيرهم مما يتعلق بالمبدأ والمعاد.. ولا أظن مخالفاته لشيخه تجعله وأصحابه القائلين بقوله فرقة غير الشيخية»[28]، ومنهم من اعتبرها فرقة مستقلة لتصريح زعيمها ومؤسسها بذلك في قوله: «هذا مسلك لم يسبقني إليه أحد قبلي»[29]، ولذلك يعتبره محمد حسين آل كاشف الغطا هو الذي خرج عن الجادة القويمة، وزاغ زيغاً عظيماً، وأنه أدخل على الشيعة الإمامية أشد فتنة وأعظم بلية، ومنه وأتباعه نشأت بلية البابية بخلاف شيخه الأحسائي[30].

رابعاً: القرتية:

أصحاب امرأة اسمها هند، وكنيتها أم سلمة، ولقبها قرة العين، لقبها بذلك كاظم الرشتي في مراسلاته إذ كانت من أصحابه، وهي ممن قلدت الباب بعد موت الرشتي ثم خالفته في عدة أشياء منها: التكاليف، فقيل: إنها كانت تقول بحل الفروج ورفع التكاليف بالكلية. قال الألوسي (أبو الثنا): «وأنا لم أحس منها بشيء من ذلك مع أنها حبست في بيتي نحو شهرين.. والذي تحقق عندي أن البابية والقرتية طائفة تعتقد في الأئمة نحو اعتقاد الكشفية فيهم، ويزعمون انتهاء التكليف بالصلوات الخمس، وأن الوحي غير منقطع»[31].

خامساً: البابية:

فرقة انبثقت من الشيعة الإثنى عشرية (الرافضة)، وموطنها الأول إيران، وقد تفرعت من فرقة الشيخية سنة 1844م.

وسميت بالبابية نسبة لأول زعيم لها، والذي لقب نفسه بالباب، وهو علي بن محمد رضا الشيرازي الذي ادعى أنه الباب لمهدي الرافضة الإثنى عشرية، ثم ادعى النبوة والرسالة، ثم زعم أن الله قد حلَّ فيه، تعالى الله عما يقول علوّاً كبيراً.

نشأت البابية في إيران، وترجع ظروف النشأة إلى عقيدة الغيبة والمهدية عند الإثنى عشرية، وانتظارهم لمهديهم منذ مئات السنين، وقد اتصل به أحد دعاة الشيخية وهو جواد الطباطبائي، وأوهمه أنه ربما يكون هو المهدي المنتظر لظهور علامات ذلك عليه، وكان الجاسوس الروسي كنيازي دلكورجي يشجعه على ذلك بعد أن تظاهر بالإسلام، حتى أعلن في سنة 1260هـ أنه هو الباب الموصل إلى الإمام الغائب المنتظر[32].

ولد مؤسس البابية بمدينة شيراز سنة (1235هـ)، وكان في بداية أمره من الشيخية، وقد درس في النجف على يد كاظم الرشتي – أحد غلاة الشيعة الذي تنسب إليه طائفة الكشفية والتي سبق الحديث عنها – واستقى منه الغلو والتطرف، كما كان زعيم البابية يهتم بالجوانب الخرافية من العلوم، وقد ظهرت عليه علامات الشذوذ العقلي، وكان يصعد إلى سطح داره مكشوف الرأس، ويمكث في الشمس – في حرارة الصيف – من وقت الظهر إلى العصر وهو يتمتم ويتلو أوراد الشيعة وأذكارهم، فاعتراه بسبب ذلك ذهول وتخريف، ثم أظهر بعد ذلك وعمره 25 سنة أوهامه وخرافاته، وقد قتل بعد الحكم بارتداده سنة 1265هـ[33].

وقد ادعى أنه الباب للإمام الذي ينتظرونه، وأنه وحده الناطق عنه، ثم ادعى أنه هو إمامهم الغائب، ثم زعم أن الله – سبحانه – قد حل فيه، وله ضروب من الكفر والضلال[34].

سادساً: البهائية:

البهائية امتداد للبابية، فإن الحركة البابية لم تقف بعد هلاك الباب، بل تطورت على يد تابع من أتباع الباب هو الميرزا حسين علي المازندراني الملقب بالبهاء[35]، بعد أن غيرت وبدلت في تعاليمها كما تفعل الباطنية في كل بلد وزمن، وقد احتضنتها الصهيونية العالمية، وصارت إحدى أدواتها.

كانت نشأت البهائية على يد الميرزا حسين علي بن الميرزا عباس المازندراني، المولود بطهران سنة 1233هـ، وقد نشأ على مذهب الإثنى عشرية، الذي يقوم على عقيدة انتظار عودة مهديهم المزعوم وخروجه من مخبئه، وكان شغوفاً بقراءة ما يتعلق بأخبار مهديهم، وعندما أعلن الباب أنه المهدي الذي تنتظره الرافضة اتبعه، وبدأ ينشر تعاليمه، وحضر مؤتمر بدشت الذي أعلنت البابية فيه عن كفرها، وقد سجن بعد مؤامرة البابيين على الشاه وأخرج من السجن بضغط من السفارة الروسية والبريطانية ونفي إلى بغداد[36].

وقد تنازع البهاء مع أخيه الميرزا يحيى نور الذي لقبه الباب بـ«صبح أزل» والذي عهد إليه الباب بالخلافة كما تقوله كتب البابيين، ووقع بين الأخوين صدام شديد وادعى كل منهما أن الله أوحى إليه بكتاب يصدق دعواه ويكذب دعوى أخيه، ففرقت بينهما الحكومة التركية فنفت البهاء إلى مدينة عكا ونفت صبح أزل إلى قبرص، إلا إن البهاء استطاع التغلب على أخيه، وكانت نهاية الأزليين على يد البهائيين، وخلا الجو للبهاء وأتباعه، وظهرت البهائية خلفاً للبابية[37].

ومن مزاعم البهاء ما يلي:

ادعى أولاً أنه خليفة الباب، ثم زعم أنه هو المهدي المنتظر وأن أستاذه الباب لم يكن إلا مبشراً به[38].

ثم ادعى النبوة والرسالة، وزعم أنه أوحي إليه بـكتاب «الأقدس»، وأنه ناسخ لكتاب الباب «البيان»[39].

ثم ادعى الألوهية، وأن الله تجلى وحلَّ فيه، يقول في كتابه «الأقدس»: «إنه لا إله إلا أنا الفرد الباقي القديم»[40]، ويقول أيضاً: «من توجه إليَّ فقد توجه إلى المعبود»[41]، وكان يضع برقعاً على وجهه، ويدعي أن (بهاء الله) المتجلي في وجهه لا يرى بالأبصار[42]، ويصرح البهائيون في كتبهم بأن ربهم هو الميرزا حسين البهاء[43].

اعتبر دعوته ديانة جديدة ليست هي الإسلام، وأنها تجمع الأديان كلها، وأرسل كتبه إلى الحكام مدعياً حلول الله فيه، وسمى هذه الكتب سوراً[44].

جعل المكان الذي يقيم فيه هو القبلة التي يتوجه إليها أتباعه في صلاتهم[45]، جاء في كتابهم «الأقدس»: «وإذا أردتم الصلاة ولوا وجوهكم شطري الأقدس المقام المقدس الذي جعله الله مطاف الملأ الأعلى، ومقبل أهل مدائن البقاء ومصدر الأمر لمن في
الأرضين والسماوات»[46]، والصلاة عندهم ليست كصلاة المسلمين، يقول: «قد كتب عليكم الصلاة تسع ركعات لله منزل الآيات حين الزوال وفي البكور والآصال»[47].

عيدهم هو عيد المجوس، وهو النيروز، ففي كتابهم «الأقدس»: «وجعلنا النيروز عيداً لكم»[48].

وفي الجملة فقد انبثقت من الإثنى عشرية فرق كثيرة، بحسب ما يقوله العالم العراقي محمود الملاح – وهو من المعنيين بتتبع هذه الفرقة -، حيث قال: «وفي عصرنا هذا نجد الإثنى عشرية منقسمة إلى: أصولية، وأخبارية، وشيخية، وكشفية، وركنية[49]، وكريمخانية[50]، وقزلباشية[51]، وكلها داخلة في المجموعة الإثنى عشرية وأصولها مبثوثة في كتب الإثنى عشرية، وهي بعد هذا يكفر بعضها بعضاً»[52]. وزاد بعض الباحثين من الشيعة[53] أسماء أخرى هي: القرتية، والبابية، والكوهرية[54]، وزاد بعضهم أيضاً النوربخشية[55]، ثم إنه كما يقول الألوسي: «ولا يبعد أن تظهر فرق أخرى من الإمامية بعد»[56] نسأل الله تعالى العافية.

 

[1] تاريخ ابن خلدون (3/ 172).

[2] الحور العين ص164.

[3] منهاج السنة (4/ 3).

[4] مجموع الفتاوى (35/ 136)، وانظر: الفتاوى الكبرى (3/ 497).

[5] منهاج السنة (1/3).

[6] فضائح الباطنية  ص37.

[7] منهاج السنة (4/70).

[8] الخطوط العريضة ص44-45.

[9] انظر: المنتقى ص77.

[10] انظر: صبح الأعشى في صناعة الإنشا (13/ 253)، مذاهب الإسلاميين ص1169.

[11] انظر: الغيبة، للطوسي ص244.

[12] المجموع نقلاً عن: مذاهب الإسلاميين ص1232.

[13] وقد نشره لأول مرة د. عبد الرحمن بدوي، وقد كان طي الكتمان عند أصحاب هذه الديانة، ولكنه وصل إليه عن طريق المكتبة الفرنسية التي نقل إليها كثير من كتب النصيرية إبان الاستعمار الفرنسي لسوريا.

[14] تعليم ديانة النصيرية، نقلاً عن: مذاهب الإسلاميين ص1218.

[15] المفيد/ الاختصاص ص327، بحار الأنوار (27/33)، البرهان (2/482).

[16] كتاب سليم بن قيس ص38 ط الأعلمي، وص31-32 ط النجف.

[17] ديوان الحسين، الجزء الأول من القسم الثاني الخاص بالأدب العربي ص48.

[18] بل صرح شاعرهم الآخر بأن علياً تجمعت فيه كل صفات الإله، حيث قال:

  جميع صفات الرب فيه تجمعت           وما اجتمعت إلا لسر وحكمة

(انظر: الحائري/ مقتبس الأثر: 1/246).

[19] انظر:  بحار الأنوار (25/ 285).

[20] العلويون شيعة أهل البيت ص2-3.

[21] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ما يثبته المتفلسفة من العقل باطل عند المسلمين، بل هو من أعظم الكفر؛ فإن العقل الأول عندهم مبدع كل ما سوى الله، والعقل العاشر مبدع ما تحت فلك القمر، وهذا من أعظم الكفر عند المسلمين واليهود والنصارى» (الرد على المنطقيين ص196).

[22] مختصر التحفة  ص22.

[23] كالخوانساري في روضات الجنات (1/94).

[24] مثل: محمد ممهدي القزويني في كتابه: ظهور الحقيقة على فرقة الشيخية.

[25] مثل: علي البلادي في أنوار البدرين ص408.

[26] محمد حسين آل كاشف الغطا المصدر السابق ص408-409 (الحاشية).

[27] انظر في مذهب الشيخية: الألوسي/ نهج السلامة ص18-19(مخطوط)، الأعلمي الحائري/ مقتبس الأثر (20/136)، محمد حسن آل الطلقاني/ الشيخية نشأتها وتطورها، مجلة العرفان مجلد 33  ص199، أعيان الشيعة (8/390)، محسن عبد الحميد/ حقيقة البابية والبهائية ص36، مصطفى عمران/ تهافت البابية والبهائية ص34، جولد تسيهر/ العقيدة والشريعة ص270، مبارك إسماعيل/ التيارات الفكرية ص110.

[28] نهج السلامة  ص19.

[29] دليل الحيران ص136، انظر: آل طعمة/ مدينة الحسين ص34.

[30] محمد حسين آل كاشف الغطا/ حاشية علي أنوار البدرين ص408-409، وانظر في الكشفية أيضاً: مصطفى عمران/ تهافت البابية ص37- 39، آل طعمة/ مدينة الحسين، وفيه بحث مطول عن الكشفية من كتب زعيمها وتلامذته ص24 وما بعدها، عبد الرزاق الحسين / البابيون والبهائيون ص10.

[31] نهج السلامة ص21، وانظر عن القرتية: آل طعمة/ مدينة الحسين ص56، 239 وما بعدها، وغالب الكتب التي ألفت في البابية تحدثت عن هذه المرأة وأتباعها.

[32] انظر: البابية، لإحسان إلهي ظهير ص47 وما بعدها.

[33] انظر: البابية، إحسان إلهي ظهير ص49 وما بعدها.

[34] انظر في مذهب البابية: محسن عبد الحميد/ حقيقة البابية والبهائية، مصطفى عمران/ تهافت البابية والبهائية، محمود الملاح/ البابية والبهائية، إحسان إلهي ظهير/ البابية.

[35] انظر: تهافت البابية والبهائية، د. مصطفى عمران ص121-123.

[36] انظر: البهائية عرض ونقد، إحسان إلهي ظهير ص7 وما بعدها، النحلة اللقيطة (البابية والبهائية) تاريخ ووثائق ص75.

[37] انظر: النحلة اللقيطة (البابية والبهائية) تاريخ ووثائق ص72-74.

[38] انظر: تهافت البابية والبهائية ص131.

[39] انظر: تهافت البابية والبهائية ص135).

[40] الأقدس ص53.

[41] الأقدس ص81.

[42] وقد التقطت له صور وهو في هذه الحالة، منها صورة نشرت في كتاب «الحقائق الدينية في الرد على العقيدة البهائية».

[43] انظر: دراسات في البهائية والبابية ص32، 37.

[44] انظر: البهائية نقد وتحليل ص91-93.

[45] انظر: البهائية نقد وتحليل ص150.

[46] الأقدس ص5.

[47] الأقدس ص5.

[48] الأقدس ص11.

[49] الركنية: أتباع مرزا محمد كريم بن إبراهيم خان الكرماني، من تلامذة الرشتي وعلى مذهبه، سميت بذلك؛ لقولها بالركن والشيعي الكامل، واعتباره من أصول الدين والمتمثل في شخص زعيمهم (انظر: آل طعمة/ مدينة الحسين ص56).  ومنهم من يعتبر الركنية والكشفية من ألقاب الشيخية والجميع فرقة واحدة (انظر: مجلة العرفان مجلد 33 ص199، محمد آل الطلقاني/ الشيخية ص274).

[50] كريمخانية: هم أتباع محمد الفجري الكرماني كريمخان، وهو على مذهب الشيخية ولذلك قال فيه الحائري: «رئيس الطائفة الشيخية» (مقتبس الأثر: 24/274-275).

[51] القزلباشية: هم صوفية متشيعة من أتباع الصفويين، ولفظ القزلباش معناه الرؤوس الحمر، لتغطية رؤوسهم بشعار أحمر، وهو عبارة عن قلنسوة يلبسونها كشعار لهم وقد وصفها بعضهم بقوله: «لقد أمر حيدر ابن جنيد الصفوي أتباعه بأن ترتفع من وسط عمامتهم، ذات الأكوار العديدة قطعة مدببة على هيئة الهرم مقسمة من قمتها إلى إطرافها إلى اثنتي عشرة شقة تذكر بعلي وأبنائه الاثني عشر، ومن هنا سمي الصوفية من أتباع الصفويين بالقزلباش اتصالًا بهذا الشعار الإثنى عشري الأحمر» . وقد زعم محسن الأمين أن القزلباش لقب للإثنى عشرية في بعض البلدان، ولعله أراد التستر على كثرة فرق طائفته وانقساماتها كعادته.

(انظر: مصطفى الشيبي/ الفكر الشيعي ص405-406، أعيان الشيعة  1/23، 24).

[52] الآراء الصريحة ص81.

[53] آل طعمة/ مدينة الحسين  ص55-56.

[54] الكوهرية: هم أتباع الآخوند ملا حسن كوهر المروجون لنحلته في كربلاء حتى اليوم (آل طعمة/ مدينة الحسين ص55) وكان للكشفية أثر بليغ في ظهورها (المصدر السابق ص239) يؤلهون الأئمة ويقولون بنفي العقاب عن مرتكب المعاصي (انظر: المصدر السابق ص53-54).

[55] النوربخشية: نسبة إلى محمد نوربخش القوهستاني يكنى بأبي القاسم (المولود سنة 795ه، والمتوفى سنة 869ه) يدعي الإثنى عشرية أنها فرقة من فرقهم، وهي توجد في وديان هملايا، وكوهستان بلتستان المتصلة بتبت الصينية، وقد ادعى المهدية لنفسه، وطبق الأحاديث الواردة عن طريق أهل السنة في اسم المهدي وكنيته على شخصه، وأنكر مهدي الشيعة وانفصل عنها، وبهذا رأى بعضهم أنه ليس من فرق الإثنى عشرية، بل هو من الصوفية أصحاب وحدة الوجود (إحسان إلهي ظهير/ الشيعة ص316).

ولكن لا يمنع هذا أن يكون من الإثنى عشرية في الأصل وادعى دعوى المهدية، وأخذ بروايات أهل السنة لانطباقها عليه، لأنه كان يقول بالأئمة الاثني عشر، ولهذا اكتفى في يوم بيعته بالمهدية بقبول اثني عشر تيمناً بعدد الأئمة (الشيبي/ الفكر الشيعي ص332).

كما زار – عندما قدم العراق – العتبات الشيعية المقدسة عندهم (المصدر السابق ص333)، أما المنزع الصوفي فإن الصلة بين التصوف والتشيع قائمة ووثيقة (انظر في مذهب هذه الطائفة: الشيعة والتشيع ص314، مصطفى الشيبي/ الشيعي ص328 وما بعدها).

[56] أبو الثناء الألوسي/ نهج السلامة ص22.

(المصدر: مجلة البيان)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى