حاخامات على نهج “الآيات”
انتهى الأسبوع الأخير بفشل سياسي جديد في (إسرائيل) إثر عدم توافق الكتل الفائزة في الانتخابات البرلمانية على تشكيل حكومة إئتلافية يتناوب على رئاستها رئيس كتلة الليكود بنيامين نتنياهو ورئيس كتلة “أزرق-أبيض” بيني غانيتس بحسب ما نشر في الإعلام المحلي، و وفقاً للمعادلة الدستورية فإن رئاسة الدولة يمكنها تكليف أحد نواب الكنيست بتشكيل الحكومة شريطة حصولها على دعم أغلبية النواب لكن مع وجود تكتلات متعددة داخل الكنيست فإن إحتمال نجاح مثل هذا الأمر ضئيل لذلك يتوقع أن تكون الخطوة القادمة تنظيم إنتخابات عامة بعد حل الكنيست وستكون تلك الانتخابات الرابعة خلال أقل من عام ونصف العام.
بالإضافة إلى الكارثة السياسية التي تعيشها “إسرائيل” في العامين الآخيرين ومنذ بداية فتح ملفات فساد مرتبطة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يحظى بدعم اليمين الإسرائيلي، فإن انتشار فيروس كورونا آواخر مارس أجج كارثة إقتصادية قد تسبب خسائر قدرتها وزارة المالية الإسرائيلية بــ39 مليار دولار. ويحمل قطاع واسع من الإسرائيليين التيار الديني الأرثوذكسي المسؤولية عن نشر الفيروس في أوساط المجتمع لرفض الحاخامات اليهود الإلتزام بتعليمات وزارة الصحة التي يقودها الحاخام يعقوب ليتسمان، منذ بداية الأزمة.
ووفقاً لآخر إحصائية أعلنتها السلطات الصحية الإسرائيلية فإن عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا قد بلغت 12,591 إصابة فيما بلغت الوفيات 141 حالة، وقدرت قيادة الجبهة الداخلية في جيش الإحتلال الإسرائيلي استمرار أزمة فيروس كورونا لأكثر من عام مشيرة إلى أنها ستلجئ إلى تقسيم البلاد إلى ثلاثة أقسام بحسب كثافة الإصابات تمهيداً لإعادة الحياة لطبيعتها لتخفيف الخسائر الإقتصادية. وتعد بلدة بني براك أحد مراكز تجمع اليمين اليهودي بالإضافة إلى القدس المحتلة من أكثر المناطق التي سجلت معدلات إصابة عالية بالفيروس، ويمثل المجتمع الارثوذكسي في (إسرائيل) بحسب مجلة الايكونوميست 12 في المائة من السكان.
ورغم اجراءات الحظر الجديدة التي فرضتها سلطات الإحتلال على السكان إلا أن التجمعات اليمينية رفضت الإلتزام بذلك ولم توقف معاهد الدراسات التوراتية والمدارس الدينية وواصلت افتتاح مؤسساتها التعليمية رغم إغلاق جميع مؤسسات التعليم في (إسرائيل). وبدأت قيادات دينية في المجتمع اليهودي بترديد مقولة “التوراة يحمينا ويحفظنا”، وبالإضافة إلى ماسبق وبسبب الإجراءات المتبعة في المجتمع اليهودي والتي منها منع مشاهدة التلفاز وسماع الراديو واقتناء الهواتف الذكية فإن نسبة كبيرة منهم لم تصلهم التعليمات التي تنشرها السلطات الصحية وهذا الامر سبب في تضخم عدد الحالات سريعاً بالإضافة إلى تجمعهم بأعداد كبيرة في أماكن مزدحمة فإن بني براك تعد الأكثر إزدحامة في (إسرائيل)، حيث يوزع كل 27000 نسمة على كيلومتر مربع أي ثلاثة أضعاف الكثافة السكانية في (تل ابيب)، وقدرت السلطات الصحية بأن ثلث أعداد المصابين من اليهود الأرثوذكس.
ولكون نتنياهو يعد الأحزاب اليمينية أبرز الداعمين لحقبته السياسية ويجعلهم ورقة رهانه في كل انتخابات عامة فقد رفض إرسال القوات الأمنية لإغلاق معابدهم والأماكن التي يتجمعون بها حتى بدأ الحاخامات أنفسهم يحثون المجتمع الديني بالتباعد الاجتماعي في حالات معينة. منذ إحتلال فلسطين وتأسيس الدولة العبرية فإن الأرثوذكس يتمتعون بإستقلالية كبيرة لإدارة شؤونهم مع الدعم المالي الحكومي السخي بإعتبارهم الحاضنة الأبرز لهوية المشروع اليهودي في فلسطين، فمعظمهم لا يخدمون في الجيش ويستغلون سلطتهم في وزارة الصحة للحصول على الإمدادات الطبية الشحيحة التي حصلت عليها (إسرائيل) بعد الاستعانة بالموساد لتوفيرها. على الجانب الآخر في المشهد الإسرائيلي فقد أقدمت سلطات الإحتلال على إغلاق أحد المراكز الطبية التي هيئتها السلطة الفلسطينية لفحص مرضى فيروس كورونا في حي سلوان بالقدس المحتلة واعتقلت أربعة أطباء يتبعون للسلطة الفلسطينية بذريعة عدم حصولهم على موافقة للعمل ضمن الأراضي الخاضعة لسلطات الإحتلال رغم أن حي سلوان من الأحياء التابعة لإدارة السلطة الفلسطينية وفقاً لإتفاق أوسلو والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة. وتذكر أزمة تجاهل المتدينين اليهود للتعليمات الصحية ورفضهم إغلاق معابدهم بما فعلته المراجع الإيرانية في مدينة قم الأمر الذي تسبب بتوسيع دائرة انتشار فيروس كورونا ليس فقط في إيران بل في كل البلدان التي خرج منها الشيعة لزيارة الأضرحة الشيعية في إيران وعدوا لبلدانهم بالفيروس.
(المصدر: مجلة البيان)