مقالاتمقالات المنتدى

جواهر التدبر (٢٥٧) .. أخلاق الهداة

جواهر التدبر (٢٥٧)

أخلاق الهداة

 

بقلم أ. د. فؤاد البنا

– حلم الداعية ورحمته:
ارتكب قوم لوط أبشع الجرائم وأقذرها، وخسفوا بنظام الفطرة وقلبوه رأسا على عقب، وحينما أسرفوا في بهيميتهم وانحطاطهم أرسل الله مجموعة من جنوده لتطهير الأرض من رجسهم، ومر هؤلاء الجنود المتمثلون على هيئات آدمية بالخليل إبراهيم عليه السلام، وعندما علم بمقصدهم شرع في المجادلة دفاعا عنهم، كما في الآية ٧٤ من سورة هود، فوصفه الله بقوله: {إن إبراهيم لحليمٌ أوّاهٌ منيب} [هود: ٧٥]، وبقدر ما أثنى الله على حلم إبراهيم فقد نهى عن الفعل وهو المجادلة عن قوم يختزلون أنواع الرجس والدنس، فقد صدر الأمر القاطع باستئصالهم من شأفتهم وتطهير الأرض من نجاستهم: {يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود} [هود: ٧٦].
وفي مقابل الحليم إبراهيم نجد في عصرنا أناسا ينتسبون للدعوة إلى الله، والحقد يملأ قلوبهم على من يخالفهم في موضوعات فرعية من مسائل الاجتهاد الفكري والفقهي والسياسي، ولو استطاعوا لأطبقوا عليهم السماء ومنعوا عنهم الهواء!!

– عظمة أخلاق الرسول محمد:
مدح رب العالمين المصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: {وإنك لعلى خلق عظيم}، وتتبين عظمة هذه الشهادة مما يأتي:
– أن الشاهد هو خالق الوجود والذي لا تساوي الدنيا كلها عنده بمن فيها وما فيها جناح بعوضة!
– استخدام حرفي التوكيد إن  واللام التي في بداية حرف الجر، ولم يقل أنت على خلق عظيم.
– استخدام ضمير المخاطب ولم يقل إنه لعلى خلق عظيم، وهذا فيه تقدير أكبر.
– استخدام كلمة (خُلق) بصيغة المفرد في وصف عدد من الأخلاق، فهو تعالى لا يمدح خلقا محددا بل يمدحه بكل الأخلاق، واستخدام كلمة مفردة ينم عن مزيد من التعظيم بمعنى أنه كان في الذروة من كل خلق وكأن الأخلاق كلها قد امتزجت وصارت خلقا واحدا في شخصيته صلى الله عليه وسلم: صدقا وأمانة وعدلا ورحمة وتواضعا وكرما وشجاعة وحلما وصبرا…..الخ
– استخدام كلمة عظيم في وصف خلقه صلى الله عليه وسلم، وكلمة عظيم لها دلالات كبيرة إذا جاءت من رجل عظيم فكيف إذا جاءت من أعظم العظماء وخالقهم ومربيهم؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى