مقالاتمقالات المنتدى

جواهر التدبر (٢٢٢) .. أرباح الإيمان

جواهر التدبر (٢٢٢)

أرباح الإيمان

 

بقلم أ.د.فؤاد البنا

– رأسمال الإيمان:
من الحقائق التي تشكل بنيان المنهج القرآني أن {كل امرئ بما كسب رهين} [الطور: ٢١]، وأن نصب الموازين في يوم القيامة وعملية الحساب كلها إنما أوجدها الرحمن {ليجزي الله كل نفس ما كسبت}[إبراهيم: ٥١]، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.
وورد في القرآن الكريم أن أهم استثمار لجني الأرباح الرافعة للدرجات في الجنة هو الإيمان، قال تعالى: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} [الأنعام: ١٥٨]، فالعمل والكسب في الدنيا، وحينما تطلع الشمس من مغربها أو تغرب روح الإنسان ينتهي العمل والامتحان وتبدأ مرحلة الحصاد والحساب.
ويتضح من الآية أن الإيمان أكبر رأسمال يمكّن الإنسان من جني الأرباح في المعاش والمعاد، فجملة {أو كسبت في إيمانها خيرا}، تشير إلى اكتساب الأعمال والحسنات من الإيمان، وقد جاءت كلمة خيرا نكرة لتعم كل خير وتستغرق كل نفع، مما جاءت الشريعة لتحصيله دون تفريق بين مادي وروحي أو ديني ومدني أو دنيوي وأخروي!

– الربحان الدنيوي والأخروي:
جاء الإسلام لتحقيق السعادة الدنيوية للمؤمنين به وضمان الفوز الأخروي بجنة عرضها السماوات والأرض، ولا يوجد فصل في منهج الإسلام بين الدنيوي والأخروي، فالطريق لفردوس الآخرة هو فردسة الدنيا، وفي هذا الشأن يقول عز من قائل: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: ٩٧]، والحياة الطيبة هي التي تطيب فيها نفس المؤمن بما يناله من المتع والمباهج التي تلبي حاجات القبضة الترابية وتشبع أشواق النفخة الروحية، ومن كرم الله أنه حين يجزي المؤمنين يتعامل بفضله لا بعدله، حيث يأخذ أفضل الأعمال الصالحة في حضور مقومات القبول من علم وإخلاص وغيرهما، ليجعلها معيارا لأجور بقية الأعمال التي أثرت عليها النسبية الإنسانية من ضعف وقصور ونسيان…الخ.

– درجات التزكي:
أخبرنا المولى عز وجل بأن الدرجات العالية هي من نصيب الذين ظلوا يصعدون إلى أعالي الدرجات الإيمانية عبر التزكي الدائم، فقال تعالى: {ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى. جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكّى} [طه: ٧٥، ٧٦]، والتزكي هو الجهد المبذول لتخلية الذات من أوشاب التراب وطبائع الطين، وتحليتها بالمزيد من أشواق النفخة العلوية وأزواد الروح.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى